تضمن المتهمون 10 صحفيين و7 أشخاص عملوا كناطقين باسم الإخوان أو في منافذ إعلامية مملوكة للإخوان.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع هيومان رايتس وتش في تاريخ 19 ابريل 2015.
مراجعة أدلة النيابة في محاكمة جماعية لـ 51 من مؤيدي الإخوان المسلمين المزعومين في مصر تظهر أن الحكومة لم تقدم أدلة على سلوك إجرامي بخلاف شهادة رجل شرطة واحد.
في 11 أبريل/نيسان 2015 أدان أحد قضاة مصر 37 شخصاً وحكم عليهم بالسجن المؤبد، وأيد الحكم بإعدام 14 آخرين لأدوارهم المزعومة في تنظيم المعارضة ضد إزاحة الجيش للرئيس السابق محمد مرسي في يوليو/تموز 2013. وقد تراوحت التهم بين نشر أخبار كاذبة إلى التآمر لقلب الحكومة المؤقتة التي نصبها الجيش في أعقاب عزل مرسي. لكن مراجعة ملف القضية من جانب هيومن رايتس ووتش تبين أن الدولة لم تقدم أدلة تذكر على قيام المتهمين بأي شيء سوى نشر أخبار عن اعتصام جماعي يعارض الانقلاب، أو تنظيم المعارضة السلمية لإزاحة مرسي والدعاية لها.
وقد قامت قوات الأمن بفض الاعتصام بميدان رابعة العدوية في القاهرة بالقوة يوم 14 أغسطس/آب 2013، فقتلت ما يزيد على 800 من المتظاهرين السلميين في معظمهم. وشكلت وقائع القتل جريمة محتملة ضد الإنسانية لم يواجه أي من مسؤولي الحكومة أو أفراد قوات الأمن التحقيق أو الملاحقة عليها.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن مواجهة الأشخاص الذين غطوا وقائع القتل الجماعي ونشروها في 2013 لاحتمالات السجن المؤبد أو الإعدام، بينما يتمتع القتلة بحريتهم، إنما تدلل على تسييس العدالة المهين في مصر”.
وقد جاء حكم 11 أبريل/نيسان 2015 عقب إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعد مكالمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي في 31 مارس/آذار، أنه سيسمح بالإفراج عن مقاتلات “إف-16” ودبابات “أبرامز إم1 إيه1” وصواريخ “هربون” التي كانت الولايات المتحدة قد حجبتها عن مصر منذ عزل مرسي. وقال ناطق باسم مجلس الأمن القومي في بيان إنه بدلاً من الانتظار حتى تثبت الإدارة للكونغرس أن مصر اتخذت خطوات نحو استرجاع الديمقراطية الكاملة، فإن وزير الخارجية جون كيري سيتذرع بمصالح الأمن القومي الأمريكي لطلب المعونة العسكرية بدون ذلك الإثبات.
وقد حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من 107 صفحة من ملف الحكومة في قضية مؤيدي الإخوان الـ 51 المزعومين، وتحققت من محتوياته مع محام من فريق الدفاع الذي يعمل بالتنسيق بين أعضائه. واحتوى الملف على محاضر الأدلة، ومذكرات النيابة، ولائحة الاتهام الكاملة، وشهادات من رجال الشرطة الذين تولوا التحقيق. ولم يقم القاضي ناجي شحاتة، الذي نظر القضية بصفته أحد قضاة الدائرة الخاصة المكلفة بالنظر في قضايا الإرهاب والأمن القومي، بنشر منطوق الحكم على الفور، كما لم تقم هيومن رايتس ووتش برصد المحاكمة.
وأظهرت مراجعة الملف أن النيابة لم تقدم أدلة بخلاف شهادة رائد شرطة في قطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، لتأييد اتهاماتها بأن المتهمين خططوا لاستخدام العنف لقلب الحكومة.
ادعى رائد الشرطة أن المرشد العام للإخوان المسلمين، محمد بديع، وغيره من كبار قادة التنظيم، خططوا لإحداث الفوضى في مصر بنشر أنباء كاذبة عن انتهاكات الشرطة، ومواجهة الشرطة في الشوارع، وتنظيم اعتصامات في المباني الحكومية، وفي النهاية اعتقال قادة الانقلاب وتشكيل حكومتهم الخاصة. أما الأدلة الأخرى التي يفترض فيها تأييد حجة النيابة ـ ومنها أوراق ورسائل نصية تمت مصادرتها ـ فلم توح إلا بأن المتهمين ساعدوا في تنظيم احتجاجات ضد عزل مرسي والدعاية لها.
وقال جو ستورك إن “المناصرة السلمية لوجهة نظر سياسية أو قيام المرء بعمله الصحفي لا يجوز تجريمها على الإطلاق. ويبدو أن هذه المحاكمة مجرد جهد جديد من جانب الحكومة المصرية لإسكات المعارضة”.
وقد تضمن المتهمون 10 صحفيين و7 أشخاص عملوا كناطقين باسم الإخوان أو في منافذ إعلامية مملوكة للإخوان، إضافة إلى محمد سلطان، وهو مصري-أمريكي عمره 27 عاماً تطوع لترتيب التغطية الصحفية للاعتصام، وحكم عليه بالسجن المؤبد. كما حكم بالإعدام على وليد عبد الرؤوف شلبي، الكاتب بالصحيفة الرسمية لحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان.
وفي 11 أبريل/نيسان أصدر البيت الأبيض تصريحاً يقول إن الولايات المتحدة أدانت الحكم على سلطان وتدعو إلى الإفراج الفوري عنه.
وحصل بديع وغيره من كبار القادة في الإخوان على أحكام بالإعدام. ويبلغ السجن المؤبد في مصر 25 عاماً، وقد قال محامو الدفاع إنهم ينوون استئناف تلك الأحكام.
وقد دخل سلطان في إضراب عن الطعام لما يزيد على 400 يوم، وتعرض لتلفيات صحية قد تكون دائمة، بحسب عائلته. وعلى عكس الصحفي الأسترالي في الجزيرة إنجلش، بيتر غريست، الذي أدانه شحاتة في قضية سابقة وتم ترحيله بموجب مرسوم أصدره السيسي ويتيح “تسليم” المتهمين الأجانب، أو محمد فهمي، زميل غريست المصري-الكندي الباقي قيد المحاكمة في مصر بعد تنازله عن جنسيته المصرية بأمل استغلال المرسوم، لم يتخل سلطان حتى الآن عن جنسيته المصرية. ومع ذلك فقد قامت أسرته في 11 أبريل/نيسان بدعوة الولايات المتحدة إلى مطالبة السيسي بالإفراج عن سلطان “كما أفرج عن بيتر غريست”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات إلغاء أحكام إدانة الصحفيين والعاملين بالإعلام الذين أدينوا لمجرد قيامهم بالتغطية أو ممارستهم لحقهم في حرية التعبير. وإذا وجدت أدلة ذات مصداقية على قيام بقية المتهمين بالتخطيط للعنف أو الترويج له، فإن على النيابة أن تعيد محاكمتهم في إجراءات تلبي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وأن تقدم تلك الأدلة.
وهذه القضية هي الأحدث في ما يزيد على 12 من المحاكمات الجماعية منذ 2013 التي استهدفت أعضاء الإخوان وغيرهم ممن عارضوا الحكومة الجديدة للسيسي، وزير الدفاع السابق الذي نسق إزاحة مرسي. وقد تم تعيين شحاتة، وهو قاض بإحدى محاكم الجنايات بمحافظة الجيزة، بترشيح من أرفع محاكم الاستئناف في البلاد في يناير/كانون الثاني 2014، في واحدة من تسعة دوائر خاصة يقصد بها النظر في قضايا الإرهاب والقضايا المتعلقة “بالوحدة الوطنية والسلم”. وقام شحاتة منذ ذلك الحين بالإشراف على عدد من المحاكمات الجماعية، فقد حكم في 4 فبراير/شباط 2015 على 230 متظاهراً وناشطاً بالسجن المؤبد، بينما أيد في 2 فبراير/شباط الحكم على 183 بالإعدام لهجوم مميت على قسم شرطة من جانب مؤيدين مزعومين للإخوان.
وفي يونيو/حزيران 2014 قام مفتي الديار المصرية، الذي يشترط القانون أن يبدي رأيه في أحكام الإعدام بصفته أرفع مسؤولي الشريعة الإسلامية في البلاد، برفض 14 من أحكام الإعدام التي أصدرها شحاتة بحق بديع وغيره من أعضاء الإخوان في قضية منفصلة. وقال أحد القضاة المساعدين في المنصّة القضائية التي نظرت القضية إن المفتي وجد أن “التحقيقات والأدلة لم تكن كافية لتنفيذ أحكام الإعدام”، بحسب تقرير لرويترز.
لقراءة المزيد عن القضية، إضغط هنا.
“إن مواجهة الأشخاص الذين غطوا وقائع القتل الجماعي ونشروها في 2013 لاحتمالات السجن المؤبد أو الإعدام، بينما يتمتع القتلة بحريتهم، إنما تدلل على تسييس العدالة المهين في مصر.”جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا