(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات المصرية أن تفرج فوراً عن المدون هاني نظير المحتجز تعسفاً منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008 بموجب قانون الطوارئ المطبق في البلاد منذ عشرات السنين. ورغم حكم محكمة صادر في الثالث من أبريل/نيسان 2010 بالإفراج عنه، فإن وزارة الداخلية جددت هذا الأسبوع للمرة السادسة […]
(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات المصرية أن تفرج فوراً عن المدون هاني نظير المحتجز تعسفاً منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008 بموجب قانون الطوارئ المطبق في البلاد منذ عشرات السنين.
ورغم حكم محكمة صادر في الثالث من أبريل/نيسان 2010 بالإفراج عنه، فإن وزارة الداخلية جددت هذا الأسبوع للمرة السادسة اعتقاله القائم منذ 19 شهراً، بموجب قانون الطوارئ الذى يسمح بالاحتجاز الادارى دون نسب اتهامات للمعتقل. الأسباب الوحيدة التي تقدمت بها الحكومة كانت بشأن رابط في مدونته لكتاب حول الإسلام يعتبر غلافه للبعض اساءة للاسلام ، أو لأسباب تتعلق بـ “حمايته”.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “حبس نظير المتجدد يوضح زيف زعم الحكومة المصرية بأنها لا تستخدم قانون الطوارئ لحبس الافراد ذوي الآراء المعارضة”. وتابعت: “الحكومة لا تتعامل هنا مع مسألة أمن قومي طارئة، بل تضطهد كاتباً قد تضايق مدونته بعض الناس”.
هاني نظير الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة ثانوية المعروف بآرائه المنتقدة ، نشر مدونة بعنوان “كارز الحب”، وفيها رابط لرواية اعتبر بعض سكان قريته أن غلافها يسيئ للإسلام. وعندما تطايرت الشائعات داخل قريته بأن نظير عرض هذا الكتاب في مدونته، تجمعت الحشود الغاضبة أمام بيته وغادر نظير القرية خوفاً على سلامته.
وبدلاً من حمايته ذهب مسؤولو أمن الدولة للقبض عليه، وعندما أخفقوا في العثور عليه، اعتقلوا واحتجزوا أشقائه لمدة ثلاثة أيام كرهائن وهددوا بالقبض على شقيقاته. فقام نظير في 3 أكتوبر/تشرين الأول بتسليم نفسه. وهو معتقل منذ ذلك الحين في سجن برج العرب في الإسكندرية.
وتكرر ذكر الحكومة المصرية أنها لا تستخدم قانون الطوارئ في حبس المدونين على ما يكتبونه. ومؤخراً، أثناء المراجعة الدورية الشاملة لمصر في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قال المستشار مصطفى حنفي، نائب رئيس مجلس الدولة المصري لهيئة حقوق الإنسان أن حكومته “تعهدت أمام البرلمان باستخدام قانون الطوارئ فقط في حالة مكافحة الإرهاب وفي الجرائم المتصلة بالمخدرات ولم تطبق قواعد قانون الطوارئ إلا في مثل هذه الحالات”
وقبلت مصر توصيات الهيئة بأنه “يجب ألا يساء استخدام قانون الطوارئ أو يُستخدم ضد الصحفيين والمدونيين في ممارسة حقهم في حرية التعبير” لكنها رفضت توصية “غير صحيحة من حيث الحقائق” بـ “الإفراج عن المدونين والناشطين المحتجزين حالياً تحت طائلة قانون الطوارئ والكف عن اعتقال واحتجاز النشطاء السياسيين”.
وقالت سارة ليا ويتسن: “مصر تداوم على الإشارة للمواقع والصحف المصرية بصفتها دليل على احترامها لحرية التعبير. لكن استمرارها في حبس الكُتاب يقوض من هذا الزعم”.
وفي رسالة بتاريخ فبراير/شباط 2010 إلى هيومن رايتس ووتش، قالت وزارة الخارجية بأنه “سبق و أن أتخذ اجراء احترازى تجاهه حفاظا على حياته على ضوء الغضب و الثورة الشديدة التى انتابت مسلمى مركز أبو تشت بمحافظة قنا بعد الاطلاع على محتوى مدونته المساماة “كارز الحب” و التى تضمنت صور مسيئة للرموز الاسلامية المقدسة الى جانب رواية تشتمل على الاساءة للاسلام و شخص الرسول الكريم قام بنشرها”.
وقالت سارة ليا ويتسن: “الطريقة الصحيحة لحماية نظير ليست حبسه، بل مقاضاة من هددوا أمنه” وأضافت: “الحكومة لا تفعل أي شيء لبث أجواء التسامح واحترام آراء الآخرين، عندما تسجن أصحاب الآراء الخلافية”.
وبموجب قانون الطوارئ، يحق لوزير الداخلية الأمر باعتقال أي شخص دون نسب اتهامات إليه لمدة 45 يوماً، مع إمكانية تجديد أمر اعتقاله لأجل غير مسمى. وبعد 30 يوماً، يمكن للمعتقل الطعن أمام محكمة أمن الدولة. ويمكن للمحكمة أن تؤكد اعتقاله أو تأمر بالإفراج عنه. ويحق لوزارة الداخلية الطعن في قرار المحكمة، لكن المحكمة هي التي تتخذ القرار النهائي.
وتكرر قول الحكومة المصرية بأن الاعتقال بموجب قانون الطوارئ يخضع لرقابة القضاء كدليل على توفير الضمانات القانونية للمعتقلين. لكن رغم أن محكمة أمن الدولة طوارئ أمرت بالإفراج عن هاني نظير خمس مرات، ناء على الطعون المقدمة من محاميّ الدفاع من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وآخرها في 6 مارس/آذار، فإن مسؤولي الأمن يستمرون في احتجازه. حكم المحكمة بتاريخ 3 أبريل/نيسان الأخير جاء إثر طعن من وزير الداخلية بتاريخ 6 مارس/آذار.
وأفاد باحثون من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأنه بعد هذا القرار، نقل مسؤولو الأمن نظير لعدة أيام إلى مركز شرطة في قنا. لكن وزارة الداخلية أصدرت أمراً جديداً بنقله إلى سجن برج العرب، حيث ما زال هناك حتى الآن.
وقالت سارة ليا ويتسن: “تجاهل المسؤولين الأمنيين لأحكام المحكمة تُظهر أنهم يعملون بمعزل عن القانون وببساطة يفعلون ما يشاءون “. وأضافت: “على الحكومة أن تنسب الاتهام على الفور لآلاف المعتقلين الذين ما زالوا وراء القضبان بسبب قانون الطوارئ، أو تُفرج عنهم”.
وبصفة مصر دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي مُلزمة بموجب المادة 9 منه بضمان عدم حرمان أحد تعسفاً من حريته وأن توفر التعويض الملائم على الانتهاكات. وبموجب المادة 10 فهي مُلزمة بحماية حرية التعبير. والاستثناءات المحدودة على هذه المواد يُسمح بها في حالة الطوارئ، لكن حالة الطوارئ في مصر لا تفي بالمعايير المنطبقة بموجب القانون الدولي.
وفي تقرير صدر بمناسبة زيارته لمصر في عام 2009، قام مارتن شينن، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالترويج لحقوق الإنسان وحمايتها وحماية الحريات الأساسية في معرض مكافحة الإرهاب، قام بالتعبير عن القلق إزاء إساءة استخدام قانون الطوارئ، وقال إن حالة الطوارئ يجب أن تكون أداة مؤقتة. وقال إن قانون الطوارئ “القائم بشكل شبه مستمر منذ أكثر من 50 عاماً في مصر ليس حالة استثناء مؤقتة، فقد أصبح هو القاعدة، وهو الأمر الذي يجب ألا يكون أبداً الغرض من حالة الطوارئ”. وأوصى بأن “تلغي مصر أي مواد قانونية تسمح بالاحتجاز الإداري، وأن تتخذ إجراءات فعالة للإفراج عن جميع المحتجزين ممن هم وراء القضبان على خلفية هذا النظام، وإلا يخضعون للمحاكمة”.
ومنذ عام 2005 وعدت الحكومة المصرية بوضع حد لحالة الطوارئ وإلغاء قانون الطوارئ، لكن يبدو واضحاً الآن أن الحكومة تجدد حالة الطوارئ من جديد، المقرر انتهاءها في مايو/أيار. ففي 10 فبراير/شباط أوردت صحيفة الشروق المصرية اليومية تصريحاً لمفيد شهاب، وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى قال فيه: “جميعنا نحب أن يطبق قانون العقوبات في مصر، لكن جميع المؤشرات تدعونا لتمديد حالة الطوارئ، نظراً للتوترات الطائفية والعنف المحيط بنا من جميع الجهات، في العراق والسودان ولبنان وفلسطين”. ويتم احتجاز آلاف السجناء دون نسب اتهامات إليهم بموجب قانون الطوارئ، والكثير منهم منذ أكثر من 10 أعوام. وفي أبريل/نيسان قامت قوات الأمن بضرب واعتقال مجموعة من المتظاهرين الشبان دعوا لوضع حد لحالة الطوارئ.
وقالت سارة ليا ويتسن: “سلطة الحكومة المطلقة في احتجاز أي شخص تشاء اعتقاله، في أي وقت، لأي سبب كان، تجعل الإصلاح السياسي في مصر مستحيل”. وأضافت: “إذا جددت الحكومة حالة الطوارئ مرة أخرى في مايو، سيؤدي هذا إلى تعزيز الانتهاكات وانعدام الرقابة بحق شعب مصر”.
لمزيد من المعلومات، يُرجى الاتصال:
في القاهرة، هبه مرايف (الإنجليزية والعربية والفرنسية): +201-2381-0319 أو morayeh@hrw.org
في نيويورك، سارة ليا ويتسن (الإنجليزية): +1-212-216-1230