(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – بيروت, سبتمبر 9, 2011 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على السلطات العراقية إجراء تحقيق فوري وكامل وشفاف في اغتيال هادي المهدي، وهو صحفي إذاعي مشهور دأب على انتقاد الحكومة، وتم قتله في 8 سبتمبر/أيلول 2011 بمنزله في بغداد، وأضافت المنظمة أنه ينبغي ملاحقة المسؤولين عن هذه […]
(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – بيروت, سبتمبر 9, 2011 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على السلطات العراقية إجراء تحقيق فوري وكامل وشفاف في اغتيال هادي المهدي، وهو صحفي إذاعي مشهور دأب على انتقاد الحكومة، وتم قتله في 8 سبتمبر/أيلول 2011 بمنزله في بغداد، وأضافت المنظمة أنه ينبغي ملاحقة المسؤولين عن هذه الواقعة جنائياً.
وقال جو ستورك ، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن اغتيال هادي المهدي يبرز للأسف أن الصحافة في العراق لا تزال مهنة مُميتة. بعد أكثر من ست سنوات من الحكم الديمقراطي، فإن العراقيين الذين يعبرون عن آرائهم علنا ما زالوا يبدون هذه الآراء في ظل خطر عظيم”.
وقال شهود في مسرح الجريمة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يروا دليلا على وجود شجار ومقاومة أو سرقة، مما يدل على أن الاغتيال كان متعمدا. وتُرك هاتف المهدي الخلوي، وجهاز الكمبيوتر المحمول، وغيرهما من الأشياء الثمينة في المنزل دون أن تُمس.
وكان المهدي، وهو صحافي مستقل ومخرج مسرحي، ينتقد علنا الفساد الحكومي وغياب العدالة الاجتماعية في العراق . وكان برنامجه الإذاعي الشعبي “لمن يستمع”، يُبث ثلاث مرات في الأسبوع في بغداد، قبل أن يترك البرنامج قبل شهرين. وقالت هيومن رايتس ووتش إن صوت المهدي كان لا خوف فيه ولاذع، تغلب عليه روح الدعابة، هو نقطة اجتذاب بالنسبة للبرنامج. ومع اقتراب موعد مظاهرات “يوم غضب” الشعبية المؤيدة للديمقراطية والمناهضة للفساد في 25 فبراير/شباط، كان قد أصبح بصورة متزايدة مشاركا كصوت منظم لحركة احتجاج جديدة في العراق من بغداد.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد تحدثت إلى المهدي خلال مظاهرة 25 فبراير/شباط، وشدد على أهمية الاحتجاج السلمي. وعندما بدأت شرطة مكافحة الشغب تتصرف بعنف وراحت مجموعات من المتظاهرين يلقون بمئات الحجارة، شاهدت هيومن رايتس ووتش المهدي يضطلع بدور قيادي مع أولئك الذين شبكوا الأذرع وشكلوا سلسلة بشرية بين جموع الغاضبين وشرطة مكافحة الشغب في محاولة للحفاظ على السلم. وأصيب العديد من الذين فعلوا ذلك بالحجارة أو بسبب استخدام شرطة مكافحة الشغب للقوة.
بعد الاحتجاجات، ألقت قوات الأمن القبض عليه رفقة ثلاثة صحافيين آخرين في مطعم في بغداد. ضربوهم وعصبوا أعينهم، وهددوهم بالتعذيب أثناء الاستجواب في وقت لاحق. وقال المهدي لـ هيومن رايتس ووتش بعد الإفراج عنهم في اليوم التالي بأن المحققين أجبروه، وهو معصوب العينين، على توقيع ما قال إنه كان اعترافا بجريمة، وكذلك تعهدا بالامتناع عن المشاركة في المظاهرات في المستقبل. وأظهر لـ هيومن رايتس ووتش كدمات وعلامات حمراء على وجهه وعنقه وكتفيه، وكذلك على ساقيه وبطنه.
تابع المهدي حضور وتنظيم العديد من المظاهرات يوم الجمعة من كل أسبوع التي تلت مظاهرات ساحة التحرير في بغداد. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن رجلا غير معروف اقترب منه وسط الحشود بطريقة مُخيفة يوم 4 مارس/آذار، وقال له إن قوات الأمن تراقبه، وسرد له لائحة كل الأشخاص الذين طلبهم المهدي عبر هاتفه في ذلك اليوم. وقال المهدي في 11 مارس/آذار إنه تلقى في الأسبوع الماضي تهديدات عدة عن طريق الهاتف أو الرسائل النصية بعدم العودة إلى ميدان التحرير.
وكان المهدي أيضا من أبرز منظمي مظاهرة كبيرة مقررة ليوم الجمعة الأولى بعد نهاية عطلة شهر رمضان، يوم 9 سبتمبر/أيلول. وصورته الشخصية على الفيسبوك كانت إعلانا للمظاهرة، ونشر الرسالة التالية التي تصف التهديدات ضده ساعات قبل وفاته:
كفى .. اعيش منذ ثلاث ايام حالة رعب، فهناك من يتصل ليحذرنى من مداهمات واعتقالات للمتظاهرين وهناك من يقول ستفعل الحكومة كذا وكذا وهناك من يدخل متنكر ليهددنى في الفيس بوك .. سأشارك في التظاهرات وانى من مؤيديها، وانا اعتقد جازما ان العملية السياسية تجسد قمامة من الفشل الوطنى والاقتصادي والسياسي وهي تستحق التغيير واننا نستحق حكومة افضل .. باختصار انا لا امثل حزب ولا اية جهة انما امثل الواقع المزري الذي نعيشه .. لقد سئمت مشاهدت امهاتنا يشحذن في الشوارع ومللت اخبار تخمة ونهب السياسيين لثروات العراق!.
جاء اغتيال المهدي بعد سنوات من أعمال عنف ضد الصحافيين في العراق. ومؤخرا، في 29 أغسطس/آب، قام شخص بضربصحفي بارز، هو آسوس هردي ، بمسدس، في السليمانية، الأمر الذي تطلب دخول هردي المستشفى وعمل 32 غرزة جراحية.
واجه الصحفيون منذ بدء الاحتجاجات في العراق ضد انتشار الفساد ونقص الخدمات في فبراير/شباط، تصعيدا في الاعتداءات والتهديدات ، بما في ذلك من طرف أفراد قوات الأمن الحكومية.
وقال عمار الشهبندر، رئيس معهد الحرب والسلام في العراق وصديق المهدي، لـ هيومن رايتس ووتش بعد أن شاهد جثة المهدي ممددة في المطبخ في منزله: “اعتدنا في العراق على تعرض الصحفيين للهجوم، ولكن هذا كان قريباً مني للغاية”. وأضاف: “هذا الهجوم كان مختلفا لأن العادة أن الصحفيين هنا يتم قتلهم أثناء أداءهم لواجبهم، ويمكن أن تتوقع وفيات في مناطق الحرب. لكن أن تجلس في منزلك وتتلقى رصاصة مثل هذه، فهو أكثر مما يمكن تحمله”.
وقال عماد العبادي، وهو صديق آخر للمهدي، لـ هيومن رايتس ووتش إن المهدي أسر له أنه كان يتلقى تهديدات يومية بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعية وعبر الهواتف المحمولة من أرقام هاتفية محجوبة: “كان يأتي إلي وهو مستاء جدا وغاضب ويعرض علي المكالمات الواردة مؤكداً بها ادعاءاته. كنت دائما أحاول تهدئته وأقول له ألا يهتم كثيرا بهذه المكالمات الهاتفية، وأنصحه بأن يكون حذرا في الوقت نفسه وأن يبقى يقظا”.
نجا العبادي، وهو صحافي تلفزيوني انتقد بشكل متكرر شخصيات برلمانية وحكومية، من محاولة لاغتياله في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، عندما فتح مهاجمون مجهولون النار عليه على الرقبة والرأس.
وأعرب الشهبندر عن أمله في ألا يردع اغتيال المهدي الصحفيين في العراق من إعداد تقارير عن الأحداث الجارية في البلاد.
وقال: “لقد تم اختطاف وقتل العديد من الصحفيين في العراق، ولكن لا يهم كم تعرضوا للتعذيب والترهيب، أو قتلوا – فسوف يواصل الصحفيون القيام بعملهم”. وأضاف: “يظهر هذا الهجوم مدى اليأس الذي أصبح عليه أعداء الديمقراطية”.