(آيفكس هيومان رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الملك عبد الله ملك السعودية أن يأمر ضباط قسم التحقيق الجنائي في الخُبر بالإفراج فوراً عن ناشط حقوق الإنسان الذي يبدو أنه تعرض للاحتجاز التعسفي. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الاتهامات بحق الناشط، شيخ مخلف بن دهام الشمري، إثر توقيفه في 15 يونيو/حزيران […]
(آيفكس هيومان رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الملك عبد الله ملك السعودية أن يأمر ضباط قسم التحقيق الجنائي في الخُبر بالإفراج فوراً عن ناشط حقوق الإنسان الذي يبدو أنه تعرض للاحتجاز التعسفي. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الاتهامات بحق الناشط، شيخ مخلف بن دهام الشمري، إثر توقيفه في 15 يونيو/حزيران 2010، تنتهك حقه في حرية التعبير.
وقال له الضباط الذين قبضوا عليه إنهم يتحركون بناء على أوامر من الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، حاكم المنطقة الشرقية، رداً على مقالات كتبها الشمري ونشرها مؤخراً على عدة مواقع الكترونية محجوبة في السعودية، تنتقد تصريحات رجال الدين الذين يهاجمون الشيعة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “القبض على مخلف الشمري لمجرد إبداءه آراء سلمية، يُظهر مدى قصور التزام الملك عبد الله بحماية حقوق الإنسان حتى الآن، بعد خمس سنوات من تولي السلطة”.
وكانت شرطة الخُبر قد قبضت في 15 مايو/أيار على الشمري على خلفية مقالات كتبها ينتقد فيها الآراء الدينية المعارضة للشيعة. وقال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش في ذلك التوقيت إنه رفض الإجابة على أسئلة وجهتها إليه الشرطة، بما أن الملك عبد الله أمر بأن ينتقل اختصاص قضايا النشر إلى وزارة الثقافة والإعلام، وليس الشرطة أو المحاكم العادية. وأفرجت الشرطة عنه بعد ست ساعات بناء على ضمانة شخصية، لكن الشرطة غيّرت توصيف قضيته من كونها قضية خاصة بمقالاته، إلى “خلق رأي عام ضد الفساد”، على حد قول الشمري لـ هيومن رايتس ووتش.
ثم تم احتجازه مجدداً ليلة 15 يونيو/؛زيران، وهو يتناول العشاء في بيت أحد معارفه في جبيل، 80 كيلومتراً شمالي بيته في الخُبر. ونقله ضباط التحقيق الجنائي إلى مركز شرطة الخُبر، حيث وضعوه في زنزانة حجز مزدحمة مع 10 أشخاص آخرين. الشمري تمكن من الاتصال بأسرته وهيومن رايتس ووتش عبر مكالمات موجزة. وفي 16 يونيو/حزيران بدأ الإضراب عن الطعام احتجاجاً على احتجازه التعسفي. وكان توقيفه نتيجة تحقيقات في مقالاته، على حد قوله لـ هيومن رايتس ووتش، لكن لم يُنسب إليه أي اتهام أو أُحيل إلى الادعاء.
وفي أحد المقالات المعنية، رد الشمري على تعليقات محمد العريفي، إمام مسجد بريدة في الرياض المحافظ الذي يتقاضى راتبه من الحكومة. وأثناء خطبة في 1 يناير/كانون الثاين، كان العريفي قد وصف آية الله علي السيستاني، الذي يعتبره الكثير من الشيعة السعوديين وغيرهم من الشيعة أعلى مرجعية دينية لهم، وصفه بأنه “زنديق فاجر”. وسأل الشمري في مقاله كيف سيشعر السنة إذا أطلق شيعي على العريفي “وهابي زنديق فاجر في طرف من أطراف نجد”. وأضاف الشمري أنه لا يوافق على مثل هذا الوصف وأنه كان ليدافع عن العريفي في مواجهة مثل هذه التعليقات.
ونجد تقع في قلب السعودية وهي مقر لعدد كبير من رجال المؤسسة الدينية السعودية السنية. وفيها أبرم العالم محمد بن عبد الوهاب مع الحاكم المحلي محمد آل سعود اتفاقاً يسمح لعبد الوهاب بنشر تعاليمه الإسلامية مع دعم الغزوات العسكرية لآل سعود وتأييده لحُكمهم عامي 1744 و1745. الاتفاق بين أسرة آل سعود الحاكمة والمؤسسة الدينية التابعة للتيار “الوهابي” في تفسير الدين الإسلامي، ما زالت قائمة إلى اليوم.
ويمثل الشمري قبيلة الشمر في المنطقة الشرقية، وهم مسلمون سنة من المنطقة الحائل في شمال غرب السعودية. ونال الاعتراف به كناشط حقوقي بارز في السعودية على مدار السنوات القليلة السابقة. وعمل على تحسين العلاقات بين السنة والسكان الشيعة في المنطقة، وشمل ذلك كتابة مقالات ضد إهانة الشيعة من قبل المتطرفين من السنة. لكن السلطات السعودية التي تميز ضد الأقلية الشيعية بشكل منهجي حاولت تقويض هذه الجهود. وبعد أن زار الشمري العالم الشيعي السعودي البارز شيخ حسن الصفار، قامت المباحث السعودية في 4 فبراير/شباط 2007 بالقبض على الشمري واحتجزته لمدة شهر دون نسب اتهامات إليه.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2009 نشر الشمري 18 مقالاً عن قضايا الصالح العام وحقوق الإنسان، بما في ذلك العلاقات بين السنة والشيعة، على موقع http://www.saudiyoon.com/ وأغلب ما نُشر على هذا الموقع ظهر أيضاً على موقع: http://www.rasid.com/
وقال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن الضباط الذين قبضوا عليه ليلة 15 يونيو/حزيران لم يعرضوا عليه أمر توقيف وأنه لم يُنسب إليه أي اتهام رسمي. إلا أن ضباط شرطة الخُبر قالوا له إنهم ينفذون أوامر الأمير محمد، حاكم المنطقة.
وورد في المادة 35 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي لعام 2002 أنه ” لا يجوز القبض على أي إنسان أو توقيفه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك”، والمادة 36 من القانون نفسه تقتضي وجود أمر مسبب ومحدد المدة في حالة القبض على أي شخص واحتجازه. وفي الجزء الخاص بإصدار أوامر التوقيف من النظام المذكور، ورد في المادة 103 أن “المحقق” وهو في السعودية يمثل الادعاء، هو المخولة له سلطة إصدار أوامر التوقيف. والمادة 104 توضح أن أمر التوقيف يجب أن يضم اسم المتهم وجنسيته وعمله ومحل إقامته واسم وتوقيع المحقق وتاريخ التوقيع والخاتم الرسمي. و تقتضي المادة 105 إطلاع المتهم على هذا الأمر أو أي من أقاربه البالغين المقيمين معه.
إلا أنه من حيث الممارسة، يراعي عدد محدود من أوامر الاعتقال هذه المتطلبات القانونية. ويقوم مسؤولون آخرون من وزارة الداخلية، ومنهم أفراد في مكتب الحاكم، بالأمر بالتوقيف والاحتجاز. ويضم نظام الإجراءات الجزائية، في مادته التاسعة “المحافظ” إلى قائمة مسؤولي إنفاذ القانون الذين ينفذون عمليات التوقيف، لكن هناك مواد أخرى تشير إلى أن الادعاء وحده هو المخول له سلطة إصدار أوامر التوقيف. وفي قانون أقدم، تم إلغاؤه، صادر بتاريخ 1983 بشأن أصول الاستيقاف والحجز المؤقت والتوقيف الاحتياطي ، يوجد حُكم يخول وزارة الداخلية الأمر بإجراء الاعتقالات وتنفيذها. ولم تُشكل السعودية سلطة الادعاء إلا عام 1989.
المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدّقت عليه السعودية في عام 2009 ورد فيها أنه “لا يجوز توقيف [أي شخص] أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفا وبغير سند قانوني”. و” لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا للأسباب والأحوال التي ينص عليها القانون سلفاً وطبقاً للإجراء المقرر فيه”.
ولا يوجد في السعودية قانون عقوبات ترد فيه قوائم بالمخالفات والجرائم والعقوبات الواجبة إزاءها، مما يكفل بالكامل لتقدير القضاة، وقوات إنفاذ القانون بوزارة الداخلية قبل بدء المحاكمة، تحديد الأعمال التي تمثل جريمة. هذا النظام القانوني التعسفي لا يتسق مطلقاً مع مبادئ حماية حقوق الإنسان، على حد قول هيومن رايتس ووتش، ولا يستقيم أيضاً إذا كان القانون الجنائي يتم استخدامه ضد حرية إبداء الآراء أو التعبير السلمي.
وتكفل المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الحق في حرية إبداء الآراء والتعبير، والحق في نقل الأخبار للآخرين بأية وسيلة. القيد الوحيد المسموح به على ممارسة هذه الحرية هو ما يتعلق بـ “احترام حقوق الآخرين وسمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة”.