المحكمة تؤيد عقوبة جائرة بالسجن لتسعة من العاملين في القطاع الطبي. يرجع السبب وراء الأحكام لقيام الأطباء بدعم الاحتجاجات التي تؤيد الديمقراطية ولتقديمهم الرعاية الطبية للمتظاهرين في مطلع عام 2011.
(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – (بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يتوجب على حاكم البحرينأن يأمر بالإفراج عن الأطباء والأفراد العاملين في القطاع الطبي الذين تم سجنهم في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2012، في أعقاب عدم قيام محكمة الاستئناف بإبطال الإدانات التي صدرت بحقهم من قبل محكمة عسكرية خاصة في عام 2011. دعت هيومن رايتس ووتش الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى إبطال الإدانات والسجلات الجنائية لتسعة من الأفراد العاملين في المجال الطبي، تلك الأحكام التي صدرت بحقهم وقامت محكمة الاستئناف بتأييدها، وذلك لاستناد الاتهامات جزئيا إلى اعترافات تم الحصول عليها عن طريق التعذيب وبناء على اجراءات كانت غير عادلة بشكل أساسي.
قامت السلطات البحرينية بتوقيف ستة من التسعة المتهمين أثناء مداهمات لمنازلهم، قامت بها في صباح 2 أكتوبر/تشرين الأول. في حين أنهى الثلاثة الآخرين مدة عقوبتهم بالسجن. يرجع السبب وراء الأحكام لقيام الأطباء بدعم الاحتجاجات التي تؤيد الديمقراطية ولتقديمهم الرعاية الطبية للمتظاهرين في مطلع عام 2011.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “نحن مترددون في دعوة الملك إلى إبطال حكم قضائي، ولكننا رأينا مرارا وتكرارا محاكم في البحرين تؤيد اتهامات ذات دوافع سياسية تجاه أولئك الذين يشكلون معارضة سلمية. لقد فشلت المحاكم في دعم التزام البحرين بحماية حرية التعبير والتجمع السلمي”.
في 1 أكتوبر/تشرين الأول قامت محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة للاستئناف في البحرين، بتأييد الإدانات ضد التسعة بتهم تتعلق بحرية التعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك: “التحريض على كراهية نظام الحُكم”، و”الاشتراك في مسيرات غير قانونية”، ولا توجد سبل إضافية للطعن.
قامت محكمة النقض بتأييد عقوبة السجن لخمسة أعوام للـ د. علي العكري، والسجن لثلاثة أعوام لإبراهيم الدمستاني وهو مسعف طبي، لاتهامهما بـ “ترويج قلب وتغيير النظام السياسي في الدولة بالقوة وبوسائل غير مشروعة”. في حين قامت المحكمة بتأييد عقوبة السجن لعام واحد بحق د.غسان ضيف، وهو جراح الفم والأسنان، وبحق د. سعيد السماهيجي، وهو طبيب عيون، لاتهامهما بـ”حجز بغير وجه حق قانوني وبالقوة والتهديد… موظف عمومي من أفراد الشرطة [في المستشفى]” و”التحريض على بغض طائفة من الناس”. كما أيدت عقوبة بالسجن مدتها شهرين لـ ضياء جعفر، وهي ممرضة، وعقوبة بالحبس ستة أشهر لـ د. محمود أصغر لـ “الاشتراك في مسيرات غير قانونية”. أما د. باسم ضيف، ود. نادر ديواني، و د. عبد الخالق العريبي، فقد تم الحكم عليهم بقضاء عقوبة بالحبس لمدة شهر – لـ “الاشتراك في مسيرات غير قانونية”. ولم يتم إعادة القبض عليهم على اعتبار أنهم قضوا عقوبتهم أثناء فترة احتجازهم، في الفترة ما بين أبريل/نيسان و سبتمبر/أيلول 2011.
قال جو ستورك: “ادعت حكومة البحرين مرارا وتكرار قيامها بتنفيذ إصلاحات، في الوقت الذي تقوم فيه بانتهاك أبسط حقوق الإنسان الخاصة بمواطنيها. و يدل الحكم الصادر عن محكمة التمييز أن شيئا لم يتغير عندما يتعلق الأمر بإقامة العدل”.
استندت الإدانات الأصلية على ما قدمه الادعاء العسكري من أقوال وأدلة في محاكم السلامة الوطنية في 2011، وهي محاكم عسكرية استثنائية أُعدت لمحاكمة من تم احتجازهم لما يتعلق بالتظاهرات. قام الكثير من العاملين في القطاع الطبي، بما في ذلك الذين تمت تأييد إداناتهم في 1 أكتوبر/تشرين الأول، بإبلاغ هيومن رايتس ووتش بقيام السلطات بتعريضهم للتعذيب، ومنعهم من رؤية محاميهم وذويهم لأسابيع، وإجبارهم على توقيع اعترافات بالإكراه.
أكدت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي أنشأها الملك حمد بن عيسى آل خليفة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، أكدت في تقريرها الصادر في أخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أنه تم تعذيب الأفراد العاملين في المجال الطبي أثناء احتجازهم. في منتصف سبتمبر/أيلول 2012، أعلنمكتب النائب العام بالبحرين، أنه وجه اتهامات لاثنين من ضباط الأمن المتورطين في تعذيب الأفراد العاملين في المجال الطبي أثناء احتجازهم. غير أن في أثناء المحاكمات العسكرية، قام القضاة برفض شكاوى التعذيب التي أدلى بها المتهمون بشكل متكرر، بما في ذلك العاملين في المجال الطبي، دون توضيح إذا ما تم التحقيق في أمر انتزاع الأدلة عن طريق التعذيب من عدمه. كما فشلت أيضا محاكمات المحكمة العسكرية في الاتساق مع المعايير دولية أخرى بالغة الأهمية لضمان محاكمة عادلة، بما في ذلك الحق في إتاحة محام والحق في استدعاء الشهود واستجوابهم.
في 14 يونيو/حزيران، قامت محكمة الاستئناف بتخفيف العقوبات الصادرة عن المحكمة العسكرية في حق التسعة العاملين في المجال الطبي، ولكنها أيدت الاتهامات. فقد ألغت العقوبات الملحقة بقضية منفصلة ضد تسعة آخرين تم إدانتهم بجنح، كما أيدت الأحكام الصادرة بالسجن لمدة 15 عاماً في حق اثنين من المسعفين الذين تم محاكمتهم غيابيا.
قال العديد من الأطباء وغيرهم من العاملين في المجال الطبي، الذين تم إسقاط الاتهام عنهم، أن السلطات استمرت في مضايقتهم. ففي 2 أكتوبر/تشرين الأول، وفي أثناء مؤتمر صحفي عقد في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، قال الأطباء وغيرهم ممن تم تبرئتهم، أنهم تلقوا إشعارات من وزارة الصحة بالاستدعاء لمزيد من الاستجواب أمام لجنة خاصة لما كان لهم من دور في احتجاجات عام 2011.
في أبريل/نيسان 2011، تم استبدال مجلس إدارة جمعية البحرين الطبية وهي جمعية مهنية، من قبل وزارة الصحة، لـ “الاشتراك في العمل السياسي”، ثم قامت الجمعية بعد ذلك بدعوة الوزارة إلى مواصلة التحقيق مع العاملين في القطاع الطبي الذين تمت تبرئتهم، فيما يتعلق بـ “إخفاء أسلحة في المستشفى” و “رفض علاج المرضى”، على الرغم من قيام المحكمة مسبقا برفض هذه الادعاءات. وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول أفادتصحيفة الوسط بأنه تم تشكيل لجنة بناء على قرار صادر عن وزارة الصحة، للتحقيق مع العاملين بالقطاع الطبي الذين تمت تبرئتهم بتهمة حضور مسيرات غير قانونية.
محاكمة منفصلة لـ 28 مشتغلاً بالقطاع الطبي متهمون بمخالفات صغيرة، ومن المقرر أن تنعقد جلستها أمام محكمة الجنايات الصغرى في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012.