(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – بيروت، 3 أغسطس/آب 2011 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على رئيس القضاء السعودي، صالح بن حميد، أن يلغي جميع إجراءات التقاضي الجنائية بحق فهد الجهني، الصحفي السعودي المتهم بالتشهير بمسؤول محلي. كان الجهني قد كتب عمّا وصفه أنها محاولات من المسؤول – وهو مفتش صحة – بابتزاز […]
(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – بيروت، 3 أغسطس/آب 2011 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على رئيس القضاء السعودي، صالح بن حميد، أن يلغي جميع إجراءات التقاضي الجنائية بحق فهد الجهني، الصحفي السعودي المتهم بالتشهير بمسؤول محلي. كان الجهني قد كتب عمّا وصفه أنها محاولات من المسؤول – وهو مفتش صحة – بابتزاز النقود من أصحاب المتاجر في حوطة، وهي بلدة تقع جنوبي الرياض.
وقد انعقدت خمس جلسات محاكمة منذ ديسمبر/كانون الأول 2010 رفض خلالها القاضي الحُكم بعد اختصاص المحكمة بنظر القضية. من المقرر عقد الجلسة التالية في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وما زال الجهني طليقاً لم يُحبس.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لن يؤدي سجن الصحفيين إلا للإساءة لسمعة المملكة العربية السعودية. وإسكات المراسلين الصحفيين الذين يحاولون كشف الفساد يبعث بالرسالة الخطأ إلى المسؤولين السعوديين والشعب السعودي”.
الجهني هو صحفي في صحيفة الوطن، نشر مقالاً بعنوان “مراقب صحي يبتز أصحاب المحلات التجارية بحوطة بني تميم” تحت اسم مستعار في يوليو/تموز 2009، على موقع الأخبار الإلكتروني “الوئام”. حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من المقال، ولم يعد المقال متوفراً على الموقع الإلكتروني.
يتهم الجهني في المقال رئيس قطاع الصحة البيئية في الحوطة بمحاولة الضغط على أكثر من مائتين من أصحاب المتاجر على دفع مبلغ 5000 ريال (1333 دولاراً) للإسهام في المأدبة السنوية للبلدية بمناسبة نهاية شهر رمضان. ورد في المقال إن مفتش الصحة أساء استخدام منصبه عن طريق التهديد بفرض غرامات على أصحاب المتاجر إذا لم يمتثلوا لطلبه. قال الجهني لـ هيومن رايتس ووتش إن من بين مصادره أصحاب متاجر، ومسؤول رفيع المستوى بالبلدية، وصحفي من الحوطة.
وقال الجهني أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤول الصحة تقدم بشكوى ضده، يطلب فيها من المحكمة معاقبته وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به. اتهم الادعاء بتاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول 2010 الجهني بتهمة التشهير الجنائية. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب ألا يُقاضى الجهني جنائياً على ما كتبه، بغض النظر عن حقيقة ما ورد فيما كتبه من ادعاءات، لما للملاحقات الجنائية من أثر سلبي بالغ على حرية التعبير، يتمثل في الأثر الترويعي على الآخرين. وإذا كان المسؤول المذكور يعتبر أن المقال ينطوي على تشهير، فقد كان عليه أن يرفع قضية مدنية يطالب فيها بالتعويض على أي ضرر لحق بسمعته. وأثناء النظر في القضايا الجنائية، على المحاكم السعودية أن تراعي أهمية حرية التعبير، وتحديداً احترام حق الصحفيين في الكتابة عن الشخصيات العامة.
أحالت السلطات السعودية اختصاص النظر في قضايا الإعلام من نظام المحاكم السعودي – ويستند إلى الشريعة الإسلامية – إلى وزارة الثقافة والإعلام، المخولة سلطة النظر في انتهاكات نظام الصحافة والمطبوعات، بموجب القرار الملكي رقم 1700/م ب بتاريخ 15 مارس/آذار 2005.
وقد نشر موقع الأخبار الإلكتروني مسك مقالاً بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2010 ورد فيه على لسان مصدر في وزارة العدل أن “قضايا الإنترنت باعتبارها قضايا نشر و إعلام إلكتروني” ومن ثم لا تتبع اختصاص محاكم الشريعة. المتحدث باسم وزارة الثقافة والإعلام، عبد الرحمن الهزاع، أكد في 12 يوليو/تموز 2010 هذا المبدأ لوكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وقال الجهني لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم هذه التعليمات، فإن القاضي عادل المطرودي من محكمة بريدة الجنائية في القسيم شمالي الرياض أصرّ على أن ينظر القضية قائلاً: “لا يحكم هذا البلد غير الشريعة”.
ولا يوجد في السعودية قانون جنائي مدوّن يضم تعريفاً للتشهير أو أية عقوبات لمثل هذه التهمة. تعريف عناصر الجريمة وأي عقوبة هو أمر ما زال في عهدة القضاة أنفسهم في معرض تفسيرهم لمبادئ الشريعة. بالإضافة إلى محاكم الشريعة، هناك أيضاً محاكم إدارية للعمال ومحاكم تجارية وإعلامية تتبع كل منها الوزارات المختصة. ورغم أن المحكمة المسؤولة عن انتهاكات نظام الصحافة ليست محكمة مستقلة، فإنه وفي قضايا عديدة كان الصحفيون السعوديون يفضلون الإحالة لهذه الجهة الإدارية بدلاً من محاكم الشريعة فيما يخص قضايا الإعلام. نظرت محاكم الشريعة في عامي 2005 و2006 قضايا تشهير جنائية في مطبوعات إعلامية قبل أن تصدر تعليمات وزارية بإحالة هذه القضايا إلى وزارة الثقافة والإعلام.
وقال كريستوف ويلكى: “من غير المعقول أو المقبول أن يطلب أي مسؤول متهم بارتكاب مخالفات من المحاكم أن تسجن من اتهمه”. وأضاف: “أحد أدوار الإعلام هو مراقبة الحكومة وكشف الأخطاء والمخالفات”.