بينما ترحب بقبول تونس 111 توصيات من أصل 121 أثناء مراجعة للاستعراض الدوري الشامل في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، تدعو آيفكس مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس الحكومة لتنفيذها دون تأخير، ووضع حد لتجريم التشهير
(آيفكس-مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس)- 26 أيلول/ سبتمبر – بينما نرحب بقبول تونس للتوصيات المائة والعشرة من أصل مائة وخمسة وعشرين توصية أثناء استعراض الأمم المتحدة الدوري الأسبوع الماضي، فان آيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس (IFEX-TMG) تحث قيادة البلاد على الاعتماد الفوري للتوصيات ذات الصلة بحرية التعبير دون تأخير. كما تشجع آيفكس على مراجعة الأساس القانوني لرفض إنهاء العمل بقانون تجريم “التشهير”، كما دعت إلى ذلك إحدى التوصيات خلال الاستعراض الدوري الشامل (UPR) لتونس الذي نظم في جنيف والتي رفضتها الحكومة.
وخلال كلمته التي قدمها في جلسة الاستعراض الدوري الشامل التي عقدت في 19 أيلول/سبتمبر، تذرع سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، مرة أخرى بفكرة ‘التقاليد’ و ‘الثقافة’ بغية تجنب الإجابة على الأسئلة المحددة المتعلقة بحالة حقوق الإنسان وحرية التعبير في تونس. واستعمل الوزير عبارة استخدمت مرارا وتكرارا لاسترضاء المدافعين عن حقوق الإنسان عندما قال أن “تونس تحتاج إلى مزيد من الوقت لبناء ثقافة حقوق الإنسان”.
ولقد تم التلاعب بالأفكار المرتبطة بالتقاليد واستخدامها بسهولة لقمع المعارضة، وضرب حرية تكوين الجمعيات والتعبير في تونس، حيث تحدث انتهاكات لحرية التعبير ويفلت مرتكبوها من العقاب باسم ‘القيم المقدسة’. وتدعو آيفكس الحكومة التونسية للامتثال لآليات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واتخاذ خطوات فورية من أجل التنفيذ الكامل للتوصيات التي انبثقت خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل المتصلة بحرية التعبير.
ففي الوقت الذي يزعم فيه الوزير ديلو أن تونس تشهد عملية إرساء لأسس الدولة التي تحترم حقوق الإنسان مع احترام هويتها الثقافية، تواصل آيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس، توثيق انتهاكات على غرار إحالة مدنيين إلى محاكم استثنائية لمعاقبتهم على تعبيرهم عن آرائهم، كما هو الحال في قضية المستشار السابق للرئيس والذي تعرض قضيته حاليا أمام محكمة عسكرية.
وقال كمال العبيدي، وهو صحفي تونسي قدّم مداخلة شفوية بالنيابة عن آيفكس-مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس ممثلة بمعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS) في 19 أيلول/سبتمبر “إن إحالة رجال الإعلام إلى قضاء لم يحقق بعد استقلاله التام، بسبب قيامهم بعملهم، مازال متواصلا إلى اليوم، كما يتم تهديدهم بتعريضهم للمحاكمات والتتبعات العدلية”.
وكمال العبيدي هو مسؤول الحملات السابق في آيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس، فضلا عن كونه الرئيس السابق للهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال (INRIC)، التي أنهت أعمالها في تموز/يوليو، بعدما أفادت بأنه لم يكن بالإمكان القيام بعملها في ظل الظروف الحالية من عدم الاستقرار والعرقلة. ولقد أصدرت INRIC تقريرا من 300 صفحة شاملة (متاح الآن على شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية) مع توصيات لإصلاح وسائل الإعلام للخروج بها من مخلفات الاعتداء والضغوطات عليها خلال نظام زين العابدين بن على. وإذ ترحب آيفكس بهذا التقرير، فإن أعضاءها قد اعتمدوا العديد من هذه التوصيات ، والتي قدمت بالتشاور مع العديد من ممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام في تونس.
ذكر الوزير التونسي لحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، أن الحكومة قد أجرت مشاورات مع النقابات ووسائل الإعلام وغيرها لضمان حرية وسائل الإعلام وأن الحكومة تقوم بتنفيذ الإصلاح بطريقة شفافة. في حين يقول أعضاء المنظمات غير الحكومية المحلية وخبراء وسائل الإعلام بأنه لم يتم التشاور معهم حتى الآن بشكل فعال، وأن الحكومة التونسية تتصرف بأحادية ودون شفافية عند البت في مصير حرية التعبير ووسائل الإعلام.
ومنذ بداية هذا العام، شهدت تونس محاولات عديدة للسيطرة على وسائل الإعلام ، بما في ذلك الهجمات على الصحفيين.
فعلى سبيل المثال، لا تزال الحكومة تقوم بتعيين رؤساء وسائل الإعلام دون تشاور مع بقية الهياكل والمعنيين بالاعلام. ففي نهاية آب/أغسطس، بدأ صحفيون اعتصاما احتجاجا على تسمية لطفي التواتي، وهو شخصية مثيرة للجدل ومن الذين عملوا مع بوليس النظام السابق كما كان متورطا في الفساد وفي الانقلاب المدعوم من الحكومة في 2009 ضد الهيئة المنتخبة ديمقراطيا للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث تم تعيينه مديرا جديدا على رأس دار الصباح للنشر وهي من بين وسائل الإعلام ذات النفوذ. وفي 13 أيلول/سبتمبر، دهس التواتي صحفي محتجا ضده في سيارته، وأسفر الحادث على نقل الصحفي إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية، في ما وصف الشهود والمحامين بأن الحادث كان “محاولة قتل” متعمدة. وجاء ذلك في أعقاب مظاهرة عامة في القصبة في الأسبوع السابق، عندما حث حبيب اللوز، وهو زعيم في حزب النهضة، الحكومة على ‘ضرب وسائل الإعلام المعارضة للثورة’.
وأثناء مداخلة شفوية منفصلة في الأمم المتحدة في 19 أيلول/سبتمبر، أعرب غياث الجندي من منظمة القلم الدولي وآيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس عن بواعث قلقه حول الاستخدام المتزايد للعنف ضد الصحفيين والفنانين والكتاب، وفشل الحكومة في وضع حد لهذه الهجمات. وقال أن “الزعماء السياسيين والدينيين دعوا صراحة إلى العنف ضد الصحفيين، ولم تتخذ الحكومة أي إجراء”. وقال أنه “قد تم إنشاء فراغ قانوني سمح للحكومة بالسيطرة على الصحافة، وكانت هناك حالات تأخير واضحة عندما تعلق الأمر بالإصلاحات القانونية، مثل تنفيذ مراسيم وسائل الإعلام التي أقرتها الحكومة المؤقتة في العام الماضي”.
وأكد كمال لعبيدي لآيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس على أن ” الإعلام التونسي منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011 لم يكن أكثر عرضة من الآن إلى مخاطر التضييق على حرية التعبير ووضع اليد على المؤسسات الإعلامية العمومية” وأضاف أنه “ولحسن الحظّ لم يكن الصحفيون التونسيون يوما أكثر التحاما وتضامنا فيما بينهم – كما هم الآن – دفاعا على حرية التعبير واستقلالية المؤسسات الإعلامية العمومية”.
وتطالب آيفكس-مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس، السلطات التونسية بتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل بدون قيد أو شرط، لا سيما تلك المتصلة بحرية التعبير وحرية التجمع واستقلال السلطة القضائية. كما تدعو الحكومة إلى اتخاذ خطوات عملية لضمان ممارسة حرية التعبير في الدستور الجديد، وإلى تنفيذ إصلاحات حقيقية في السلطة القضائية إلى جانب الاعلام.
وأخيراً، ترحب آيفكس- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس بالتحركات من جانب الحكومة التونسية للشراكة مع الأمم المتحدة وهيئات حقوقية أخرى، مثل استضافة زيارة قادمة للمقررين الخاصين المعنيين بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان من الأمم المتحدة واللجنة الأفريقية في تشرين الأول/أكتوبر.