(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على هيئة التحقيق والادعاء العام السعودية أن تُسقط فوراً تهمة “جريمة الإنترنت” المنسوبة إلى ناصر السبيعي جراء كتابته عن محنته في أروقة الجهاز الإداري للدولة أثناء محاولته طلب دفع الدولة لتكاليف علاج أخيه الطبي. ففي مطلع عام 2009 بدأ السبيعي التدوين والتحدث للإعلام عن […]
(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على هيئة التحقيق والادعاء العام السعودية أن تُسقط فوراً تهمة “جريمة الإنترنت” المنسوبة إلى ناصر السبيعي جراء كتابته عن محنته في أروقة الجهاز الإداري للدولة أثناء محاولته طلب دفع الدولة لتكاليف علاج أخيه الطبي.
ففي مطلع عام 2009 بدأ السبيعي التدوين والتحدث للإعلام عن انعدام الدعم الذي صادفه من المسؤولين السعوديين أثناء محاولته الترتيب لعلاج شقيقه محمد السبيعي، الراقد في غيبوبة بعد حادث سير في السعودية شهر مارس/آذار 2007.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “الادعاء السعودي يحاول إسكات الشكاية المشروعة، التي يحق للمواطنين السعوديين الكشف عنها علناً”. وتابعت: “الانتقاد العلني لمزاعم إخفاق الحكومة يعتبر من آليات المراجعة الهامة لأداء الحكومة وأداة جيدة للمساءلة”.
ويزعم السبيعي بأن المسؤولين بوزارتي الخارجية والصحة السعوديتين لم ينفذوا أوامر الملك عبد الله بتغطية نفقات علاج أخيه في الصين والأوامر القاضية بتيسير علاجه بعد ذلك في الولايات المتحدة.
وبعد إقامة محمد في مستشفى سعودي لمدة خمسة أشهر، اصطحبه السبيعي إلى الصين في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2007 لإجراء عملية جراحية متخصصة في مستشفى بكين البحري. ومن هناك أرسل طلباً للديوان الملكي السعودي، الإدارة التابعة للملك، يطلب فيه تعويضه عن نفقات علاج شقيقه الطبية وتكاليف السفر. ويظهر من الوثائق أن السفارة السعودية في بكين نقلت طلب السبيعي عبر وزارة الخارجية إلى الرياض وأنه قد صدرت موافقة مبدئية على دفع النفقات. لكن لم يتم تقديم النفقات ولم تتم الموافقة على العلاج الإضافي الذي طلبه لشقيقه.
وتمول السعودية العلاج الطبي الضروري لمواطنيها بالخارج إذا لم يكن هذا العلاج متوفراً في المملكة. والكثير من السفارات السعودية فيها إدارات طبية ضمن العاملين فيها تيسر ترتيبات العلاج الطبي، وتقدم خدمات من قبيل النقل وتقديم تكاليف الإقامة اليومية بالخارج. وطبقاً لوثيقة اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش فإن الملك عبد الله بتاريخ 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وافق على علاج محمد السبيعي في بكين وأمر وزارة الصحة بتغطية التكاليف. ورداً على تعليمات الملك، طلب بعد عشرة أيام د. فهد بن سليمان السديري، مدير عام المؤسسات والمكاتب الطبية بالخارج التابع لوزارة الصحة، طلب تقارير طبية تفصيلية وتقارير بالنفقات لعلاج محمد، من السفارة السعودية في بكين، حسب وثيقة أخرى اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.
وتوجه السبيعي إلى السعودية من بكين في 7 يناير/كانون الثاني 2008 دون الحصول على التعويض على نفقات العلاج. وقال القنصل لـ هيومن رايتس ووتش إنه يسر طلب السبيعي لكن الأمر ظل في عهدة وزارة الصحة دون صدور قرار بشأنه. وينفي السبيعي إخطار القنصل إياه بالموافقة المبدئية من الديوان الملكي.
وبعد العودة من الصين، سعى ناصر السبيعي لخيارات علاج أخرى لشقيقه في مستشفى ويلينغتون بلندن، ومعهد إعادة التأهيل في شيكاغو، وقد قدم المستشفى والمعهد خطابات موافقة على قبول الحالة، بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 و20 أبريل/نيسان 2009 على التوالي. وطبقاً لوثيقة أخرى اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، ففي 27 فبراير/شباط 2008 وافق الملك عبد الله على أن تغطي الدولة نفقات علاج محمد الخاصة بإعادة التأهيل في الولايات المتحدة، لكن وزارة الصحة لم توافق على هذا العلاج، على حد قول السبيعي. وما زال شقيقه في سريره بمستشفى سعودي، لا يتلقى غير رعاية التمريض، دون رعاية إعادة تأهيل متخصصة.
ومع إحساسه بخيبة الرجاء مما تصوره عدم تعاون المسؤولين السعوديين معه، تقدم السبيعي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 برفع قضية ضد وزارة الصحة والقنصل الشمري، سعياً للتعويض على علاج محمد في الصين، ولتلقي نفقات وتيسير العلاج في الولايات المتحدة. ديوان المظالم، المحكمة الإدارية السعودية، قبلت الشق الخاص بوزارة الصحة من القضية فقط، فيما يخص الجزء الخاص بالعلاج في الولايات المتحدة مستقبلاً. والقضية قائمة قيد المداولة. ثم أنشأ السبيعي مدونة، ونشر تسجيلات فيديو على موقع يو تيوب، وظهر في برامج تلفزيونية على محطة الإل بي سي اللبنانية، وقناة الاقتصادية السعودية، ضمن قنوات أخرى، يتحدث فيها عن محاولاته بلا جدوى لتغطية الدولة نفقات علاج أخيه في الصين وتوفير العلاج في الولايات المتحدة. وانتقد على الأخص ما أسماه عدم دعم القنصل السعودي في بكين. وبين مارس/آذار ومايو/أيار 2009، أرسل السبيعي أيضاً شكاوى لوزارتي الخارجية والداخلية، وكذلك للديوان الملكي.
وقام الادعاء بهيئة التحقيق والادعاء العام في الخفجي على الحدود مع الكويت باستدعاء السبيعي أواخر يوليو/تموز 2009 وقالوا له إن عليه توقيع تعهد يقول فيه إنه لن ينشر أي شيء إضافي عن القضية على الإنترنت. ورغم توقيعه اتصل به الادعاء بعد أسبوعين، وقالوا له إنه الآن بصدد اتهامات غير محددة تحت طائلة نظام مكافحة جرائم المعلومات على خلفية تعليقات تشمل الذم والقدح تقدم بها بحق القنصل السعودي ماجد الشمري. وتم الإفراج عنه بكفالة.
وفي مارس/آذار 2007 كانت السعودية قد أصدرت نظام مكافحة جرائم المعلومات، الذي تم اتهام السبيعي بموجبه، بغية “حماية المصلحة والأخلاق العامة” (مادة 2). ويعاقب القانون “التشهير بالآخرين… بمختلف سبل تكنولوجيا المعلومات” بعقوبات أقصاها السجن لمدة عام وغرامة بمبلغ 500 ألف ريال سعودي (نحو 135 ألف دولار) (مادة 3.5)، و”إنتاج أي شيء يزعزع بطبيعته النظام العام… أو حرمة الحياة الخاصة” (مادة 6.1) بعقوبة حدها الأقصى السجن خمس سنوات وغرامة أقصاها ثلاثة ملايين ريال. استخدام هذا القانون الفضفاض ينتهك الحق المحمي دولياً في حرية التعبير، نظراً لأنه يُستخدم في قضايا كهذه القضية عندما يعلق المرء على مسألة تخص الشؤون الإدارية العامة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وفي مارس/آذار 1999 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بشأن حرية المدافعين عن حقوق الإنسان، يصون الحق في “توجيه انتباه الراي العام إلى [جميع الحريات والحقوق الإنسانية الأساسية]”. (مادة 6). وحق “جميع من يُزعم بانتهاك حقوقهم أو حرياتهم… في الشكوى وأن تُراجع الشكوى على وجه السرعة في جلسة علنية أمام جهة قضائية مستقلة ونزيهة ومختصة أو أمام أية سلطة منشأة بموجب القانون” (مادة 9.2).
وتحديداً، يقر القرار بالحق في “الشكوى من… تصرفات المسؤولين من الأفراد والهيئات الحكومية فيما يخص انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية” (مادة 9.3أ). وأي قيد على هذه الحريات يجب “أن يكون تحديداً بغرض تأمين الاعتراف بحقوق وحريات الآخرين واحترامها… وفي المجتمع الديمقراطي”. (مادة 17).
تدعو هيومن رايتس ووتش السعودية إلى إلغاء تجريم جميع أشكال التعبير السلمي، بما في ذلك إلغاء الاتهام الجنائي بالتشهير.
وقالت سارة ليا ويتسن: “لا يحق للحكومة إسكات من يكشفون عن مزاعم مساوئ المسؤولين بتهديد المنتقدين بسجنهم”. وأضافت: “إذ يجب أن تتسامح الدولة مع هامش أكبر من انتقاد المسؤولين أكثر من هامش تحمل انتقاد المواطن العادي، دون اللجوء لاتهامات التشهير الجنائي، التي تستخدم كثيراً لإسكات المنتقدين”.