(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليومإنه ينبغي لسلطات حماس في غزة التحقيق في الادعاءات التي تُشير إلى أن ضباط الأمن قاموا بتعذيب مُدوّن وناشط،ومُقاضاة أي موظف مسؤول.وكان أحد المدونين قد دعا للقيام بتظاهراتمؤيدة لإنهاء الانفصال بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش بأن […]
(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليومإنه ينبغي لسلطات حماس في غزة التحقيق في الادعاءات التي تُشير إلى أن ضباط الأمن قاموا بتعذيب مُدوّن وناشط،ومُقاضاة أي موظف مسؤول.وكان أحد المدونين قد دعا للقيام بتظاهراتمؤيدة لإنهاء الانفصال بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة.
قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش بأن شرطة حماس،وموظفي أمنها ذوي الملابس المدنية، منعوا تظاهرة في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة يوم 28 فبراير/شباط 2011، دون إبداء أي سبب، كما اعتقلوا وعذّبوا أحد المُنظّمين، أحمد عرار. وكان عرار، 31 عاماً، قد أعطى هيومن رايتس ووتش تقريراً مُفصّلاً عن الاعتداء الذي تعرّض له، والذي كان، كما قال،مُحاولةًلإجباره على الاعتراف بأنه عميل للسلطة الفلسطينية. وقال النشطاءإنه منذ أواخر فبراير/شباط،كان مسؤولو أمن حماس الداخلي قد هددّوا الناشطين. كما صادروا مُعدّاتهم، واستجوبوا مِراراً الناشطين الشباب الذين يُحاولون تنظيم احتجاجات مماثلة في 15 مارس/آذار.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش:”أثبتت حكومة حماس مِراراً وتكراراً أنها لا تهتم إلا بشكل ضئيل بحقوق الفلسطينيينالذين يعترضون على سياساتها سِلميا. تقول حماس إنها تُناضِل من أجل التحرر من الاحتلال ولكنها تقمع الناس الذين يعيشون تحت سيطرتها”.
وقال شهود آخرون على أحداث 28 فبراير/شباط لـ هيومن رايتس ووتشإن مسؤولي أمن حماس هدّدوا بالاعتداء على الصحافيين الذين حاولوا تغطيةتظاهرة مُشابِهة في 11 فبراير/شباط.
وقال عرار لـ هيومن رايتس ووتش،إنه في 6 فبراير/شباط، استخدموآخرين شبكات التواصل الاجتماعي، بما فيها الفيسبوك، لإصدار”نداء الوطن” لإنهاء الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية، كما دعوا إلى تظاهرة يوم 28 فبراير/شباط. وقد أخطَروا وزارة داخلية حماس، لكنهم لم يتلقوا أي رد. لكن في يوم 14 فبراير/شباط، جاءت الشرطة إلى منزل عرار وصَادَرَت بطاقة هويته،وجواز سفره، وهاتفه النقالدون إبداء سبب، ولم يُعيدوها له كما يقول.
وقال صحافي، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 28 فبراير/شباط عند الساعة 09:00 صباحاً،بدأ المتظاهرون والصحافيون بالتجمع في ساحة “الجندي المجهول” في مدينة غزة. وكان 50 شخصاً قد وصلوا في الساعة ال 09:20، كما قال، عندما وصلت أربع سيارات جيب تابعةللشُرطة بالإضافة إلى أربع سيارات مدنية.
هنا، قال عرار: “جاء رجل بملابس مدنية وقال إنه من شرطة المباحث، وأننا يجب أن نُغادِرعلى الفور”.
وأضافعرار: “عندما قلت أننا أخطَرنا وزارة الداخلية مُقدَّماً وأننا كنا سنتظاهر سِلمياً، إذا به يضربني على وجهي”. ضرب شرطي بعدها عرار ببندقيته على ذراعه ووجهه.وأضاف:” ثم دفعوا بي إلى سيارة بدون لوحة أرقام، واستمروا في ضربي، واتهموني بأنني متعاون مع الضفة الغربية”.
شاهدَ الصحافي أيضاً شرطة حماس وهي تضرب عرار وتدفع به إلى السيارة. وقال: “ثم قالتالشرطة للصحافيين إنه ينبغي علينا أن نُغادِر،وإنه إذا كان واحدٌ منا قد التقَطَ أي صورة، فإنهم سوف يكسرون كاميرته”.
وأضاف أن الشرطة قد نَقَلَت عرار، الذي كان ينزف من وجهه وفمه، بالسيارة إلى مركز للشرطة في حي الأنصار.وقال عرار،” أجبروني على خلع قميصي، الذي كان غارقاً بالدم، ورموا به بعيداً، لكنهم رفضوا أن يأخذونني إلى المستشفى”.بعد ذلك بنصف ساعة، نقلته الشرطة إلى مقر الشرطة في مدينة غزة. حيث تمّ استجوابه هناك مرّتين، كما أُخذَت صورته.
وعند الساعة 5 مساءً، اقتادته الشرطة في سيارة جيب بيضاء إلى مركز شرطة العباس ووَضَعَته في غرفة، حيث كان هناك رجلاً آخراً، عمره حوالي 50 عاماً، مربوطاً في وضع مؤلم، وهو أسلوب من أساليب تعذيب المُعتقلين يُدعَى”الشبح”.
وقال عرار:”لم يفعلوا أي شيءٍ بي، لكنهم كانوا يضربون هذا الرجل بشدة طوالوقت وجودي هناك”.
وعندالساعة 10 مساءً، وضعت الشرطة عرار في جيب أزرق تابع للشرطة، ووضعت كيساً مُمتلئًكريه الرائحة فوق رأسه، واقتادته إلى مكان مجهول، بدا أنه سجن. وقال عرار إن الرجال ذوي الثياب المدنية قاموا بإبعاد الكيس، واستجوبوه مرة أخرى حتى منتصف الليل. كما أنهم عصّبوا عينيه ونقلوه إلى غرفة فيها سرير، حيث نام لمدة ثلاث ساعات.
وقال إنه حوالي الساعة 8 صباحاً،أيقظ عراررجلُ بملابس مدنية أطلَق على نفسه اسم “أبو محمد”، وحقّق معه وضربه. وقد طالبَ أبومحمد بمعرفة مقدارالمال الذي كانت السلطة الفلسطينية تدفعه لـ عرار بالإضافة إلى أسماء ُمنظميّ التظاهرة الآخرين. وقال عرار إن المحقق أهانه، وأهان والدته وغيرها من النساء اللاتي يُهمه أمرهن، وذلك باستخدام ألفاظ جِنسية فجّة.
وقال عرار لـ هيومن رايتس ووتش:”قال لي أبو محمد: سوف نقوم بتعذيبك إلا إذا قلتَ لنا من هو الذي يدفع لك في رام الله. فقلت:'[رئيس الوزراء الفلسطيني]،سلام فياض، أرسل لي 1 مليون دولار عن طريق ويسترن يونيون، فضحك وقال لا، كان ذلك أكثر مما ينبغي”.وأضاف:”في النهاية كَذَبت وقلت لهم أن أحد الأشخاص في وزارة الشباب والرياضة قد أرسل لي 2000 دولار.حينها كان عدة رجال في ثياب مدنية يُعدّون بياناً يشتمون فيه مسؤول السلطة الفلسطينية.وأضاف:”كنت أعلم أنهم كانوا يُضيفون أكاذيبهم الخاصة، لكنني وقّعتُ على البيان.”
وقال عرار أن مسؤولي الشرطة والأمن لم يُقدّموا له أي طعام لمدة 24 ساعة. وحوالي الساعة 11 صباحاً، قدّم مسؤول بعض الخبزله ، وطلب أن يُوقّع تعهداً قائلاًإنه لن يتخذ أي إجراء ضد حكومة حماس،كما قال إنهم سيطلقون سَرَاحه.
وقال عرار:”طلبتُ منهم أن يحذفوا البيان الذي يقول أنه قد دُفِع لي”.وأضاف:”قلتُ أنني وقّعتُ البيان فقط لأنني كنتُ خائفاً من أن يقتلونني. لذلك قالوا أنهم سُيروني ما سيفعلونه بي”. باعدَ عدة رِجال ساقيه عن بعضهما وأطاحوا به على الأرض، مُسببّين له ألماً مُبرحاً.
وقال عرار، ” قالوا إنهم سيقسمونني إلى اثنين، كما جاءوا لي بسِلك مُكَهرَب”. فتراجع عرار عن نفيه للبيان. وأضاف:” ثم أخذني أبو محمد إلى محطة حافلات “الشفاء” وأعطاني 10 شيكل. وقال،” إذا سألك أي شخص عن الذي حدث، أخبرهم أنه قد قُبِضَ عليك في قضية تحرّش جنسي بفتاة”.
باعتبارها جهة غير حاكمة رسمياً، لكنها تتولى مهام السُلطة الحاكمة، لا تستطيع حماس أن تكون طرفاً في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، لكنها أشارت علناَ أنها ستحترم المعايير الدولية. وحظر التعذيب هو أكثر المبادئ أساسية في القانون الدولي. فبحسب التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب، فإن التعذيب هو تعمّد إلحاق ألم شديد أو معاناة لغرضٍ محظور، مثل الحصول على الاعتراف. ويقتضي القانون الدولي التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص الذين توجد ضدهم أدلة تُثبِت ارتكابهم التعذيب، بما في ذلك أولئك الذين يُعطونالأوامر.
وقالت ويتسن،”إنه لأمرٌ مخزِ أن المنظمة التي تعرَّضَ أعضاءها للتعذيب وسوء المعاملة تُمارس ذات الوحشية على فلسطينيين آخرين”. وأضافت:” على الرغم من الاختلافات السياسية بين حماس وفتح،إلا أنه من الواضح أنهم يشتركون في ازدرائهم لحقوق الفلسطينيين في التجمع والتعبير عن آرائهم”.
ضايقمسؤولو أمن حماس مُنظمين آخرين للتظاهرة المقرر إجراؤها في 15 مارس/آذار.وقال منظّمٌ، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ هيومن رايتس ووتش إنه استُدعي إلى مقر جهاز الأمن الداخلي في حي الأنصار في غزة،في 16 فبراير/شباط. واستجوبه المسؤولون لمدة ثلاث ساعات، كما اعتقلوه في حمام لسبع ساعاتٍ أخرى، وهدّدوا بالاعتداء عليه في التظاهرة.
وقال المُنظّم،إنه في يوم 22 فبراير/شباط، قام 10 من الأشخاص، الذين عرّفوا أنفسهم بأنهم أعضاء في جهاز الأمن الداخلي، بمصادرة أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف المحمولة، وبطاقات الهوية الشخصية لأربعة من منظمي 15 مارس/آذار في جاليري كافيه في مدينة غزة ، حيث كان صحافيوقناة فلسطين اليوم التلفزيونية يجرون مقابلات مع المُنظميّن. وقال أحدهم لـ هيومن رايتس ووتش أن مسؤولي الأمن استدعوا المُنظمين الأربعة للاستجواب في اليوم التالي.
وقال:”استجوبونيلمدة ثلاث ساعات، سائلين عن الانتماءات السياسية لكلٍ مِن إخوتي،أبناء أعمامي،أصدقائي، وحتى صِهري، كما راحوا يسألونني عن الجهة التي تدعمنا في الضفة الغربية (أي السلطة الفلسطينية).وأضاف،” حذّروني أننا سنكون مسؤولين عن أي إصابة في َحدَث 15 مارس/آذار، وأن أُسر أي شخص مِن القتلى يُمكنها أن تُقاضينا”.
وقال أحد صحافيي” فلسطين اليوم”- الذين أجروا مقابلات مع المُنظمين- لـ هيومن رايتس ووتش،إن المسؤولين طالبوه بتسليم تسجيل الفيديو والكاميرا الخاصة به، وألقوا القبض عليه عندما رفض. وقال إنهم اقتادوه الى مركز شرطة، لكنهم أطلقوا سراحه في غضون فترة زمنية قصيرة، بعد أن تدخلّت محطته. وأفاد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة في غزة، أن المسؤولين استدعوا أحد المنظمين لمزيد من الاستجواب في 24 فبراير/شباط، في مركز الأمن الداخلي، قبل إعادة الكمبيوتر المحمول الخاص به.
قال المُنظّم الذي اُستُجوِبَ في 22 فبراير/شباط، ومُنظّمو15 مارس/آذار آخرين لـ هيومن رايتس ووتش إن جهاز حماس للأمن الداخلي قام باستجوابهم مرة أخرى يوم 6 مارس/آذار.
ومنع مسؤولو أمن حماس تظاهرات سابقة ضد “تقسيم” السياسية الفلسطينية، وضربواالصحافيين الذين كانوا يحاولون تغطيتها. وقال شوقي الفرا (41 عاماً)،وهو مصور وصحافي في إذاعة دويتشه فيله الألمانية، لـ هيومن رايتس ووتش،إنه حوالي الساعة 12:30 ظهراً من يوم 11 فبراير/شباط،كان يقوم بتغطية تظاهرة أمام مسجد “السُنة”في مدينة خان يونس في وسط قطاع غزة.
وقال الفرا،”كان الناس يستجيبون لدعوة للتظاهرات أُرسِلَت عن طريق الفيسبوك،أُطلِق عليها “ثورة الكرامة”.وأضاف، “بدأتُ في التقاط بعض الصور عندما طوقّني 10 أشخاص من الأمن الداخلي. أريتهم بطاقتي الصحافية، وعرّفتُ عن نفسي بصوت عالٍ كمراسل دويتشه فيله، لكنهم أخذوا الكاميرا الخاصة بي وبطاقتي الصحافية، وبدأوا بضربي وركلي، ونعتونيبالعميلللسُلطة الفلسطينية. وقال الفرا،”تجادل اثنين من رجال الشرطة بالزي الرسمي بشدة مع موظفيالأمن،الذين واصلوا ضربه لبضع دقائق قبل أن يتوقفوا.
وقال إنه اشتكى في وقت لاحق إلى وزارة الداخلية، التي تسيطر على أجهزة الأمن الداخلي، وفي 14 فبراير/شباط استرجع كاميرته، ووثائق هويته من مكتب إيهاب الغصين،المتحدث باسم الوزارة، حيث قال له المسؤولون ألا يشكو علناً.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثّقت في وقتِ سابق حالاتعدة من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات أمن السلطة الفلسطينية ضد المتظاهرين السلميين في الأشهر الاخيرة.
يمنح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الجميع حق التجمع السلمي. وينص على أن القيود على هذا الحق لا يكون مسموحاً بها إلا إذا تم تطبيقها وفقاً للقانون، لغرض مشروع مثل السلامة العامة، وهذا التقييد هو “ضروري في المجتمع الديمقراطي” – أي هو أقل تقييد مُمكن على الحق.