تعددت هجمات المتطرفين دينياً في تونس على الفنانين والمثقفين والنشطاء سياسيين ولم يتم القبض على أحد
(منظمة هيومن رايتس ووتش/ آيفكس) – أكتوبر 15, 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات التونسية التحقيق في سلسلة هجمات نفذها متطرفون دينياً خلال الشهور العشرة الماضية، وأن تقدم المسؤولين عنها إلى العدالة.
كانت هيومن رايتس ووتش قد بعثت برسالة في 11 يوليو/تموز 2012 إلى وزيري العدل والداخلية تحدثت فيها بشكل تفصيلي عن ستة حوادث نفذتها مجموعات بدت أنها تتحرك بأجندة إسلامية، بالاعتداء على الناس، وكان معظمهم فنانين ومثقفين ونشطاء سياسيين، بسبب أفكارهم أو لباسهم. كما تحصلت هيومن رايتس ووتش على تقارير حول اعتداء آخر من نفس النوع نفذته مجموعة دينية متشددة في حق منظمي أحد المهرجانات في أغسطس/آب.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن عدم تحقيق السلطات التونسية في هذه الهجمات يُرسّخ ظاهرة إفلات المتطرفين دينياً من العقاب، وربما يشجعهم على ارتكاب مزيد من العنف”.
وقد وثقت الرسالة التي بُعثت إلى وزيري العدل والداخلية ما بدا أنه فشل السلطات في الرد على الاعتداءات. وسألت هيومن رايتس ووتش الوزيرين عما إذا تم تطبيق القانون، وهل تحركت السلطات القضائية على اثر استلامها شكاوى من طرف ضحايا الاعتداءات، وهل تم توجيه تهم إلى أي مشتبه فيهم أو تم تقديمهم إلى العدالة. ولكن هيومن رايتس ووتش لم يصلها أي ردّ على رسالتها.
الضحايا في الحالات الست هم: رجب المقري، أستاذ مسرح وناشط في المجتمع المدني، تم الاعتداء عليه في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2011 وفي 25 مايو/أيار 2012 في الكاف، وابن أخيه سليم المقري الذي تم الاعتداء عليه في 7 مايو/أيار 2012 في الكاف أيضًا، وجوهر بن مبارك، ناشط ومنسق شبكة دستورنا الذي تعرض لاعتداء في 12 أبريل/نيسان 2012 في سوق الأحد، وزينب الرزقي، صحفية، في 30 مايو/أيار 2012 في تونس، ومحمد بن طبيب، وهو مخرج أفلام وثائقية وأستاذ فلسفة، وتعرض لاعتداء في 25 مايو/أيار 2012 في بنزرت.
وفي هذه الحالات الست، قام الضحايا برفع دعاوى في مراكز الشرطة مباشرة بعد تعرضهم إلى الاعتداء، وفي بعض الأحيان حددوا من اعتدى عليهم. وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش لم تقم الشرطة باعتقال أي شخص ممن يُزعم أنهم نفذوا هجمات، ولم تشرع في أي تحقيق رسمي أو محاكمة في حق هؤلاء.
وعملا بالقانون الدولي، فإن السلطات التونسية ملزمة بالتحقيق مع الأشخاص الذين يعتدون على الآخرين ومحاكمتهم، وتقديم تعويضات فعالة للضحايا.
وفي أحدث الاعتداءات التي علمت بها هيومن رايتس ووتش والتي جدّت في 16 أغسطس/آب، قامت مجموعة من الرجال الملتحين بمهاجمة مهرجان احتفالي بمناسبة اليوم العالمي للقدس في بنزرت، حوالي 40 كيلومتراً شماليّ تونس العاصمة، مما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن ثلاثة نشطاء.
وقال خالد بوجمعة لـ هيومن رايتس ووتش، وهو ناشط حقوقي ومن منظمي المهرجان، إنه اتصل برئيس الشرطة عديد المرات في ذلك اليوم ليعلمه بتهديدات تلقاها من أشخاص عرّفهم على أنهم سلفيين استنادًا إلى لحاهم ولباسهم، والسلفيون هم مسلمون يدعون إلى العودة إلى الإسلام كما كان يُطبق أيام النبي محمد. وطالب هؤلاء الرجال من المنظمين إلغاء المهرجان واتهموهم بأنهم شيعة، وهي أقلية مسلمة في تونس.
كما اتصل خالد بوجمعة بالشرطة مجددًا عندما شرعت مجموعة كبيرة من الرجال الملتحين في تمزيق صور وأعلام تم تعليقها بمناسبة المهرجان. ثم اتصل مرة ثالثة عندما بدأ ما يقارب 60 شخصًا في الاعتداء عليه وعلى مشاركين آخرين في المهرجان. وقال إن رئيس الشرطة قال له إن الشرطة سوف تتخذ التدابير اللازمة لحمايتهم، ولكن لم يتم إرسال أي شرطي للقيام بذلك، بل اكتفى رئيس الشرطة بمتابعة الهجوم من مكان بعيد دون أن يتدخل. وتعرض خالد بوجمعة إلى الضرب الشديد، وتم نقله إلى المستشفى.
كما قال خالد بوجمعة لـ هيومن رايتس ووتش: “جاءت الشرطة لزيارتنا في المستشفى بعد الهجوم بساعات، وفي 21 أغسطس/آب ذهبنا إلى مركز الشرطة وحددنا بعض المعتدين. وبعد ذلك، شاهدنا الأشخاص الذين قمنا بالتعرف عليهم يغادرون مركز الشرطة من الباب الخلفي. ومنذ ذلك الوقت، لم نسمع ما إذا كانت سوف تتم محاكمتهم أم لا”.
واستنادًا إلى روايات الضحايا، فقد جدّت هذه الهجمات خلال الشهور العشرة الماضية في أماكن مختلفة داخل البلاد على يد أشخاص لهم نفس اللباس والمظهر. وتصرف المهاجمون بشكل عنيف واستعملوا أسلحة مثل السيوف والهراوات والسكاكين لمنع تنظيم مهرجانات واحتفالات، واعتدوا على الناس بالضرب، ويبدو أن ذلك بسبب أفكارهم ولباسهم ونشاطهم.
وقال جو ستورك: “إن ما يبدو أنه تقصير في التحقيقات، ناهيك عن المحاكمات، سوف يزيد من شعور الضعف لدى أولئك الذين يستهدفهم غضب هذه العصابات”.