دراسة لمركز البحرين بالأرقام والإحصائيات تبين منهجية ثقافة الإفلات من العقاب وحماية الذين مارسوا القتل والتعذيب ضد مئات الضحايا
(مركز البحرين لحقوق الإنسان) – 28 اكتوبر 2012 – توّصل مركز البحرين لحقوق الإنسان لحقائق دامغة ومُقلقة للغاية، وذلك بعد أن أعدت لجنتا الرصد والدراسات في المركز تقريراً معمقاً (دراسة) تبحث في حالات الإفلات من العقاب وعدم محاسبة أفراد من العائلة الحاكمة و مسؤولين في قوات الأمن والجيش الذين تورطوا في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وانتهكوا القانون المحلي والدولي مرتكبين جرائم القتل خارج نطاق القانون،الإعدام التعسفي والحرمان من الحياة، وجرائم التعذيب الوحشي والمحاكمات الصورية واستخدام العنف المفرط، وذلك بعد أن قامت السلطة في البحرين مدعومة بقوات – أغلبها سعودية – من دول خليجية (درع الجزيرة) بسحق حركة الإحتجاجات الواسعة المُتأثرة بالربيع العربي و المطالبة بالحرية والديمقراطية في فبراير ومارس 2011 وما تلاهما حتى كتابة هذا التقرير.
وتشير نتائج الدراسة التي تأتي بعد عام على صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق[1] لتبين أن سياسة الإفلات من العقاب لاتزال راسخة في عقيدة السلطة وأجهزتها الأمنية كثقافة أساسية مستفحلة، حيث أن هذه الثقافة المدانة إنسانيا ودوليا تُشكل أداة من أدوات القمع وتمهد لسقوط المزيد من ضحايا العنف الرسمي المفرط الذي مازالت تمارسه السلطة في البحرين كخيار وحيد للتعامل مع المتظاهرين السلميين، وأن هذه السياسة هي إحدى أهم معوقات الحد من الانتهاكات ومن أهم مؤشرات عدم تطبيق توصيات اللجنة البحرينية المسقلة لتقصي الحقائق والتي أوصت بشكل واضح بالتحقيق في الإنتهاكات ومحاسبة الجناة حسب التراتبية في المسئولية كما أنها وثقت حالات القتل والتعذيب والإستخدام المفرط للقوة.
وما يزيد من قلق مركز البحرين أن هذه السياسة المنهجية في الإفلات وتوفير الحصانة للجناة وتمكينهم من الاستمرار في مهامهم ومواقعهم الأمنية دون محاسبة أفضت إلى مزيد من القتلى بين صفوف المتظاهرين السلميين. ففي شهري أغسطس / سبتمبر 2012 قتل الشابان حسام محمد جاسم الحداد 16 عاما[2] و علي حسن نعمة 17 عاما[3] ، برصاص قوات الأمن وبذات الطريقة التي قتل بها عدد من المتظاهرين في فبراير ومارس 2011 وما تلاهما. وبدلا من التحقيق الجاد في هاتين الواقعتين قامت النيابة العامة البحرينية وبسرعة كبيرة بتبرئة الشرطة المتهمين بقتل الحداد ونعمة وحفظ القضيتين مبررة ذلك بتوافر حالة الدفاع عن النفس التي أجبرت الشرطة على استخدام الرصاص و العنف المفضي للقتل كما جاء في تصريحا النيابة العامة حول حفظ القضيتين[4].
إلا أن مركز البحرين تابع الحالتين بدقة ووجد أنه لم يكن هناك أي داعٍ لاستخدام الرصاص والإصابة المفضية للقتل، وأن القتيلين أصيبا من الخلف برصاص الشوزن ولم يكونا في حالة مواجهة أو مسلحين بسلاح قاتل، أو يشكلان خطرا محدقا لا يمكن تجنبه إلا بالسلاح القاتل.