مرسوم الإمارات لجرائم الإنترنت يضع قيودا شديدة على على استخدام المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وكذلك الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.
(هيومن رايتس ووتش/ايفكس) – 28 نوفمبر 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن المرسوم الاتحادي الجديد بشأن جرائم تقنية المعلومات في الإمارات العربية المتحدة يؤدي عملاً إلى إغلاق المنفذ الوحيد الباقي في الإمارات للتعبير عن الرأي بحرية. يهدد القرار حرية النشطاء السلميين والمواطنين الإماراتيين على حد سواء.
كان الرئيس الإماراتي، الشيخ خليفة بن زايد ىل نهيان قد أصدر المرسوم قانون اتحادي رقم 5 لعام 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2012. مواد المرسوم فضفاضة ومبهمة الصياغة توفر السند القانوني لملاحقة من يستخدمون تقنية المعلومات أمام القضاء وسجنهم، وذلك من بين أمور أخرى، على خلفية انتقاد كبار المسؤولين، أو الدعوة للإصلاح السياسي، أو تنظيم مسيرات بدون ترخيص. رغم أن بعض المواد تهدف إلى منع تفشي الآراء العنصرية والطائفية على الإنترنت، إلا أن الأثر الأساسي للقانون هو التقييد الشديد لحقوق حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يعكس مرسوم تقنية المعلومات الإماراتي محاولة لحظر ما يعتبر حتى من الانتقادات الأكثر اعتدالاً. إن التصميم على السيطرة على المعارضة على الإنترنت والمعاقبة عليها – مهما كانت معتدلة ومخففة – يتعارض مع الصورة التي يحاول حُكام الإمارات الترويج لها، بأن الإمارات دولة تقدمية ومتسامحة”.
يتناول المرسوم الجديد تقنية المعلومات، التي يصنفها ويعرفها باعتبارها كل “موقع إلكتروني، أو نظام معلومات إلكتروني، أو شبكة معلومات، أو وسيلة تقنية معلومات” ويفرض قيوداً مشددة على استخدام المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وكذلك الرسائل النصية والبريد الإلكتروني. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ونظراً لأن المرسوم بقانون سوف يُطبق مصحوباً بمواد من قانون العقوبات وقانون الإعلام اللذان يجرمان الإهانات المزعومة لحُكام الدولة، فإن قانون جرائم تقنية المعلومات يعتبر خطوة كبيرة للوراء فيما يتعلق بحرية التعبير.
تنص المادة 28 من المرسوم على السجن المؤقت وغرامة بحد أقصى 1 مليون درهم (272 ألف دولار) لكل من استخدم تقنية المعلومات “بقصد التحريض على أفعال، أو نشر أو بث معلومات أو أخبار أو رسوم كرتونية أو أي صور أخرى، من شأنها تعريض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر أو المساس بالنظام العام”.
وتنص المادة 29 على العقوبات نفسها لكل من استخدم تقنية المعلومات “بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو أي من مؤسساتها أو رئيسها أو نائبه أو حكام الإمارات أو أولياء عهودهم أو نواب حكام الإمارات أو علم الدولة أو السلام الوطني أو شعارها أو نشيدها الوطني أو رموزها”.
وتنص المادة 30 على عقوبة بحد أقصى السجن المؤبد لكل من استخدم وسيلة تقنية معلومات “تهدف أو تدعو إلى قلب أو تغيير نظام الحكم أو الدولة أو الاستيلاء عليه أو إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين السارية في البلاد أو المناهضة للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة”. وينص المرسوم على نفس العقوبة لكل من حرض على هذه الأعمال أو سهلها للغير.
قالت هيومن رايتس ووتش إن تمكين المرسوم للسلطات من حبس أي شخص يدلي بتعليقات انتقادية عن الدولة أو حكامها، يعني أنه يتعارض مع معايير ومبادئ حرية التعبير الدولية. هذه المعايير تطالب المسؤولين الحكوميين بتحمل قدر أكبر من الانتقاد عن الموجه إلى المواطنين العاديين.
كما يبدو أن المرسوم ينتهك الحق في حرية التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، فالمادة 26 تنص على السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة تصل إلى مليون درهم (272 ألف دولار) لكل من استخدم وسائل تقنية المعلومات في أي من الأنشطة الخاصة بجماعات “غير مشروعة”. يشمل ذلك “بقصد تسهيل الاتصال بقياداتها أو أعضائها، أو لاستقطاب عضوية لها، أو ترويج أو تحبيذ أفكارها، أو تمويل أنشطتها، أو توفير المساعدة الفعلية لها”.
تنص المادة 32 على المعاقبة بغرامة 500 ألف درهم (136 ألف دولار) لكل من استخدم تقنية المعلومات “للتخطيط أو التنظيم أو الترويج أو الدعوة لمظاهرات أو مسيرات أو ما في حكمها بدون ترخيص من السلطة المختصة”.
صدر المرسوم في أعقاب احتجاز 63 معارضاً سلمياً دون اتهامات على مدار الشهور الأخيرة. كما أجبرت الحكومة منظمات مجتمع مدني إماراتية ومقار في الإمارات لمنظمات أجنبية تناصر الديمقراطية على إغلاق أبوابها. يوم أصدرت السلطات الإماراتية المرسوم بقانون جرائم تقنية المعلومات، كان أهالي السجناء الـ 63 متجمعين أمام المحكمة العليا في أبو ظبي للاحتجاج على احتجاز أقاربهم غير القانوني. بموجب القانون الجديد، فإن أي شخص يستخدم تقنية المعلومات لتنظيم احتجاجات مماثلة، قد يتعرض للسجن خمس سنوات.
وتعتبر المادة 38 من المواد الأكثر إثارة للقلق في المرسوم، وهي المادة التي تحظر على الإماراتيين توفير معلومات للصحفيين المستقلين ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة. تنص المادة 38 على أحكام بالسجن لكل من استخدم وسائل تقنية المعلومات لكي يقدم “إلى أي منظمات أو مؤسسات أو هيئات أو أي كيانات أخرى معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة أو مضللة، وكان من شأنها الإضرار بمصالح الدولة، أو الإساءة إلى سمعتها أو هيبتها أو مكانتها”.
في أعقاب قرار البرلمان الأوروبي الصادر في 26 أكتوبر/تشرين الأول بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في الإمارات، سعت السلطات إلى نزع المصداقية من المعلومات المقدمة إلى أعضاء البرلمان الأوروبي من قبل المنظمات الحقوقية المستقلة والمدافعين عن حقوق الإنسان. تمكن هذه المادة السلطات من معاقبة من تراهم مسؤولين عن صدور مقالات في الإعلام لا تحبذها أو تقارير رسمية، وهو ما يهدد الإماراتيين الذين يتحدثون إلى الصحفيين وباحثي حقوق الإنسان.
في الآونة الأخيرة، ذكرت مؤسسة “معمل المواطن” وهي جهة بحثية متعددة الاختصاصات بجامعة تورنتو، أن أطرافاً مجهولين قاموا بالقرصنة على الحاسب الآلي الخاص بأحمد منصور – المدافع عن حقوق الإنسان – باستخدام ما وصفه خبراء في صناعة التقنية بـ “أدوات اعتراض إلكترونية قانونية”. يقول “معمل المواطن” إنه تعقب هذا البرنامج إلى عنوان في الإمارات العربية المتحدة، تبين أنه عنوان مقر مؤسسة “رويال جروب” والتي ينتمي رئيس مجلس إدارتها إلى عائلة آل نهيان الحاكمة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإماراتية اتخاذ خطوات فورية من أجل إخضاع قانون جرائم تقنية المعلومات للمعايير الدولية والإقليمية لحرية التعبير. لم تصدق الإمارات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 19 من العهد تنص على الحق في حرية الرأي والتعبير. إلا أنها دولة طرف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والمادة 32 من الميثاق تضمن حرية المعلومات وحرية الراي والتعبير. كما تضمن المادة 24 من الميثاق الحق في حرية النشاط السياسي والحق في الانضمام إلى الجمعيات وتشكيلها، والحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات.
وقال جو ستورك: “إن سلوك الإمارات نحو حرية التعبير على درجة من القمع تحاكي سرعة تقدم التكنولوجيا التي تيسر للإمارات تقدمها”. وأضاف: “يعتبر قانون جرائم تقنية المعلومات الجديد تصرفاً لا تلجأ إليه إلا حكومة تخرج عن المعايير الدولية ولا تعرف عنها شيئاً”.