طلبة آخرين زعموا أن الطلاب الخمسة قاموا بـ "تدنيس القرآن" و"مارسوا عبادة الشيطان"، ولكن لا توجد أي أدلة على أنهم ارتكبوا أعمالاً جنائية.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الأردنية أن تقوم فوراً إما بتوجيه تهم إلى خمسة طلبة من جامعة البيت، أو أن تطلق سراحهم، بعد أن قامت باحتجازهم منذ 12 مارس/آذار 2013 لأن طلبة آخرين زعموا أنهم قاموا بتدنيس القرآن وأنهم من عبدة الشيطان. كما قالت هيومن رايتس ووتش إن هؤلاء الطلبة، الذين يُنكرون هذه الاتهامات ولم يتم توجيه تهم إليهم بعد أو عرضهم على قاض، قد تعرضوا إلى الاعتداء من طرف مجموعة من الطلبة الآخرين، ويجب أن يُقدّم الطلبة المعتدون إلى العدالة أيضًا.
وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يجب على السلطات الأردنية إطلاق سراح الطلبة الخمسة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من اعتداءات أخرى. كما يتعين على السلطات محاسبة كل من شارك في هذه حملة التصيّد هذه وارتكب أعمال عنف. لا ينبغي أن ينعم هؤلاء بالحرية بينما يقبع الآخرون وراء القضبان”.
كما يتعين على السلطات فتح تحقيق في بعض التصريحات، ومنها تلك التي صدرت عن شيخ سلفي معروف، التي تدعو إلى قتل الطلبة، ومحاكمة كل شخص عبّر بطريقة فيها تحريض مباشر على قتلهم. وقال بعض أقارب الطلبة المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن طلبة آخرين زعموا أن الطلاب الخمسة قاموا بـ “تدنيس القرآن” و”مارسوا عبادة الشيطان”، ولكن لا توجد أي أدلة على أنهم ارتكبوا أعمالاً جنائية.
وقالت شقيقة أحد الطلبة الخمسة لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعة تتكون من حوالي مائتي طالب هاجمت بشكل عنيف شقيقتها وأربعة طلبة ذكور داخل الجامعة بعد أن انتشرت شائعة مفادها أن بعض الطلبة قاموا بحرق المصحف بينما كانوا يؤدون “طقوسا دينية” في دورة مياه داخل الجامعة. كما قالت إن الطلبة الذين نفذوا الهجوم كانوا يستهدفون الطلبة الخمسة لأنهم كثيرًا ما يرتدون ملابس سوداء اللون وهم من عشاق موسيقى الروك. ونجح مسؤولون في الجامعة وبعض الطلبة النشطاء في إنقاذ هؤلاء الخمسة، ولكن السلطات المحلية قامت بعد ذلك باعتقالهم وتسليمهم إلى الأجهزة الأمنية. ونفى الطلبة الخمسة ضلوعهم في تدنيس القرآن.
كما قال والد أحد الطلبة الذكور لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنه اتصل به هاتفيًا في حالة فزع من الجامعة صباح يوم 12 مارس/آذار وتوسل إليه أن يقدم المساعدة قائلا: “أبي، إنهم يضربونني ولست أدري لماذا”. مضى الأب بسيارته مباشرة من عمان إلى الجامعة في مدينة المرفق، شمالي الأردن، ولكن عند وصوله كانت سلطات الجامعة قد سلمت ابنه وأربعة طلبة آخرين إلى أجهزة الأمن.
كما قال بعض الأقارب لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لا يعرفون الأساس القانوني الذي تم احتجاز الطلبة بناء عليه. وفي 21 مارس/آذار، أفاد موقع السبيل الالكتروني الأردني أن مكتب المدعي العام مدّد في فترة توقيف الطلبة لمدة سبعة أيام أخرى بينما يواصل التحقيق معهم بتهمة “إثارة الفتنة والإساءة للأديان”. وقال والد أحد الطلاب الخمسة لـ هيومن رايتس ووتش، استنادًا إلى محاميه، إن السلطات لم توجه أية تهم إليهم.
كما قال أقارب الطلبة إنهم لم يتمكنوا من معرفة ما إذا كانت الشرطة قد فتحت تحقيقًا في الهجوم الذي تعرضوا له في الجامعة.
وذكرت جريدة الرأي إن رئيس جامعة البيت قال للجنة برلمانية في 17 مارس/آذار إنه أنشأ لجنة خاصة للتحقيق في الشائعات المتعلقة بواقعة تدنيس المصحف بعد أن زعم بعض الطلبة أنهم شاهدوا الطلبة الخمسة “يرمون المصحف في دورات المياه”. ولكن رئيس لجنة التحقيق قال في وقت لاحق لموقع “خبرني” إن اللجنة لم تعثر على أي أدلة تدين الطلبة الخمسة بتدنيس المصحف، كما لا توجد أي أدلة دامغة على جميع الاتهامات الأخرى الموجهة إليهم، وقال إنه ربما سيكون من الصعب عودة هؤلاء الطلبة إلى الجامعة لأسباب أمنية.
وقال الأقارب أيضًا إن الطلبة الذكور الأربعة محتجزون الآن في سجن إربد شمالي الأردن وإن زميلتهم الطالبة محتجزة في سجن الجويدة للنساء في عمان. وقال والد أحد الطلبة الذكور لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات سمحت له برؤية ابنه والتحدث إليه عبر حاجز زجاجي لمدة عشر دقائق أثناء أوقات الزيارة العادية ثلاثة أيام في الأسبوع. وقال إن ابنه، الذي يعاني من مرض القلب، مازال يحمل على جسده علامات تعرضه لهجوم من طرف مجموعة من الطلبة، وإن سلطات السجن تأخرت أربع وعشرين ساعة قبل نقله إلى مستشفى محلي لتلقي العلاج.
وأثارت المزاعم المتعلقة بتدنيس المصحف والاعتداء على الطلبة الخمسة اهتمامًا وجدلا واسعين في الأردن. وفي اليوم التالي للحادثة، نشر موقع عمون الإخباري لقاءً مع شيخ معروف، يُنظر إليه على أنه من قادة التيار السلفي الجهادي. ونقل الموقع عنه أنه قال إنه يجوز للمسلمين قتل الطلبة الخمسة لأنهم “مهدورو الدم كفراً”، وأضاف: “نتمنى أن نُشاهد حسابًا قريبًا لهم”. ولم ينف الشيخ إجراء هذا اللقاء الذي مازال منشورًا على الانترنت.
ويبدو أن تعليقات الشيخ تسببت في انتشار نداءات أخرى لقتل الطلبة على موقع فيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية، وهو ما يثير مخاوف على أمنهم وشكوك حول إمكانية مواصلة دراساتهم الجامعية في الأردن. كما دعا بعض نواب البرلمان إلى جلسة عامة لمناقشة موضوع “عبدة الشيطان”، و قالت جريدة الغد إن أحد النواب انتقد ممارسات عبدة الشيطان وقال إنها “تطاول” على قيم الأمة ومعتقداتها، وإساءة لها في أقدس مقدساتها.
وينص القانون الدولي، بما في ذلك التزامات الأردن بصفته طرفًا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أن تتخذ السلطات الإجراءات المناسبة لحماية الحق في الأمن لجميع الأشخاص. كما ينص على أن يصون الأردن حقوق حرية التعبير والفكر والمعتقد والدين، وهو ما يعني أنه يجب ألا يُحاكم الأفراد بسبب التعبير السلمي عن آرائهم، بل يجب حمايتهم من محاولات الآخرين للتقييد القسري لقدرتهم على التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم الدينية.
وعملا بالقانون الدولي، يجب على الأردن ضمان عدم تعرض أي شخص إلى الاحتجاز التعسفي، بما في ذلك الأشخاص المحتجزون بسبب ممارسة أحد حقوقهم الأساسية، ويجب الإسراع في إعلام أي شخص يتم احتجازه بسبب شبهة جنائية، بطبيعة وسبب التهمة الموجهة إليه. وتنص المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن تحظر السلطات بالقانون “أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف”. كما تحظر المادة 81 من قانون العقوبات الأردني التحريض على ارتكاب جرائم.
وقال إريك غولدستين: “بدلا من حبس هؤلاء الطلبة الخمسة دون توجيه تهم إليهم ومضاعفة الضرر الذي لحق بهم، كان الأجدر بالسلطات تقديم أولئك الذين اعتدوا عليهم بعنف إلى العدالة. كما يتعين على السلطات فتح تحقيق في التصريحات التي يبدو أنها دعت إلى قتل الطلبة، وملاحقة أصحابها قضائيا إذا تضمنت تحريضًا مباشرًا على القتل”.