محكمة الجزاء المتخصصة في السعودية حكمت على أحد نشطاء حقوق الإنسان البارزين بالسجن لمدة 5 سنوات في 17 يونيو/حزيران 2013، استناداً إلى كتاباته وفضحه لانتهاكات حقوق الإنسان.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محكمة الجزاء المتخصصة في السعودية حكمت على أحد نشطاء حقوق الإنسان البارزين بالسجن لمدة 5 سنوات في 17 يونيو/حزيران 2013، استناداً إلى كتاباته وفضحه لانتهاكات حقوق الإنسان. أدين مخلف الشمري بتهمة “إثارة الفتنة” وتهم أخرى، وتم منعه من السفر لمدة 10 سنوات.
قبل يومين كانت إحدى محاكم الخبر قد حكمت على اثنتين من مناصرات حقوق المرأة بالسجن بتهمة “تخبيب [تحريض] زوجة على زوجها”. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات السعودية التوقف فوراً عن التضييق على نشطاء حقوق الإنسان السعوديين وملاحقتهم وسجنهم لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “الشمري هو الأخير في طابور من نشطاء حقوق الإنسان السعوديين مستمر في التمدد، ممن يُحالون إلى المحاكم ويوصمون بالإجرام لممارستهم حقهم في حرية التعبير. على الملك عبد الله أن يصلح نظام العدالة الجنائية من أجل إنهاء هذه الانتهاكات، إذا كان لا يريد أن يترك ميراثاً من القمع بدلاً من الإصلاح”.
سيحظى الشمري، 58 سنة، بـ30 يوماً بعد تسلم حكم المحكمة بحقه لاستئناف الحكم. اعتقلت قوات الأمن الشمري في يونيو/حزيران 2010 واحتجزته بتهمة “إزعاج الآخرين” حتى فبراير/شباط 2012، حين خرج بكفالة. بدأت محاكمة الشمري في مارس/آذار 2012 وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة سمحت لمحاميه بحضور جلسة واحدة من جلساتها الـ14.
سعى الشمري، وهو كاتب، إلى استغلال دوره كممثل لقبيلة شمر السنية الكبيرة لتحسين العلاقات مع الأقلية الشيعية في السعودية الموجودة بالمنطقة الشرقية. وقام بتوجيه نقد لاذع إلى انتهاكات الحكومة للحقوق، التي يستهدف الكثير منها – أي الانتهاكات – الشيعة. في 2008 زار الشمري مسجداً للشيعة في القطيف وصلى خلف إمام شيعي في استعراض للتضامن أبرزته الصحف في عناوينها الرئيسية.
قال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إنه أدين استناداً إلى مقالات كتبها ونشرها في 2009 و2010 تنتقد الفساد وازدواج المعايير ونفاق بعض الشخصيات الدينية.
في مقالة بتاريخ 18 أبريل/نيسان 2009، أشاد الشمري بمسيحي أمريكي لاقى حتفه وهو يحاول حماية أطفال فلسطينيين مسلمين، مقارناً أفعاله بالجمعيات الخيرية الإسلامية السعودية، التي يقول إنها ترهن المساعدة بالتزام المتلقين للمساعدات بالسلوك الإسلامي الصحيح.
وفي مقالة من مارس/آذار 2010، تحدث الشمري عن مشروعات سياحية لم تتحقق في عهد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، المسؤول عن السياحة، معلقا: “لا أعلم لماذا يكذبون علينا ويطالبوننا بالصدق معهم”.
في مقالة أخرى اشتبك الشمري مع آراء المحافظين الدينيين من السنة، بما في ذلك تنديد الداعية المعروف محمد العريفي بآية الله علي السيستاني، أحد زعماء الشيعة المبجلين في إيران، ووصفه بـ”الزنديق الفاجر”. كما انتقد إماماً سنياً قال إنه اختلس مليون ريال سعودي من أموال الزكاة.
قال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن إحدى التهم وجهت إليه بموجب المادة 6 من قانون جرائم المعلومات لسنة 2007. وقال إنه حقق في عام 2010 في ادعاء فتاتين بأن أخاهما يجبرهما على ممارسة البغاء في مدينة تبوك الشمالية الغربية. وقال إنه حقق في هذا الادعاء بموافقة منظمته، برنامج الأمان الأسري الوطني المرتبطة بالحكومة، وسجل أدلة بالفيديو على هاتفه النقال.
في المحاكمة، اتهمت السلطات الشمري بالإضرار بالنظام العام عن طريق تحميل مقطع فيديو على موقع “يوتيوب” يبدو وكأنه يصور الأخ وهو يهدد الفتاتين. قال الشمري إنه لا توجد علاقة بينه وبين المقطع ولا يعرف من صوره وحمّله على الإنترنت.
قال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن عمله في مجال حقوق الإنسان أثر على مالياته وعلى علاقاته الأسرية، فقد قام ابنه بانتقاد نشاطه علناً، وفي يونيو/حزيران 2012 أطلق عليه 4 رصاصات. قضى الشمري عدة أشهر في المستشفى.
أنشأ المجلس الأعلى للقضاء في السعودية محكمة الجزاء المتخصصة في 2008 لمحاكمة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب، وقد دعت هيومن رايتس ووتش مراراً إلى إلغاء المحكمة بسبب افتقارها إلى الاستقلال وإجراءاتها غير العادلة.
ليس في المملكة العربية السعودية قانون جنائي مدون، ويتمتع ممثلو الادعاء والقضاة بسلطة تقديرية في تجريم أي فعل على أساس تفسيرهم الشخصي لأحكام الشريعة الإسلامية. ويمثل غياب قانون جنائي واضح ومكتوب انتهاكاً للمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، مثل حظر الاعتقال التعسفي وضمانات المحاكمة العادلة. تنص المادة 15 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدقت عليه السعودية في 2009، على أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تشريعي سابق، ويطبق في جميع الأحوال القانون الأصلح للمتهم”. كما أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تحظر تجريم التعبير السلمي عن الرأي.
وتكفل المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والسعودية دولة طرف فيه، الحق في حرية الرأي والتعبير، ونقل الأخبار إلى الآخرين بأية وسيلة.
قال جو ستورك: “يقف مخلف الشمري مداناً بالإساءة إلى صورة المملكة، لكن محاكمته وإدانته، وليست أقواله أو أفعاله، هي التي تلطخ سمعة المملكة”.