إنّ عشراتٍ من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلام والعاملين في المجال الإنساني لايزالون قيد الاعتقال التعسفيّ في سوريا، بعد أكثر من شهر من إعلان الحكومة عفواً عاماً.
قالت اليوم 12 من المنظمات غير الحكوميّة إنّ عشراتٍ من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلام والعاملين في المجال الإنساني لايزالون قيد الاعتقال التعسفيّ في سوريا، بعد أكثر من شهر من إعلان الحكومة عفواً عاماً.
يجب على المسؤولين السوريين الإفراج فوراً عن جميع النشطاء المعتقلين تعسفياً بداعي نشاطاتهم المشروعة والسماح لمراقبين دوليّين مستقّلين بدخول مرافق الاحتجاز في سوريا من أجل رصد عمليات الإفراج وظروف الحجز.
نصّ المرسوم التشريعي رقم 22 والصادر في 9 يونيو/حزيران 2014 على العفو عن عديدٍ من التهم الموجهة إلى النشطاء السلميين، بما في ذلك “إضعاف الشعور القومي”، فضلاً عن بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب والتي يتم استخدامها لتكميم أفواه المعارضة.
وأضافت المنظمات أن العديد من النشطاء السلميين الذين ينبغي أن يستفيدوا من العفو ما زالوا رهن الاعتقال، أما الأفراد الآخرين الذين اعتقلوا بصورة تعسفية نتيجة لأنشطتهم المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك بعض الذين يواجهون اتهامات في محاكم عسكرية ميدانية، مثل مناصر حرية التعبير باسل خرطبيل، فقد تم استبعادهم من العفو.
أما بعض النشطاء مثل المحاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان خليل معتوق وعبد الهادي الشيخ عوض، اللذين قال معتقلون سابقون إنهم شاهدوهما في المعتقلات الحكومية، فهم ما زالوا محتجزين في ظروف ترقى إلى الاختفاء القسري مع عدم معرفة أقاربهم بأية معلومات عن مصائرهم أو أماكنهم. ومن بين أربعةٍ وثلاثين ناشطاً سلمياً ترصد المنظمات قضاياهم تم إطلاق سراح واحدة فقط وهي يارا فارس التي أفرج عنها بموجب عفو 9 يونيو/حزيران.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن عفو الرئيس الأسد أثار آمال العديد من المعتقلين وأسرهم، ليخيب آمالهم مرة أخرى بعد أسابيع مرت دون أي تحرك، كما أنّ كل يوم يقضيه النشطاء السلميون خلف القضبان هو يوم آخر من الظلم لهم ولأسرهم، عدا عن أنه لا ينبغي أبداً أن يتعرضوا للسجن في المقام الأول”.
اشتكى الأهالي والمحتجزون والمحامون من غياب الشفافية بشأن تنفيذ قرار العفو، من قبيل توفير معلومات عمّن تم الإفراج عنهم.
أصدرت وكالة الأنباء الحكومية السورية “سانا” عدة بيانات حول أعداد الأشخاص المفرج عنهم في العفو، وبلغ مجموعهم 2445.
في حين أن أحد المحامين الذين يعملون مع المعتقلين السياسيين في دمشق ويرصد تنفيذ العفو لتحديد الأشخاص الذين تم الافراج عنهم، قد أكّد للمنظمات إن عدد الأفراد المفرج عنهم لم يتجاوز 1300 بما في ذلك المعتقلين الجنائيين. وقال المحامي إنّ عدد المفرج عنهم شمل نحو 400 شخص من الذين كانت أسماؤهم معروضة على محكمة مكافحة الإرهاب و200 من سجن صيدنايا و200 من فروع الأمن، و150 آخرين من السجون الحكومية. وذكر المحامي أن القضاة أرسلوا ملفات بعض المعتقلين الذين يجب أن يطلق سراحهم بموجب العفو إلى المدعي العام لتغيير التهم إلى أخرى تقع خارج نطاق العفو العام بحيث لا يشملها. وقال نشطاء سوريون آخرون للمنظمات إن العفو صدر بعد أسابيع من حملة مكثفة ضد الاعتقال التعسفي، وأن بعض الأشخاص المعتقلين قد أُفرج عنهم بموجب قرار العفو.
ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة رصد محليّة أخرى، يوم 10 يوليو/تموز أنّها جمعت معلومات عن 632 من المعتقلين المدنيين تم إطلاق سراحهم منذ 10 يونيو/حزيران بموجب العفو، بما في ذلك 384 شخصاً سجنوا بتهمٍ جنائية يبدو أنها لا تتصل بالنزاع. أما المعتقلين الآخرين والذين يبلغ عددهم 248 من النشطاء في مجال حقوق الإنسان والمحامين والأطباء فقد أطلقت محكمة مكافحة الإرهاب سراح 200 منهم. وقالت الشبكة أنّ خمساً وعشرين من المنشقين المتهمين بعصيان الأوامر العسكرية أو عدم إكمال الخدمة العسكرية الإلزامية تم الإفراج عنهم أيضاً.
قامت محكمة مكافحة الإرهاب التي أُنشئت في يوليو/تموز 2012 لتنفيذ قانون مكافحة الإرهاب، بمحاكمة وإدانة العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين الآخرين، وجاءت هذه الاتهامات تحت غطاء مكافحة التطرف العنيف، ولكن في كثير من الأحيان كانت المزاعم ترقى ضد نشطاء إلى أفعالٍ مثل توزيع المساعدات الإنسانية والمشاركة في الاحتجاجات وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
سوف تتابع محكمة مكافحة الإرهاب في 21 يوليو/تموز محاكمة مازن درويش وأربعة من زملائه في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بتهمة ” الترويج لأعمال إرهابية ” وهي التهمة التي تم تضمينها في المرسوم التشريعي للعفو.
يُحاكَم درويش مع حسين غرير وهاني الزيتاني ومنصور العمري وعبد الرحمن حمادة، حيث تم الإفراج سابقاً عن العمري وحمادة بشكل مشروط في 6 فبراير/شباط 2013 في انتظار المحاكمة، ولكن بقي الرجال الثلاثة الآخرون رهن الاعتقال.
وتنص لائحة الاتهام أنّ التّهم الموجّهة إليهم جاءت نتيجةً لأنشطتهم كموظفين في المنظمة، وشملت الأنشطة رصد أخبار المعارضة السورية على الإنترنت، ونشر دراسات عن حالة حقوق الإنسان ووسائل الإعلام في سوريا، وتوثيق أسماء المعتقلين والمفقودين والمطلوبين والقتلى في سياق الصراع السوري، وأشارت لائحة الاتهام أيضاً لأن قاضي التحقيق في دمشق اعتبر هذه الإجراءات جزءاً من محاولةٍ “لإثارة الوضع الداخلي في سوريا وتحريض المنظمات الدولية من أجل إدانة سورية في المحافل الدولية”.
يشمل عدد النشطاء الذين ظلّوا محتجزين بصورة تعسفية رغم عفو 9 يونيو/حزيران 33 من 34 محتجزاً من قبل الحكومة تم توثيقهم في قائمة 9 يونيو/حزيران الواردة في حملة (الحرية للأصوات المقموعة في سوريا)، التي نفذها ائتلاف من المجموعات المستقلة نيابةً عن الناشطين والعاملين في المجال الإنساني والإعلامي الذين اعتقلوا بصورة تعسفية من قبل الحكومة.
وفي حين أنه من المستحيل التحقّق من عدد الأشخاص المعتقلين في سوريا، فقدّ صرح مركز توثيق الانتهاكات وهو مجموعة رصد محلية أخرى، أنّ 40853 من الأشخاص الذين اعتِقلوا منذ بداية انتفاضة مارس/آذار 2011 ما زالوا محتجزين.
رغم أن الرئيس بشار الأسد أصدر سبعة مراسيم عفوٍ سابقة على الأقل منذ بدء الانتفاضة عام 2011، واصلت قوات الأمن احتجاز العديد من النشطاء السلميين، وللمرة الأولى شمل العفو الصادر في يونيو/حزيران 2014 الذين اتّهِموا أو أدُينوا بقضايا مرتبطة بحرية التعبير بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر عام 2012 (المادة 8 من قانون مكافحة الإرهاب).
قال نديم حوري: “لو كان الرئيس الأسد جاداً بشأن العفو الذي أصدره، فيجب عليه أن يفتح أبواب سجونه لمراقبين مستقلّين للتحقق من هويّات المحتجزين وأسباب احتجازهم، وإلا فإن هذا العفو العام في نهاية الأمر يُعتَبر وعداً زائفاً آخر حين يفرج عن معتقلين وتتم الاستعاضة عنهم خلال وقت قصير باعتقال نشطاء سلميين آخرين، كما أنّ إنهاء الاعتقال التعسفي للأفراد لمجرد نشاطهم السياسي السلمي، وعملهم في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني والإعلام، لا يتطلب مرسوم عفوٍ “.
المنظمات غير الحكومية الـ12 هم:
العفو الدولية
الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في إطار عمل مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
الخط الأمامي
مركز الخليج لحقوق الإنسان
المعهد الإنساني للتعاون مع البلدان النامية
هيومن رايتس ووتش
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في إطار عمل مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
مراسلون بلا حدود
المركز السوري للإعلام وحرية التعذيب
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
مركز توثيق الانتهاكات
مازن درويش و هاني الزيتاني و حسين غرير (من اليسار إلى اليمين)