جردت السلطات الكويتية خمسة مواطنين من جنسيتهم ضمن حملة أوسع نطاقا ضد الناس الساعين للإصلاح.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الكويتية جردت خمسة مواطنين من جنسيتهم ضمن حملة أوسع نطاقا ضد الناس الساعين للإصلاح. على الحكومة الكويتية أن تقوم فورا بإعادة جنسية هؤلاء وأن تضع حدا لهذه الممارسة.
كانت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية قد أعلنت سحب الجنسية من خمسة أشخاص في 21 يونيو/حزيران 2014. وقبل ذلك بأسبوع دعا مجلس الوزراء الكويتي السلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات مشددة ضد أولئك الذين يرتكبون “أي أعمال وتصرفات ومظاهر تستهدف تقويض الأمن في البلاد والاستقرار فيها وتمس بمؤسساتها”. قال أحمد جابر الشمري، الذي يملك عددا من المنافذ الإعلامية، وواحد من الخمسة المسحوبة جنسيتهم إن أيا منهم لا يحمل جنسية دولة أخرى، ولذا فهذا القرار جعلهم بلا جنسية.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، “لا يحق لأي حكومة تجريد مواطنيها من جنسيتهم لمجرد أنها لا تتفق معهم أو مع آرائهم أو أفعالهم. وتعد هذه خطوة رجعية أخرى ضمن اعتداء الكويت على الحق في حرية التعبير”.
قال الشمري، 50 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش في 8 أغسطس/آب إنه حرم من جنسيته الكويتية بموجب المرسوم البرلماني رقم 185 من عام 2014، الذي استهدفه هو وأربعة أشخاص آخرين. والشمري هو مالك محطة تليفزيون “العالم” المستقلة وصحيفة “اليوم”. وكانت محاكم كويتية قد أمرت بناء على طلب من وزير الإعلام، بالإغلاق المؤقت للمنفذين الإعلاميين اللذين يملكهما ثلاث مرات في مايو/أيار ويونيو/حزيران، لتحديهما التعتيم الإعلامي الذي أمرت به النيابة العامة في التحقيقات في مؤامرة مزعومة من قبل مسؤولين كبار للإطاحة بالحكومة.
قال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن المرسوم البرلماني بإسقاط خمس جنسيات استند لقانون الجنسية الكويتي، رقم 15 لسنة 1959، والذين يمنح السلطات الرسمية أحقية إسقاط الجنسية رسميا بموجب المادة 13 (5).
ينص قانون الجنسية على أن:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسب الجنسية الكويتية بالتطبيق لاحكام المواد 4 و 5 و 7 و 8 من هذا القانون و ذلك في الحالات الآتية:..
5- اذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد أوعلى انتمائه الى هيئة سياسية أجنبية . و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
والأربعة الآخرون الذين تم تجريدهم من الجنسية هم: عبد الله البرغش، القيادي السابق في كتلة المعارضة بالبرلمان، وثلاثة من إخوته هم سعد، ونصر، ونورا البرغش. في وسائل الإعلام الوطنية، بررت الحكومة قرارها باتهامهم بتزوير السجلات عند التقدم بطلب الحصول على الجنسية، بموجب مادة أخرى في قانون الجنسية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول إليهم للحصول على تعليق.
يخشى الشمري من أن السلطات قد تستخدم المرسوم أيضا للحصول على أمر من المحكمة لحرمان أبنائه الأربعة من جنسيتهم الكويتية.
وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارة الداخلية أمرته بتسليم كل ما لديه من وثائق هوية رسمية، بما في ذلك جواز سفره وبطاقة هويته. وقال، “ذهبت إلى سريري وأنا كويتي واستيقظت وأنا عديم الجنسية. ليس لدي أدنى فكرة عن وضعي القانوني حاليا. لا أستطيع السفر، أو القيادة، أو التنقل، أو الذهاب إلى المستشفى. وأكبر مخاوفي أن يتم طرد أبنائي من الجامعة”.
في اليوم التالي، تلقى الشمري خطابات رسمية لإلغاء تراخيص وسائل الإعلام التابعة له، وشركات الإعلان والتسويق التي يمتلكها. ويقدر أن ما بين 700 إلى 800 شخص من العاملين في شركاته سيخسرون وظائفهم.
ورغم أن قرارات إلغاء الجنسية ليست قابلة للمراجعة القضائية بشكل عام، يأمل الشمري في استئناف القرار بناء على مراجعة المحكمة العليا في عام 2010 لقرار بسحب الجنسية.
قال الشمري: “إذا كنت حقا أمثل تهديدا للأمن القومي الكويتي، لماذا لا يقومون بتقديمي للمحاكمة، ويوجهون إلي اتهاما وأدان وأقبع في السجن؟ وإذا كانت المشكلة ببساطة مع محتوى قناتي أو صحيفتي، فلماذا لا يتبعون الإجراءات القانونية ضد أي منهما؟ أعتقد أن السلطات تريد أن ترسل إشارة لغرس الخوف في نفوس أولئك الذين يستخدمون حقهم في التعبير. إنهم يستخدمون الجنسية كأداة سياسية، وليس كوضع قانوني”.
يخول قانون الجنسية الكويتي رقم 15 لسنة 1959 للحكومة إمكانية إلغاء مواطنة شخص وترحيله في حالة ظروف معينة، بما في ذلك حصوله على الجنسية عن طريق الغش، وإدانته في جرائم تمس الشرف أو الأمانة، خلال 15 عاما من حصوله على الجنسية، أو أن يتم فصله من وظيفة حكومية خلال 10 سنوات من حصوله على الجنسية؛ لأسباب تتعلق بالشرف أو خيانة الأمانة، وإذا كان ذلك في مصلحة الدولة أو أمنها الخارجي، أو إذا كان هناك أي دليل على أن الفرد قد يكون شجع المبادئ التي تقوض سلامة البلاد.
تتعارض مواد القانون الكويتي مباشرة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص في مادته 12 بشكل لا لبس فيه على أن: “لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده”. صدقت الكويت على العهد الدولي وهي ملزمة بموجب القانون الدولي بالتنفيذ الكامل لأحكام المعاهدة.
توفر لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التفسير النهائي للعهد الدولي، وقد فسرت المادة 12 على أنها تعني أنه لا يمكن لأي دولة أن تحظر أو تنفي مواطنيها على أساس القوانين المحلية القمعية:
“الغرض من الإشارة إلى مفهوم التعسف في هذا السياق التأكيد على أنه ينطبق على أي إجراء للدولة والسلطات التشريعية والإدارية والقضائية، بل يضمن أنه حتى التدخل المنصوص عليه في القانون ينبغي أن يكون وفقا لأحكام وأهداف مبادئ العهد الدولي، وينبغي أن يكون، بأي حال، معقولا في ظروف محددة. ترى اللجنة أن هناك عددا قليلا، إن وجد، من الظروف التي يمكن أن يكون فيها حرمان الشخص من الحق في الدخول لبلده مبررا. وينبغي على الدولة الطرف لدى قيامها بتجريد شخص من الجنسية أو طردها لأي فرد إلى بلد ثالث، ألا تمنع الشخص تعسفا من العودة إلى بلده أو بلدها”.
قال جو ستورك: “تخسر الكويت بسرعة كبيرة سمعتها كواحدة من أكثر دول الخليج التي تحترم الحقوق، وهذا الإجراء الأخير من قبل السلطات يمكنه فقط أن يسرع من وتيرة هذه العملية. على الحكومة أن تفكر مرة أخرى، وتعيد حقوق المواطنة المسحوبة، وتسقط هذه السياسة الخبيثة”.
.إضغط هنا لقراءة مقتطفات من اجتماع مجلس الوزراء لمناقشة المظاهرات في الكويت، في 14 يونيو/حزيران 2014