إن السلطات الكويتية أعلنت عن الموجة الثالثة من عمليات نزع الجنسية خلال هذا العام؛ ضمن حملة عامة على مُعارضيها.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع hrw.org يوم 19 أكتوبر 2014.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الكويتية أعلنت عن الموجة الثالثة من عمليات نزع الجنسية خلال هذا العام؛ ضمن حملة عامة على مُعارضيها. وقد شملت مجموعة الـ 18 شخصا الذين ألغيت جنسيتهم في 29 سبتمبر/أيلول، حالة واحدة بدت سياسية الدافع، في وقت قالت السلطات أن ذلك استند إلى قرار من مجلس الوزراء. وخلال العام 2014 فقد ما مجموعه 33 شخصا جنسيتهم، ومنهم ثلاثة يُعتقد أن نزع الجنسية عنهم جاء لأسباب سياسية.
وقالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الكويتية أن تتوقف فورا عن تجريد المواطنين من جنسيتهم بسبب ممارستهم لحرية التعبير أو غيرها من حقوق الإنسان المشروعة، وأن تعيد الجنسية إلى الأشخاص الذين تم سحب الجنسية منهم على هذا الأساس. كما ينبغي على السلطات أن تقوم بتعديل القانون المتعلق بإسقاط الجنسية للتأكد من وجود أسباب محددة ودقيقة لهذا الإلغاء، وأن يكون قرار الإلغاء متناسبا مع الجرم المرتكب، وأن يكون لدى المتضررين الحق في قيام جهة مستقلة بمراجعة للقرار.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن السلطات الكويتية تعتقد بأن بمقدورها أن تستخدم غطاء قانون الجنسية لاستهداف المنتقدين وردع مُعارضيها. ولكن رسالة الكويت الحقيقية المتمثلة بالتخويف الرسمي قد سٌمعت بصوت عال وجلي”.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع نشطاء وصحفيين ودبلوماسيين أجانب، وجميعهم قالوا إن أعمال نزع الجنسية تلك كان لها تأثيرا سلبيا.
ووصفت إحداهن هذه الممارسة بأنها “مخطط شيطاني”، مشيرة إلى التراجع الدراماتيكي في انتقاد الحكومة عبر الإنترنت وانخفاض أعداد المتظاهرين في المظاهرات، والتي يعتقد أنها مرتبطة بصورة كبيرة بأول موجة من عمليات نزع جنسية في يوليو/تموز. وقالت: “في الأسبوع الماضي كانت هناك مظاهرة مساندة لغزة، وهي عادة ما تحشد الآلاف من الأشخاص- ولكن بضع عشرات فقط شاركوا فيها”.
يخول قانون الجنسية الكويتي السلطات إمكانية تجريد الأفراد وعائلاتهم من جنسيتهم الكويتية لعدة أسباب، بما في ذلك إذا “استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك”، أو في حال ارتأت السلطات أن الفرد قد قام بـ”الترويج لمباديء من شأنها تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي في البلاد”. ولا تخضع قرارات الإلغاء لأي عملية طعن قضائي أو إداري.
ومع هذا، فقد أعادت المحاكم النظر في خمس قرارات بسحب الجنسية منذ عام 2010، وكافة الأشخاص المشمولين بها كانوا جميعا أبناء لآباء كويتيين، بحسب الحميدي بدر السبيعي، المحامي الذي يمثل أحمد جبر الشمري، 50 عاما، الذي سحبت الحكومة جنسيته في 21 يوليو/تموز.
وكان الشمري واحدا من خمسة أشخاص ألغيت جنسيهم في 21 يوليو/تموز، وهي الموجة الأولى لمن تم سحب جنسيتهم لهذا العام، ولكن استندت قضيته فقط على اتهامه بتقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي.
وكان الشمري يملك قناة تليفزيونية مستقلة هي “اليوم”، وصحيفة “العالم اليوم”. وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران أصدر وزير الإعلام الكويتي أمرا بالإغلاق المؤقت لكلا الوسيلتين الإعلاميتين، بعدما تحدث عن التعتيم الإعلامي الذي أمرت به النيابة العامة حول تحقيقاتها في مؤامرة مزعومة من قبل مسؤولين كبار للإطاحة بالحكومة.
وبات الشمري بسبب سحب جنسيته بلا جنسية، كما أن أطفاله الأربعة أصبحوا كذلك عديمي الجنسية بموجب أحكام القانون، علاوة على أنه خسر المنافذ الإعلامية التي يمتلكها ومصالحه التجارية الأخرى في الكويت.
أعلنت السلطات عن الموجة الثانية لإلغاء الجنسية، بموجب المادة 13، في 14 أغسطس/أب. وكان من بين أولئك الذين جردوا من جنسيتهم، نبيل العوضي، الداعية الديني المحافظ المعروف على نطاق واسع بسبب برامجه التليفزيونية الحوارية. وبموجب القانون، فقد سبعة أفراد من عائلته فيما بعد جنسيتهم. وكان العوضي ضمن مجموعة من السكان منذ فترة طويلة في الكويت ممن يُطلق عليهم “البدون”، والذين كانوا يعتبرون عديمي الجنسية، إلا أنه حصل على الجنسية عام 1998. ووفقاً لوثيقة رسمية لمجلس الوزراء، فقد تم تجريده من جنسيته على أساس تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي للبلاد، أو تقويض مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي.
ضمت قائمة المسحوب جنسيتهم في 29 سبتمبر/أيلول، سعد العجمي، المتحدث باسم مسلم البراك، وهو سياسي بارز في المعارضة. وتمت ادانة البراك بإهانة أمير البلاد في عام 2012، واعتقل في يونيو/حزيران بتهمة “إهانة القضاء”، وهو الأمر الذي تسبب في خروج الآلاف للشوارع حتى أفرج عنه بعدها بعدة أيام.
وتم إلغاء جنسية العجمي بموجب المادة 11 من قانون الجنسية، الذي يسمح بسحب الجنسية من أي شخص حصل على الجنسية من بلد آخر. وقال العجمي لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن المادة 11 استخدمت في قضيته، إلا أنه الآن أصبح من عديمي الجنسية لأنه لم يحمل جنسية أي بلد آخر. وقال أيضا إن السلطات لم تقم بإلغاء جنسية أطفاله الأربعة.
وقال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة التي تقدم لها بالتماس لطلب المراجعة القضائية لإلغاء جنسيته في يوليو/تموز حكمت بأنها لا تمتلك سلطة قانونية في هذه القضية. وقال محاميه إنه يعتزم التقدم باستئناف إلى المحكمة العليا، اعتماداً على أن النظام القانوني في البلاد يفترض البراءة بالأساس، وينبغي أن يكون للشمري فرصة يدحض فيها الاتهامات الموجهة بحقه.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريراً ذا طابع مرجعي يحدد فيه معايير تحديد مشروعية قرار أي بلد بسحب جنسية أحد مواطنيه. وتضمن التقرير قبولاً لإلغاء الجنسية بصفته مشروعاً في حالة “تقديم الخدمات إلى حكومة أجنبية أو قوة عسكرية أجنبية” أو ارتكاب أعمال “يمكنها أن تضر بشكل خطير بالمصالح الحيوية للدولة”.
وخلص التقرير إلى أنه، مع ذلك، فإن سحب الجنسية من مواطن بسبب ممارسة الحق في حرية التعبير يصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان المكفولة بموجب القانون الدولي. ويوضح القانون الدولي بشكل صارم الظروف التي يمكن فيها اعتبار خسارة شخص لـ أو حرمانه من الجنسية بما يؤدي إلى أن يصبح معدوم الجنسية؛ تلبية ً لغرض مشروع. وقد يتطلب الأمر إلزام البلد الذي يسحب جنسية أي شخص، بتوفير حق الإقامة في البلد المعني.
ويتحدث تقرير الأمين العام بوضوح عن وجوب أن تخضع جميع قرارات إلغاء الجنسية للمراجعة الإدارية أو القضائية. وفي تقرير الأمم المتحدة يتم توصيف توسيع نطاق إلغاء الجنسية إلى الأشخاص المُعالين من قبل الشخص الذي تم سحب جنسيته على نحو مشروع، على أنه “إشكالي”، في حين يُحظر صراحة ً الحرمان من الجنسية إذا كان من شأن فقدانها أن تجعل المُعالين من قبل الشخص المعني، عديمي الجنسية كذلك.
وقال نديم حوري: “بدل استهداف منتقديهم من أبواب خلفية، ينبغي على سلطات الكويت أن تلتزم المصارحة وأن تتوقف نهائيا عن سحب جنسيات مواطنيها. وفي الوقت الذي تواصل فيه الكويت تجريد الناس من الجنسية من دون سبب وجيه، فإن سمعتها كبلد متسامح ستواصل الانحدار”.