مرر الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي المسودة الأولى لقانون جديد مثير للجدل يسمح للمحاكم الإسرائيلية أن تأمر شركات وسائل التواصل الاجتماعي بإزالة أي محتوى على الإنترنت تراه “محرضًا”.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع الأصوات العالمية في تاريخ 17 يناير 2017.
بقلم مروة فطافطة وترجمة مروة شحادة
مرر الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي المسودة الأولى لقانون جديد مثير للجدل يسمح للمحاكم الإسرائيلية أن تأمر شركات وسائل التواصل الاجتماعي بإزالة أي محتوى على الإنترنت تراه “محرضًا”.
يتيح قانون “إزالة المحتوى المسيء جنائيًا من شبكة الإنترنت”، المعروف شعبيًا “بقانون فيسبوك”، للمحاكم الإدارية الإسرائيلية بناءً على طلب من الحكومة بإصدار أوامر تطالب منصات وسائل التواصل الإجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر بإزالة أي محتوى على الإنترنت يعد تحريض على العنف. يجب على القانون أن يمر بجولتين إضافيتين من الموافقة من قبل الكنيست الإسرائيلي قبل أن يصبح قانونًا.
معايير المجتمع الخاصة بفيسبوك بالفعل تمنع بشكل قاطع التحريض على العنف، على الرغم من أن هناك أدلة على أن الشركة تكافح لفرض هذه السياسة بالتساوي في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد أشارت على أنها بالفعل تعمل مع فيسبوك لمراقبة المنشورات “التحريضية”. في عام 2016، قابل وفد من عملاق وسائل التواصل الإجتماعي ومقره في الولايات المتحدة مع ممثلين من الحكومة الإسرائيلية وقد وافق الطرفان على أن يعملوا سويًا لمراقبة “التحريض” على الموقع. ولم يتضح بعد ما إذا كان أو كيف يمكن لتغيير في التشريع الإسرائيلي أن يؤثر على إجراءات الفيسبوك بشأن المحتوى في إسرائيل.
يرعى القانون كلاً من وزيرة العدل الاسرائيلي ايليت شاكيد ووزير الأمن العام جلعاد اردان، وكلاهما هاجم عملاق التواصل الإجتماعي لتأجيج ما وصفوه بالتحريض الفلسطيني ضد إسرائيل، وذلك بعد تصاعد أعمال العنف في أكتوبر/تشرين الأول 2015. أدى تزايد الإحباط بسبب فشل عملية السلام بينما تواصل اسرائيل احتلال الأراضي الفلسطينية وانتهاك حقوق الفلسطينيين الإنسانية، لانفجار موجة من العنف في القدس والضفة الغربية، نتج عما لا يقل عن 220 فلسطيني و30 اسرائيلي قتلى. وعلى الرغم من الاتفاق المسبق مع فيسبوك، قالت شاكيد أنه “من المهم أن يصبح هذا التعاون إلزاميًا”.
نسبة للإعلام الإسرائيلي، يعرف القانون الجديد التحريض على الإنترنت كمحتوى “النشر بذاته كمخالفة جنائية، والفضح العلني لأمور تحمل إمكانية وضع الأمن الشخصي، والعام والقومي للخطر.”
جدير بالذكر أن الفلسطينيون الذين هم مواطنين ومقيمين في اسرائيل يندرجون تحت السلطة القضائية للقانون المدني الإسرائيلي، بينما يندرج الفلسطينيون المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت حكم عسكري. السلطة الإقليمية القانونية للقانون لا تزال غير واضحة.
على الرغم من أن القانون يجب أن يطبق على جميع المواطنين في اسرائيل، لكن يخشى الفلسطينيون باستمرارهم الهدف الرئيسي للاعتقالات والتحقيقات فيما يتعلق بما ينشرونه على الإنترنت. من المثير للسخرية، أن شاكيد نفسها التي تسوق لهذا القانون الآن، قد استخدمت فيسبوك في الماضي لتدعو بشكل صريح للحرب ضد الشعب الفلسطيني والدعوة لقتل أمهات القتلى الفلسطينيين. تم تعيينها وزيرة للعدل، على الرغم من نشرها (تم حذفه، ولكن يمكن الوصول إليه في أرشيف الإنترنت) لدعوة، يزعم بعض المراقبين، بأنها إبادة جماعية بحسب الأمم المتحدة.
في حين تؤكد مقدمة القانون بوجود “إرشادات وقيود لمنع تأثر حرية التعبير”، قد يشكل التعريف الغامض خطرًا على الأمن العام والوطني ويعطي ضوء أخضر غير مسبوق لفرض الرقابة على الإنترنت والمراقبة.
لجأ الكثير من الفلسطينيين إلى وسائل التواصل الإجتماعي كوسيلة خالية من العنف للتعبير عن انتقاداتهم وغضبهم حول انتهاكات حقوق الإنسان، وباعتبارها وسيلة بسيطة لإظهار الوقائع اليومية للاحتلال. في حالة إقراره، يمكن أن يستخدم القانون لإسكات هذا النوع من الخطاب وبالتالي نقل الاحتلال إلى عالم الإنترنت.
أحد أبرز الحالات هو احتجاز دارين طاطور، وهي شاعرة فلسطينية ذات 35 عامًا، لنشرها قصيدة على فيسبوك تحتج من خلالها على مقتل ثلاثة أطفال فلسطينيين. في يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، اقتحمت الشرطة الإسرائيلية منزلها في ساعات الفجر واتهمتها لاحقًا “بالتحريض على العنف” ووضعتها تحت الإقامة الجبرية. كتبت طاطور في القصيدة التي كانت بعنوان ” قاوم، يا شعبي، قاومهم”:
“في القدس ضمدت جراحي ونفخت همومي، وحملت روحي على كفي من أجل فلسطين عربية. لن أرضى بالحل السلمي، لن أنزل أبداً راياتي، حتى أنزلهم من وطني، أركنهم لزمانٍ آتي. قاوم يا شعبي قاومهم، قاوم سطو المستوطن، واتبع قافلة الشهداء.”
في حملة التضامن مع دارين، صرح سليل تريباثي، رئيس مؤسسة بين الدولية للكتاب في لجنة السجن:
“الاتهامات الموجهة ضد دارين طاطور خطيرة، تريد الدولة الإسرائيلية تحوير القضية بحيث أن كلماتها أدت بشكل مباشر إلى حوادث عنف محددة. ولكن لم تظهر إسرائيل مثل هذا الربط المباشر. كل ما قامت دارين طاطور بفعله هو كتابة قصيدة. لم يكن ينبغي أن تكون تحت الإقامة الجبرية أبداً …”
دارين ليست الوحيدة. بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 ويناير/كانون الثاني 2016، اعتقلت اسرائيل 150 فلسطينيًا بدعوى “التحريض عبر وسائل الإعلام الاجتماعي،” وفقاً لتقرير صادر عن 7amleh، المركز العربي لنهوض وسائل الإعلام الاجتماعية.
وأفادت منظمة الدفاع عن الأطفال لفلسطين الدولية، أن إسرائيل قد وضعت بطريقة غير مشروعة العشرات من الأطفال الفلسطينيين رهن الاعتقال الإداري، بسبب ما نشروه على فيسبوك. وتم استجوابهم وسجنهم لعدة أشهر دون وجود أحد الوالدين أو محامٍ.
في سبتمبر/أيلول 2016، وثق نشطاء فلسطينيون تعليق العديد من حسابات فيسبوك الشخصية لصحفيين فلسطينيين وصفحات وسائل الإعلام. تم إغلاق الحسابات الشخصية لأربعة من المحررين في وكالة شهاب الإخبارية و ثلاثة صحفيين من شبكة القدس الإخبارية، كان لدى جميعهم ملايين المتابعين. علق المؤيدون احتجاجًا على الإنترنت تحت وسم FBCensorsPalestine#. اعتذرت فيسبوك لاحقاً على تعليق الحسابات موضحة أنه كان خطاً.
يشعر الإسرائيليون أيضاً بالقلق إزاء القانون. صرحت تهيلة شوارتز التشولر، رئيسة مركز مؤسسة الديمقراطية الإسرائيلي للقيم والمؤسسات الديمقراطية، لوكالة الأنباء Bloomberg أن القانون هو “اعتداء على حرية التعبير على نطاق دولي،” ويحتاج إلى تعديلات جوهرية. قام ميتل جريفر شورتز من اتحاد الإنترنت الإسرائيلي، خلال مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست بالتحذير بأن القانون “سيتمكن من إزالة المحتوى الشرعي، لأنهم شملوا فقط عبارات غامضة وعامة – مثل “خطر على الجمهور أو الأمة” – التي يمكن تفسيرها على نطاق واسع جدًا.”
ومن غير الواضح أيضًا كيف سيكون تأثير القانون على الشخصيات السياسية والأحزاب في فلسطين. بعد أيام قليلة من تمرير المسودة الأولى للقانون يوم 3 يناير/كانون الثاني، أفاد ناشطون فلسطينيون أن فيسبوك قد أغلق نحو 30 حساب شخصي و90 صفحة فيسبوك أخرى، والتي يعتقد أنها تابعة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”. أحيت حركة حماس مؤخرًا الذكرى ال21 لإغتيال المقاتل يحيى عياش، مهندس القنبلة الأول في الجناح العسكري لحركة حماس، الذي اغتالته إسرائيل عام 1996. يحتفل به على نطاق واسع في فلسطين باعتباره بطلاً، وقد نشر أنصار حماس عبارة “كن مثل عياش” على فيسبوك في ذكراه.
من الممكن أن يكون هذه الحجب نتيجةً لمعايير مجتمع فيسبوك، التي تحظر وجود ما تسميه “منظمات خطيرة” التي تشارك في أنشطة الجرائم الإرهابية أو المنظمة. كلاً من الحكومة الإسرائيلية وحكومة الولايات المتحدة تصنف حماس كمنظمة إرهابية.