يُستَخدم قانون مكافحة الإرهاب السعودي وسلسلة من القرارات المتصلة به في تجريم مجموعة واسعة من الأعمال التي تُعتبر "إرهابية"، ومنها تعمد "الإساءة إلى سمعة الدولة" و"الإخلال بالنظام العام" أو "الدعوة للفكر الإلحادي".
ظهر هذا المقال أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 26 أياار 2017
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن مسؤولا بالأمم المتحدة، كان قد زار السعودية مؤخرا، انتقد استخدام المملكة لمحكمة الإرهاب وقانون مكافحة الإرهاب في ملاحقة مدافعين عن حقوق الإنسان وكُتاب ومنتقدين سلميين، دون وجه حق. أصدر بن إيمرسون، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بيانه في 4 مايو/أيار 2017، إثر زيارة للمملكة امتدت من 30 أبريل/نيسان إلى 4 مايو/أيار.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “على الملك سلمان أن يعفو فورا ويُطلق سراح كل شخص مسجون لمجرد تعبيره عن آرائه بشكل سلمي. في سياق مكافحتها للإرهاب داخل حدودها، على السعودية إشراك النشطاء الحقوقيين وتمكينهم من مقاعد على طاولة الحوار، وليس أسرّة في الزنازين”.
يُستَخدم قانون مكافحة الإرهاب السعودي وسلسلة من القرارات المتصلة به في تجريم مجموعة واسعة من الأعمال التي تُعتبر “إرهابية”، ومنها تعمد “الإساءة إلى سمعة الدولة” و”الإخلال بالنظام العام” أو “الدعوة للفكر الإلحادي”.
قال إيمرسون إن السلطات السعودية منعته من الوصول إلى أشخاص مسجونين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وأعرب عن قلقه إزاء “تعريف الإرهاب الفضفاض على نحو غير مقبول” في المملكة. كما طالب السعودية بـ “استحداث آلية… لإعادة النظر في جميع القضايا التي يقضي فيها الأفراد حاليا أحكاما بالسجن بتهمة ارتكابهم أفعالا تشكّل ممارسة لحرية التعبير، أو حرية الفكر أو الضمير أو الدين أو الرأي، أو الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات”.
حث إيمرسون في بيانه المسؤولين السعوديين على تضييق التعريف القانوني للإرهاب ليقتصر “على أعمال العنف أو التهديد بالعنف التي ترتكب بدوافع دينية أو سياسية أو أيديولوجية، والتي تهدف إلى وضع الجمهور أو قسم من الجمهور في حالة من الخوف، أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على اتخاذ إجراء ما أو الامتناع عن اتخاذه”.
حاكمت السلطات السعودية منذ 2014 جميع المعارضين السلميين تقريبا باستخدام اتهامات فضفاضة وعريضة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة التي أنشأتها السلطات في عام 2008 للتحقيق في الجرائم المتصلة بالإرهاب.
توصلت أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أن المحكمة كثيرا ما أدانت مشتبها فيهم بتهم لا تمثل جرائم فعلية. أسفرت بعض الاتهامات المتصلة بالتعبير عن الرأي عن أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين 10 و15 عاما.
من النشطاء والمعارضين السعوديون الذين يقضون مددا مطولة بالسجن حاليا بسبب نشاطهم السلمي فقط وليد أبو الخير، ومحمد القحطاني، وعبد الله الحامد، وفاضل المناسف، وسليمان الرشودي، وعبد الكريم الخضر، وفوزان الحربي، وصالح العشوان، وعبد الرحمن الحامد، وزهير كتبي، وعلاء برنجي.
في قضايا أخرى حللتها هيومن رايتس ووتش، أدانت المحكمة المدعى عليهم فقط بناء على اعترافات تراجعوا عنها فيما بعد أمام المحكمة، إذ قالوا إنهم لم يعترفوا إلا تحت ضغط التعذيب والإكراه. أسفرت بعض هذه القضايا عن أحكام بالإعدام.
في 2 يناير/كانون الثاني 2016 نفذت السعودية إعدامات جماعية بحق 47 رجلا متهمين بـ “جرائم إرهابية”. 43 منهم على صلة بهجمات لـ “القاعدة” في العقد الأول من الألفية، و4 من الشيعة يُزعم تورطهم في جرائم تتصل بمظاهرات عامي 2011 و2012. كان هذا أكبر إعدام جماعي في المملكة منذ عام 1980. من بين الذين شملتهم الاعدامات الشيخ نمر النمر، وهو رجل دين شيعي بارز حُكم عليه بالإعدام في 2014 بعد إدانته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بعدد من الاتهامات المبهمة التي اعتمدت على ما يبدو فقط على انتقاداته السلمية للمسؤولين السعوديين.