أعلنت السلطات السعودية عن تعديلات إضافية على قوانينها تتيح الآن للنساء فوق الـ 21 عاما السفر إلى الخارج بحرية واستصدار جوازات سفر من دون إذن أولياء أمورهن الرجال. لكن لا تعزز هذه القوانين الجديدة حق السفر إلى الخارج
تم نشر هذا المقال أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 22 آب 2019
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات السعودية أعلنت عن تعديلات إضافية على قوانينها تتيح الآن للنساء فوق الـ 21 عاما السفر إلى الخارج بحرية واستصدار جوازات سفر من دون إذن أولياء أمورهن الرجال. لكن لا تعزز القوانين الجديدة حق السفر إلى الخارج، ما يترك الباب مفتوحا أمام إمكانية قيام أولياء الأمور الذكور باستصدار أوامر من المحكمة تقيّد سفر قريباتهن الإناث.
في 20 أغسطس/آب 2019، ذكرت “وكالة الأنباء السعودية” أن إدارتي الجوازات والأحوال المدنية بدأتا بتطبيق قانون وثائق السفر ولوائحه المعدلة. ذكرت تقارير إعلامية أنه سُمح بسفر النساء إلى الخارج بلا إذن.
لكن لم تُحدَّث منصة “أبشر” الإلكترونية والخلوية، التي يستخدمها السعوديون لاستصدار جوازات سفرهم أو تجديدها، لتعكس تلك التغييرات. بقيت الناشطات اللاتي سعَيْن سلميا إلى هذه التغييرات مسجونات أو قيد المحاكمة لنشاطهن الحقوقي.
قالت روثنا بيغم، باحثة أولى في قسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: “حققت السعوديات انتصارا بعد أن طال انتظار إمكانية السفر إلى الخارج واستصدار جوازات سفر دون إذن أولياء أمورهن. لكن ينبغي للسلطات ضمان عدم قدرة الأوصياء الذكور على استخدام أوامر المحكمة لعرقلة هذا التقدم. ينبغي للسلطات تحديث منصة أبشر الإلكترونية لتمكين النساء من التقدم لاستصدار جوازات السفر بنفس السهولة مقارنة بالرجال”.
عدّل قرار مجلس الوزراء في 31 يوليو/تموز، المنشور في الجريدة الرسمية في 1 أغسطس/آب، قوانين وثائق السفر والأحوال المدنية والعمل. التعديلات على قانون وثائق السفر صيغت بشكل لا يحدد جنس الشخص الذي يمكنه استصدار جواز سفر، وأزالت فعليا القيود التمييزية المفروضة على المرأة.
في 18 أغسطس/آب، أصدر وزير الداخلية تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون وثائق السفر الذي كان يفرض في السابق على النساء والفتيات، والرجال والفتيان دون 21 عاما الحصول على إذن ولي الأمر الرجل لاستصدار جواز سفر. الآن يحتاج فقط من هم دون 21 عاما، ذكورا وإناثا، إلى مثل هذا الإذن.
حذفت التعديلات المادة 28 التي كانت تتطلب سفر المرأة السعودية إلى الخارج “وفقا للتعليمات الناظمة”. شكّلت هذه المادة الأساس القانوني لوجوب موافقة ولي الأمر الذكر على سفر المرأة إلى الخارج، حتى لمن تجاوزن 21 عاما. تستخدم مادة معدّلة أخرى صياغة لا تحدد الجنس لطلب إذن ولي الأمر بالسفر إلى الخارج لمن هم دون الـ21. هناك بعض الاستثناءات في هذه الفئة مثل المتزوجين أو الذين لديهم منحة حكومية للدراسة في الخارج أو الموظفين المشاركين في مهام رسمية بالخارج.
لكن عمليا، تزيد فرص مواجهة النساء دون 21 عاما مواقف قد لا يوافق فيها أولياء أمورهن على سفرهن مقارنة بالرجال دون سن 21 عاما.
كما بات الآن في إمكان الأمهات اللاتي لديهن حضانة أولية لأطفالهن التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر وتقديم تصريح سفر لأطفالهن.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، و”الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه السعودية، لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. ينبغي أن تكون القيود فردية ومتناسبة ولسبب مشروع، كما في حالة تحقيق جنائي مثلا.
في 20 أغسطس/آب، ذكرت صحيفة “اليوم” السعودية، أن ألف امرأة سافرن إلى الخارج بلا إذن في 19 أغسطس/آب عبر المعابر الحدودية في المنطقة الشرقية، ومن بينها معابر إلى الكويت والبحرين والإمارات وقطر (مغلقة حاليا) وعُمان.
سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف استُخدم تطبيق أبشر لتقييد حركة النساء. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أشخاص أكدوا أنه حتى 21 أغسطس/آب، لم يُحدّث التطبيق ليسمح للنساء باستصدار جوازات سفر عبر الإنترنت، وأنه ما زال يسمح لأولياء الأمر بالموافقة على سفر قريباتهم الإناث أو رفضه. لكن ذكرت إدارة الجوازات عبر “تويتر” أن بإمكان النساء فوق سن 21 التقدم بطلب استصدار جواز سفر أو تجديده شخصيا في مكاتب الإدارة وأنها ستُحدّث منصة أبشر.
مثّل قرار مجلس الوزراء في يوليو/تموز تطورا كبيرا في مجالات أخرى تتعلق بحقوق المرأة. لكن لا يزال يتعين على المرأة السعودية، رغم أهمية التغييرات، نيل موافقة ولي أمرها على زواجها أو إطلاق سراحها من السجن. نظرا لعدم وجود قانون مناهض للتمييز، لا يعد القضاء على التمييز واجبا حكوميا، حيث تطلب ملاجئ النساء موافقة ولي الأمر لمغادرة النساء، وتطلب المستشفيات موافقة ولي الأمر لأي جراحة متعلقة بالرعاية الصحية الإنجابية للمرأة، مثل الإجهاض المنقِذ للحياة. بينما تعني إصلاحات قانون العمل عدم قدرة أصحاب العمل على التمييز ضد المرأة في العمل، لم تعلن السلطات عن أي خطوات لتطبيقه.
رغم الإصلاحات في قانون الأحوال المدنية، لا تزال المرأة تواجه التمييز فيما يتعلق بالزواج والأسرة والطلاق والقرارات المتعلقة بالأطفال (مثل حضانة الأطفال). لا يزال بإمكان الرجال رفع دعاوى “العقوق” (أو العصيان) ضد البنات أو الزوجات أو القريبات، مما قد يؤدي إلى الإعادة القسرية إلى منزل ولي الأمر أو السجن.
قالت بيغم: “هذه الإصلاحات التي أجرتها السعودية مجتمعة هي الأكثر شمولا لحقوق المرأة وأول خرق مهم لنظام ولاية الرجل في البلاد الذي سمح للرجال بالتحكم في حياة المرأة السعودية من الولادة وحتى الممات. ينبغي للسلطات السعودية الآن اجتثاث باقي أشكال التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة”.
ما تزال خمس ناشطات حقوقيات على الأقل رهن الاحتجاز، منهن لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة، بينما تواجه أخريات ممن أُطلق سراحهن قرارات قضائية قد تعيدهن إلى السجن. لا زالت الهذلول محتجزة منذ أكثر من عام، وقالت هي وناشطات أُخريات إنهن تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي في الاحتجاز. تتعلق الكثير من “جرائمهن” بعملهن الحقوقي السلمي، مثل تعزيز حقوق المرأة والدعوة إلى إنهاء ولاية الرجل.
قالت بيغم: “يجب ألا تستمر مسرحية تقديم السلطات السعودية إصلاحات بيَد وسجن النساء اللاتي ناضلن من أجلها باليد الأخرى. على السلطات السعودية إطلاق سراح هؤلاء النساء فورا وإسقاط جميع التهم ضدهم”.