وفقًا لتقرير جديد من هيومن رايتس، قامت قوات الأمن المصرية باختطاف الأطفال من ضمن حملة قمع في جميع أنحاء البلاد ضد المتظاهرين والمعارضين، كما قامت باعتقالهم بشكل تعسفي، بالإضافة إلى تعريضهم للتعذيب المروع.
تم نشر هذا التقرير أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 23 آذار 2020
قالت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “بلادي– جزيرة الإنسانية” الحقوقية في تقرير صدر اليوم إن عناصر الشرطة و”جهاز الأمن الوطني” والجيش المصري اعتقلوا تعسفا أطفالا، كان سن أصغرهم 12 عاما، وأخفوهم قسرا وعذبوهم، مع غض النيابة والقضاة البصر عن القضية.
يوثِّق تقرير ” ́لم يراع أحد كونه طفلا ́: انتهاكات قوات الأمن المصرية ضد الأطفال المحتجزين”، الصادر في 31 صفحة، الانتهاكات ضد 20 طفلا أعمارهم بين 12 و17 عاما عند اعتقالهم.
قالت المنظمتان إن على حلفاء مصر، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا ودول “الاتحاد الأوروبي” الأخرى، إيقاف دعمهم لقوات الأمن المصرية حتى تتخذ مصر خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
قالت آية حجازي، المديرة المشاركة في بلادي: “تكشف الروايات المروعة بحق هؤلاء الأطفال وأسرهم كيف عرّضت آلة القمع في مصر الأطفال لانتهاكات مريعة. تتصرف السلطات المصرية كما لو كانت فوق كل القوانين في حالة الأطفال المحتجزين”.
قال 15 طفلا من الـ 20 المذكورين في التقرير إنهم تعرضوا للتعذيب في الحبس الاحتياطي، عادة أثناء الاستجواب خلال احتجازهم بمعزل عن العالم. كما تعرض طفل آخر لضرب مبرح على أيدي حراس السجن. قال سبعة أطفال إن عناصر الأمن عذبوهم بالكهرباء بأدوات شملت أسلحة الصعق.
قال صبي قُبض عليه حين كان عمره 16 عاما لأحد أقاربه إنه يشعر بالقلق من إنه لن يتمكن من الزواج أو إنجاب الأطفال بسبب ما فعله به عناصر وضباط الأمن أثناء الاحتجاز.
في حالتين، قال طفلان إن ضباط الأمن علّقوهما من أذرعهما وهي مقيدة خلف ظهريهما، متسببين بخلع أكتافهما. قال أحدهم، وكان عمره 14 عاما وقتها، إن سجينا آخر في زنزانته، كان طبيبا، أعاد كتفه المخلوع إلى مكانه.
صعّدت قوات الأمن المصرية بشدة انتهاكاتها ضد الأطفال والبالغين في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي. كان عناصر جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية مسؤولين عن غالبية الانتهاكات الموثقة في التقرير، مع تورط عناصر شرطة، والجيش أيضا أحيانا.
عزّزت هيومن رايتس ووتش وبلادي روايات الأطفال وأسرهم ومحاميهم باستخدام ملفات القضايا، ورسائل الاستغاثة، والشكوى الموجهة للسلطات، والسجلات الطبية، وأشرطة الفيديو.
قال بيل فان إسفلد، المدير المساعد في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: “وصف الأطفال تعرضهم للتعذيب بالإيهام بالغرق والصعق بالكهرباء في ألسنتهم وأعضائهم التناسلية، مع عدم مواجهة قوات الأمن المصرية أي عواقب. على الحكومات الراغبة في وضع حدٍ لهذه الفظائع وقف دعمها للأجهزة الأمنية المصرية واشتراط تنفيذ إصلاحات حقيقية قبل أي اتفاقيات مستقبلية”.
أخفى عناصر الأمن الأطفال قسرا لمدد بلغت 13 شهرا، رافضين إخبار عائلات الأطفال، القلقة حد اليأس، أنهم محتجزون أو تقديم أي معلومات عنهم. كان بلال ب. في الـ 17 من عمره عندما اعتقله عناصر الأمن الوطني وحبسوه انفراديا في قسم شرطة في القاهرة. قال: “لم أعرف أخبار والديّ ولم يعرفا أخباري. قيّدني الضباط إلى كرسي مدة ثلاثة أيام وتسببوا لي بألم شديد”.
حُكم على طفل بالإعدام، في انتهاك للقانون الدولي. وُضع ثلاثة في الحبس الانفرادي، وحُرم ثلاثة من الزيارات العائلية لأكثر من عام خلال احتجازهم. احتُجز الأطفال مع البالغين في زنازين مكتظة لدرجة اضطرار المحتجزين إلى النوم بالتناوب لضيق المكان، وحُرموا من الطعام والرعاية الطبية الكافيين.
تمثل روايات الأطفال عن التعذيب وحالات الانتهاكات الأخرى صورة نمطية للتكتيكات الأمنية الوحشية التي وثقتها هيومن رايتس ووتش وبلادي ومنظمات أخرى ضد الأطفال والبالغين المحتجزين بتهم ارتكاب جرائم سياسية أو أمنية في مئات الحالات منذ 2014.
يشترط القانون المصري أن تعرض السلطات المعتقلين أمام النيابة العامة في غضون 24 ساعة من اعتقالهم، لكن ساهمت النيابة العامة في توفير غطاء لحالات الاختفاء القسري المطول بحق الأطفال بإخفاء التواريخ الحقيقية لاعتقالهم. لم تقدم السلطات مذكرات توقيف ولم تتبع الإجراءات القانونية حين اعتقلت الأطفال في أي حالة. احتجزت السلطات صبيا واحدا دون محاكمة مدة 30 شهرا، منتهكة القانون المصري الذي يحد المدة بعامين، واتهمته بالمشاركة في احتجاج وقع أثناء احتجازه، ورفضت السماح له بأداء امتحاناته المدرسية، مقوضةً فرصه في مستقبل أفضل.
لم يحقق القضاء الجنائي في مصر بجدية في مزاعم الأطفال بالتعذيب وسوء المعاملة. هدد وكيل النيابة، في إحدى الحالات في التقرير، بإعادة صبي “إلى الضابط الذي عذبه” إذا رفض الاعتراف.
حاكمت السلطات طفلين أمام محاكم عسكرية بتهمة ارتكاب جرائم، منها الإضرار بواجهة فندق. ينبغي ألا يُحاكَم الأطفال أمام محاكم البالغين الجنائية، ناهيك عن أن يُحالوا إلى المحاكم العسكرية التي تحد من الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة.
قالت بلادي وهيومن رايتس ووتش إن على مصر تطبيق أحكام “قانون الطفل” لعام 1996 وتعديلاته لعام 2008 التي وضعت حماية خاصة للأطفال، مثل بدائل الاحتجاز وعقوبات للعناصر الذين يحتجزون الأطفال مع الكبار.
ينبغي لمصر إلغاء ثغرة في قانون الطفل تسمح لوكلاء النيابة بإحالة الأطفال إلى المحاكم الجنائية للبالغين حينما يكون بين الشركاء في التهم بالغ واحد أو أكثر، وهي الثغرة التي استُخدمت لمحاكمة الأطفال إلى جانب البالغين أمام محاكم الإرهاب. على السلطات ألا تحتجز الأطفال إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.
ينبغي لمصر أن تتعاون بالكامل مع خبراء “الأمم المتحدة” و”الاتحاد الأفريقي” بشأن التعذيب والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري؛ ودعوتهم لإجراء زيارات للبلاد؛ والالتزام بحمايتهم وكل المنخرطين مع مهامهم من الأعمال الانتقامية.
قالت حجازي: “لم يحمِ نظام العدالة الجنائية في مصر الأطفال من سوء المعاملة ويمكن أن يتسبب في ضرر دائم. إنهاء هذا النمط المنتشر من الاعتقال وسوء المعاملة يخدم المصلحة المشتركة للمجتمع والطفل”.