من تقنيات المراقبة المتزايدة إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت، يلقي تقرير جديد صادر عن المركز العربي لتطوير وسائل التواصل الإجتماعي - حملة- الضوء على كيفية تأثير زيادة انتهاكات الحقوق الرقمية ضد الفلسطينيين على حقوقهم في الخصوصية، والتجمع، وحرية التعبير.
تم نشر هذا التقرير أولاً على موقع مركز حملة بتاريخ 21 نيسان2020
أصدر “حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي”، اليوم الثلاثاء 21.4.2020، تقريره السنوي حول انتهاكات الحقوق الرقمية للفلسطينيّين، والذي يسلط الضوء هذا العام على الانتهاكات الذي تعرضت لها حقوق الفلسطينيين الرقمية من قبل الحكومات والسلطات المختلفة، والشركات العالميّة والمجتمع الفلسطينيّ ذاته.
ويقدم التقرير لمحة عن استمرار الحكومة الإسرائيلية بتطبيق تقنيات المراقبة الجماعية على الفلسطينيين، ودعم الجهات الحكومية وغير الحكومية بالتحريض على العرب والفلسطينيين عبر شبكة الإنترنت، واستهدافهم بخطاب كراهية عبر أعداد هائلة من المتصيدين (trolls)، وشهدت هذه الظاهرة ارتفاعا ملحوظا في جولتي الانتخابات الإسرائيليتين في نيسان/ أبريل وأيلول/ سبتمبر الماضيين.
وواصلت السلطات الإسرائيلية اعتقال الفلسطينيين بتهمة “التحريض” على الإنترنت، الفضفاضة، كما واستمرت وحدة “السايبر الوطنية الأساسية” بتقديم طلبات لشركات وسائل التواصل الاجتماعي لفرض رقابة على المحتوى الفلسطيني، حاصلة على ضوء أخضر من مكتب الادعاء العام الإسرائيلي الذي اعتبر أن الوحدة تقدم طلبات “اختيارية” للشركات، في سابقة لوكالة حكومية تطلب معلومات دون النظر إلى التزام الحكومة بحماية خصوصية الأشخاص.
ويتناول التقرير استمرار السلطة الفلسطينية بتوسيع نطاق قانون الجرائم الإلكترونيّة المعدّل عام 2018، إذ شمل العام الماضي حجب 59 موقع إلكتروني، بين مواقع تواصل اجتماعي ومواقع إخبارية، وخصوصا تلك التي تقدم مصادر معلومات بديلة للجمهور أو توجه انتقادات للسلطة. واعتقلت السلطة 752 شخصا بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما استمرت سلطات حماس في قطاع غزّة، بدورها، بتوجيه تهمة “الاستخدام المسيء للتكنولوجيا” الفضفاضة، بمعارضين وصحافيين ومنتقدين، لاعتقالهم أو إسكاتهم، وخاصة في الاحتجاجات على غلاء المعيشة في آذار/ مارس 2019.
أما بالنسبة للشركات العالميّة، فيوضح تقرير “هاشتاغ فلسطين 2019″، ارتفاع استهداف المحتوى الفلسطيني خلال العام الماضي، مع أكثر من 1000 انتهاك لحقوق الفلسطينيين الرقمية، تربعت على عرشها شركة “فيسبوك”، مع 950 انتهاكا. وشملت هذه الانتهاكات، إزالة صفحات وحسابات شخصية أو تجميدها أو حظرها، بما لا يتناسب مع المحتوى المكتوب باللغة العبرية مثلا، فوجد مؤشر العنصرية والتحريض السنوي الذي أعده “حملة” العام الماضي، أن تواتر المنشورات التحريضية المكتوبة باللغة العبرية الموجهة ضد العرب والفلسطينيين، كانت بمعدل منشور في الدقيقة تقريبا.
ولفت “هاشتاغ فلسطين 2019″، استنادا إلى تقرير “ممنوع الوصول”، الذي أعده “حملة” العام الماضي أيضا، إلى استمرار حرمان الفلسطينيين من الوصول للعديد من المنصات المالية، ومنصات التجارة الإلكترونية الرئيسية خلال العام الماضي، وخاصة “باي بال” (Pay Pal) التي تواصل منع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزّة، من التمتع بخدماتها.
كما أنّ شركة “خرائط جوجل” (Google Maps) لا تزال تميّز ضد الفلسطينيّين بتسمياتها وبشمل مسحها الجغرافيّ للمستوطنات الإسرائيليّة غير القانونيّة في الضفّة الغربيّة وحذفها لأسماء القرى الفلسطينيّة غير المعترف بها في النقب والقرى في منطقة ج.
وبيّن التقرير سيرورة تراجع شركة “إير بي إن بي” (Airbnb)، عن حذفها للعقارات والمشاريع التجارية في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، من قوائمها على الإنترنت، بل واتخاذ موقف مناوئ لحركة “بي دي إس” في خضوع لضغوطات المستوطنين الإسرائيليين المدعومين حكوميا. بينما واصل “تريب أدفايزر” (Trip Adviser) دعمه للمشاريع التجارية في المستوطنات.
وذكر التقرير قضية استخدام تقنيات مجموعة “إن إس أو” (NSO Group) الإسرائيلية للتجسس، لاختراق هواتف ذكية عبر تطبيق “واتساب” (whatsapp)، في استهداف تسعفي لصحافيين وناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان. كما وتطرق التقرير إلى الضغوطات التي مارسها المجتمع المدني الفلسطيني على عملاق التكنولوجيا “مايكروسوفت” (Microsoft) للتحقيق بممارسات شركة المراقبة الإسرائيلية “أني فيجن” (Any Vision) التي تلقت دعما بـ74 مليون دولار من الأولى، والتي تساهم تقنيات التعرف على الوجوه خاصتها في تكريس الاحتلال ومراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
أما على مستوى المجتمع الفلسطينيّ داخليًا، فقد وُثقت ظاهرة التعنيف الجندري الرقمي الذي تعرضت لها مجموعات مختلفة من الفلسطينيين، وخاصة النساء والكويريين الذين يعتبرون الأكثر عرضة لمثل هذا العنف الذي يتطلب تحولا مفاهميا يعترف بأن الناجين من الأفعال المماثلة لم ينكشفوا للعنف محض صدفة، أو بسبب ضعف ما يلازمهم منذ الولادة. بل ينبع هذا النوع من العنف من تمييز هيكلي متأصل يتوجب على الدولة أو السلطة معالجته. إذ أن الشرطة الفلسطينية استهدفت الكويريين بشكل خاص خلال العام الماضي، وحرّضت على العنف ضدهم.
أما على مستوى الشباب، فقد سلّط التقرير ضوء على الانتهاكات واسعة النطاق التي عانى منها الفلسطينيون في مختلف أماكن تواجدهم، بدءا من إزالة محتواهم الرقمي، والمضايقات الرقمية، والتحقيقات، والاعتقالات، من قبل إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، وسلطات حماس، لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير على الإنترنت. وتساهم هذه الممارسات في خلق “تأثير رادع”، يشعر بموجبه الشباب بالخوف من ممارسة حقوقهم، ويبدئون بممارسة الرقابة الذاتية والارتداع الذاتي، مخفضين نشاطهم الرقمي، ما يُساهم بالتالي، بتقليص مساحة مشاركتهم السياسية.