حزيران في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
مصر: الاختطاف، وقمع التيك توك، والجرائم الإلكترونية
تستمر حملة القمع على حرية التعبير في مصر، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة عمليات انتقامية واعتقالات بحق النشطاء والصحفيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
في الشهر الماضي، قدم الناشط المصري الأمريكي محمد سلطان دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي في محكمة جزائية أمريكية في مقاطعة كولومبيا. وكان سلطان قد تعرّض للاعتقال في شهر آب من عام 2013 بعد حملة قمع وحشية ضد المتظاهرين في ساحة رابعة، لمدة 643 يوماً وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة بشكل مكثف.
وتدعي الشكوى أنه تم محاولة اغتيال سلطان من قبل قوات الأمن خلال مداهمة لمعسكر المحتجين بناء على طلب من رئيس الوزراء السابق، بسبب دوره في مساعدة وسائل الإعلام الدولية.
بعد عدة أيام من الدعوى، اقتحمت قوات الأمن في منتصف الليل منازل أقارب سلطان المقيمين في مصر، واحتجزت أفراد الأسرة، بمن فيهم الأطفال، تحت تهديد السلاح. واخفت السلطات قسراً خمسة من أبناء عم سلطان وتم استجوابهم فيما بعد من قبل المدعين العامين بتهمة “نشر أخبار كاذبة”. وشجبت المنظمات الحقوقية الأعمال الانتقامية الظاهرة على أنها محاولات للضغط على سلطان لإسقاط الدعوى، وأشارت إلى أنها مظهر آخر على قيام السلطات باستغلال أقارب النشطاء المنفيين لإسكاتهم.
وقال نيل هيكس، مدير المناصرة في معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “يبدو أن هذه الأعمال الانتقامية تهدف إلى عرقلة العدالة وإسكات النشطاء المصريين، حتى لو لم يعودوا للعيش في مصر”.
اختطاف سناء سيف خارج مكتب المدعي العام
اعتصم أفراد عائلة الناشط المسجون علاء عبد الفتاح خارج سجن طره في محاولة لطلب معلومات حول حالته الصحية. واعتدت مجموعة من النساء بالضرب على الدكتورة ليلى سويف، أم الناشط المعتقل وابنتيها منى وسناء.
عند محاولتها تقديم شكوى في مكتب المدعي العام في اليوم التالي، اختُطِفت سناء من قبل رجال أمن يرتدون ملابس مدنية، وأجبروها على ركوب سيارة بدون لوحة. وهي الآن رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة بتهمة “بث [أخبار] مزورة وشائعات حول تدهور الأوضاع الصحية في البلاد وانتشار فيروس كورونا في السجون”.
قمع تيك توك وحظر المواقع الإخبارية والجرائم الإلكترونية
في عالم الإنترنت، تستمر حملة أمنية منسقة تستهدف النساء على موقع التواصل الاجتماعي تيك توك في الأسابيع الأخيرة. ويشمل ذلك اعتقال مستخدمة التيك توك آية، التي نشرت مقطع فيديو على منصة التواصل الاجتماعي تدعي فيه أنها تعرضت للاغتصاب والتصوير والابتزاز مع عرض لقطات. وبدلاً من التحقيق في ادعائها، احتجزت النيابة العامة آية لعدة أيام، واتهمتها بـ “التحريض على الفسق والفجور”.
أطلقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير حملة تطالب بإنهاء حجب المواقع الإخبارية. ففي دراسة لتقييم تأثير حظر المواقع الالكترونية على مدى السنوات الثلاث الماضية، وثقت المؤسسة حظر أكثر من 127 موقعاً إعلامياً من إجمالي 549 موقعاً محظوراً على الأقل. ووفقاً للتقرير، فقد أدى حجب المواقع الإخبارية إلى زيادة كبيرة في الرقابة الذاتية بين الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الذين يخشون إما أن يتم حظرهم أو إمكانية اتخاذ إجراءات أخرى من قبل الدولة.
وكان موقع المنصة من بين المواقع المحجوبة العديدة، التي داهمت قوات الأمن مكاتبها الشهر الماضي. وتم اعتقال نورا يونس، رئيسة تحرير المنصة الإعلامية، وأطلق سراحها في نهاية المطاف بكفالة، لكنها تواجه الآن عددًا لا يحصى من التهم، بما فيها تشغيل موقع الكتروني غير مرخص.
توفّت قوية: الناشطة في حقوق المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم: سارة حجازي
أثارت أنباء وفاة الناشطة الكويرية سارة حجازي موجات صادمة في جميع أنحاء مجتمع المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم الشهر الماضي. انهت حجازي حياتها في كندا حيث عاشت في المنفى بعد احتجازها لمدة ثلاثة أشهر في مصر بسبب رفع علم قوس قزح خلال حفل لمشروع ليلى في البلاد. وتم اعتقال حوالي 75 آخرين بعد الحفل الموسيقي في واحدة من أبرز حملات القمع ضد مجتمع المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم في البلاد.
ترجمة التغريدة: لأن هذا ما تريد أن تتذكرها بها. كل القوة للمظلومين. ارفعوا العلم من أجل سارة
أثناء اعتقالها، تعرضت حجازي للتعذيب والاعتداء الجنسي والاعتداء اللفظي. وكتبت حجازي بعد عام من الإفراج عنها: “حتى بعد إخلاء سبيلي، ظل الخوف من الجميع، الأسرة والأصدقاء والشارع، يطاردني”. بعد محاولتها لمحاربة اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب ومحاولات الانتحار المتعددة أثناء وجودها في كندا، تركت حجازي ملاحظة مكتوبة بخط اليد قائلة: “إلى العالم: كنت قاسياً إلى حد عظيم، لكني أسامح”.
في الوقت الذي أثارت فيه وفاتها سلسلة من ردود الفعل على الإنترنت تتراوح من الدعم إلى خطاب الكراهية ضد المثليين، أحيا ذكراها النشطاء من جميع أنحاء العالم. وشمل ذلك غناء مطرب مشروع ليلى حامد سنو بطريقة مؤثرة آخر منشور لها على إنستغرام: “السما أحلى من الأرض! أنا عاوزة السما مش الأرض”.
إيران: أحكام الإعدام، والتوبة على الإنترنت، واستهداف النساء
في الأشهر التي تلت احتجاجات تشرين الثاني 2019 المناهضة للحكومة، والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف الاعتقالات وإغلاق الإنترنت بالكامل، صعّدت السلطات من قمعها لأصوات المعارضة. فعلى الرغم من اجتياح موجة أخرى كوفيد-19 للبلاد، فإن أعمال الانتقام الحكومية قد شهدت استهداف الصحفيين وعلماء البيئة والفنانين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بسبب تعبيرهم الحر على الإنترنت.
متابعة لما وصفه المراقبون بأنه “نهج أورويلي” في القضاء على الروايات البديلة، شهد الشهر الماضي اعتقال خمسة صحفيين على الأقل بسبب تقاريرهم حول الوباء. كما ضغط الحرس الثوري الإيراني سيئ السمعة على الصحفيين والفنانين لنشر اعتذارات عن تقاريرهم السابقة في محاولة لما وصفته منظمة مراسلون بلا حدود بأنه اجبار على “التوبة” على الانترنت.
وفي خطوة صادمة، حُكم على الصحفي والناشط روح الله زام بالإعدام بسبب تقاريره على الإنترنت التي ساعدت على تأجيج الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عامي 2017 و 2018. وكان زام يدير قناة اخبارية شهيرة “AmadNews” على تطبيق المحادثات تيلي غرام، ونشر مقاطع فيديو محرجة للمسؤولين الإيرانيين وغطى المظاهرات المناهضة للحكومة. وكان يعيش في المنفى قبل أن يتم اغرائه للذهاب إلى العراق في تشرين الاول الماضي حيث تم اختطافه من قبل الحرس الثوري وإعادته قسراً إلى إيران لمحاكمته.
كما تم استهداف النساء بشكل خاص خلال حملة القمع الجارية. ففي حين أفادت التقارير أنه تم الإفراج عن آلاف السجناء السياسيين منذ بدء الوباء، واجهت المدافعات السجينات عن حقوق الإنسان اتهامات جديدة ضدهن، مما جعلهن غير مؤهلات للخروج من السجن. وشمل ذلك على المدافعة عن حقوق الإنسان نرجس محمدي، التي تقضي عقوبة مدتها 16 سنة منذ عام 2015 بتهمة مناهضة عقوبة الإعدام. وتواجه الآن سلسلة من التهم الجديدة التي قد تؤدي إلى سجنها لمدة تصل إلى خمس سنوات أخرى و 74 جلدة.
كما قامت آلية قمع الدولة بتوسيع دورها على الإنترنت مؤخراً مع اعتقال المئات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بسبب محتواهم على الإنترنت. فقد اتُهمت النساء بالتباهي بعدم ارتداء الحجاب وفقاً لقوانين الاحتشام. وقالت ريهان تارافاتي، المؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، خلال مقابلة أجريت معها مؤخراً: “من المثير للسخرية أنه في وقت انتشار الفيروس التاجي في البلاد، فإن أولويتهم هي الحجاب على إنستجرام”.
البحرين: نبيل رجب أخيراً حر
في أنباء أكثر ترحيباً، تم إطلاق سراح المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب الشهر الماضي بعد أن قضى أربع سنوات في السجن بسبب نشاطه على الإنترنت. وتم الإفراج عن رجب، المؤسس المشارك لمركز الخليج لحقوق الإنسان ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، بفضل التشريع الجديد الذي تم تقديمه في عام 2018 والذي يسمح للمحاكم البحرينية بتحويل أحكام السجن إلى أحكام غير احتجازية.
ترجمة التغريدة: قبل 3 أسابيع، تم إطلاق سراح زميلنا الشجاع نبيل رجل، المؤسس المشارك لمركز الخليح لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان، بعد قضاء 4 سنوات في السجن ظلماً في البحرين. نشعر جميعنا في آيفكس بسعادة غامرة لأن نبيل في المنزل مع عائلته منذ فترة طويلة. أهلاً بك في منزلك يا نبيل.
مع قضاء رجب الآن المدة المتبقية من عقوبته في المنزل، سلط أعضاء آيفكس مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان الضوء على السجناء السياسيين الآخرين، وطالبوا بالإفراج عنهم بسرعة وسط انتشار فيروس كوفيد-19 في سجون البحرين الغير صحية. ومن بينهم المؤسس الآخر لمركز الخليج لحقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة، الذي يقضي حالياً عقوبة بالسجن مدى الحياة، والمدافعين عن حقوق الإنسان د. عبد الجليل السنكيس وناجي فتيل، بالإضافة إلى زكية البربوري، المعتقلة السياسية الوحيدة في سجون البحرين.
قال حسين عبد الله، المدير التنفيذي لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين: “لا تزال سجون البحرين مكتظة بالمدافعين السلميين عن حقوق الإنسان وقادة المعارضة الذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب رد الحكومة غير الملائم لفيروس كوفيد-19”. وطالب بإطلاق سراح جميع النشطاء وقادة المعارضة المسجونين ظلماً.
بالمختصر
في لبنان:
وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تفاقمت بسبب الوباء العالمي، قوبلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة مجدداً بارتفاع في انتهاكات حرية التعبير في الأسابيع الأخيرة. وقد تم بالفعل استخدام قوانين مكافحة التشهير الفضفاضة لإسكات المنتقدين في السنوات الأخيرة حيث تم اعتقال 100 ناشط على الأقل بموجب هذه القوانين منذ اندلاع الاحتجاجات لأول مرة في تشرين الأول الماضي.
على أية حال، أسفرت التحركات الأخيرة لتجريم المعارضة وانتقادات المسؤولين الحكوميين عن عشرات الاعتقالات في الشهر الماضي تحت ستار قمع التخريب وأعمال العنف. واعتقل الناشط ميشال شمعون لانتقاده الرئيس، واعتقلت الناشطة السياسية كندة الخطيب بتهمة “التعامل مع جواسيس العدو الإسرائيلي ومن يتعامل مع مصالحه”. كما تعرض الصحفيون للاعتداء أثناء تغطية إعادة افتتاح مطار رفيق الحريري.
ترجمة التغريدة: هاجم أمن المطار الصحفيين الذين كانوا يغطون إعادة فتح مطار رفيق الحريري اليوم (1 تموز). قيل لنا انه تم كسر الكاميرات ومحاصرة الصحفيين. قرر الصحفيون المغادرة ووقف تغطيتهم لـ “الفعالية”. # لبنان
وقالت رولا ميخائيل، المديرة التنفيذية لمؤسسة مهارات، في تقرير يقيّم حرية التعبير في لبنان خلال الأشهر الأربعة الماضية: “تميزت الأشهر الأربعة الماضية بحظر إهانات وانتقادات مؤسسات الدولة، بما في ذلك الرئاسة والقضاء وممارسات قوات الأمن والشخصيات الدينية”. وأشار التقرير إلى ارتفاع ملحوظ في الاعتداءات العنيفة ضد الصحفيين والناشطين، مع افلات الجناة من العقاب، كما تم محاولة تعديل قوانين الإعلام وإدخال قوانين إعلامية إلكترونية جديدة دون مراجعة شفافة ومناسبة.
في المغرب:
يستمر استدعاء الصحفي عمر راضي واستجوابه بتهمة “تلقي أموال مرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأجنبية”. وكشف تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية مؤخراً أن السلطات قامت باختراق هاتف راضي ومراقبة أنشطته باستخدام تطبيق بيجاسوس لبرامج التجسس الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية للتكنولوجيا. بعد ثلاثة أيام من نشر التقرير، استجوب مسؤولو الأمن راضي مرة أخرى. وقال صهيب خياطي، رئيس مكتب منظمة مراسلون بلا حدود في شمال إفريقيا: “بدلاً من إلقاء الضوء على المراقبة الغير قانونية لعمر راضي، فضلت السلطات المغربية استهداف هذا الصحفي وبدء إجراءات ضده على أساس المعلومات الغير مؤكدة التي يتم تداولها على الشبكات الاجتماعية”.
في فلسطين:
في فوز نادر لحركة المقاطعة العالمية، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن إدانات النشطاء في فرنسا الذين دافعوا عن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ينتهك حقهم في حرية التعبير. وكان قد اتهم 11 ناشطاً بـ “التحريض على التمييز” بسبب توزيع منشورات حول المقاطعة خلال احتجاج عام 2009. ووصفت الجماعات الحقوقية القرار التاريخي بأنه سابقة مهمة في وقف استخدام قوانين مناهضة التمييز في فرنسا لاستهداف النشطاء الذين يقومون بحملات لوقف انتهاكات حقوق الإنسان بحق الفلسطينيين.