تشرين الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
مع استمرار العالم في معركته لموجة ثانية من جائحة كوفيد-19، تشدد السلطات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على حرية التعبير والتجمع في محاولة لتجنب موجة ثانية من الاحتجاجات التي هيمنت في أواخر عام 2019.
الثورات الغير منتهية: من لبنان إلى العراق
في لبنان، لا يمكن إنكار رحلة البلاد التي استمرت عاماً من الأمل إلى اليأس. منذ ذلك الحين، أثبت أن تفكيك المؤسسة السياسية التقليدية التي كان المحتجون المناهضون للحكومة يأملون في تحقيقها في تشرين الأول 2019، مهمة شاقة بشكل متزايد.
لقد مضى عام ملئ بالاستقالات الحكومية، والقمع العنيف لحرية التعبير والتجمع، والفراغ السياسي المتنازع عليه الذي ترك قيادة غير مستقرة وسط اقتصاد منهار، وزيادة انقطاع التيار الكهربائي، وانفجار في الميناء أودى بحياة 200 شخص على الأقل.
إن الوضع المشحون جعل عودة رئيس الوزراء سعد الحريري، بعد شهور من استقالته، مفارقة مأساوية في رواية انتفاضة لبنان. ويبقى أن يُنظر إلى المدة التي سيبقى في السلطة فيها وهو يتعامل مع الظروف الاقتصادية المتدهورة وحركة الاحتجاج الغاضبة المتزايدة والمرونة والقتال.
ربما لا يوجد رمز أفضل للصمود اللبناني في هذه الأوقات الهشة والمتصدعة من تمثال نُصِب مؤخراً في بيروت لإحياء ذكرى ضحايا الانفجار المميت في الميناء. تمثال لامرأة ترفع شعلة في السماء من تصميم الفنانة والناشطة الاجتماعية اللبنانية حياة ناظر، وتم بناؤه من المعدن الملتوي والزجاج المكسور والتذكارات التي ساهم بها المجتمع المحلي.
سيكون الصمود ضروري في الأشهر القادمة. بين رئيس وزراء قديم جديد، والتحقيق في انفجار الميناء الذي أدى إلى عدم مساءلة كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين، يبدو أن استمرار الاحتجاجات والمعارضة السياسية أمراً لا مفر منه، كما هو الحال مع القمع الذي سيواجهه المنشقون على الأرجح.
وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة مهارات، فقد انتشرت الانتهاكات ضد حرية التعبير والتجمع في أعقاب انفجار الميناء في آب. يشمل ذلك قيام السلطات بتقييد الوصول إلى المعلومات وحجب المواقع الإلكترونية، فضلاً عن الهجمات على المتظاهرين والصحفيين والنشطاء، الذين واجهوا جميعهم استجوابات واعتقالات ودعاوى تشهير بسبب حرية تعبيرهم.
تم الاعتماد على قوانين التشهير الجنائية على نطاق واسع كأداة حكومية قمعية لإسكات المعارضة على الإنترنت في لبنان، ومعاقبة منتقدي الجيش والرئيس والمسؤولين الحكوميين بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. كما لجأت السلطات إلى اختراق منصات مثل مجموعات واتس آب التي يستخدمها النشطاء لتنظيم الفعاليات، في محاولة لتحديد واضطهاد قادة الاحتجاج.
في العراق، عاد المتظاهرون السلميون إلى الشوارع لإحياء الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات المناهضة للحكومة. مثل لبنان، عانى البلد عاماً من المشقة والوعود التي لم يتم الوفاء بها والتي تركت الفساد الحكومي المتفشي وسوء الإدارة الاقتصادية والبطالة المتزايدة دون معالجة. ومثل لبنان، شهد العراق أيضاً إسقاط حكومة تبعها قمع متزايد، إلى جانب أزمة صحية متنامية واقتصاد ينهار.
ربما كان ما يميز العراق هو درجة العنف المستمر الذي تمارسه قوات الأمن وكذلك جماعات الميليشيات المسلحة التي استهدفت المتظاهرين بشكل روتيني، وتسللت إلى الاحتجاجات، ونفّذت العديد من عمليات الخطف والاغتيال للمنتقدين خلال العام الماضي. خلال هذا الوقت، قُتِل ما يقدر بنحو 600 متظاهر وأصيب 30 ألف، مع استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لاستهداف المتظاهرين بشكل منهجي. وثّق مركز الخليج لحقوق الإنسان هذه الانتهاكات على نطاق واسع في تقاريره الدورية، مما يوفر سرداً لا يقدر بثمن للمحنة التي يواجهها الصحفيون ووسائل الإعلام في البلاد.
ترجمة التغريدة: قلبي في #بغداد. بالنسبة لي، عندما يرسل لي الأشخاص هناك عملهم بعد تعديله على موسيقاي، أتأثر للغاية. هذا الجيل العراقي لن يجلس بهدوء بعد الآن ويشاهد الفساد وسوء الحكم. سوف نقف معا عبر المحيطات من أجل مستقبل أفضل لأطفالنا.
لقد تم استخدام قانون العقوبات بشكل متكرر منذ بدء احتجاجات تشرين الاول 2019 لإسكات المنتقدين. وأمرت السلطات بتعليق مؤقت لعدة محطات تلفزيونية وإذاعية لانتهاكها قواعد ترخيص وسائل الإعلام، بما فيها رويترز التي تم تعليقها مؤقتاً بعدما شككت في الأرقام الرسمية لحالات كوفيد-19 في البلاد. كما تم استخدام قوانين التشهير بشكل متكرر لقمع الصحفيين ووسائل الإعلام المستقلة، الذين يواجهون أتهامات جنائية من خلال نظام تم خلاله توثيق الانتهاكات والتعذيب والاعترافات القسرية. يمتد استغلال قانون العقوبات أيضاً إلى كردستان العراق، حيث شنت السلطات هناك حملة اعتقالات تستهدف النشطاء والصحفيين بسبب حرية التعبير على الإنترنت.
الاعتقالات ومنع الاحتجاج
على الرغم من تفشي كوفيد-19 المستمر في السجون المكتظة في جميع أنحاء المنطقة، لا يزال سجناء الرأي يقبعون خلف القضبان. في المملكة العربية السعودية، أضربت الناشطة الحقوقية المسجونة لجين الهذلول عن الطعام احتجاجاً على ظروف سجنها. ووفقاً لمركز الخليج لحقوق الإنسان، فقد حُرمت من الاتصال المنتظم بأسرتها، وخضعت للحبس الانفرادي. تحدثت شقيقة لجين، لينا الهذلول، مع البي بي سي نيوزداي حول إضراب شقيقتها عن الطعام:
مع ظهور دستور جديد في الجزائر، يقول النقاد إنه لا يفعل الكثير من اجل تعزيز وحماية الحريات المدنية. دعت المنظمات الحقوقية إلى الإفراج الفوري عن الناشط المصاب بأمراض خطيرة عبد الله بنعوم، الذي كان رهن الحبس الاحتياطي منذ 11 شهراً بسبب منشوراته على الفيسبوك التي تنتقد السلطات.
أما في مصر، قبيل الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات، شنت قوات الأمن حملة قمع جديدة شملت اعتقالات جماعية في محاولة لمنع الاحتجاجات المتفرقة من اكتساب الزخم. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة عدد نزلاء السجون في البلاد، حيث لا يزال نشطاء مثل علاء عبد الفتاح، والمدافعون عن حقوق الإنسان محمد باقر وماهينور المصري من بين مئات الذين تم اعتقالهم في أعقاب احتجاجات أيلول العام الماضي، ومنذ ذلك الحين تم احتجازهم قبل المحاكمة بتهم لا أساس لها.
في مطلع تشرين الأول، أضرب السجناء في سجن طره عن الطعام احتجاجاً على تفشي الإساءة والإهمال ونقص الرعاية الطبية. أصبح السجن بيتاً لسجناء الرأي مثل المدون محمد “أوكسجين”، الذي عانى وفقاً للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان من سوء المعاملة والإهمال أثناء احتجازه على قبل المحاكمة منذ إعادة اعتقاله في أيلول 2019، ومثل السجين السياسي المعارض الدكتور مجدي الصفتي، الذي توفي الشهر الماضي بعد حرمانه من الرعاية الطبية.
فيما يعتقد بعض النشطاء أنها خطوة تهدف إلى إرسال رسالة إلى المحتجين المحتملين والسجناء المضربين، نفذت السلطات 49 عملية إعدام في غضون عشرة أيام فقط. وشملت الإعدامات الجماعية، التي وصفها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بـ “المجزرة”، 15 سجيناً سياسياً، ليرتفع العدد الإجمالي للسجناء السياسيين الذين قتلوا في عهد السيسي إلى 79 شخصاً.
كما واصلت السلطات الضغط على المنتقدين باعتقال وتهديد أفراد عائلاتهم. وفي الآونة الأخيرة، اعتقل مؤسس ورئيس تحرير الموقع الإخباري المستقل “درب”، خالد البلشي، مع اثنين من زملائه، بالإضافة إلى شقيقه كمال البلشي. واتهمت السلطات القضائية كمال بنشر أخبار كاذبة على الإنترنت والمشاركة في مظاهرات بمناسبة ذكرى احتجاجات عام 2019.
أجبر التدهور السريع لحقوق الإنسان وسط الوباء المستمر 278 مشرِّعاً أوروبياً وأمريكياً على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل علني الشهر الماضي للإفراج عن جميع سجناء الرأي الذين سُجنوا لمجرد ممارستهم حقوقهم الإنسانية.
في حين أن تجديد الاعتقالات أصبح وسيلة روتينية لإبقاء سجناء الرأي خلف القضبان، أعلنت وزارة العدل المصرية الشهر الماضي عن خططها لتجديد احتجازهم إلكترونياَ، بدلاً من عقد جلسات المحاكمة الشخصية. فوفقاً للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن هذه الخطوة تقوض الإجراءات القانونية الأساسية، وتحرم السجناء من القدرة على تقديم شكاوى بشأن سوء المعاملة أو الإساءة أو الحرمان من الرعاية الطبية التي يواجهونها في السجن، دون خوف من تداعيات ذلك من قبل سلطات السجن.
يشكل الاحتجاز بتهم غامضة وعدم القدرة على محاسبة السجانين على أفعالهم تهديداً أكبر لأعضاء مجتمع المثليين والمثليات وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم. وفقاً لتقرير جديد لمنظمة هيومن رايتس ووتش، “تختار القوى الأمنية بانتظام أشخاصا في الشوارع بالاستناد فقط إلى تعبيرهم الجندري، وتخدعهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة، وتفتّش هواتفهم بطريقة غير شرعية”، وتستخدم محتواها لتبرير احتجازهم لفترات طويلة، حيث تعرض النشطاء وأفراد المجتمع للتعذيب والضرب والعنف الجنسي أثناء الاحتجاز.
ترجمة التغريدة: تقرير جديد من هيومان رايتس ووتش يعرض تفاصيل الانتهاكات المروعة والتعذيب والمعاملة السيئة التي ارتكبتها قوات الأمن المصرية بحق مجتمع الميم في سجون مصر. حيث تم احتجاز أحمد علاء وسارة حجازي بسبب رفع علم قوس قزح. شاركوا قصته
كان الإفراج عن الكاتب الساخر شادي أبو زيد إحدى النقاط المضيئة في مصر الشهر الماضي، بعدما قضى أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي.
إيران: دماء وإغلاق واستعراض للتعذيب
في إيران، تم إطلاق سراح الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان نرجس محمدي الشهر الماضي بعد أن اكتسبت المخاوف المتزايدة على صحتها اهتماماً واسعاً بعد إضرابها عن الطعام احتجاجاً على ظروف السجن.
ومع ذلك، لا يزال مصير المحامية الإيرانية والمدافعة عن حقوق الإنسان نسرين سوتوده وآلاف سجناء الرأي الآخرين الذين يواجهون انتهاكات ممنهجة وحرماناً من الرعاية الطبية في خضم الوباء مجهولاً.
في الأسابيع التي سبقت الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات المناهضة للحكومة في تشرين الثاني 2019، بدأت السلطات موجة اعتقالات تقول جماعات حقوقية إنها تهدف إلى ترهيب الإيرانيين ومنع أي احتجاجات محتملة. لقد أسفرت احتجاجات العام الماضي عن حملة قمع وحشية ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، وأدت إلى مقتل المئات واعتقال الآلاف. وفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة المادة 19، تم تسهيل الكثير من هذه الحملة من خلال إغلاق الإنترنت على مستوى البلاد من قبل السلطات الإيرانية الذي استمر ستة أيام لأول مرة، مما أدى إلى تقييد الوصول إلى المعلومات الهامة والقدرة على التواصل وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان بأمان.
في الشهر الماضي، بعد انتشار مقاطع فيديو تظهر ضباط الأمن وهم يستعرضون ويضربون ويعذبون المعتقلين نفسياً في الشارع على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدرت السلطة القضائية الإيرانية أمراً يحظر التعذيب و”الاعترافات القسرية” وغيرها من انتهاكات حقوق المتهمين تحت شعار “الشفافية”.
من المرجح أن تكون مثل هذه التعهدات بمثابة تجميل للسمعة ولن تفعل الكثير لتفكيك “وباء التعذيب” في إيران. حتى السجناء الذين أبلغوا مؤخراً عن تعرضهم لسوء المعاملة في مرافق الاحتجاز في البلاد، وجدوا اتهامات جديدة وجهت إليهم من قبل القضاء انتقاماً منهم. كما لاحظت الباحثة في هيومن رايتس ووتش في إيران تارا سبهري فار: “الخطاب القضائي الأخير حول”الشفافية” أجوف بشكل خاص، إذا قام المدعون بإسكات ضحايا التعذيب المزعومين بدلاً من التحقيق بحياد في مزاعمهم”.
بالمختصر:
تونس: أثارت المناقشات البرلمانية حول سلسلة من مشاريع القوانين المثيرة للجدل قبل الذكرى العاشرة للثورة في البلاد احتجاجاً من المجتمع المدني. من بينها مشروع قانون يمنح قوات الأمن حصانة من الملاحقة القضائية بسبب استخدام القوة المميتة، وكذلك تعديل قانون حرية الاتصال المرئي والمسموع الذي من شأنه أن ينهي ترخيص محطات الإذاعة والتلفزيون. ويقول نشطاء إن مشروع القانون السابق من شأنه أن يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، بينما سيفتح هذا الأخير الباب أمام القوى الأجنبية لممارسة نفوذ مالي غير منضبط على الرأي العام. حتى كتابة هذه السطور، تم تقديم كلا المشروعين بشكل مؤقت من قبل البرلمان.
ترجمة التغريدة: تونس: تظاهر صحفيون وممثلون عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية، الثلاثاء، خارج مبنى ملحق @ARPtn احتجاجا على تعديل المرسوم بقانون رقم 116 بشأن تنظيم القطاع السمعي البصري الذي طرحه ائتلاف الكرامة.
اليمن: أفرج أخيراً عن خمسة صحفيين يواجهون الإعدام كجزء من تبادل الأسرى بين سلطات الحوثيين وحكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية.
فلسطين: انضم العديد من أعضاء آيفكس إلى مداخلة شفوية مشتركة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، حيث أعربوا عن قلقهم إزاء استهداف إسرائيل للمدافعين عن حقوق الفلسطينيين، وتحديداً عزمها على إلغاء الإقامة الدائمة في القدس للمحامي صلاح حموري. في غضون ذلك، اعتقل الجنود الإسرائيليون الصحفي والمخرج الوثائقي الفلسطيني عبد الرحمن ظاهر بعد أسابيع قليلة من إطلاق سراحه من قبل السلطة الفلسطينية.
ICYMI (في حالك فاتتكم..)
فعاليات تستحق القراءة عنها:
استضاف مركز حملة ندوة عبر الإنترنت حول الحقوق الرقمية الفلسطينية، بالإضافة إلى ندوة عبر الإنترنت حول دراسة المركز الأخيرة حول الأخبار الزائفة في فلسطين.
استضاف مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ندوة عبر الإنترنت حول الاستفتاء الدستوري في الجزائر: “استفتاء الأول من تشرين الثاني على الدستور: خطوة إلى الوراء للتطلعات الديمقراطية”.
نظم مركز الخليج لحقوق الإنسان ومنظمة العفو فعالية على الإنترنت بعنوان “السجين والقلم”، تم خلالها عرض الكتابات الجميلة والأغاني والأشعار للسجناء المدافعين عن حقوق الإنسان، وأيضاً للاحتفال بالفنون ذات الصلة للناشطين من المنطقة.
ستستضيف منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي الفعالية السنوية خبز ونت هذا العام افتراضياً، والذي يضم مناقشات متنوعة حول الحقوق الرقمية والأمن والسياسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.