تشرين الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
مضى عقد على قيام بائع متجول فقير في تونس يدعى محمد البوعزيزي بإضرام النار في نفسه رداً على المضايقات والإذلال المستمر من قبل السلطات. لقد أشعلت وفاته سلسلة من الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق في جميع أنحاء المنطقة العربية حيث سعى الناس إلى صنع مستقبل خالٍ من القمع وعدم المساواة وانعدام المساءلة.
مضت عشر سنوات، وامتلأت سجون المنطقة بالمعارضين الذين تعرضوا للتعذيب، ويتم استهداف الصحفيون بشكل منهجي، ويحاكم المواطنون بانتظام بسبب حرية التعبير على الإنترنت، ويسود الإفلات من العقاب بين الطبقة الحاكمة. حتى في تونس، مع إحراز تقدم كبير منذ الربيع العربي، لا يزال المواطنون يواجهون تداعيات خطيرة بسبب حرية التعبير.
كانت الأحداث خلال الأسابيع القليلة الماضية وحدها بمثابة تذكير صارخ بالوضع الراهن المدمر لحقوق الإنسان والمجتمع المدني في المنطقة.
عدالة مراوغة في الفضاء المدني المتقلص في مصر
في مصر، بدأ الشهر ببصيص من التفاؤل عندما تم الإفراج عن أفراد أسرة المعارض محمد سلطان، بعد احتجازهم لعدة أسابيع في محاولة للضغط على الناشط المقيم في الولايات المتحدة. وجاءت هذه الأخبار في أعقاب نتيجة الانتخابات الأمريكية والتهديد المحدق الذي تشكله رئاسة بايدن على دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية، اللتين تدهور سجلهما في مجال حقوق الإنسان بسرعة، مع الإفلات التام من العقاب خلال عهد ترامب.
ترجمة التغريدة: تم الإفراج عن جميع أبناء عمومتي غير السياسيين الخمسة الذين تم احتجازهم ظلماً انتقاما من دعوتي القضائية في الولايات المتحدة بعد 144 يوماً في السجن. وأنا مدين لكل من دافع بشكل خاص وعلني عن الافراج عن لعائلة سلطان وجميع المعتقلين ظلماً. لا يزال أبي مفقوداً! بيان المحامي
بعد أيام قليلة، اعتقلت السلطات ثلاثة أعضاء من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعد أن استضافت المنظمة اجتماعا مع دبلوماسيين غربيين لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
تُعتَبر المبادرة المصرية واحدة من المنظمات الحقوقية المصرية القليلة المتبقية التي تعمل في الفضاء المدني المتآكل في البلاد. وتقول المبادرة أن اعتقال موظفيها يمثل تصعيداً في استهداف النظام للمدافعين عن حقوق الإنسان.
وجِهَت مجموعة متوقعة من تهم لا أساس لها من الصحة بحق المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمدافع المخضرم عن حقوق الإنسان جاسر عبد الرازق، وزملائه محمد بشير وكريم انارة وباتريك جورج زكي – المحتجز منذ شباط الماضي. وتضمنت هذه التهم – مجموعة متوقعة من التهم “الانضمام إلى منظمة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”. ويتعرّض عبد الرازق لظروف مهينة في الاحتجاز، حيث وردت أنباء أنه وُضع في الحبس الانفرادي وحُرم من الحصول على فرشة وضروريات أساسية. ودعت مجموعات حقوقية، بما فيها 33 عضواً في شبكة آيفكس، إلى الإفراج الفوري عنهم.
ترجمة التغريدة: “انه واحد من القلائل الذين تجرأوا على تحدي النظام المصري بشكل علني”، هكذا قالت جيلي كيلي إلى البي بي سي بعد أسبوع من اعتقال زوجها كريم من قبل أمن الدولة المصري. “لا يزال مسجوناً، على الرغم من دعوات الخارجية البريطانية للافراج عنه”.
داخل جدران السجون المصرية المكتظة، يواجه الآلاف من السجناء السياسيين ظروفاً غير صحية ومهينة، والتي لفت النشطاء المحليون والجماعات الحقوقية الانتباه إليها مراراً وتكراراً. يُحرم الكثيرون من الوصول إلى الملابس الدافئة والأسرّة ومستلزمات النظافة، مما تسبب في أزمة صحية أدت إلى حدوث وفيات خلال جائحة كوفيد-19. فقد توفي الصحفي المخضرم محمد منير والمخرج شادي حبش بسبب الإهمال الطبي. ويحتجز آخرون في الحبس الانفرادي، حيث يُحرمون من أشعة الشمس والتواصل مع عائلاتهم.
في منطقة تكافح فيها الكلمات للهروب من جدران السجن، تسلط أغنية حديثة للفنان والناشط المصري رامي عصام بعنوان “القميص الكاروه” الضوء على ظروف السجن ومشاعر العزلة. كلمات الأغنية من قصيدة كتبها الشاعر المسجون جلال البحيري، والموجود في سجن طرة منذ عام 2018، بسبب كتابة شعر اعتبره الجيش استفزازياً.
في الوقت نفسه، الأمل في أن يحظى موظفو المبادرة المصرية وسجناء الرأي الآخرون محاكمات عادلة، يقوضه النظام القضائي الذي يعمل بشكل متزايد كأداة قمعية للدولة. هناك العديد من المعارضين المسجونين في البلاد رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، وتم تأجيل مواعيد محاكماتهم بانتظام، ووجهت تهم جديدة ضدهم في محاولة لاسكات أصواتهم من خلال إبقائهم وراء القضبان إلى أجل غير مسمى.
في الشهر الماضي، وضعت محكمة مصرية 28 شخصاً على قائمة إرهاب الدولة، من بينهم المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح. وكانت قائمة الإرهاب أداة قمعية أخرى في ظل حكومة السيسي، مع التصنيف السيئ السمعة المستخدم لفرض قيود صارمة، بما في ذلك المنع من السفر، ومصادرة جوازات السفر، وتجميد الأصول المالية بحق النشطاء السلميين في الغالب.
لا تزال العدالة بعيدة المنال في قضية جوليو ريجيني، الطالب الإيطالي الذي قُتل بوحشية في القاهرة قبل أربعة أعوام، حيث أغلق المدعي العام المصري الملف مؤقتاً. مع ذلك، يقول المدعون العامون في روما إن لديهم أدلة كافية للمضي قدماً في قضيتهم، واتهموا خمسة أعضاء من جهاز الأمن القومي المصري بقتل الباحث، في خطوة من المحتمل أن تؤثر على العلاقة بين البلدين.
تحسين صورة وحكاية سعوديتين
مع انتشار انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة على مدى العقد الماضي، أنفقت دول مثل المملكة العربية السعودية المليارات لتبييض سجلها الحقوقي السيئ. فمن استضافة الفعاليات الرياضية رفيعة المستوى مثل رالي داكار، إلى المصارعة المحترفة، والحفلات الموسيقية التي يشارك فيها نجوم البوب العالميين، سعت المملكة العربية السعودية إلى تقديم صورة تقدمية عن نفسها للعالم الذي يجلس في مكان قريب من الواقع الساطع.
في الأسابيع الأخيرة وحدها، استضافت “مملكة الصمت” سلسلة من الفعاليات الدولية، بما في ذلك قمة مجموعة العشرين وبطولة غولف أوروبية للسيدات – ساهم هاشتاجها الترويجي #LadiesFirst فقط في تسليط الضوء على المفارقة المأساوية لبلد يستمر في سجن الناشطات في مجال حقوق المرأة مثل لجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ونوف عبد العزيز، ومايا الزهراني. أطلقت المنظمات الحقوقية، بما فيها أعضاء آيفكس، مركز الخليج لحقوق الإنسان، وأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، حملة #FreedomFirst لتقديم خطاب مضاد للدعاية السعودية حول حقوق المرأة، وزيادة الوعي حول الناشطات المحتجزات.
في غضون ذلك، قوبلت قمة مجموعة العشرين بحملات غاضبة من المنظمات الحقوقية. حيث استضافت منظمة بن الأمريكية قمة مضادة مباشرة سلطت الضوء على سجل الحقوق السعودي الفاضح، في حين دعت منظمة مراسلون بلا حدود الجمهور إلى اختطاف الهاشتاج الرسمي #G20SaudiArabia برسائل تدعم 34 صحفياً مسجونين ظلماً في البلاد.
ترجمة التغريدة: أوه، ما هذا في هذه النسخة من التايمز الاقتصادية؟ إنه تذكير للقادة المتجهين إلى مجموعة العشرين في المملكة العربية السعودية بأن 5 ناشطات سعوديات ما زلن محتجزات بسبب مطالبتهن بالحقوق الأساسية للمرأة.
كما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش قادة مجموعة العشرين إلى عدم ترك البلد الذي يستضيفهم يفلت من سجن النقاد، حيث قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “بدلا من إبداء قلقها بشأن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السعودية، تُعزز مجموعة العشرين الجهود الإعلانية الممولة جيدا للحكومة السعودية الرامية إلى تصوير البلاد على أنها (إصلاحية) رغم ازدياد كبير في القمع منذ 2017″.
ربما في دليل إضافي على ازدواجية البلاد التي لا يمكن التوفيق بينها، أشار السفير السعودي في المملكة المتحدة إلى احتمال العفو عن النشطاء مثل الهذلول خلال مقابلة مع صحيفة الغارديان قبل القمة. بعد ثلاثة أيام من انتهاء القمة، مثلت الهذلول – التي تدهورت صحتها بعد إضرابها عن الطعام مؤخراً احتجاجاً على سوء معاملتها – أمام المحكمة لأول مرة منذ شهور، لتتحول قضيتها إلى محكمة الإرهاب المعروفة بمحاكماتها الجائرة.
لاحظت المنظمات الحقوقية أيضاً تعيين المملكة العربية السعودية مؤخراً لأمال المعلمي كسفيرة في النرويج – وهي ثاني امرأة سعودية تصبح سفيرة – كدليل إضافي على جهودها المزدوجة لتصوير نفسها على أنها دولة تعزز تمكين المرأة. وتعرضت المعلمي لانتقادات لزيارتها الهذلول في السجن، حيث أبلغتها المدافعة عن الحقوق بتعذيبها وتجاهلت مناشداتها للتدخل.
ترجمة التغريدة: وصفت لينا الهذلول اللحظة التي سأل والديها لجين الهذلول عما إذا كانت مزاعم تعذيبها على أيدي السلطات السعودية صحيحة. فانهارت لوجين بالبكاء.
التبييض الرياضي والمحاكمات الجماعية في البحرين
شاركت البحرين المجاورة بنشاط في جهود تحسين صورتها، وتعزيز إنجازاتها في مجال حقوق المرأة، مع الاستمرار في سجن المدافعات عن حقوق الإنسان بسبب حرية تعبيرهن.
شهد الشهر الماضي استضافة البلاد لسباق الفورمولا 1، وسط قلق متزايد بشأن سجل البحرين الكارثي في مجال حقوق الإنسان. ففي رسالة تم إرسالها إلى المنظمة، أكدت 16 مجموعة حقوقية على الدور الذي تلعبه الفورملا 1 في التبييض الرياضي لتحسين صورة انتهاكات حقوق الإنسان، قائلة إنه من خلال “زيادة حضور الفورمولا 1 في البلاد في هذا الوقت المضطرب”، فإنهم “يؤدون علاقات عامة لا تقدر بثمن لحكومة البحرين ويخاطرون بتطبيع انتهاك حقوق الإنسان في البلاد”.
شهدت الأسابيع الأخيرة إدانة 51 شخصاً غيابياً خلال محاكمة جماعية شابتها انتهاكات الإجراءات القانونية، بما فيها الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب. وجاءت المحاكمة وسط تصعيد في الآونة الأخيرة في حملة القمع المستمرة من قبل السلطات، والتي تقول جماعات حقوقية إنها استهدفت المنشقين والنشطاء وكذلك الشخصيات الدينية والثقافية. كما تم اعتقال العديد من الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، بسبب تعبيرهم على الإنترنت بعد وفاة رئيس الوزراء الذي ظل لفترة طويلة في البلاد، خليفة بن سلمان آل خليفة الشهر الماضي
لبنان: محاكمات عسكرية وحماية خطاب المثليين والمثليات وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم
في حين أن مطالب المساءلة عن تفجير بيروت القاتل وإطلاق النار على المتظاهرين في الأيام التي تلت ذلك لم يتم الوفاء بها، لا يزال المتظاهرون المناهضون للحكومة يواجهون الاعتقالات والاستدعاء للمحكمة. فوفقاً لمحال – وهو مرصد لحرية التعبير – فقد تقدمت شخصيات وأحزاب سياسية بعشرات الشكاوى، معظمها ضد الصحفيين والنشطاء خلال العام الماضي من الاحتجاجات المناهضة للحكومة. كما تمت إحالة 90 مدنياً على الأقل إلى محاكم عسكرية حيث يواجهون تهماً ثانوية، خاصة بسبب منشوراتهم النقدية على وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد كان رفض لبنان التوقيع على البيان الأخير للائتلاف العالمي لحرية الإعلام بمثابة ضربة لكل من حرية التعبير وتكوين الجمعيات. وكان البيان الصادر عن شراكة الدول الداعية لحرية الإعلام قد عبر عن حاجة الأعضاء للدفاع عن حرية التعبير وحماية الصحفيين، وخاصة الذين ينتمون إلى الفئات المهمشة مثل مجتمع المثليين والمثليات وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم، الذين يواجهون مخاطر وتهديدات غير مسبوقة تفاقمت بسبب الجائحة العالمية.
في تقرير صدر مؤخراً عن الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة، أعربت الجماعات الحقوقية عن قلقها العميق بشأن “القيود القانونية وغير القانونية المفروضة على حرية تكوين الجمعيات، خاصةً الاستهداف المنهجي للجمعيات والأنشطة من قبل مجتمع المثليين والمثليات وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم.
بالمختصر
الجزائر: أصدر البرلمان الأوروبي قراره العاجل الثاني بشأن الجزائر خلال عام، داعياً الانتباه إلى التدهور السريع للفضاء المدني والحريات في البلاد. يأتي ذلك وسط حملة قمع مستمرة لحرية التعبير، وقائمة متزايدة من المسجونين بسبب ممارسة هذا الحق، بمن فيهم نشطاء حراك وصحفيون مثل خالد دراريني وأنيس رحماني.
ليبيا: اغتيلت المحامية والناشطة الحقوقية البارزة حنان البراسي في بنغازي الشهر الماضي في عمل وقح هزّ مجتمع النشطاء. وفقاً لجماعات حقوقية، فإن مقتلها يتبع “نمطاً مقلقاً في السنوات الأخيرة من الهجمات العنيفة ضد ناشطات بارزات ينتقدن السلطات والميليشيات التابعة لها”.
العراق: يواجه المدونون والصحفيون قضايا تشهير لانتقادهم استجابة الحكومة لكوفيد – 19. فمع تزايد حالات التشهير، تقول هيومن رايتس ووتش إن الجهود المستمرة لإدخال قانون جرائم الإنترنت لالذي يمنح السلطات أداة أخرى لقمع المعارضة في مساحة مدنية متقلصة بالفعل.