كانون الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
مع بداية عام 2021، أكمل الربيع العربي دائرته في المنطقة، التي أمست تذكرنا بشكل رهيب بعقد مضى، عندما اندلعت الاحتجاجات ردًا على الوضع الذي لم يكن يطاق؛ فقد شهد الشهر الماضي استمرار المظاهرات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء المنطقة في مواجهة عمليات الإغلاق لكوفيد-19، وقمعًا شديدًا لحرية التعبير والتجمع.
خبز، وكرامة، وعدالة للجميع
مع بداية العام الجديد، استمر النضال من أجل الخبز، والكرامة، والعدالة، حيث نزل الناس في المنطقة إلى الشوارع مرة أخرى. فشلت السلطات في معالجة المظالم الطويلة الأمد، والمطالبات بتحسين التعليم، والوظائف، ووضع حد للفساد، وبدلا من تنفيذ كل ذلك، قامت السلطات بحملات قمع عنيفة ضد حرية التعبير، والتجمع، لإسكات المنتقدين. لعب عدد من القضايا دور الفتيل في خضم الجائحة العالمية وحالات الطوارئ الدائمة المفروضة على المجتمعات المتعطشة اقتصاديًا، في حين وفر التأثير المدمر لإغلاق كوفيد-19 الشرارة.
في لبنان، وسط ارتفاع حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، تعاني البلاد أيضًا من أسوأ تدهور في الحقوق منذ عقود، وفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش؛ فبعد ستة أشهر من انفجار ميناء بيروت، يواصل الضحايا المطالبة بالمحاسبة. يعتبر الانفجار أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، حيث قتل 200 شخص، وجرح الآلاف، وترك المدينة مجروحة من بعده. بينما قدمت الصحافة الاستقصائية مزيدًا من المعرفة حول الحدث المأساوي، إلا أن التحقيق المحلي كان مليئًا بانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة. قادت عائلات الضحايا مظاهرة خارج منزل قاضي التحقيق، فادي صوان للمطالبة بالعدالة، حيث تعرضوا للقمع العنيف من قبل شرطة مكافحة الشغب.
في غضون ذلك، واجه المتظاهرون في مدينة طرابلس شمال لبنان قوات الشرطة في اشتباكات دامية خلفت مئات الجرحى وتوفي اثنين على الأقل في الحجز. كما اندلع الغضب من تأثير قواعد ،الإغلاق الصارمة على المدينة المحرومة اقتصاديًا، بالفعل، وسط انهيار الاقتصاد، وبالطريقة المعتادة، ردت قوات الأمن بقوة وحشية باستخدام الرصاص المطاطي، والغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية.
ترجمة التغريدة: خلال حديثي مع أحد معارفي في طرابلس قال لي: “لديهم [الحكومة] أموالاً تنفقها على [عبوات الغاز المسيل للدموع] ولكن ليس على المساعدات لدعم أفقر مدينة في #لبنان”. دفع الوضع الاقتصادي المتدهور ونقص المساعدات الحكومية الناس إلى اليأس.
ًوتتزامن الاشتباكات مع تقرير لمنظمة العفو الدولية يدين بيع فرنسا أسلحة لقوات الأمن اللبنانية تشمل قنابل الغاز المسيل للدموع، وقاذفات قنابل يدوية، ومركبات مصفحة، قائلاً إنها لعبت دورا “مخيفاً” في قمع الاحتجاجات السلمية بين عامي 2015 و 2020.
“الإغلاق السياسي” والقمع العنيف
في منطقة المغرب العربي، عاد المتظاهرون في تونس إلى الشوارع حاملين مظالم مماثلة، ليتم قمعهم بشكلٍ مألوفٍ على يد السلطات؛ وسط تعثر الاقتصاد والقيود الناجمة عن فيروس كورونا، احتشد المئات من الشباب التونسيين في جميع أنحاء البلاد الشهر الماضي رداً على الإغلاق الصارم لمدة أربعة أيام.
بالتزامن مع الذكرى العاشرة لثورة الياسمين، أطلق المتظاهرون على الإغلاق اسم “الإغلاق السياسي” المصمم لصد الاحتجاجات الجماهيرية كردٍ على فشل الحكومة في إدارة الأزمة الصحية؛ ففي بلد انتهت فيه مضايقات الشرطة لبائعٍ متجولٍ واحدٍ بالإطاحة بديكتاتور، لم يساعد مقطع الفيديو الذي انتشر مؤخراً بشكل واسع، والذي يظهر ضابط شرطة يضرب راعياً في منطقة سليانة القضية في البلاد.
ردد المتظاهرون شعاراتٍ تذكر بثورة 2011 في البلاد، حيث شجبوا رد القوات الأمنية الوحشي على الاضطرابات، والتي تضمنت اعتقال أكثر من 1000 شخص خلال أسبوعين، كما دعوا إلى تغييرات في النظام السياسي. في نفس الوقت، واجه المدونون والنشطاء أيضًا الاعتقال بسبب منشوراتهم الانتقادية على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسلط الضوء على استمرار استغلال السلطات لقوانين غامضة تهدف إلى الحد من حرية التعبير، لا سيما خلال الوباء.
في العراق، كان الوضع أكثر فتكًا. فقد استمرت المظاهرات المناهضة للحكومة والتي بدأت في شهر تشرين الأول 2019، حيث يتعرض المتظاهرون، والنشطاء، والصحفيون لبعضٍ من أعنف أشكال القمع في المنطقة على أيدي السلطات والمليشيات المختلفة.
في شهادة عن همة العراقيين، احتج الآلاف على الوضع الاقتصادي المزري في البلاد خارج مكتب رئيس الوزراء في بغداد الشهر الماضي، بعد أيامٍ فقط من تفجيرين انتحاريين هزا العاصمة للمرة الأولى منذ حوالي عامين. بينما يكافح العراقيون لتغطية نفقاتهم وسط الوباء، والأزمة الاقتصادية، والوضع الأمني غير المستقر، فإن القرار الأخير بتأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها هذا الصيف لم يفعل شيئًا لاستعادة الثقة في قيادة البلاد.
الأخطار الصحفية وسبعة اتجاهات قاتلة
شهد العقد الماضي تزايداً في البيئة المعادية للصحفيين الذين يغطون التحولات السياسية في المنطقة؛ وفقًا للجنة حماية الصحفيين، استخدمت السلطات في المنطقة وسائل حديثة وتقليدية لقمع الصحافة المستقلة واستهداف الصحفيين؛ فقد وثقت المنظمة الحقوقية سبعة اتجاهات من العقد الماضي تراوحت بين سجن الصحفيين، والاغتيالات المستهدفة، والرقابة على وسائل الإعلام على الإنترنت، وتجريم الصحافة من خلال قوانين “الأخبار الكاذبة”، والمراقبة المستمرة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
ترجمة التغريدة: أصبحت مصر ثقلا على قلوبنا. في الذكرى العاشرة للانتفاضة المصرية، يتذكر الصحفي حسام الحملاوي بعض الأحداث الكبرى التي جاءت بعد الإطاحة بحسني مبارك، والتي جعلت الكثير من المصريين يشعرون بالإحباط.
في هذا السياق، يبرز المشهد الإعلامي في مصر. بعد عشر سنوات من ثورة 25 يناير، أصبحت حرية الصحافة في البلاد في أدنى مستوى لها من أي وقت مضى، حيث لا يزال العاملون في ،مجال الإعلام مستهدفين بحملة قمع عدوانية، جعلت البلاد واحدة من أكبر سجاني الصحفيين في العالم؛ يوجد ما لا يقل عن 33 صحفيًا خلف القضبان، جنبًا إلى جنب مع المدونين، والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولكل واحد منهم قصة مروعة.
لما قلت له أنا مش مخبرة، ومش هعمل كده، هددنى انى مش هشوف ابنى تانى، .وهددنى بزوجى أيضاً
على سبيل المثال، فقد تم فصل الزوجين الصحفيين المسجونين، سلافة مجدي وحسام الصياد عن بعضهما وعن ابنهما منذ 14 شهرًا. في كانون الثاني/يناير، ظهرت تقارير مقلقة عن ضغوط نفسية تعرضت لها مجدي من قبل سلطات السجن، بما في ذلك التفتيش الجسدي وإجبارها على التعري، وبحسب ما ورد، فقد ضغط أحد المحققين على مجدي لتصبح مخبرة، حيث قالت لمحاميها: “لما ما قلت له أنا مش مخبرة ومش هعمل كده هددنى انى مش هشوف ابنى تانى، وهددنى بزوجى أيضاً”.
مثل العديد من زملائها المسجونين، عانت مجدي من تدهورٍ في صحتها، ورُفِضَت طلباتها للحصول على رعاية طبية عاجلة؛ كشف تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أن السلطات حرمت سجناء الرأي من الرعاية الصحية لمعاقبة المعارضين بشكل متعمد، مما أدى إلى وفيات عديدة أثناء الجائحة، فيما وصفته المنظمة الحقوقية بأنه “تعذيب”، وبحسب التقرير، قالت السجينات إنهن تعرضن للاعتداء الجنسي والتحرش من قبل الطاقم الطبي في السجن.
لم يكن وضع الفنانين أفضل في ظل حكم السيسي؛ فقد اعتقل رسام الرسوم المتحركة، أشرف حمدي، في 25 كانون الثاني بعد أن نشر مقطع فيديو بمناسبة ذكرى الثورة، وكتب حمدي في منشور على فيسبوك: :”انا بيتقبض عليا”، أثناء اعتقاله من قبل السلطات من منزله. في دليل على قلة تسامح النظام مع السخرية، اتهمت السلطات المخرج بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة. وفقًا لمدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، فإن اعتقال حمدي “يوضح أن الشرطة والسلطات لم تتغير وأن هذا النهج هو سمة متأصلة في جهاز الشرطة”.
“ترجمة التغريدة: أنا الصوت عندما يريد العالم الصمت، أنا من وقفت في وجه الظلم والفساد والاستبداد، “في الذكرى العاشرة لثورة #25يناير، اعتقلت #مصر رسام الكاريكاتير أشرف حمدي بسبب هذا الفيديو على قناته egyptoon.
بالمختصر:
في إيران، عَبَر الصحفي محمد مساعد الحدود إلى تركيا سيرا على الأقدام الشهر الماضي، وتقدم بطلب للحصول على اللجوء، حيث يواجه حكما بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب عمله الناقد حول سوء إدارة الجائحة في البلاد. دعت لجنة حماية الصحفيين السلطات التركية إلى إجراء مراجعة عاجلة لطلبه، وضمان عدم ترحيله، وقد تصدرت قضية مساعد قائمة تحالف الصحافة الحرة التي تضم “أكثر عشر قضايا إلحاحًا” لحرية الصحافة حول العالم اليوم.
في البحرين، دعت أكثر من 100 منظمة إلى الإفراج الفوري عن المدافع البارز عن حقوق الإنسان، عبد الهادي الخواجة في رسالة موقعة إلى رئيسة الوزراء مته فريدريكسن. الخواجة، وهو مواطن دنماركي بحريني، محتجز وراء القضبان منذ حوالي عشر سنوات بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير. حُرِم المدافع عن حقوق الإنسان مؤخرًا من الكتب، أو الاتصال المنتظم مع أسرته، كما حرم بشكل تعسفي من العلاج الطبي للعمليات الجراحية التي يحتاجها.
في الإمارات العربية المتحدة، ظهرت تفاصيل جديدة الشهر الماضي حول محنة الناشط الإماراتي البارز في مجال حقوق الإنسان، أحمد منصور، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات بتهم تتعلق بالتعبير. سلط التقرير الذي أعده أعضاء آيفكس: هيومان رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان الضوء على ظروف سجن منصور اللاأنسانية، حيث قدم التقرير تفاصيل لم يُكشَف عنها سابقًا عن محاكمته المغلقة وجلسة الاستئناف،والتي تقول الجماعات الحقوقية عنها بأنها تمثل انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة.
في المغرب، حُكم على المدافع البارز عن حقوق الإنسان والمؤسس المشارك للجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية، معاطي منجب، الشهر الماضي بالسجن لمدة عام بتهمة الاحتيال وتعريض أمن الدولة للخطر.
قال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، شريف منصور أن: “الحكومة المغربية تراقب وتضايق الصحفي معاطي منجب منذ سنوات، وبخطوة حبسه هذه، تخبرنا السلطات أنها لا تستطيع حتى أن تتظاهر بالاهتمام بحرية الصحافة”. كما اتُهِم الصحفيان المنفيان هشام منصوري وعبد الصمد آيت عائشة بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر، وحُكم عليهما غيابيًا بالسجن لمدة عام بالإضافة إلى غرامة مقدارها 5000 درهم (558 دولارًا أمريكيًا).
ًالجدير بالذكر أيضا:
- بحث جديد من منظمة سمكس، وهي عضو في شبكة آيفكس، يدرس استخدام الهوية البيومترية للناخبين في لبنان قبل انتخابات عام 2022. في ظل غياب قوانين حقيقية لحماية البيانات، فإن احتمالية نمو مثل هذا النظام ليصبح مخططًا وطنيًا واسعا يمكن أن “يسهّل المراقبة ويزيد من الإقصاء المدني “.
- على المستوى الإقليمي، يتعمق بحث جديد من “Acess now” في كيفية إيذاء قوانين حماية البيانات غير الملائمة في لبنان، وتونس، والأردن، وفلسطين، بالأشخاص والمجتمعات المعرضة بالفعل للهجمات، والتمييز، والقمع، بما في ذلك النساء، والأشخاص الذين يعيشون تحت الاحتلال، واللاجئين، والمثليين، والمثليات، ومزدوجي الميل الجنسي، والمتحولين جنسياً، والكوير وغيرهم.
- سيعقد منتدى النشاط الرقمي الفلسطيني في الفترة ما بين 29 آذار و 1 نيسان 2021. تأمل الفعالية التي سيتم تنظيمها من قبل منتدى المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، العضو في شبكة آيفكس. والتي ستقام عبر الإنترنت، في إشراك النشطاء، والخبراء الرقميين والمدنيين، والمجتمع المدني، وشركات التكنولوجيا، والحكومات، من أجل التركيز على الحقوق الرقمية الفلسطينية أثناء جائحة فيروس كورونا.