"الصحفيين يدفعون الثمن باهظاً وسط ثقافة الإفلات من العقاب التي تخيم على البلاد، وهو ما يجعل من الضروري تحديد هوية المسؤولين عن هذه الجرائم ومتابعتهم وتقديمهم للعدالة".
اغتيل الإعلامي والمحلل السياسي لقمان سليم قبل عام بالضبط، حيث عُثر عليه مقتولاً بالقرب من سيارته في 4 فبراير/شباط، بينما كان في طريق عودته إلى بيته في بيروت.
وبينما تشير الكثير من أصابع الاتهام إلى بعض أعضاء حزب الله، الذين انهالوا عليه بالتهديدات على مدى عدة أشهر على خلفية تصريحاته الناقدة، فإن التحقيقات لم تسفر عن أي مؤشرات من شأنها الكشف عن مرتكبي الجريمة أو تقديمهم للعدالة.
وأمام هذا الوضع، وجهت مراسلون بلا حدود في أواخر يناير/كانون الثاني رسالة ادعاء رسمية إلى الأمم المتحدة بشأن اغتيال لقمان سليم، إلى جانب قضايا تتعلق بـ27 صحفيًا آخرين كانوا ضحايا لأعمال عنف وتهديدات خطيرة، محذرة من التدهور المقلق لحرية الصحافة وسلامة الصحفيين في لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وفي الخطاب الموجه إلى ثلاثة مقررين خاصين لدى مجلس حقوق الإنسان، وتحديداً المقررين المعنيين بالإعدامات خارج نطاق القضاء وحرية التعبير والعنف ضد المرأة، تحث مراسلون بلا حدود الأمم المتحدة لاتخاذ الخطوات اللازمة لدى السلطات اللبنانية من أجل الحصول على ضمانات بشأن سلامة الصحفيين وحمايتهم، علماً أن ظروف عملهم تدهورت بشكل حاد منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للفساد في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 وانفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020.
وفي هذا الصدد، قال أنطوان بيرنار، مدير المناصرة في مراسلون بلا حدود، “يجب إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة في جميع أعمال العنف وجميع الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”، مضيفاً أن “الصحفيين يدفعون الثمن باهظاً وسط ثقافة الإفلات من العقاب التي تخيم على البلاد، وهو ما يجعل من الضروري تحديد هوية المسؤولين عن هذه الجرائم ومتابعتهم وتقديمهم للعدالة”.
وبحسب إحصاء أجرته مراسلون بلا حدود، فقد تم ارتكاب نحو 140 انتهاكًا ضد الصحفيين في لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019. ويشمل هذا الرقم غير المسبوق أعمال العنف الجسدي واللفظي بالإضافة إلى الاعتقالات، علماً أن حوالي 30٪ من هذه الانتهاكات استهدفت الصحفيات، اللائي تطالهن بشكل خاص حملات التنمر الإلكتروني والتهديدات بالقتل، مما اضطر إحداهن، مريم سيف (نداء الوطن)، إلى الفرار من البلاد.
هذا وقد أثار مقتل المصور الصحفي جوزيف بيجاني، في ديسمبر/كانون الأول 2020، العديد من التساؤلات كذلك، حيث لم يُجر أي تحقيق جدي في هذه الجريمة، علماً أنه لم يتم حتى الآن توضيح دوافع القتلة.
يُذكر أن لبنان يحتل المرتبة 107 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في العام الماضي.