يواجه الناشطون اللاجئون اعتقالات تعسفية، والركل والضرب بالعصي، والعمل القسري بسبب حشدهم احتجاجات على المضايقات والمعاملة العنصرية من قبل السلطات المصرية.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 27 آذار 2022
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الشرطة المصرية اعتقلت تعسفا 30 لاجئا وطالب لجوء سوداني على الأقل خلال مداهمات في ديسمبر/كانون الأول 2021 ويناير/كانون الثاني 2022 وضربت بعضهم وأخضعتهم للعمل القسري.
بعض النشطاء المستهدفين كانوا قد حشدوا الدعم لمظاهرات أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة للّاجئين بالقاهرة احتجاجا على المضايقات والمعاملة العنصرية من قبل مصريين، وغياب الحماية، وتأخر إعادة التوطين. نظموا أيضا مظاهرة أمام السفارة السودانية بالقاهرة تعبيرا عن تضامنهم مع الاحتجاجات في السودان ضد الدور السياسي للجيش هناك. كان كل من اعتُقلوا مسجلين لدى المفوضية كلاجئين أو طالبي لجوء وأُطلق سراحهم لاحقا بلا توجيه أي تهم.
قال جو ستورك، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “للّاجئين الحق مثل الجميع في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. على النائب العام المصري التحقيق في الاعتقالات التعسفية وسوء معاملة اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين ومحاسبة المسؤولين عنها”.
قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة لاجئين سودانيين تم اعتقالهم، وكذلك عضو في “حقوق اللاجئين الأفارقة”، وهي مجموعة مجتمع مدني مقرها القاهرة. قالوا إنه في 27 ديسمبر/كانون الأول، اعتقل رجال شرطة بثياب مدنية تعسفا 24 لاجئا وطالب لجوء سودانيا، منهم نشطاء مجتمعيون معروفون، في منازلهم، والمقاهي، والشارع، ومراكز مجتمعية في مدينة نصر بالقاهرة.
قال من قابلناهم إن الشرطة نقلتهم إلى منشأة أمنية على بعد حوالي 30 دقيقة وأجبرتهم على تفريغ صناديق من شاحنات كبيرة إلى مستودعات مستخدمةً الهراوات لضرب من زعمت عدم عملهم بجدية وأهانتهم بملاحظات عنصرية. لم يتلق اللاجئون أي تعويض. كانت الصناديق مكتوب عليها “تحيا مصر“، في إشارة إلى برنامج يوزع فيه الجيش مواد عينية في المناطق الفقيرة.
في 28 ديسمبر/كانون الأول، أنزلت الشرطة الرجال على محور المشير طنطاوي قرب المنشأة الأمنية، بعد مصادرة هواتفهم الخلوية وشرائح الهاتف.
قال أحد الرجال لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة اعتقلته في 27 ديسمبر/كانون الأول في مركز مجتمعي. أضاف أن أحد عناصر الشرطة الذين أجبروهم على تفريغ الشاحنات قال له: “أنت سوداني كسول يجب أن تعمل لأنك تسبب الكثير من المشاكل والضجة في مصر”.
وفي مداهمة ثانية، في 5 يناير/كانون الثاني، اعتقلت الشرطة 19 لاجئا وطالب لجوء سودانيا في نفس المواقع، وفقا لـ حقوق اللاجئين الأفارقة وثلاثة لاجئين سودانيين. كما قُبض على نحو سبعة أشخاص في هذه الحادثة في 27 ديسمبر/كانون الأول أيضا.
قالوا إن الشرطة أجبرت أيضا الرجال الـ19 على تفريغ صناديق مكتوب عليها “تحيا مصر” من شاحنات في نفس المنشأة الأمنية. في اليوم التالي، أنزلت الشرطة المجموعة عند محور المشير طنطاوي.
كان اثنان من المعتقلين في 5 يناير/كانون الثاني يعملان في مركز مجتمعي سوداني. قال أحدهما، الذي قُبض عليه في منزله في مدينة نصر، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة أجبرته تلك الليلة على تفريغ الصناديق من شاحنات إلى المستودعات من 8 مساء إلى 3 فجرا. قال إن عناصر الشرطة ركلوه وضربوه بأيديهم وعصي مطاطية، بدعوى أنه يعمل ببطء.
قال الرجل الآخر من نفس المركز المجتمعي إن الشرطة اعتقلته في منزله في مدينة الشروق بالقاهرة خلال مداهمتَيْ ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني. قال إن الشرطة أجبرته على تفريغ صناديق من الشاحنات، مضيفا أنها حذرته في ديسمبر/كانون الأول من إبلاغ المفوضية بالحادثة وهددته بالاعتقال ثانيةً.
قال اللاجئون الثلاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر “قطاع الأمن الوطني” في القاهرة استدعوهم مرتين خلال عام 2021. أضافوا أن العناصر احتجزوهم أحيانا لمدة قاربت الثماني ساعات في المقر دون أي اتصال خارجي وهددتهم بالترحيل إلى السودان إذا استمروا في حشد احتجاجات الجالية السودانية أمام مكتب المفوضية أو أبلغوا المفوضية عن الانتهاكات. قالوا إن الجهاز حاول تجنيدهم كمخبرين عن أنشطة الجالية السودانية، لكنهم رفضوا.
قال رجل إن العناصر هددوه بتلفيق قضية مخدرات ضده.
نظم نشطاء مجتمع اللاجئين السودانيين في مصر احتجاجات أمام مقر المفوضية في 14 مايو/أيار و5 أغسطس/آب، وأمام السفارة السودانية في مايو/أيار. ينشر نشطاء المجتمع السوداني بانتظام على وسائل التواصل الاجتماعي روايات عن الانتهاكات التي يتعرضون لها على يد السلطات المصرية.
كما استهدفت الشرطة المصرية سودانيين في مداهمات للتحقق من تصاريح إقامتهم. قال شخص شهد مداهمة في الجيزة يوم 24 يناير/كانون الثاني إن الشرطة اعتقلت سودانيين عشوائيا في الشوارع والمقاهي. احتاج شخص إلى رعاية طبية بعد أن ضربته الشرطة. في 11 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت الشرطة نحو 20 سودانيا في منازل أو مقاهي، وأفرجت عن بعضهم في اليوم التالي واحتجزت نشطاء مشتبه بهم لأسبوع أو أكثر، وكل ذلك دون توجيه اتهامات.
راجعت هيومن رايتس ووتش مذكرات التوقيف الصادرة عن الحكومة السودانية في أبريل/نيسان 2020 للاجئَيْن استُهدفا لاحقا بمداهمات الشرطة المصرية في يناير/كانون الثاني 2022 وديسمبر/كانون الأول 2021؛ اتهمتهما الشرطة بارتكاب “جرائم ضد الدولة تقوض النظام الدستوري”. لم تذكر الشرطة المصرية مذكرات التوقيف خلال مداهماتها في ديسمبر/كانون الأول 2021 ويناير/كانون الثاني 2022، ولم يذكرها الأمن الوطني في أوامر الاستدعاء في العام 2021.
حصلت هيومن رايتس ووتش على تسجيل لمكالمة هاتفية في أبريل/نيسان 2020 أجراها شخص يزعم أنه مسؤول سوداني يهدد فيها أحد اللاجئين المستهدفين في مداهمات ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني ويطالبه بوقف حشد الدعم في مصر لنشطاء الديمقراطية السودانيين. ذكر المسؤول في التسجيل أسماء سبعة لاجئين سودانيين آخرين في مصر.
وفقا لمفوضية اللاجئين، التي تسجل وتوثق حالات طالبي اللجوء واللاجئين نيابة عن الحكومة المصرية، يُقدّر عدد السودانيين المقيمين في مصر بين مليونين و5 ملايين منهم قرابة 52 ألف لاجئ وطالب لجوء سوداني مسجل. مصر طرف في اتفاقية الأمم المتحدة للّاجئين لعام 1951 واتفاقيات “الاتحاد الأفريقي” للاجئين لعام 1969 وتستضيف أكثر من 271 ألف لاجئ وطالب لجوء من 65 دولة. عدد طالبي اللجوء غير المسجلين في البلاد غير معروف.
بينما يحصل اللاجئون السودانيون المسجلون في مصر على الرعاية الصحية والتعليم العام، تشير تقارير إعلامية ومنظمات غير حكومية إلى أنهم يواجهون هم وغيرهم من اللاجئين، وطالبي اللجوء، والمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء التمييز والعنصرية.
بحسب “منظمة العفو الدولية”، اعتقلت قوات الأمن تعسفا عشرات المتظاهرين وعرّضت بعضهم للضرب والإهانات العنصرية ردا على الاحتجاجات السلمية للاجئين والمهاجرين السودانيين في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بعد مقتل طفل سوداني في القاهرة على يد مصري كان لديه مشاكل مالية مع والد الطفل. أفادت العفو الدولية أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، داهمت قوات الأمن منازل وأماكن عمل العديد من النشطاء السودانيين في القاهرة؛ وتلقى آخرون تهديدات هاتفية.
بينما تلزم المادة 3 من اتفاقية الاتحاد الأفريقي اللاجئين بالامتناع عن الأنشطة “التخريبية” ضد دولة عضو في الاتحاد وتطالب الدول الأطراف بمنع اللاجئين من الانخراط في أنشطة “من المحتمل أن تسبب توترات” بين الدول، لم تتسبب احتجاجات اللاجئين السودانيين في مصر في ذلك. قالت هيومن رايتس ووتش إن الاحتجاجات لا تندرج ضمن هذه الفئات أو تشكل تهديدا للأمن القومي أو النظام العام. كما أن قيود المادة 3 لا تتوافق مع ضمانات حق الجميع في حرية التعبير وتكوين الجمعيات بغض النظر عن الوضع المنصوص عليه في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. صرّحت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن للاجئين “نفس حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع مثل المواطنين”.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى المفوضية في 22 فبراير/شباط تطلب التعليق على اعتقال نشطاء لاجئين سودانيين في مصر، لكنها لم تتلق أي تعليق.
قال ستورك: “إسكات النشطاء لن يحل مشاكل مجتمعات اللاجئين السودانيين، الذين يجب أن تحميهم السلطات من الانتهاكات. على مصر الوفاء بالتزاماتها الدولية، والتي تشمل القضاء على التمييز وحماية الحقوق الأساسية للاجئين وغيرهم”.