نسبة إلى جماعات حقوقية، إن السلطات تستخدم قوائم الإرهاب كأداة لقمع حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات
نشر أولًا على مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
تستنكر المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه قرار الدائرة 13 بمحكمة جنايات القاهرة، بإدراج 81 مصريًا على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات، بينهم حقوقيون ونشطاء سياسيين. وتعتبر أن القرار يعكس استمرار توريط القضاء في الخصومات السياسية، مؤكدًة أن قرارات الإدراج على هذه القوائم لا تقتصر على مرتكبي جرائم العنف، كما يستلزم القانون وتشير توصيات الأمم المتحدة، وإنما تتسع لتصبح أداة للانتقام من السياسيين والمعارضين والحقوقيين بسبب آرائهم. الأمر الذي يدحض كافة دعاوى الحوار وقبول واستيعاب الخلاف والتواصل مع المعارضة وغيرها من الشعارات التي يدعيها الحوار الوطني المرتقب. هذا بالإضافة إلى أن الإجراء تعسفي في حد ذاته، يشكل انتهاكًا للحقوق الإنسانية الأساسية لمتهمين لم يثبت إدانتهم بعد، أو لمدانين بموجب محاكمات تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة مطعون في استقلاليتها، كما يُعد هذا استمرار لنهج القمع العابر للحدود الذي تمارسه السلطة الحالية لإسكات المعارضين بالخارج.
نشرت الجريدة الرسمية المصرية قرار إدراج 81 شخصًا على قوائم الإرهاب لخمس سنوات، ومن ثم تجميد ممتلكاتهم وحظر سفرهم، في 14 أبريل الماضي. ومن بين المدرجين؛ مسعد البربري مدير حملة حقهم، والحقوقية إيمان محمد جاد الحق الباحثة بمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وشروق أمجد المدافعة الحقوقية بمنظمة كوميتي فور جستس.
استند القرار لنصوص قانونية غير منضبطة الصياغة وتعريفات واسعة للإرهاب في قانون مكافحة الكيانات الإرهابية. والذي يعرف في مادته الثالثة جريمة تمويل الإرهاب بأنها؛ “تمويل نشاط إرهابي فردي أو جماعي منظم، في الداخل والخارج.. سواء وقع الفعل الإرهابي أو لم يقع.” الأمر الذي يشرعن للقضاء توقيع عقوبات على جرائم لم ترتكب بعد، فقط استنادًا لتحريات أمنية تدعي وجود نية ارتكاب ما يُعتقد أنه جريمة إرهابية! وقد سبق وأعرب خبراء أمميون، في مذكرة أرسلت للسلطات المصرية في 13 أغسطس 2021، عن قلقهم البالغ من هذه الممارسات المستندة على تحريات أمنية وتعاقب على “نية ارتكاب الجريمة”، فضلًا عن أن التفسير الخاطئ والعام بشكل مفرط لجريمة الإرهاب يعني بالضرورة عدم استيفاء متطلبات الضرورة والتناسب. وقد سبق وحذر خبراء الأمم المتحدة من توظيف مثل هذه التشريعات لقمع المعارضة وتقييد عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأحزاب المعارضة. فمثل هذه التشريعات والقرارات تمثل أداة لتقييد حرية التعبير، والحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في حرية التجمع السلمي.
أن توظيف الإدراج على قوائم الإرهاب كإجراء تعسفي وانتقامي بحق المواطنين السلميين يثير مخاوف جدية وخطيرة بشأن الأدوات القانونية والإدارية التي تستخدمها الحكومة المصرية الحالية لقمع حرية التعبير وحرية التنظيم. إذ سبق وأٌضيف أيضا لهذه القوائم البرلماني السابق زيادالعليمي والناشط رامي شعث في إبريل 2020، بالإضافة للناشط السياسي علاء عبد الفتاح والمحامي الحقوقي محمد الباقر في نوفمبر 2020، فضلًا عن إدراج عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية ونائبه محمد القصاص على القوائم نفسها في مايو 2022.
المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان تجدد استنكارها لقرار محكمة الجنايات، وترفض هذا المستوى من التنكيل والانتقام من المعارضة والمجتمع المدني ككل. وما يستتبعه من حملات تشهير ووصم بالإرهاب، وتجميد الممتلكات المادية، وحظر السفر. وتطالب المنظمات برفع أسماء جميع النشطاء الحقوقيين والسياسيين المدرجة على هذه القوائم، على أن تتحمل السلطات في مصر جبر الضرر للضحايا الذين تم إدراج أسمائهم على تلك القوائم دون استيفاء شروط ومعايير المحاكمات العادلة، مما ألحق بهم خسائر وأضرار مادية ومعنوية جمة. ووقف إدراج الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب لحين إجراء عملية مراجعة شاملة ودقيقة وشفافة لتشريعات وقوانين الإرهاب.