نشارككم تفاعلات المنظمات الأعضاء في آيفكس حول العنف في فلسطين وإسرائيل، حيث يحاول الصحفيون وطواقم وسائل الإعلام البقاء على قيد الحياة أثناء تقديمهم تقاريرهم الصحفية؛ إذ تساهم المعلومات المضللة واستخدامها كسلاح بتشويه السرد، مما يزيد من تصعيد الصراع.
يطالب أعضاء آيفكس بوقف فوري لإراقة الدماء، وحماية الأصوات التي تقوم بالتقارير من الميدان وعبر الإنترنت، مؤكدين على ضرورة ضمان الوصول إلى معلومات موثوقة وملائمة في الوقت الحالي.
الأمان والعدالة: ‘أخطر فترة بالنسبة للصحفيين’
عند كتابة هذا النص، ومنذ بداية العنف في ٧ أكتوبر/ تشرين الأول، قتل ما لا يقل عن ٢٥ صحفيًا، بما فيهم ٢١ صحفيًا فلسطينيًا، وثلاثة إسرائيليين، وصحفي لبناني واحد، مع استمرار ارتفاع حصيلة القتلى. تحتفظ “لجنة حماية الصحفيين (CPJ)” بقائمة متنامية تتعلق بالتقارير المؤكدة حول الصحفيين الذين قتلوا، أو أصيبوا أو اعتقلوا، بالاعتماد على التقارير من مصادر متعددة في المنطقة، بما في ذلك عضو آيفكس، “المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)”.
إن الزيادة المستمرة في العدد تسلط الضوء، بشكل حاد، على الظروف الفتاكة التي يواجهها الصحفيون والعاملون في المجتمع المدني أثناء تقديمهم تقاريرهم من موقع الحدث.
أكدت “مدى” أن هذه الانتهاكات لا تؤدي إلا إلى كتم الأصوات التي تكشف الظلم الذي ترتكبه إسرائيل ضد الفلسطينيين، مدينة الحملة الممنهجة التي تشنها إسرائيل ضد المدنيين والصحفيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وداعية إلى التدخل الدولي لوقف هذا العدوان الصارخ.
“في ضوء الوضع شديد الخطورة الذي بات يعيش به أهالينا في القطاع، وفي ظل جميع الاعتداءات السابقة التي تستهدف الحريات الإعلامية في الضفة والقطاع، يؤكد مركز مدى على أن جميع هذه الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الاحتلال بهدف إسكات أصوات الحقيقة هي ذات ذرائع واهية ولن تثني الصحفيين/ات والمؤسسات الإعلامية عن مواصلة رسالتهم.”
دعت جماعات حقوقية إلى حماية الصحفيين الذين يغطون الأحداث على الخطوط الأمامية، وطالبت بإجراء تحقيقات في جرائم القتل التي تعرضوا لها. أبرز مقتل مصور رويترز، عصام عبد الله، خلال الغارة الإسرائيلية في ١٢ أكتوبر/ تشرين الأول، بينما كان يغطي الاعتداءات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية بين إسرائيل وحزب الله، على الحاجة الملحة للمساءلة، وسط مخاوف متزايدة بشأن انتشار النزاع على الصعيد الإقليمي.
[الترجمة: تصريح رئيسة تحرير رويترز، أليساندرا جالوني، بشأن مقتل مصور الفيديو في رويترزـ عصام عبد الله]
انضم مركز الخليج لحقوق الإنسان والمعهد الدولي للصحافة (IPI) إلى وكالة الأنباء الدولية، رويترز في دعوة الجيش الإسرائيلي إلى إجراء تحقيق شامل، وموثوق، وشفاف في قضية مقتل عصام؛ وأشار المعهد إلى سجل إسرائيل الضعيف في محاسبة الجناة على جرائمهم تجاه الصحفيين، بما في ذلك مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبو عاقلة؛ كما حث المعهد الشركاء الدوليين على ممارسة ضغط حقيقي على السلطات الإسرائيلية لإجراء تحقيق فعّال يؤدي إلى عواقب للمسؤولين.
“يجب على إسرائيل، وجميع الأطراف المشاركة في العنف، احترام وحماية سلامة الصحفيين الذين يغطون الأحداث الجارية في المنطقة. ينص القانون الدولي بوضوح على أن الصحفيين يُعتبرون مدنيين في حالات الحرب والنزاع المسلح. الصحفيون ليسوا أهدافًا مشروعة، وأي استهداف متعمد للصحافة سيُعد جريمة حرب.” – المدير التنفيذي للمعهد الدولي للصحافة فراني مارويفيتش
أدان مركز إيلام أيضًا الهجمات على الصحفيين، وقدم إرشادات للسلامة ودعمًا لأولئك الذين يواجهون انتهاكات أثناء تغطيتهم للأحداث على الأرض.
مع استمرار تزايد عدد الضحايا المدنيين بشكل واسع، دعا أعضاء آيفكس المجتمع الدولي إلى المطالبة بوقف إراقة الدماء وإعلان وقف فوري لإطلاق النار.
أدان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS) بالإضافة إلى ٤٧ منظمة حقوق الإنسان من الإقليم الهجمات التي شنها الطرفين، وفشل المجتمع الدولي والعربي في “منع حرب الإبادة” ضد الفلسطينيين. في بيان موجه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأعضاء جامعة الدول العربية، حيث كتبوا:
” [على المجتمع الدولي أن] يبحث بعمق في أسباب تفجر العنف وتكراره، ويحول دون عصف إسرائيل المتكرر بالقرارات والاتفاقيات الدولية، والتخاذل الدولي الممتد لعشرات السنوات عن محاسبتها وعن تمكين الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير والعودة.”
اضطر عشرات الصحفيين الذين يقومون بتغطية الأحداث في قطاع غزة لمغادرة منازلهم بسبب استمرار القصف الإسرائيلي. اضطر العديد من الصحفيين أيضًا إلى ترك معداتهم، ووثائقهم، وأدوات الحماية الضرورية لعملهم، خلال هذه النزوح القسري، وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود (RSF).
[الترجمة: “إذا كنا سنموت، سنموت بكرامة في منازلنا.” سجلت صحفية الجزيرة @YoumnaElSayed١٧ رحلة عائلتها عائدة إلى منزلهم في مدينة غزة، بعد أن أخذوا إنذار إسرائيل السابق للفلسطينيين بمغادرة شمال قطاع غزة على محمل الجد]
أفادت إحدى مراسلات منظمة مراسلون بلا حدود بوضعها المأساوي بعد مرور عدة ساعات دون اتصال بالشبكة في ١٤ أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بعد أسبوع واحد من بدء الصراع. قائلة: “لقد تركت منزلي في مدينة غزة الليلة الماضية”، وأبلغت منظمة مراسلون بلا حدود:
“أواجه صعوبة في التحدث إليكم. الإنترنت ضعيف جدًا هنا، ولا يمكننا شحن هواتفنا. أبذل قصارى جهدي في جمع المعلومات. نعيش في خوف شديد، غير محتمل. هذه ليست أول حرب اغطيها في غزة، لكني لم أرَ شيئًا مثل هذا من قبل.”
عبر الصحفي الفلسطيني ومصور الصحافة، رشدي سراج، عن حزنه إزاء نقص التغطية الإعلامية في غزة في إحدى تغريداته الأخيرة قبل أن يتعرض للقتل في غارة إسرائيلية.
[ترجمة: هناك نقص في التغطية الإعلامية من غزة نتيجة لقتل أكثر من ١٢ صحفيًا، والقصف، وانقطاع الكهرباء والإنترنت؛ مع ذلك، نحن لا زلنا نحاول أن نتحمل ونواصل التغطية حتى نمكن العالم من رؤية جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.]
“إنهم معزولون عن العالم: قمع أصوات الفلسطينيين وإغلاق وسائل الإعلام”
سلطت نادي القلم (PEN) الدولي الضوء على تكميم الأصوات المؤيدة للفلسطينيين بشكل منهجي، مشيرة إلى أن “تقارير محاولات وسائل الإعلام الرئيسية لقمع التغطية الصحفية للقصف المكثف الذي تشنه إسرائيل على غزة، بما في ذلك تشويه تغطيتها الخاصة، تثير قلقًا خاصًا.”
أشارت المجموعة إلى العديد من الصحفيين، والفنانين، والكتاب الذين يواجهون أعمالًا انتقامية بسبب تعبيرهم عن تضامنهم مع غزة، أو انتقادهم أفعال إسرائيل. تتراوح هذه الإجراءات من ما بين قرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بإيقاف ستة مراسلين عن البث، وفتح تحقيقات في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تأجيل حفل توزيع جوائز الكاتبة الفلسطينية، عدنية شبلي، في معرض فرانكفورت للكتاب.
تواجه وسائل الإعلام التي تغطي الأحداث على الأرض استهدافًا متزايدًا من قبل السلطات الإسرائيلية. أدانت جماعات حقوقية تحركات وزير الاتصالات الإسرائيلي لإغلاق المكتب المحلي لشبكة الجزيرة.
” نشعر بقلق بالغ إزاء تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بفرض رقابة على التغطية الإعلامية للصراع المستمر بين إسرائيل وغزة، وذلك باستخدام اتهامات غامضة بتقويض الروح المعنوية الوطنية. تحث لجنة حماية الصحفيين إسرائيل على عدم حظر قناة الجزيرة، والسماح للصحفيين بأداء عملهم. نسبة إلى شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين: “إن تعدد الأصوات الإعلامية ضروري لمساءلة السلطة، خاصة في أوقات الحرب”.
في نفس الوقت، أصدرت السلطات الإسرائيلية أمرًا بإغلاق مؤسسة الإعلام الفلسطينية، جي- ميديا (J-Media)؛ وصفت مدى القرار بأنه “خطير للغاية” لأنه يأتي وسط اعتداءات شرسة على المحتوى الفلسطيني ووسائل الإعلام الفلسطينية.
انضمت آيفكس إلى تحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحقوق الرقمية، ومنظمات أخرى من المجتمع المدني في إدانة استهداف إسرائيل، وتدمير البنية التحتية للاتصالات في غزة، الأمر الذي يمنع الفلسطينيين من الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. في بيان طالب بوقف فوري لإطلاق النار، دعت المنظمات الحقوقية إلى استعادة الكهرباء والاتصال بالإنترنت في غزة بشكل طارئ، فضلا عن وضع حد لاستهداف البنية التحتية للاتصالات المدنية.
“بدون كهرباء، وانترنت، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات الأساسية، لا يستطيع الناس في غزة الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة حول المناطق التي تتعرض للهجوم، أو أين يمكنهم العثور على الإمدادات الطبية والمساعدات، ولا يمكنهم التواصل مع عائلاتهم، وأحبائهم. لقد انقطعوا عن العالم.”
أفادت وان-إفرا (WAN-IFRA) عن شعور متزايد باليأس والإحباط بسبب منع الصحفيين من القيام بعملهم مع ظهور هذه الأزمة، ما بين انقطاع التيار الكهربائي وتقييد قنوات الاتصال. أكدت شروق أسعد، المنسقة القطرية لمنظمة وان ـ إفرا النساء في الاخبار في فلسطين، والمتواجدة في غزة، أن “الوضع الخطير أعاق، بشكل كبير، قدرتهم على الإبلاغ عن الأحداث الجارية”.
[ترجمة: الفلسطينيون في غزة يستخدمون آخر عمر البطارية على هواتفهم لمشاركة شهادتهم. نسمعهم بصوت عال وواضح. لقد حان الوقت لكي نعمل جميعا على وقف الإبادة الجماعية. #غزة تحت الهجوم #GazaUnderAttack]
معارك السردية وتأثير المعلومات المضللة في العالم الحقيقي
تواجه الأصوات الفلسطينية عبر الإنترنت عاصفة من الهجمات على جبهات متعددة، بينما يكافح الصحفيون لتقديم تقاريرهم بأمان من الخطوط الأمامية. يشمل ذلك نظامًا بيئيًا معلوماتيًا ملوثًا بشكل متزايد، ومليئًا بالمعلومات المضللة، والمصمم لدعم الروايات المتنافسة؛ كما تساهم الرقابة الرقمية في عمليات إزالة الحسابات، وحظر الظلال، وجمع المعلومات الشخصية، فضلًا عن الارتفاع المذهل في خطاب الكراهية، في إحداث أضرار في العالم الحقيقي.
في الأيام الخمسة الأولى من الصراع، وثّق المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) أكثر من ١٩,٠٠٠ حالة من خطاب الكراهية والتحريض الذي يستهدف الأصوات الفلسطينية على الإنترنت. بحلول ١٨ أكتوبر/ تشرين الأول، ارتفع هذا العدد إلى ١٠٣.٠٠٠ من إجمالي ١٢٠.٠٠٠ مشاركة تم جمعها على مؤشر العنف. يراقب نموذج اللغة المدعوم بالذكاء الاصطناعي انتشار خطاب الكراهية والعنف باللغة العبرية ضد الفلسطينيين والمدافعين عنهم على منصات التواصل الاجتماعي في الوقت الفعلي.
استخدمت حملة هذه البيانات لدعم الجهود المبذولة للضغط على منصات التواصل الاجتماعي لإزالة الخطاب التحريضي:
” يمكن أن تؤدي هذه التغريدات، المصنفة على أنها خطاب كراهية وتحريض، إلى هجمات فعلية على الفلسطينيين، كما رأينا سابقًا مع التحريض على نفس المنصة، والذي أدى إلى هجمات منظمة من قبل المستوطنين الإسرائيليين على المجتمعات الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وإسرائيل. هناك مخاوف من احتمال وقوع هجمات مماثلة مرة أخرى.” — مدير عام حملة، نديم الناشف
لقد أدى التداول غير المنضبط لخطاب الكراهية في فضاء غارق في سيل من المعلومات المضللة على الإنترنت، بالفعل، إلى تداعيات خطيرة في العالم الحقيقي؛ إذ زادت حوادث الكراهية التي تستهدف المجتمعات الفلسطينية واليهودية على مستوى العالم، بشكل حاد. يشمل ذلك مقتل صبي فلسطيني أمريكي، يبلغ من العمر ستة أعوام في إلينوي في هجوم معادٍ للإسلام، بينما أصيبت والدته بجروح خطيرة، فضلًا عن حرق وتدمير كنيس الحامة في تونس، على يد المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين.
برزت إكس (X) كواحدة من أكبر المنصات لاستضافة المعلومات المضللة حول الصراع. وفقًا لمقال للمحاضرة والباحثة، صوفي فولرتون، نشره موقع إندكس أون سنسورشيب (Index on Censorship)، “إن إكس هو المكان الذي تدور فيه حروب التضليل بين إسرائيل وحماس”، وقد أدت سلسلة من التغييرات الخوارزمية و”الجمالية”، منذ استحواذ إيلون مسك على الشركة، إلى تقويض مصداقية محتواها، وكان لها تأثيرًا عميقًا على كيفية تمثيل الحقائق في المعارك السردية.
“بدلًا من تعزيز منشورات الخبراء والتقارير الميدانية، تعمل خوارزمية X على الترويج لاشتراكات تويتر بلو (Twitter Blue)، وهي الحسابات التي تدفع مقابل علامة التحقق. ساهمت طريقة “الدفع مقابل اللعب” هذه في تعزيز حسابات الروبوتات والمروجين، كما مكنت المعلومات المضللة من الانتشار بسرعة كبيرة في فترة زمنية قصيرة.”
انضمت آيفكس إلى منظمات المجتمع المدني في دعوتها لشركات التكنولوجيا إلى احترام الحقوق الرقمية الفلسطينية خلال هذه الأزمة، ومعالجة حالات خطاب الكراهية والخطاب العنيف عبر الإنترنت الذي يستهدف الفلسطينيين:
ينتشر التحريض على العنف ضد الفلسطينيين والدعوات إلى العقاب الجماعي بشكل كبير عبر منصات الإنترنت، وخاصة عبر منصتي تيليجرام وإكس (تويتر سابقًا). في كثير من الأحيان يتم التشجيع على انتهاكات حقوق الإنسان والدعوات لشن هجمات من قبل مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى؛ الأمر الذي يحمل عواقب مُميتة تتجاوز حدود الواقع الرقمي وتمتد إلى الواقع على الأرض.
يعمل مختبر التحقيقات في هيومن رايتس ووتش مع باحثين ميدانيين للتحقق من صحة المعلومات، وتحليل مئات مقاطع الفيديو لتحديد المعلومات المضللة. تدعم الأدلة المرئية الجهود المستمرة لتوثيق الانتهاكات المتكشفة، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة.
أخيرًا، قامت منظمة أكسس ناو (Access Now) وسمكس (Social Media Exchange (SMEX بتجميع نصائح للمرونة الرقمية، مصممة لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والناشطين، وغيرهم ممن يواجهون التكتيكات القمعية شخصيًا، وعبر الإنترنت في الدفاع ضد التهديدات المبلغ عنها – بما في ذلك التضليل، والرقابة، والمضايقات عبر الإنترنت وإزالة الحسابات، وحظر الظلال.
مع استمرار تصاعد الوضع، نشجعكم على متابعة هذه المنظمات، وغيرها من منظمات المجتمع المدني للحصول على تقارير موثوقة وفي الوقت المناسب عن الوضع.