واجهت الناشطات والفنانات والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص استهدافًا متزايدًا وسط حملة مستمرة ضد حرية التعبير.
نشر أولًا على مركز الخليج لحقوق الإنسان.
يواصل مركز الخليج لحقوق الإنسان الدعوة إلى المساءلة والشفافية من إيران بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما المتعلقة بالمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات في مجال حقوق المرأة، مع اقتراب الذكرى السنوية لوفاة مهسا أميني (جينا) في 16 سبتمبر/ايلول 2022، التي أثارت احتجاجات واسعة في جميع أنحاء البلاد. إن عدم رغبة إيران في التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك افتقارها للتعاون مع الإجراءات الخاصة، يترك العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان عرضة للانتهاكات.
الاستعراض الدوري الشامل المقبل لإيران
تواجه إيران استعراضها الدوري الشامل الرابع في يناير/كانون الثاني 2025، بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. قدم مركز الخليج لحقوق الإنسان ومنظمة سيفيكاس تقديمًا مشتركًا للاستعراض الدوري الشامل، سلط الضوء فيه على عدة مخاوف بشأن الاستغلال المنهجي للنظام القضائي لمعاقبة والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحتجين، بما في ذلك استخدام عقوبة الإعدام لمعاقبة وردع النشاط السلمي في مجال حقوق الإنسان. كما تم التطرق إلى القمع العنيف للاحتجاجات، والمحاكمات غير العادلة التي أدت إلى أحكام ٍ بالإعدام ضد المحتجين، والاستخدام المفرط للتعذيب. تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان، بما في ذلك النساء اللواتي ينادين برفض القوانين الخاصة بالحجاب الإجباري، للاعتقال والاحتجاز دون مراعاة الأصول القانونية.
الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة تعبر عن قلقها
في 02 سبتمبر/ايلول 2024، أعرب خبراء الأمم المتحدة الخواص عن قلقهم إزاء زيادة في عمليات الإعدام خلال شهر أغسطس/آب 2024، وحثوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية على وقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، بمن فيهم 15 امرأة. وفي يونيو/حزيران 2024، أعرب المقررون الخواص للأمم المتحدة عن مخاوفهم بشأن معاملة المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما سجن الحائزة على جائزة نوبل نرجس محمدي وعدد من الناشطات البارزات.
وفي مارس/آذار 2024، أدانت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي عمليات الاعتقال التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، وحثت على إطلاق سراح الأفراد المسجونين بسبب ممارستهم لحرية التعبير. ومع ذلك، رفضت إيران تاريخيًا التعاون مع هذه الإجراءات الخاصة، ومنعت زيارات ممثلي الأمم المتحدة.
قمع المدافعات عن حقوق المرأة والأقليات
تواجه الناشطات والفنانات والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي استهدافًا متزايدًا في حملة الحكومة المستمرة ضد حرية التعبير، وخاصة المتعلقة بحقوق المرأة. أصبحت نساء مثل زارا إسماعيلي وسبيده غليان رموزًا للتحدي رغم السجن والتهديد بالإعدام. كما تم استهداف الأقليات العرقية، وخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان من الأكراد والبلوش، بشكل منهجي، كما هو الحال في قضية الصحفية الكردية بخشان عزيزي التي حكم عليها بالإعدام بتهم ٍملفقة. إن هذه الحالات من بين العديد التي قام مركز الخليج لحقوق الإنسان بالإبلاغ عنها ومراقبتها وعمل المناصرة لها.
تستهدف الحملات البوليسية في إيران الشباب بشكل متزايد، خاصة المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات والفنانات والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي. تهدف تكتيكات القمع الحكومية إلى إسكات الأصوات التي تتحدى سلطتها، مع تركيز خاص على النساء اللواتي يتحدين القواعد الاجتماعية والثقافية الصارمة.
من بين الشخصيات الأخيرة التي واجهت هذا القمع المغنية والمؤثرة الشجاعة زارا إسماعيلي، التي انتقدت علنًا قمع السلطات لحرية التعبير من خلال موسيقاها وعروضها العامة. على الرغم من التهديدات المستمرة بالسجن أو ما هو أسوأ، أكدت أن، “الأصوات الثورية لن تُسكت بالسجون أو سياط الجلادين.” لقد اكتسبت شهرة بسبب أدائها القوي الذي يتحدى الأعراف الأبوية والمعاملة القاسية للنساء والفنانات من قبل الحكومة. إن موسيقى إسماعيلي ونشاطها هي جزء من مقاومة ثقافية أوسع داخل إيران، خاصة بعد وفاة مهسا أميني. كررت مرارًا أن أصوات المعارضة لن تُسكت بالسجن أو التهديد بالإعدام، مما جعلها شخصية رئيسية في حركة حقوق المرأة في إيران.
سبيده غليان هي ناشطة بارزة في مجال حقوق العمال وصحفية إيرانية، حظيت بالاهتمام الوطني والدولي بعد تغطيتها ومشاركتها في احتجاجات عمالية في مصنع قصب السكر في هفت تبه عام 2018، مما أدى إلى اعتقالها. تعرضت غليان للاعتقال المتكرر والتعذيب وحُكم عليها بالسجن بتهم مزعومة مثل “نشر الدعاية ضد النظام” و”التجمع والتواطؤ ضد الأمن القومي”.
على الرغم من القمع الشديد، واصلت غليان نشاطها داخل السجن وخارجه، وأصدرت رسائل وبيانات من وراء القضبان. كما وثقت الظروف القاسية التي تواجهها النساء السجينات في إيران، مما لفت الانتباه إلى إساءة معاملة السجينات السياسيات، وخاصة النساء. وفي مارس/آذار 2023، تم إطلاق سراح غليان لفترة وجيزة ولكن تم اعتقالها مرة أخرى بعد فترة قصيرة. وقد حظيت شجاعتها بتضامن دولي كبير من منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك فيمينا، منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
بخشان عزيزي هي صحفية كردية، وعاملة اجتماعية، وسجينة سياسية من إيران محتجزة حاليًا في سجن إيفين. تم اعتقالها في عام 2023، وحُكم عليها بالإعدام من قبل القضاء الإيراني بتهم ملفقة تعتقد منظمات حقوق الإنسان أنها تهدف إلى إسكات نشاطها.
في رسالة تم تهريبها من السجن، تروي عزيزي سوء المعاملة الشديد، بما في ذلك تعليقها أثناء الاستجواب. كما حرمتها السلطات الإيرانية من حق التمثيل القانوني والزيارات العائلية، مما أضاف إلى المخاوف بشأن سلامتها ورفاهتها. لقد حظيت القضية باهتمام من جماعات حقوق الإنسان الدولية، التي تدعو إلى التدخل العاجل لوقف إعدامها وضمان إطلاق سراحها. ويعكس الحكم الصادر ضدها حملة القمع الأوسع نطاقًا ضد الناشطين الأكراد والاستهداف المنهجي للنساء والأقليات العرقية التي تتحدى سياسات السلطات.
لا تزال نرجس محمدي، الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، تواجه قمعًا شديدًا من السلطات الإيرانية أثناء سجنها. وعلى الرغم من الدعوات الدولية المستمرة للإفراج عنها، بما في ذلك التحالف الذي أطلقه الحائزون على جائزة نوبل وجماعات حقوق الإنسان، لا تزال محمدي مسجونة، وتم تمديد حكم سجنها عدة مرات. أصيبت محمدي في سجن إيفين بعد أن ضربها الحراس بسبب احتجاجها في 6 أغسطس/آب 2024، مع سجناء آخرين ضد أحكام الإعدام الصادرة بحق النشطاء، بما في ذلك زميلتها السجينة بخشان عزيزي، فضلًا عن ثلاث نساء أخريات: الناشطة العمالية شريفة محمدي، والناشطة في مجال حقوق المرأة فاريشة مرادي، ونسيم غلامي سيمياري.
في يونيو/حزيران 2024، حُكم على محمدي بالسجن لمدة عام إضافي من قبل الفرع 29 من محكمة الثورة في طهران، مستشهدة بدعمها لاحتجاجات “المرأة والحياة والحرية”، ورسائلها إلى المشرعين السويديين والنرويجيين، وانتقادها لمعاملة السلطات الإيرانية للنساء في الاحتجاز. كما واجهت أيضًا حرمانًا مستمرًا من الرعاية الطبية بسبب رفضها ارتداء الحجاب الإلزامي أثناء العلاج، مما يعرض صحتها للخطر بشكل أكبر.
حُكم على محمدي، التي سُجنت لأول مرة في عام 2011، بالسجن لمدة 36 عامًا و154 جلدة بسبب نشاطها. وتواصل أسرتها وأنصارها الدعوة لإطلاق سراحها، مشددين على التكلفة الشخصية وحقوق الإنسان لسجنها. كثف التحالف الدولي (#الحرية_لنرجس)، والذي يضم، فرونت لاين ديفندرز، مركز القلم في أمريكا، ومراسلون بلا حدود، جهوده لجذب الانتباه العالمي إلى قضيتها.
تعرض العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك الموسيقيون لأحكام تعسفية لا معنى لها بما في ذلك أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة. في تراجع قانوني كبير، ألغت المحكمة العليا الإيرانية حكم الإعدام الصادر بحق مغني الراب الإيراني توماج صالحي، وهو منتقد صريح للحكومة. صالحي، الذي برز بسبب كلماته الصريحة التي تدين القمع الحكومي بعد وفاة مهسا أميني في عام 2022، حكم عليه بالإعدام من قبل محكمة ثورية في أصفهان في أبريل/نيسان 2024، بتهمة “نشر الفساد في الأرض”. لقد أكد محاميه أمير رئيسيان القرار، مشيرًا إلى أن المحكمة العليا وجدت أن الحكم السابق بالسجن لمدة ست سنوات الصادر في عام 2023 مفرط وغير متسق مع المعايير القانونية. سيتم الآن مراجعة قضية صالحي من قبل فرع آخر من المحكمة. وقد تصاعدت الانتقادات الدولية والدعوات للإفراج عنه بعد اعتقاله لدعمه للاحتجاجات ضد وفاة أميني، وواجه السجن والتعذيب المتكرر خلال محنته القانونية.
التوصيات
يدين مركز الخليج لحقوق الإنسان بشدة الحكم، بما في ذلك فرض عقوبة الإعدام، وسجن المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات، بما في ذلك الموسيقيات والمؤثرات.
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في إيران على:
١-الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيات والناشطات المسجونات بسبب أنشطتهن السلمية في إيران؛
٢-إجراء تحقيق شامل ومستقل ونزيه وشفاف في وفاة المدافعة عن حقوق الإنسان البالغة من العمر 22 عامًا مهسا أميني،
٣- ووقف فرض الأحكام الظالمة ووضع حد للاستهداف المنهجي للمدافعات عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الصحفيات والموسيقيات.