يسلط الفشل في إطلاق سراح المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان الضوء على المخاطر المستمرة التي تهدد المجتمع المدني، والحاجة إلى إصلاحات قانونية شاملة.
نشر أولًا على مركز الخليج لحقوق الإنسان.
تابع مركز الخليج لحقوق الإنسان بكل حماس عدد من أوامر العفو الملكي التي أصدرها ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، والتي نتج عنها إطلاق سراح أكثر من 1000 سجينًا، ولكن من المحبط بقاء العديد من مدافعي حقوق الإنسان في السجون.
في أبريل/نيسان 2024، أصدر الملك عفوًا عن 1584 سجينًا بما في ذلك 650 من السجناء السياسيين بمناسبة الاحتفال بعيد الفطر ومرور 25 عامًا على توليه للحكم. إن من بين السجناء الذين أطلق سراحهم كان مدافع حقوق الإنسان ناجي فتيل وذلك في 08 أبريل/نيسان 2024. خلال شهر يونيو/حزيران 2024، عفا الملك عن 545 سجينًا.
بتاريخ 04 سبتمبر/أيلول 2024، عفا الملك عن 457 سجينًا آخر بما فيهم 150 سجينًا سياسيًا بمناسبة عيد الأضحى. ذكرت وكالة الأنباء البحرينية أن، “يعكس العفو الملكي عن السجناء حرصًا كريمًا من الملك على تماسك وصلابة المجتمع البحريني وحماية نسيجه الاجتماعي.” بالرغم من أن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات تعرض قوة المجتمع ووحدته للخطر.
تُمثل عمليات الإفراج هذا العام، أكبر عدد من السجناء الذين تم العفو عنهم منذ عام 2020، عندما أفرجت البحرين عن 1486 سجينًا، من بينهم 901 سجينًا حصلوا على عفو ملكي خلال جائحة كوفيد-19 لأسباب إنسانية.
بالرغم من ذلك، نشر معهد البحرين للحقوق والديمقراطية تقريرًا لاحظ فيه آن العفو لم يشمل السجناء السياسيين ومدافعي حقوق الإنسان. لقد شملت لائحة العفو عن السجناء الرسمية 545 سجينًا وهو أقل من الرقم المعلن في العفو السابق، وغالبيتهم من السجناء الذين سيتم ترحيلهم. إن من بين هؤلاء المشمولين بالعفو كان هناك 8 سجينًا فقط من السجناء السياسيين أو ما يمثل 1٪ من المشمولين بالعفو. إن من بينهم، كان هناك 4 من السجناء السياسيين ممن أطلق سراحهم بسبب صغر عمرهم (أقل من 21 عاما) وهم، ميثم محمود، باسم الحلال، محمد يوسف التمر، ومحمد منير مشيمع.
كان هناك أيضًا ثلاثة من السجناء السياسيين المفرج عنهم تحت نظام العقوبات البديلة وهم، هشام الصباغ، حسين الهنان، وخضير راضي الخضير. وبالإضافة إليهم كان هناك سجينا سياسيا تم الإفراج عنهم لأسباب صحية.
لم تشمل قائمة العفو الصادرة في يونيو/حزيران و سبتمبر/ايلول 2024، أيًا من أسماء المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، مثل عبدالهادي الخواجة، المؤسس المشارك لمركز الخليج لحقوق الإنسان والذي يعاني أيضا من وضع ٍصحي حرج، أو الدكتور عبدالجليل السنكيس، والذي هو مضربٌ عن الطعام في نظام غذائي يعتمد على السوائل فقط منذ 08 يوليو/تموز 2021، وهو أيضا يعاني من وضع ٍصحي حرج.
على الرغم من أن وزارة الداخلية البحرينية قد صرحت بأن هناك عددًا إضافيًا من السجناء سيتم إطلاق سراحهم، إلا أن هناك تقاريرًا مثيرة للقلق. على سبيل المثال، سيتم ترحيل أيمن سلمان، وهو مواطن سعودي مقيم بالبحرين بعد إطلاق سراحه، إلى السعودية رغم الخطر المحدق على سلامته، وبالرغم من كونه القريب الوحيد لوالدته البحرينية المسنّة. تمّ القبض على سلمان بعد اتّهامه بالشغب ولكن برّأته المحكمة. إن السلطات السعودية معروفة باعتقال أي شخص مشارك في مظاهرات وفي بعض الأحيان تصدر ضدّهم أحكاما بالإعدام. ذكرت التقارير أيضا أن هناك 300 سجينًا مشمولون بالعفو لا يزالون في السجون.
في رسالة مشتركة من 29 منظمة غير حكومية بضمنها مركز الخليج لحقوق الإنسان تم توجيهها إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قبيل الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ورد فيها ما يلي، “نحثّ الدول الأعضاء على مناقشة أولوية حقوق الإنسان مع البحرين، بما في ذلك مخاوف استمرار الاعتقال التعسفي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، الباحثين، المدونين، وقياديي المعرضة في البحرين، واستخدام عقوبة الإعدام وسحب الجنسيات.” أشارت الرسالة إلى أن المناقشة العامة رفيعة المستوى التي عُقدت في الفترة من 24 إلى 28 سبتمبر/أيلول 2024، كان مؤطّرًا تحت عنوان، “عدم ترك أي شخص خلف الركب: العمل معا من أجل ازدهار السلام، التنمية المستدامة، والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمستقبلية،” في إشارة إلى، “الفرصة المتاحة للدفع نحو التوصل إلى حلٍ بشأن هذه الانتهاكات طويلة الأمد لحقوق الإنسان.”
بالرغم أن العفو الذي صدر في أبريل/نيسان ويونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2024، أدى إلى إطلاق سراح أكثر من ألف سجين، بما في ذلك 150 سجينًا سياسيًا في أبريل/نيسان، يعد أمرًا جديرًا بالملاحظة، مما أسفر عن أقل عدد من الأفراد المسجونين ظلمًا في البحرين منذ عام 2011، فإن الرسالة تشير إلى أن، “العفو استبعد إلى حد كبير المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان ونشطاء المعارضة البارزين الذين لعبوا أدوارًا مهمة في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011.”يشمل ذلك الخواجة والدكتور السنكيس، فضلًا عن شخصيات المعارضة حسن مشيمع والشيخ علي سلمان.
لقد وردت شكاوى إضافية بشأن برنامج العقوبات البديلة، وبشأن من تم إطلاق سراحهم بكونهم يعيشون في سجنٍ مفتوح. كما يواجه السجناء المفرج عنهم، الذين قضوا سنوات في السجون، صعوبات في الوصول إلى موارد الدولة من السكن والوظائف، على الرغم من الوعود التي قدمتها السلطات بدعم إعادة دمجهم في المجتمع. يُمثل العفو الملكي خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح وانحرافًا عن ملاحقات السلطات السابقة للناشطين بعد الاحتجاجات الجماعية في عام 2011، والتي سُجن فيها المئات من النشطاء والمحتجين، وتم ترحيلهم، وتجريدهم من جنسيتهم. ومع ذلك، هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لضمان التنفيذ الفعال والدعم لأولئك الذين تم إطلاق سراحهم أو أولئك الذين ما زالوا مسجونين.
التوصيات:
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات البحرينية إلى:
١. المسارعة بتطبيق العفو الملكي بما يضمن سرعة إطلاق سراح من شملهم العفو وتسهيل إعادة إدماجهم في المجتمع؛
٢. توسيع قائمة المشمولين بالعفو الملكي لتشمل السجناء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وعلى الأخص ممن يعانون من وضع صحي سيء أو سوء معاملة؛
٣. إصلاح الإطار القانوني البحريني للسماح للمواطنين بممارسة حقوقهم السياسية والمدنية بما في ذلك الحق في التعبير والتجمع وإنشاء الجمعيات بلا خوفٍ من الانتقام.