نقف متضامنين مع الصحفيين الفلسطينيين واللبنانيين الذين يقدمون تقاريرهم الإخبارية بشجاعة وسط مخاطر تهدد حياتهم، ونطالب جميع الحكومات، ومنظمات حرية الصحافة، وهيئات حقوق الإنسان، باتخاذ خطوات ملموسة لضمان حمايتهم.
أفادت منظمات من المجتمع المدني الفلسطيني أنه حتى تاريخ اليوم، قتل ١٨٠ صحفيًا خلال الهجوم الإسرائيلي الإبادي في غزة، بالإضافة إلى ما لا يقل عن ١٢ صحفيًا في الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت الصحفيين في لبنان – وهي شهادة مروعة عن التهديد المستمر الذي يواجه الصحفيين أثناء أداء عملهم الأساسي. وصل هذا النمط من الاستهداف المتعمد، الذي غالبًا ما يتم تبريره بادعاءات لا أساس لها من الصحة، إلى مستويات جديدة مقلقة؛ ففي الأسبوع الماضي فقط، وجهت القوات الإسرائيلية اتهامات عارية من الصحة ضد ستة من صحفيي الجزيرة، وهم من بين آخر الصحفيين المتبقيين في شمال غزة، ووصفتهم بـ”الإرهابيين” لتبرير المزيد من الهجمات المحتملة على من ينقلون الوقائع من الميدان.
تهدف هذه الاتهامات الباطلة إسكات الشهود على الفظائع التي تتكشف في شمال غزة، وهي اتهامات مريعة بشكل خاص لأن الصحفيين لا يزالون الصوت الوحيد للمدنيين الذين يعانون من التهجير القسري بموجب ما يسمى “بخطة الجنرال”. هذه التشويهات لا تعرض الصحفيين الأفراد للخطر المباشر فحسب، بل تقوض أيضا الحق الأساسي في توثيق ونشر المعلومات في مناطق الحرب. ندين هذه المحاولات الرامية إلى تجريد الصحفيين من الحماية المدنية التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني، ونشعر بقلق عميق إزاء المخاطر المحسوبة التي يشكلها ذلك على الصحافة الحرة.
تواصل إسرائيل منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة، بالرغم من النداءات المتكررة من المنظمات الإخبارية الدولية، وبشكل متزايد من دول مثل أعضاء ائتلاف حرية الإعلام، من أجل السماح لوسائل الإعلام المستقلة بالدخول إلى غزة. يشكل هذا الحظر استراتيجية متعمدة لحجب الحقائق عن الرأي العام الدولي في زمن الحرب، إلى جانب استهداف إسرائيل المميت للصحفيين المحليين، والادعاءات الأخيرة ضد مراسلي الجزيرة؛ ففي لبنان، استهدفت إسرائيل مسكنًا لصحفيين يضم ١٨ صحفيًا في منطقة حاصبيا في جنوب لبنان، في ٢٥ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٤؛ حيث كانت الفرق الإعلامية تتمركز هناك كمنطقة آمنة، مما أسفر عن مقتل ٣ صحفيين. يتسق هذا الهجوم الأخير مع نمط من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت الصحفيين في لبنان بشكل متعمد، مثل الهجوم الذي وقع في ١٣ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣ والذي أسفر عن مقتل صحفي وكالة رويترز، عصام عبد الله، وإصابة ستة آخرين، بالإضافة إلى الهجوم الذي وقع في ٢١ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠٢٣ والذي أسفر عن مقتل صحفيي قناة الميادين، فرح عمر وربيع معماري. هذا مؤشر واضح على أن استهداف إسرائيل للإعلاميين يمتد إلى ما هو أبعد من حدود غزة، مما يخلق بيئة معادية للصحفيين في جميع أنحاء المنطقة.
نقف متضامنين مع الصحفيين الفلسطينيين واللبنانيين الذين يقدمون تقاريرهم الإخبارية بشجاعة وسط مخاطر تهدد حياتهم، ونطالب جميع الحكومات، ومنظمات حرية الصحافة، وهيئات حقوق الإنسان، باتخاذ خطوات ملموسة لضمان حمايتهم. يشكل الاستهداف المتعمد للصحفيين انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، وتهديًدا مباشرًا لأي نوع من المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الميدان. في هذا السياق، إن إتاحة الوصول الفوري، وغير المقيد للصحفيين الدوليين، إلى جانب توفير حماية قوية لجميع العاملين في وسائل الإعلام، أمر بالغ الأهمية لإنهاء هذه الحملة ضد الحقيقة، وضد أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لتوثيقها.
علاوة على ذلك، فإننا ندين المشاركة الفعالة لبعض الصحفيين الإسرائيليين في العمليات العسكرية، مثل مذيع القناة ١٢، داني كوشمارو، الذي تم تصويره وهو يفجر منازل في قرية عيتا الشعب اللبنانية. تطمس هذه الأفعال التمييز الحاسم بين الصحفيين والمقاتلين، وتقوض أخلاقيات العمل الصحفي. وفقًا للقانون الدولي الإنساني، فإن الصحفيين في مناطق الحرب هم مدنيون، ويجب ألا يشاركوا في الأعمال العدائية. من الضروري أن يحافظ الصحفيون على صفتهم المدنية، وأن يظلوا مستقلين عن جميع الأنشطة العسكرية، لحماية حرية الصحافة، وضمان دقة التغطية الصحفية.