يناير/ كانون الثاني 2025 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير موجز عن حرية التعبير والفضاء المدني من إعداد نسيم الطراونة، المحرر الإقليمي لآيفكس، استنادًا إلى تقارير وأخبار أعضاء آيفكس من المنطقة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
تصاعد الضغوطات من أجل المساءلة في غزة، والسعي لتقديم بشار الأسد إلى العدالة، وتزايد مخاطر المراقبة على الإنترنت وانتهاك الخصوصية، وتصاعد القمع العابر للحدود، فيما تشدد تونس قبضتها على الفضاء المدني.
أوقف إطلاق النار القتال مؤقتًا، ولكنه لم يضع حدًا للقمع
لم يمنح وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس في غزة سوى هدنة مؤقتة من الإبادة الجماعية التي استمرت على مدار الأشهر الخمسة عشر الماضية. مع ذلك، لا تزال الأزمة قائمة، خاصة بالنسبة للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، الذين لا يزالون يواجهون مخاطر جسيمة.
قُتل أكثر من 61,700 فلسطيني، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم أكثر من 200 صحفي وعامل في مجال الإعلام، استهدفت القوات الإسرائيلية العديد منهم عمدًا، في عمل أدانته المنظمات الحقوقية، باعتباره جريمة حرب.
مع اقتراب موعد وقف إطلاق النار، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين الفلسطينيين، في محاولة لإخماد الأصوات التي شهدت أشهرًا من الدمار.
كان الصحفي أحمد الشياح واحدًا من ستة أشخاص قتلوا في غارة جوية استهدفت مركزًا لتوزيع المواد الغذائية في جنوب غزة، بينما قُتل صحفي آخر، هو عقل صالح في غارة جوية إسرائيلية على مخيم الشاطئ للاجئين؛ وقُتلت أيضًا الصحفية والمصورة، أحلام نافذ، وهي في طريقها إلى مستشفى الشفاء، لتكون الصحفية الثامنة والعشرين التي تقتل منذ بدء الحرب، وفقًا لائتلاف النساء العاملات في الصحافة.
أفادت التقارير في وقت سابق من هذا الشهر، بمقتل الصحفي سائد أبو نهبان برصاص قناص إسرائيلي أثناء تغطيته لغارة عسكرية في مخيم الجديد للاجئين، فيما قُتل الصحفي عمر الديراوي عندما استهدفت غارة جوية منزل عائلته.
حتى في عشية الإعلان عن وقف إطلاق النار، قُتل الصحفي والناشط أحمد أبو الروس وشقيقه، إثر قصف سيارتهما في مخيم النصيرات للاجئين. كان أبو الروس قد نشر مقطع فيديو، قبل الهجوم مباشرةً، أعرب فيه عن أمله في أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قريبًا.
[ ترجمة: كانت هذه آخر كلمات قالها الصحفي والناشط، أحمد أبو الروس، قبل استهدافه اليوم. ]
مع تصاعد المطالبات بالمساءلة، حثت لجنة حماية الصحفيين السلطات على منح الصحفيين وخبراء حقوق الإنسان المستقلين إمكانية وصول غير مقيد للتحقيق في هذه الجرائم؛ بالإضافة إلى ذلك، ضغطت لجنة حماية الصحفيين على مسؤولي الاتحاد الأوروبي قبيل اجتماع مجلس الشؤون الخارجية، لحشد الدعم للتحقيقات المستقلة.
وصف مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وقف إطلاق النار بأنه خطوة حاسمة في مواجهة حملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، وأكد أن رفع الحصار عن غزة، وضمان الوصول الكامل إلى جميع المناطق المتضررة هي أمور مهمة لأي تحقيق موثوق يكشف عن حجم الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل.
أما ما بعد قطاع غزة، فيواجه الصحفيون الفلسطينيون عنفاً متزايدًا من جميع الجهات، مع تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين اليهود والغارات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. أدان المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) المضايقات والاعتقالات التي يتعرض لها الصحفيون، ومن بينهم محمود مطر وجراح خلف. في ذات الوقت، أصيبت الصحفية نغم الزيت برصاص إسرائيلي، أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمركز، مما أدى إلى تقييد وصول وسائل الإعلام.
تحديات المساءلة وحرية الصحافة في سوريا
أصدر قاضي تحقيق فرنسي مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب، وقضى بعدم أحقيته في المطالبة بالحصانة كرئيس دولة سابق. تستند المذكرة من الهجوم على درعا في عام 2017، حيث قُتل أكثر من 2000 مدني في غارات ممنهجة استهدفت المدارس، والمستشفيات، والبنية التحتية.
لعب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير دورًا محوريًا في بناء القضية، حيث شارك بالإجراءات كطرف مدني، وقدم أدلة رئيسية لتحديد مرتكبي الهجوم، وتسلسلهم القيادي. هذه هي المذكرة الثانية من نوعها في فرنسا بحق الأسد، بعد تلك التي صدرت في عام 2023 على خلفية الهجمات الكيماوية على الغوطة الشرقية.
“إن استمرار الإفلات من العقاب في سوريا يشكل عائقاً أمام تحقيق الاستقرار ويهدد بإذكاء نزعات الانتقام. من الضروري اتخاذ خطوات حازمة لطي هذه الصفحة، وفتح المجال أمام مسار وطني للعدالة الانتقالية، يضمن سلاماً مستداماً ومستقبلاً أكثر عدلاً لجميع السوريين والسوريات.”
– المحامي مازن درويش، مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
لا تزال حرية الصحافة في سوريا ذات أهمية بالغة، مع تأرجح البندول نحو واقع سياسي جديد. دعت منظمة مراسلون بلا حدود السلطات الجديدة إلى إطلاق سراح الصحفيين المحتجزين، وتفكيك أنظمة الرقابة والمراقبة، وإرساء حماية قانونية تضمن استقلالية وتعددية المشهد الإعلامي.
في الواقع الهش الذي تعيشه سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، تسلط سمكس الضوء على الانتشار المقلق للمعلومات المضللة؛ إذ إنه يمثل تآكلًا للحقيقة يفترس مجتمعًا مستقطبًا بالفعل، ويؤجج التوترات الطائفية من خلال إعادة تداول المحتوى، وحملات انتحال الهوية، وخطاب الكراهية الموجه.
المراقبة الرقمية ومخاطر انتهاك الخصوصية
تصعّد الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من رقابتها على المساحات الرقمية، مما يثير المخاوف بشأن الخصوصية وحرية التعبير. حذرت جماعات الحقوق الرقمية من تصاعد الرقابة على الإنترنت في العراق، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية.
لا تزال منصة ”بلغ“ العراقية تُستخدم لمراقبة الخطاب وتقييد حرية التعبير، مما يؤدي إلى اعتقالات وفرض الرقابة الذاتية، مع تركيز الاستهداف على النساء بشكل غير متناسب. دعت الجماعات الحقوقية إلى إغلاق المنصة فوراً.
في غضون ذلك، تحذر منظمة سمكس من أن تطبيقات مثل كواي، وتكتوك، وباز، وبوتيم، التي تروج لها كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، تعزز من مخاطر المراقبة والرقابة من خلال استغلال الثغرات الأمنية الرقمية، وجمع البيانات دون رقابة، في منطقة تفتقر إلى الحد الأدنى من حماية الخصوصية.
يسلط تقرير مرصد الإعلام المدني عن السودان الضوء على كيفية تعريض غياب قوانين واضحة لحوكمة البيانات المواطنين لانتهاكات الحقوق الرقمية في خضم الصراع الدائر. من المراقبة الجماعية إلى المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وصولا إلى إغلاق المستهدف للاتصالات، أصبح المشهد الرقمي هناك ساحة معركة أخرى، مما فاقم الأزمة.
إسكات الأصوات المعارضة عبر الحدود
أدى تسليم عبد الرحمن القرضاوي من لبنان إلى الإمارات العربية المتحدة إلى تصاعد المخاوف بشأن القمع العابر للحدود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ فقد اعتقل الشاعر التركي المصري، المعروف بانتقاده الصريح للأنظمة الاستبدادية، بناء على طلب تسليم من كل من مصر والإمارات العربية المتحدة. على الرغم من التحذيرات الواسعة التي أطلقتها المنظمات الحقوقية، إلا أن لبنان مضى قدماً في تسليمه، مما يعكس التجاهل المتزايد للقانون الدولي.
تسلط هذه الحالة الضوء على الدور الإشكالي لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي يفتقر إلى الضمانات المناسبة، مما يسهل الاعتقالات ذات الدوافع السياسية بين دول الجامعة العربية نتيجة لذلك يستهدف المعارضون بشكل تعسفي، حتى في الدول التي تعتبر عادةً ملاذات آمنة.
توضح حالات مماثلة هذا الاتجاه؛ فقد أدى احتجاز أحمد كامل في المملكة العربية السعودية، ومواجهته تسليمًا وشيكًا إلى مصر بتهم مشكوك في صحتها، إلى دفع جماعات حقوق الإنسان لمخاطبة إدارة ترامب وحثها على التدخل.
في سياق مماثل، أثار تسليم العراق مؤخراً المدون الكويتي سلمان الخالدي – وهو لاجئ سياسي مقيم في المملكة المتحدة – إلى الكويت مخاوف جدية. وفقًا لمركز الخليج لحقوق الإنسان، إن تسليم الخالدي ينتهك الحماية الدولية للاجئين، ويعرضه لمزيد من الاضطهاد.
تؤكد هذه الحالات على الحاجة الملحة لضمانات دولية قوية لحماية المعارضين من القمع العابر للحدود.
تونس تُحكِم قبضتها على مساحتها المدنية التي اكتسبتها بشق الأنفس
في 14 يناير/كانون الثاني، بدأت المدافعة البارزة عن حقوق الإنسان، سهام بن سدرين، إضرابًا عن الطعام أثناء احتجازها في سجن منوبة، وذلك عقب اعتقالها في أغسطس/آب 2024. يعتبر اعتقال بن سدرين، بشكل واسع، على أنه انتقام بسبب نشاطها المرتبط بتحقيقها في انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الأنظمة السابقة.
يعكس هذا القمع تراجعًا أوسع نطاقًا في مشهد حقوق الإنسان في تونس؛ فقد كشف تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2024 عن زيادة حادة في الاعتقالات ذات الدوافع السياسية، وشمل ذلك اعتقال أكثر من 80 شخصًا قبل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2024، وكان العديد منهم من منتقدي الرئيس قيس سعيد.
ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن خمسة صحفيين على الأقل قد سجنوا حتى ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو أكبر عدد من الصحفيين تسجله منذ أن بدأت تتبعها في عام 1992.
في الوقت نفسه، يثني موجز السياسات الصادر مؤخرًا عن منظمة أرتكل 19 على التقدم الذي أحرزته تونس في تعزيز الوصول إلى المعلومات الرقمية، لكنه يحذر من أن سيطرة الحكومة على المنصات الرقمية ووسائل الإعلام تقوض هذه الإنجازات، وتهدد حرية التعبير.
الدفع باتجاه تمثيل الأصوات النسائية في الحكومة اللبنانية
انتهت، الشهر الماضي، فترة الفراغ في قيادة البلاد، والتي استمرت لمدة عامين، حيث تم انتخاب القائد العسكري، جوزيف عون، رئيسًا للجمهورية. تعهد عون بدعم الحريات، وتعزيز استقلالية القضاء، ومكافحة الفساد، إلى جانب وعد بإجراء إصلاحات قضائية، وتحسين الخدمات العامة. مع ذلك، أثار انتخابه جدلًا واسعًا؛ إذ يمنع الدستور اللبناني القادة العسكريين الحاليين من تولي منصب الرئاسة.
في سياق هذه التغيرات السياسية، دعا المنبر النسائي اللبناني – وهو ائتلاف يضم أكثر من 45 منظمة – إلى تعزيز مشاركة المرأة في الحكومة، من خلال المطالبة إلى تخصيص كوتا نسائية وتمثيل أقوى للنساء في عملية صنع القرار، مؤكدًا على أن الحوكمة الشاملة للجميع ضرورية لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
بإيجاز
البحرين: أفاد مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن نظام التعليم في البلاد يُستخدم لقمع المعارضة، من خلال الممارسات التمييزية في توزيع المنح الدراسية، واستهداف المعلمين، واعتماد مناهج طائفية تهمش أصوات الأقليات.
على الرغم من التقدم المحرز في تعليم المرأة في مجلس التعاون الخليجي الأوسع [وهو تكتل يضم ست دول في الخليج العربي: البحرين، والكويت، وقطر، وعمان، والكويت، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة]، ألا أن القيود القانونية وقوانين الوصاية لا تزال تحد من الفرص المتاحة.
تشير منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين الضوء إلى أن غياب المؤسسات الديمقراطية، وضعف استقلالية القضاء، والقيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات تشكل عقبات تعيق قدرة المرأة على الدفاع عن حقوقها التعليمية.
الأردن: تم تغيير الحكم الصادر بحق الصحفي أحمد حسن الزعبي، بسبب انتقاده رد فعل الحكومة على إضراب سائقي الشاحنات، إلى خدمة المجتمع؛ وتسلط قضيته الضوء على إساءة استخدام قانون الجرائم الإلكترونية الأردني لقمع حرية التعبير. دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى الإفراج عن سجناء الرأي الآخرين يواجهون تهماً مماثلة، من بينهم صحفيون وناشطون سياسيون، مثل هبة أبو طه، وأيمن صندوقة، وسفيان خريسات، وصبري المشاعلة.
السودان: توفي الصحفي المستقل، يحيى حمد فضل الله، في 13 يناير/كانون الثاني، بعد شهر من اعتقاله من قبل القوات المسلحة السودانية؛ وقد فارق فضل الله الحياة بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، نتيجة تدهور حالته الصحية. تحث لجنة حماية الصحفيين على إجراء تحقيق شفاف في وفاته، التي جاءت في أعقاب مقتل الصحفية حنان آدم وشقيقها، في ديسمبر/كانون الأول.
جديد وجدير بالملاحظة
-
تحذر حملة من أن اعتماد ميتا على ملاحظات المجتمع وتقارير المستخدمين قد يؤدي إلى زيادة الرقابة على الأصوات الفلسطينية. يعلق أعضاء آيفكس على التداعيات العالمية – اقرأوا المزيد هنا.
-
أصدرت منظمة سمكس بيانًا دعت فيه إلى إصلاح قطاع الاتصالات في لبنان، لضمان توفير الخدمات الأساسية، ودعم حرية التعبير، في ظل أنظمة عفا عليها الزمن.
-
يسلط تقرير جديد صادر عن مركز الخليج لحقوق الإنسان الضوء على المخاطر الفريدة والفرص الناشئة التي تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان، مشيرًا إلى الثغرات الحرجة في خدمات الحماية.