تقوم السلطات التونسية بمحاكمة 40 معارضًا سياسيًا وناشطًا بتهم مؤامرة غير مبررة، مع حرمان المتهمين الرئيسيين من حقوق محاكمة عادلة واحتجازهم في ظروف اعتقال مسبق تعسفي.
نشر أولًا على هيومن رايتس ووتش.
يوم الثلاثاء، انطلقت في تونس محاكمة طال انتظارها فيما يسمى “قضية التآمر”. هذه المحاكمة يجب ألا تحدث. 40 شخصا، بينهم منافسون سياسيون، ونشطاء، ومحامون، وشخصيات عامة أخرى اتُّهموا “بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” والإرهاب بزعم التخطيط للإطاحة بحكومة الرئيس التونسي قيس سعيّد.
راقبت “هيومن رايتس ووتش” المحاكمة، واطّلعت على قرار ختم البحث في 140 صفحة، الذي أصدره قاضي التحقيق – ما يسمح بإحالة القضية إلى المحاكمة – والذي يُظهر أن هذه التهم الخطيرة تبدو بلا أساس، وغير مبنية على أي دليل موثوق. إلا أن بعض المتهمين ما يزالون قيد الإيقاف التحفظي منذ عامين، ما يتجاوز الحد الأقصى المسموح به بموجب القانون التونسي. في حال إدانتهم، يواجهون عقوبات قاسية تصل إلى الإعدام.
وقد اتخذت السلطات التونسية خطوة إضافية للحرمان من المحاكمة العادلة في هذه القضية. في 26 فبراير/شباط 2025، دعت رئيسة المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة ووكيل الجمهورية في المحكمة المتهمين المحتجزين إلى المثول أمام المحكمة عبر مكالمة فيديو، زاعمَين وجود “خطر حقيقي”. المحاكمة عبر الفيديو ممارسة منتهِكة بطبيعتها، وتقوّض حق المتهمين بالمثول حضوريا أمام قاض لتقييم صحتهم وشرعية احتجازهم وظروفه. قال أحد المحامين خلال الجلسة إن المتهمين الذين يمثُلون عبر الفيديو “يُحرَمون أيضا من تلقي الدعم من عائلاتهم”.
انطلقت المحاكمة التي طال انتظارها بدون حضور المتهمين الأساسيين في المؤامرة المزعومة. رفض معظمهم حضور الجلسة عن بعد. غاب عن الجلسة المنافسون السياسيون للرئيس سعيّد المحتجزون في هذه القضية جوهر بن مبارك، وعصام الشابي، وعبد الحميد الجلاصي، وخيام التركي، بالإضافة إلى المحامِيَيْن رضا بلحاج وغازي الشواشي. غاب أيضا القياديان في “حركة النهضة” المعارضة نور الدين البحيري والصحبي عتيق، المسجونان بقضايا أخرى.
مثُل متهمان فقط عبر الفيديو، من ضمنهم العضو السابق في مجلس النواب سيد فرجاني. أما أولئك غير المحتجزين، مثل المحامين العياشي الهمامي، وأحمد نجيب الشابي، ولزهر العكرمي، بالإضافة إلى الناشطة السياسية شيماء عيسى فمثلوا شخصيا. وغيرهم الذين أُجبروا على العيش في المنفى بسبب المحاكمة، فلا يزالون طلقاء.
رغم المخاوف الخطيرة المحيطة بالإجراءات الواجبة في هذه المحاكمة، رفض القضاة أمس جميع مطالب الإفراج.
على السلطات التونسية وقف استخدام التهم المنتهِكة ضد من ينظر إليهم كمنتقدين، وضمان محاكمة عادلة لجميع المتهمين، تشمل القدرة على المثول شخصيا. لكن قبل كل شيء، عليها وضع حد لهذه المهزلة عبر الإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفيا في هذه القضية، وإسقاط التهم التعسفية عن جميع المتهمين.