تدعو أرتكل 19 السلطات الجزائرية إلى وضع حد فوري للانتهاكات المستمرة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام، وإلغاء الممارسات غير الدستورية التي تقيد حرية التعبير.
تم نشر هذا البيان اولاً على موقع منظمة المادة 19 بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2021
تعبر منظمة المادة 19 عن انشغالها من تواصل الاعتداءات على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في الجزائر والمرتكبة من طرف عدة جهات تنفيذية و تعديلية وقضائية في الدولة. وطالت هذه الانتهاكات عدة صحفيين علاوة على القرارات التعسفية في الغلق النهائي أو المؤقت لستةمؤسسات إعلامية جزائرية ومكاتب تابعة لوسائل إعلام أجنبية الأمر الذي يشكل إخلالا بالالتزامات الدولية للجزائر في مجال حقوق الإنسان وانتهاكا للقواعد الدستورية التي جاء بها التعديل الدستوري المؤرخ في غرة نوفمبر 2020.
وتجدر الإشارة إلى قيام الجزائر خلال سنة 2020 بسن أحكام تشريعية جديدة على غرار القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما و تعديل قانون العقوبات أدت إلى التوسيع في مفهوم الإرهاب و عززت الجانب الردعي للعقوبات و ذلك من أجل التضييق على حرية التعبير والتظاهر وخنق الفضاء العام بهدف التصدي للحراك الشعبي. ولقد حذرت منظمة المادة 19 من خطورة هذه التعديلات التي تضمنت عبارات فضفاضة يمكن توظيفها سياسيا لضرب حرية التعبير والإعلام.
“المعلومة مرفق عام و حيوي للجميع. يظل الصحفي الحر والمستقل أفضل حليف لديمقراطية جيدة. يجب على الجزائر
أن تسمح بحرية الصحافة بالازدهار بدلاً من اتخاذ إجراءات صارمة وردعية تجاه الصحفيين ووسائل الإعلام”. أقرت سلوى
غزواني ، مديرة المادة 19 مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الملاحقات القضائية ضد الصحفيين مخالفة للمعايير الدولية
أصدرت محكمة تمنراست بتاريخ 12 أوت 2021 في حق الصحفي رابح كراش مراسل جريدة ليبرتي حكما بالسجن لمدة عام بعد إدانته بجرائم الترويج العمدي لأخبار وأنباء كاذبة أو مغرضة بين الجمهور والعمل بأي وسيلة كانت على المساس بسلامة الوحدة الوطنية، وذلك على خلفيته قيامه بنشر تقرير صحفي حول احتجاج للطوارق ومعارضتهم لقرار السلطات العمومية مصادرة عقاراتهم لفائدة ولايتي جانت وإليزي.
كما تعرض الصحفي حسن بوراس إلى الاعتقال من قبل السلطات الأمنية بتاريخ 6 سبتمبر 2021على خلفية الاشتباه به في الانتماء إلى منظمة إرهابية وتمجيد الإرهاب والتآمر ضد أمن الدولة بهدف تغيير نظام الحكم، واستخدام وسائل تقنية وإعلامية لتجنيد أفراد ضد سلطة الدولة.
و تم اعتقال صحفي ليبرتي محمد مولود في 12 سبتمبر 2021 ، من قبل السلطات الأمنية. ووجهت إليه التهم التالية: الانتماء إلى منظمة إرهابية ونشر أنباء كاذبة و المساس بسلامة الوحدة الوطنية.
تذكر منظمة المادة 19 بأن الدستور الجزائري يضمن حرية الصحافة صلب الفصل 54، علاوة على تحجيره تسليط عقوبات سالبة للحرية في جنح الصحافة. ولذلك يمثل حبس الصحفيين على خلفية نشاطهم الصحفي خرقا جسيما للدستور الذي وقع تعديله منذ سنة تقريبا.
وتشدد على أن أي قيد يفرض على حرية التعبير يجب أن يستجيب للاختبار الثلاثي الوارد صلب الفقرة الثالثة من المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمتمثل في وجوب أن يكون القيد محددا بنص قانوني وأن يكون ضروريا ” (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، و (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة” ومتناسبا مع المصالح المشروعة الجديرة بالحماية.
كما تعتبر الملاحقات القضائية على خلفية نشر الصحفيين لآرائهم الناقدة للسياسات الحكومية أو قيامهم بتغطية الاحتجاجات الشعبية مناهضة للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يقتضي -وفقا للتعليق رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان –ألا يقع تتبع الأفراد بسبب آرائهم السياسية أو نشرهم لمعطيات متعلقة بمسائل تهم الشأن
العام
قرارات سلطة ضبط السمعي البصري مخالفة للمعايير الدولية
أصدرت سلطة ضبط السمعي البصري،بتاريخ 21 جوان 2021، قرار بتعليق بث جميع برامج قناة “الحياة” لمدة أسبوع، وذلك على خلفية لقاء تلفزي مع نائب برلماني سابق شكك من خلاله في المجاهدين الجزائريين ونزاهتهم.
ويتعارض قرار الهيئة التعديلية هذا مع المعاير الدولية ذات الصلة بحرية التعبير بما أن منع الأفراد من التعبير عن آرائهم بخصوص مسائل تاريخية يشكل قيدا غير ضروري على حرية التعبير. ولقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أنه لا يجوز ” فرض حظر عام على حرية التعبير عن آراء خاطئة أو تفسيرات غير صحيحة لأحداث الماضي.
وفي السياق نفسه، يعتبر قرار سلطة ضبط السمعي البصري غير متلائم مع الاختبار الثلاثي المنصوص عليه صلب الفقرة الثالثة من المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي يقتضي أن يقع احترام مبدأ التناسب عند تسليط العقوبة.
من جهة أخرى، قامت هيئة ضبط السمعي البصري في 16 أوت 2021 باتخاذ قرار في الغلق النهائي لقناة لينا تي في لأنها تنشط خارج الأطر القانونية المعتمدة. كما أصدرت الهيئة في 23 أوت 2021 قرار مشابها ضد قناة “الجزائرية وان” بسبب عدم احترامها لمتطلبات الأمن العام، بالإضافة إلى خرق أحد شركاء القناة لقانون النشاط السمعي البصري القاضي بمنع شراء أسهم في أكثر من قناة تلفزيونية و أوقفت في نفس التاريخ بث قناة ” البلاد” لمدة أسبوع لأنها بثت مقطع لحلقة مكررة لصور جريمة إرهابية،
تذكر منظمة المادة 19 السلطات الجزائرية بمقتضيات الفصل 54 من الدستور الذي نص على عدم إمكانية توقيف القنوات التلفزية والإذاعية إلا بمقتضى قرار قضائي والحال أن طبيعة القرارات الصادرة عن الهيئة التعديلية هي قرارات إدارية وبالتالي فإن قرارات التوقيف في حق المؤسسات الإعلامية مشوبة بخرق جسيم للدستور ويجب التراجع فيها.
تدعو منظمة المادة 19 السلطات الجزائرية إلى وضع حد بصورة فورية للانتهاكات الواقعة على الصحفيين ووسائل الإعلام والتراجع عن الممارسات غير الدستورية.