لا يمكن للسلطات الإسرائيلية التنصل من مسؤوليتها عن صادرات تكنولوجيا المراقبة الخطيرة في البلاد، التي مكّنت الحكومات من مراقبة آلاف المنتقدين والمعارضين، حسب مراسلون بلا حدود.
ذلك أن الدولة الإسرائيلية مسؤولة بشكل أو بآخر عن البرامج التي تطورها الشركات الإسرائيلية، ومن بينها تطبيق بيغاسوس الذي تصدره شركة إن.إس.أُو. فحتى لو كان دور السلطات الإسرائيلية في مثل هذه القضية دورًا غير مباشر، فإنه ليس بإمكانها التنصل من مسؤوليتها، علماً أن المؤسسات الحكومية هي التي تمنح إن.إس.أُو وغيرها من الشركات المتخصصة في تكنولوجيا التجسس تراخيص التصدير التي تتيح لها إمكانية بيع منتجاتها لحكومات أجنبية.
وعلاوة على ذلك، هناك ارتباط واضح بين هذه الصادرات والسياسة الخارجية لإسرائيل. ذلك أن الإمارات العربية المتحدة والمغرب تُعدان من أبرز الجهات التي اشترت هذه الأنظمة التكنولوجية، علماً أن كلا البلدين أقاما علاقة دبلوماسية رسمية مع إسرائيل خلال عام 2020. وحتى لو لم تُقم المملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، فإن صحيفة نيويورك تايمز أفادت بأن حكومة إسرائيل سمحت لشركة إن.إس.أُو بالتعامل مع الرياض رغم اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، إذ توجد المملكة ضمن قائمة الدول التي اشترت برنامج بيغاسوس.
وفي هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمراسلون بلا حدود، “إن تمكين الحكومات من تثبيت برامج تجسس تُستخدم أساساً لمراقبة مئات الصحفيين ومصادرهم في مختلف أنحاء العالم يطرح مشكلة ديمقراطية كبرى. فبغض النظر عن مدى فعالية ذلك، من غير اللائق أن تواصل إسرائيل الترويج لهذه التكنولوجيا الرائدة كما لو تعلق الأمر بأي منتج تجاري آخر”. وتابع: “ندعو رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى إصدار قرار فوري يقضي بحظر صادرات تكنولوجيا المراقبة حتى يتم إقرار إطار تنظيمي وقائي في هذا الشأن”.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالاً حول ما بات يُسمَّى “دبلوماسية إن.إس.أُو”، في إشارة إلى برنامج بيغاسوس الذي أصبح يمثل بالنسبة لإسرائيل ما تمثله بالنسبة لفرنسا طائرات رافال المقاتلة – التي تُعد من الابتكارات الرائدة في المجال الحربي. وأوضحت الصحيفة أن تراخيص لبيع منتجات إن.إس.أُو في كل من المجر ورواندا والمكسيك وأذربيجان مُنحت بعد أشهر قليلة من زيارات رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو إلى تلك الدول.
وقبل التشديد على مسؤولية حكومة إسرائيل في هذا الباب، كانت مراسلون بلا حدود قد وقعت مع منظمات أخرى رسالة مشتركة في أبريل/نيسان، حيث عاتبت إن.إس.أُو على عدم الوفاء بالعديد من التعهدات التي قطعتها حول احترام وتنفيذ المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
يُذكر أن إسرائيل تحتل المرتبة 86 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.