وفقا لتقرير جديد صادر عن مركز الخليج لحقوق الإنسان، استهدفت إسرائيل الصحفيين، وهددتهم، وقصفتهم في لبنان، منذ بداية الحرب، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
نشر أولًا على مركز الخليج لحقوق الإنسان.
أخبر صحفيون ومحامون وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في لبنان ممن يعملون في سياق الحرب عن تعرُّض أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير إلى تعدِّياتٍ جمَّة، بحسبِ تقرير جديد يحمل عنوان “قَصْفٌ مِن كُلِّ الجِهَات: الإعلامِيُّونَ تَحتَ النَّارِ في حَربِ لُبنَان”. وتشمل هذه القتل والاعتداءات الجسدية والضغط عليهم بُغية فرض الرقابة على عملهم، فضلًا عن الترهيب بواسطة الإنترنت، وفقًا لبحوث وثَّقها مركز الخَليجِ لحُقوقِ الإنسانِ، بِدَعمٍ مِن مُؤسّسةِ مَهَارَات والشبكةِ الدوليَّةِ للدِّفاعِ عن حُريَّةِ التَّعبيرِ وتَعزيزِها (آيفِكس).
بحسب هذا التقرير، الذي يستند إلى بحوث قُطرية قام بها براين دولي، عضو المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان، فإنَّ العديد من الصحفيين، “أبلغوا عن الأضرار التي لحقت بصحتهم البدنية والعقلية، وذكروا أنهم يعوزون الحماية الكافية من قبل الآليات الدولية المصممة لحمايتهم.” لقد أجرى مقابلات مع محامين عاملين في مجال حقوق الإنسان وصحفيين ومنظمات إعلامية في لبنان خلال شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2024. يهدف التقرير إلى تقديم تحليلٍ للمخاطر التي يواجهها الصحفيون المحليون والدوليون في لبنان، وإلى تقييم واقع ممارستهم حقَّهم في حرية التعبير بموجب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وانتهاءً بتقديم توصياتٍ لتعزيز حمايتهم.
تم إعداد هذا التقرير ضمن مشروع معنيٍّ بمنع الأزمات وإرساء الاستقرار وبناء السلام في لبنان، من خلال إنفاذ الحق في حرية التعبير.
على الرغم من أنَّه يُفترض أن يحظى الصحفيون في زمن الحرب بحماية خاصة، فقد استُهدِف العاملون في مجال الإعلام في لبنان، وتعرَّضوا إلى القتل والتشهير بهم بسبب عملهم في نقل الحقيقة. وجد استطلاع أجري عام 2023 في أوساط المصورين الصحفيين العاملين في لبنان أنَّ التعديات عليهم هي من الشيوع بحيث اعتبرها كثيرون جزءًا طبيعيًا من عملهم.
منذ بدء الحرب في لبنان، استهدفت إسرائيل الصحفيين وهددتهم وقصفتهم بشكل مباشر، الأمر الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم بجراح خطيرة، في تجاهلٍ لما ينبغي أن يحظوا به من حماية دولية.
بالرغم من التوصل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا بين الفصائل السياسية في لبنان والحكومة الإسرائيلية في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فقد تم الإبلاغ عن العديد من الانتهاكات للهدنة خلال أيام من دخولها حيز النفاذ، ويخشى الصحفيون المحليون وسواهم أن الاتفاق بالغ الهشاشة، بحيث يُنذر بانهيار تام ٍ، الأمر الذي يهدد بتجدد وشيك لمخاطر لا تُبقي ولا تذر.
في حين أنَّه يُفترض أن يحظى الصحفيون في أزمنة الصراعات بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني والأعراف الدولية ذات الصلة، وأن استهدافهم بشكل مباشر إنما يُعد جريمة حرب؛ فإنهم قد تعرضوا إلى الهجمات بشكل مستمر في لبنان. إن العلامات على المركبات أو سترات الصحفيين، التي تشير دون لبس إلى مهنتهم، فإنها لم تكن بذات نفع في توفير الحماية إلى طواقم وسائل الإعلام أو مركباتهم أو معداتهم.
إزاء هذه المخاطر، أفاد العديد من الصحفيين بأنهم اضطرُّوا إلى جعل تحركاتهم محدودة مع أنَّ عملهم كان يتطلَّب تمكُّنهم من الوصول إلى الحقيقة والإعلام بها. كما يواجه العديد منهم صعوبات مالية مزمنة، ونقصًا في التأمين ومعدات الحماية.
في تقريرٍ موازٍ صدر عن مؤسسة مهارات ضمن المشروع نفسه، وحمل عنوان “حرب بلا خطوط حمراء: تهديدات ومخاطر تواجه الصحفيين في لبنان”، قالت رُلى مخايل، المديرة التنفيذية لمؤسسة مهارات، في معرض حديث عن أهمية حماية الصحفيين، “في ظل غياب إجراءات الحماية الكافية، يبقى الصحفي اللبناني عرضة للخطر أثناء قيامه بواجبه المهني. إنَّ استمرار استهداف الصحفيين يُظهر الحاجة الملحة لتحرك دولي يوفر لهم الظروف اللازمة للعمل بأمان، فمهنة الصحافة ليست فقط حقًا، بل إنَّ حمايتها واجبة على كافة الدول التي عليها ضمان تحييد الصحفيين الذين يغطون الحرب لاستمرار نقل الحقيقة”.
يواجه الصحفيون في لبنان أيضًا ضغوطًا داخلية تحدُّ من حريتهم في القيام بالعمل الإعلامي ومن قدرتهم على ممارسة مهنتهم. بصرف النظر عن المخاطر الجسدية المباشرة، فإنهم يواجهون تهديدات ومضايقات مستمرة من بين أوساط المجتمع اللبناني، بما في ذلك التهديدات الموجهة ضد صحفيين ومنافذ إعلامية محددة. وكثيرًا ما يتم توجيه الغضب العام إلى الصحفيين، وقد لحقت ببعضهم إصاباتٌ خطيرة. يقول بعض الصحفيين إن عناصر في جماعات سياسية هددوا، “بالنَّيل منهم عندما تنتهي الحرب”.
إن الانقسامات الداخلية العميقة في لبنان أثناء الصراع إنما تتجلَّى بدورها على هيئة انقسامات واضحة في التغطية الإعلامية. لقد تصاعد الاستقطاب إلى حد بلغ أن تم اتهام بعض الصحفيين بالخيانة، وتم وصفهم بأنهم “متصهينون”، كما وُصفت بعض الأحزاب بأنها “جهات عميلة”، وصولًا إلى التلميح بأن نهاية عنيفة قد تنتظر هؤلاء. ُتعيق هذه الاعتداءات قدرة الصحفيين على تقديم تغطية موضوعية، وتحثُّ على ممارسة الرقابة الذاتية.
يؤمَّل أن قانون الإعلام الجديد، الذي طال انتظاره وتوقف تقدمه في مسار إقراره بسبب الحرب، قد يجلب شيئًا من الوضوح والتقدم الضروريين إلى المشهد الإعلامي.
اطلع على النص الكامل للتقرير.