عدد خاص: يركز نسيم طراونة، في موجزه الإقليمي الأخير، على الحق في الوصول إلى المعلومات، مستندًا إلى تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
من القيود الإعلامية التعسفية في تغطية فيضانات ليبيا، إلى التحقق من ادعاء تسبب “أشعة الليزر” في إحداث الزلزال في المغرب، تؤكد الكوارث البيئية الأخيرة في المنطقة على الدور الحيوي لتوفير الوصول إلى المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب في المنطقة، خاصة خلال الأزمات غير المسبوقة.
فيضانات ليبيا تسلط الضوء على صراع الوصول إلى المعلومات
في الشهر الماضي، أظهر التأثير المدمر للعاصفة دانيال على المحافظات الشرقية في ليبيا، الحاجة الملحة للوصول إلى المعلومات التي تعيقها السلطات المحلية، خلال الأزمات البيئية، حيث يكافح الصحفيون والناشطون لتغطية الأحداث في المنطقة التي غمرتها الفيضانات. في مدينة درنة الساحلية، دمرت مياه الفيضانات سدين قديمين، مما أدى إلى محو أحياء بأكملها، وترك آلاف القتلى، وآلاف المفقودين أو النازحين.
وفقًا للأمم المتحدة، كان من الممكن تجنب معظم الضرر لو تم تركيب أنظمة للإنذار المبكرة وإدارة الطوارئ لتسهيل إخلاء المدينة. يظهر هذا الحدث المأساوي التكلفة البشرية الحقيقية الناجمة عن الفشل في توصيل ونشر المعلومات المناخية الحيوية للناس في الوقت المناسب – معلومات، يمكن أن تنقذ الأرواح.
في حين ألقت السلطات باللوم على تغير المناخ و”مشيئة الله” في الكارثة، دعت جماعات حقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق مستقل لضمان المساءلة في بلد غارق في ثقافة الإفلات من العقاب.
أشار إلى زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى أنه “نظرًا لتاريخ الإفلات من العقاب في ليبيا وحجم المأساة، فمن الضروري إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة وشفافة في ظروف هذه الكارثة. وينبغي أن يتم تكليف هذا التحقيق بتقييم المسئوليات وضمان المساءلة فيما يتعلق بالفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ودمار، وإعلان نتائجه على الملأ”.
نظم مئات السكان الغاضبين احتجاجات للمطالبة بمحاسبة السلطات المحلية على فشلها في الحفاظ على البنية التحتية المهملة، وتوفير تحذير كاف بشأن العاصفة. أمرت المحافظات الشرقية في ليبيا، التي تسيطر عليها القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، الصحفيين المحليين والأجانب بمغادرة درنة بعد يوم من المظاهرة الحاشدة، حيث اتهمتهم السلطات بعرقلة جهود الإنقاذ.
على الرغم من إلغاء الأمر في اليوم التالي، إلا أن تعليمات صدرت للصحفيين بعدم التحدث إلى فرق الإنقاذ، حيث أفادوا بأنهم يخضعون للمراقبة عن كثب من قبل عملاء الإعلام العسكري؛ إذ أمر المسؤولون المترجمين الفوريين بعدم ترجمة أي تعليقات انتقادية.
أدى انقطاع الاتصالات الهاتفية والإنترنت في درنة في أعقاب الاحتجاجات إلى إعاقة الوصول إلى المعلومات بشكل أكبر، حيث ألقت شركة الاتصالات الوطنية باللوم على الأضرار التي لحقت بكابل الألياف الضوئية، وقالت إنه ربما كان ذلك “نتيجة عمل تخريبي متعمد”.
كان الصحفيون والنشطاء يواجهون الاعتقالات بسبب مقابلات يُعتقد أنها تنتقد القوات المسلحة الليبية طوال الوقت الذي بذلت فيه القوات المسلحة الجهود لإدارة المظهر العام والتهرب من المسؤولية في دولة منقسمة سياسيًا. ألقت مجموعة مسلحة تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية القبض على منشئ المحتوى، جمال القماطي، الذي كان يقدم تقارير مباشرة من درنة بعد الفيضانات، من مسقط رأسه في الشحات في ١٧ سبتمبر/ أيلول، حيث اختفى قسريًا لمدة ثلاثة أيام، بعد اتهام المسؤولين علنًا بالفساد والمسؤولية عن الكارثة.
صرحت ديانا الطحاوي، نائب المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “ينبغي على السلطات الليبية وأولئك الذين يسيطرون بحكم الأمر الواقع على المناطق المتضررة أن يحرصوا على أن تكون حقوق الإنسان في صميم مواجهة الأزمة وأن يمتنعوا عن الانتقام من المنتقدين. فخلال الأزمات، يشكل المجتمع المدني الحيوي ووسائل الإعلام المستقلة عنصرًا جوهريًا لضمان حقوق الناجين في الحياة، والسكن الآمن، والغذاء، والصحة، والحصول على المعلومات”.
واجه الصحفيون عددًا لا يحصى من التحديات الأخرى في تغطية الكارثة البيئية؛ تمت مصادرة معدات الصحفيين الأجانب في المطار، كما واجهوا عقبات في الحصول على التصاريح الأمنية للدخول إلى المواقع. كان على المراسلين المحليين أن يتعاملوا مع المعلومات المضللة خلال الأزمات في الوقت الفعلي، كما كان عليهم التعامل مع تداعيات تقاريرهم بعد فترة طويلة من مغادرة أقرانهم الدوليين.
مع ذلك، وعلى الرغم من الفوضى والارتباك، لعب الصحفيون والمجتمع المدني دورًا حيويًا في تعزيز الوصول إلى المعلومات ومكافحة المعلومات المضللة. أنشأ الصحفي الليبي، محمد القرج، مراسل قناة أحرار ليبيا التلفزيونية، مجموعة واتساب للمساعدة في تشبيك الصحفيين ببعضهم البعض وكذلك بالسلطات، حيث قال إنها سرعان ما أصبحت قناة لإدارة الأزمات لأصحاب المصلحة في الوقت الفعلي. لتوضيح واحدة من العديد من حالات التضليل عبر الإنترنت حول الفيضانات، تحققت وكالة أسوشيتد برس من صحة مقطع فيديو منتشر على نطاق واسع، يُفترض أنه يصور الدمار في ليبيا، تبين أنه عبارة عن لقطات من فيضان عام ٢٠١٦ في المملكة العربية السعودية.
حتى الآن، تم اعتقال عمدة درنة، الذي احترق منزله أثناء الاحتجاجات، إلى جانب عدد من المسؤولين الآخرين في انتظار التحقيق الذي يجريه المدعي العام في ليبيا.
[ترجمة: في أوقات الأزمات، يمكن أن تنتشر المعلومات المضللة بشكل أسرع من مياه الفيضانات. نحن هنا لمعالجة الأسطورة الشائعة التي قد تديمها وسائل الإعلام وبعض المتحدثين والتي لها عواقب بعيدة المدى – الاعتقاد بأن الجثث يمكن أن تسبب أوبئة في أعقاب الكوارث
مكافحة التضليل الزلزالي في المغرب
في كارثة طبيعية مأساوية أخرى خلال الشهر الماضي، ضرب زلزال بقوة ٦.٨ درجة المنطقة الريفية الجبلية بإقليم الحوز في المغرب، مما أسفر عن مقتل أكثر من ٢.٩٠٠ شخص وإصابة آلاف آخرين. كان الزلزال المميت الذي وقع في جبال الأطلس النائية، حالة أخرى عملت فيها وسائل الإعلام بسرعة لتوفير معلومات دقيقة خلال الأزمة البيئية، وكشف وابلًا من المعلومات المضللة التي تلت ذلك.
شمل ذلك مقاطع فيديو وصورًا مزيفة تم تداولها على نطاق واسع، تضم لقطات قديمة للمباني المنهارة في الدار البيضاء، والرباط، وحتى تركيا، وتقارير تفيد بأن فندق لاعب كرة القدم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، في مراكش كان يقدم الدعم للناجين من الزلزال، بالإضافة إلى مقطع فيديو يدعي أن “شعاع ليزر” من مركبة فضائية غريبة تسببت في الكارثة، بالإضافة إلى معلومات مضللة أخرى شوركت عبر الإنترنت.
[ترجمة: احذروا من المعلومات المضللة حول زلزال المغرب. بعض مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على أنها اللحظة التي ضرب فيها الزلزال، تم تصويرها فعليا في بلدان أخرى، مثل هذه اللقطات التي تم تصويرها في تركيا في فبراير/ شباط.]
مع تزايد الغضب إزاء استجابة الحكومة الاولية البطيئة والمتصلبة لجهود الإنقاذ، سارعت وسائل الإعلام المغربية إلى الاستجابة لموجة الأخبار، وأنشأت فرق أزمات لنقل المعلومات التي تم التحقق منها، وتوفير تحديثات موثوقة في الوقت الفعلي من مواقع الكوارث. أطلقت وكالة الأنباء المغربية “SOS Fake News” لرصد المعلومات المتعلقة بالزلزال، والتحقق منها، في حين أطلقت “ميدي١تي” مبادرة إبلاغ خاصة بها، لمواجهة انتشار المعلومات المضللة.
تم ترحيل صحفيين فرنسيين كانا يغطيان الحدث المدمر، وسط تصاعد التوترات الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا. اعتقل مراسلي مجلة ماريان، كوينتين مولر وتيريز دي كامبو، من الفندق الذي يقيمان فيه في الدار البيضاء، ونقلو مباشرة إلى المطار، قبل وضعهما على متن طائرة متوجهة إلى مرسيليا، دون أي تبرير.
زعمت الحكومة المغربية في وقت لاحق أن قرار طرد الصحفيين لم يكن له أي دوافع سياسية، بل استند إلى افتقارهما إلى الاعتماد الإعلامي، مشيرة إلى أن ٣١٠ صحفيين أجانب، بما فيهم ١٦ مؤسسة إعلامية فرنسية، حصلوا على تصاريح لتغطية القصة. وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود، فإن عمليات الترحيل جاءت على الأرجح ردا على اجتماع الصحفيين مع عائلات سجناء سياسيين خلال فترة وجودهم في البلاد.
“في حين لا يزال العديد من الصحفيين المغاربة محتجزين بتهم ملفقة، يتم ترحيل صحفيين أجانب دون سبب وجيه. يعكس هذا الطرد الأخير، وهو اعتداء مفاجئ وغير مقبول على حرية الصحافة، الرغبة في منع التقارير الإعلامية في المغرب، سواء كانت محلية أو دولية. صرح خالد درارني، ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا: “نحث السلطات المغربية على احترام عمل الصحفيين”.
بالمختصر
فلسطين: في الشهر الماضي، احتفل المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، عضو في آيفكس، باليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات، حيث جدد الدعوات لاعتماد قانون الوصول إلى المعلومات. لقد كان مركز مدى في طليعة الجهود الرامية إلى تقنين الوصول إلى المعلومات، حيث استغل هذا اليوم لدعوة الحكومة الفلسطينية إلى فتح الباب أمام حوار تشاوري مع المجتمع المدني، للمساعدة في الوصول إلى إطار قانوني تشتد الحاجة إليه، من شأنه حماية الحق في الوصول إلى المعلومات.
لبنان: تعرضت “مسيرة الحرية” المخطط لها، والتي تدعو إلى حماية حقوق مجتمع الميم في البلاد، لهجوم من قبل أشخاص مجهولين، يرتدون ملابس مدنية، مما أدى إلى وقوع عدة إصابات. دعت لجنة حماية الصحفيين السلطات اللبنانية إلى حماية الصحفيين الذين أصيبوا أو تعرضوا للتهديد أثناء تغطيتهم للمظاهرة.
تأخر حصول آلاف الأطفال من اللاجئين الفلسطينيين على التعليم، في مخيم عين الحلوة للاجئين في لبنان، حيث أدت الاشتباكات بين الفصائل في المخيم، والتي بدأت خلال الصيف، إلى مقتل ما لا يقل عن ٣٠ شخصًا وإصابة المئات، وتشريد الآلاف. احتلت الجماعات المسلحة الثمانية مدارس التي تديرها الأونروا لعدة أسابيع قبل نشر وحدة مشتركة من قوات الأمن الفلسطينية لحراسة المدارس في إطار مفاوضات وقف إطلاق النار.
الإمارات العربية المتحدة: انضمت آيفكس إلى مجموعات من المنظمات الحقوقية في دعوتها للحكومات بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة أثناء استعدادها لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP٢٨) هذا العام، وسط مخاوف متزايدة بشأن استراتيجية البلاد لمواجهة الانتقادات لسجلها في مجال حقوق الإنسان. جاء في بيان مشترك موجه إلى الحكومات المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ هذا العام: “العدالة المناخية وحقوق الإنسان مترابطتان بعمق – ولا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر”. حثت مجموعات حقوق الإنسان الوفود على استغلال هذه الفرصة لتسليط الضوء على سجل حقوق الإنسان في الإمارات، والتضامن مع المجتمعات الموجودة على الخطوط الأمامية للتصدي لتأثيرات تغير المناخ، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات وفي جميع أنحاء العالم.
محاكمة برامج التجسس: قدم عضو آيفكس مركز الخليج لحقوق الإنسان بالتعاون من “أكسس ناو” (Access Now)، مذكرة ودية تدعو المحكمة الجزائية في مقاطعة أوريغون الأمريكية إلى تحميل شركة برمجيات التجسس الإماراتية “دارك ماتر جروب” (DarkMatter Group) مسؤولية قرصنة الناشطة السعودية البارزة في مجال حقوق المرأة، لجين الهذلول بشكل غير القانوني. في خطوة صغيرة نحو العدالة، وافقت المحكمة على المذكرة الودية، قائلة إنها ستُمنح “وزنًا تراه المحكمة مناسبًا”.
“إن الحكم لصالح الناشطة الهذلول، التي تعرضت للقرصنة، سيكون بمثابة منارة أمل لأولئك الذين عانوا طويلا من استخدام تقنيات برامج التجسس بلا رحمة، وسيرسل رسالة واضحة إلى مزودي هذه التقنيات الخطيرة: يكاد وقتكم ينفذ.” – مروة فطافطة، مديرة السياسات والمناصرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “أكسس ناو”.
جديد وجدير بالملاحظة
الحقوق اللغوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إدراكًا لأهمية سد الفجوة في البحث والمناصرة للمجتمعات غير الناطقة باللغة العربية في المنطقة، أطلقت الأصوات المتصاعدة مشروعًا جديدًا مخصصًا لتسليط الضوء على ستة من هذه المجتمعات، وصراع كل منها في النضال من أجل الحقوق اللغوية . يفحص المشروع الذي تدعمه آيفكس التحديات، والفرص، والتهديدات التي تواجه اللغات الكردية، والآشورية، والأرمنية، والنوبية، والسقطرية، والأمازيغية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكيف يساهم دعم الحقوق اللغوية لهذه المجتمعات المتنوعة بممارسة حقوق إنسانية أخرى، بما في ذلك الحق في حرية التعبير، والوصول إلى المعلومات.
تقديرًا للعمل في مجال حقوق الإنسان: حصل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، عضو آيفكس، في الشهر الماضي، على جائزة العدالة للصحفيين في حفل توزيع جوائز ألبي التابع لمؤسسة كلوني للعدالة. حصل مازن درويش ويارا بدر، المؤسسان الشريكان للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، على الجائزة خلال حفل أقيم في نيويورك. كما حصلت الصحفيتان الإيرانيتان المعتقلتان، نيلوفر حميدي وإله محمد، على جائزة العدالة للنساء لتقاريرهما الصحفية.
[ترجمة: يستحق المركز السوري للإعلام وحرية التعبير @SyrianCenter، الذي أسسه ويديره ناجون من التعذيب والاعتقال التعسفي في #سوريا، التقدير لجهودهم الهائلة في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية في البلاد، ودعمهم للصحفيين.]