آب/ أغسطس 2022 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة، من إعداد المحرر الإقليمي في آيفكس، نسيم الطراونة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
أحكام قاسية على ناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، واستهداف منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، والصحفيون السودانيون يؤسسون نقابة تاريخيًة للدفاع عن الحريات، و”دليل اللعبة” لسحق المعارضة في المغرب.
جرائم إلكترونية وجواسيس سبرانيّون: السعودية تُفَاقِم قمعها
في تصعيد إضافي لحملة القمع ضد حرية التعبير في المملكة العربية السعودية، تلقت امرأتان سعوديتان أحكامًا قياسية بالسجن بسبب نشاطهما على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة؛ إذ حكمت محكمة الاستئناف على طالبة الدكتوراه، والناشطة على الإنترنت، سلمى الشهاب، بالسجن لمدة 34 عامًا، لمتابعتها وإعادة تغريدها عن معارضين سعوديين، بينما ورد أن نورة بنت سعيد القحطاني تلقت 45 عامًا لنشرها تغريدات انتقادية و”السعي لتمزيق النسيج الاجتماعي في المملكة”.
تم اعتقال الشهاب، طالبة الطب في جامعة ليدز، بعد زيارتها للمملكة العربية السعودية في كانون الأول/ يناير 2021، حيث استُجوبت لعدة أشهر دون إمكانية التواصل مع محام، وفي النهاية حكمت عليها محكمة مختصة بمكافحة جرائم الإرهاب في البلاد بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة التغريد التي أدت إلى “انتهاك النظام العام وتمزيق نسيج المجتمع”، في وقت لاحق، رفعت محكمة الاستئناف الجزائية المختصة العقوبة إلى 34 عامًا، متبوعة بحظر سفر بنفس المدة، بعد أن خَلُصَت إلى أن العقوبة الأصلية فشلت في تحقيق “ضبط النفس والردع”.
[ترجمة: حُكم على طالب بجامعة ليدز وناشطة حقوقية بالسجن 34 عامًا في المملكة العربية السعودية لمتابعتها نشطاء ومعارضين على موقع تويتر. تقول الناشطة لينا الهذلول إن الحكم “غير مسبوق”. سكاي 501 ويوتيوب]
انضمت آيفكس إلى الجماعات الحقوقية في الدعوة إلى الإفراج الفوري عن شهاب، وعن جميع سجناء الرأي الآخرين، مشيرة إلى أنه “على عكس خطاب السلطات بشأن حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة والإصلاحات القانونية، فإن النشطاء الذين يطالبون بالحقوق الأساسية – وهم مديري دفة الإصلاح – لا يزالون يخضعون للاستهداف بلا رحمة والإسكات، مع استخدام قوانين قمعية لتجريم تعبيرهم ونشاطهم السلمي”.
في الواقع، الشهاب والقحطاني من بين العديد من النساء السعوديات اللائي تعرضن للاضطهاد مؤخرًا بسبب حرية التعبير على الإنترنت بموجب قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية الصارمة في البلاد. يشمل ذلك الناشطة المحتجزة، الدكتورة لينا الشريف، التي اعتُقِلَت واختفت قسريًا لمدة شهرين في أيار/مايو 2021 المنصرم، بعد أن داهمت قوات الأمن منزلها، ولا زالت قيد التحقيق بتهم الإرهاب بسبب نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي. في حين أن الشريف محتجزة منذ أكثر من عام دون توجيه أي اتهامات فعليًة لها، فإن الأحكام الأخيرة هي مؤشر مقلق على الأحكام القاسية، وغياب الإجراءات القانونية الواجبة، التي قد تواجهها هي والمحتجزون الآخرون الذين ينتظرون المحاكمة.
في خطوة صغيرة نحو المساءلة، أدانت محكمة أمريكية، خلال الشهر الماضي، الموظف السابق في تويتر، أحمد أبو عمو، بتهمة التجسس لصالح المملكة العربية السعودية. تم اتهام أبو عمو في عام 2019 بتهمة عدم التسجيل كوكيل للمملكة العربية السعودية، وقيل إن أبو عمو بالإضافة إلى مواطنَين سعوديَين آخرين كانا يعملان في تويتر قاموا بتزويد السلطات السعودية ببيانات أكثر من 6000 حساب على تويتر، بما فيها طلبات الكشف في حالات الطوارئ، عن 33 حساب سعودي، قدمتها سلطات تطبيق القانون السعودية إلى تويتر.
تضم القائمة الصحفي المغتال، جمال خاشقجي، والمعارض عمر عبد العزيز، والعامل في المجال الإنساني المسجون، عبد الرحمن السدحان، الذي يقضي حاليًا 20 عامًا في السجن بتهمة الكتابة في حساب ساخر مجهول على تويتر. قدمت شقيقة عبد الرحمن، أريج السدحان، شهادة حاسمة للادعاء، مما ساهم في توضيح التكلفة البشرية لتجسس أبو عمو، على الرغم من منعها من تقديم تفاصيل عن تعذيب شقيقها في المحكمة.
أثار مركز الخليج لحقوق الإنسان قلقه بشأن الأساليب المتنوعة التي تلجأ لها السلطات السعودية لاستهداف نشطاء الإنترنت بسبب حرية تعبيرهم، ودعا تويتر وشركات التواصل الاجتماعي الأخرى إلى زيادة تعزيز حماية نشطاء الإنترنت والمدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لفتت المحاكمة أيضًا الانتباه إلى مسؤولية تويتر عن حماية معلومات المستخدمين، وخاصة نشطاء حقوق الإنسان، من الحكومات التي تمارس القمع العابر للحدود. ورد أن أبو عمو تلقى رشوة، في دوره كمدير للشراكة الإعلامية للمنطقة، بمبلغ إجمالي قدره 300 ألف دولار وساعة يد فاخرة مقابل نقل بيانات المستخدمين، وقد شهد زميل سابق له بأن شركة وسائل التواصل الاجتماعي تتوقع من المديرين إقامة علاقات مع مسؤولين رئيسيين في الحكومة، وأن الهدايا الثمينة كانت أمرا عرفيا.
حسب جيم والدن، محامي عائلة السدحان “أن تدّعي تويتر إنها فعلت ما يكفي عبر تعاونها بعد ما حصل هو هراء بكل بساطة، كانوا ملزمين بالتعاون؛ علاوة على ذلك، كان من مصلحة قسم العلاقات العامة [في تويتر] التعاون حتى يظهرون وكأنهم مواطنون صالحون، ” وأضاف: “إذا كانوا مواطنين صالحين، كان سيتوفر لديهم هيكل امتثال يمنع إتاحة المعلومات السرية للمستخدمين لموظفي تويتر بشكل عام، على المعلومات أن تكون خلف جدار حماية آمن، لا يتمكن سوى الموظفين رفيعي المستوى، الذين يملكون تصريح لغرض معين، من الوصول إلى تلك المعلومات. “
أدى إهمال تويتر في حماية معلومات المستخدمين إلى رفع دعاوتين قضائيتين من الناشط الحقوقي البارز والمعارض السعودي، علي الأحمد، متهما الشركة بالفشل في القيام بما يكفي لحماية خصوصيته.
جهود إسرائيل لإسكات الفضاء المدني الفلسطيني
في آب/ أغسطس، قوبلت المداهمة الإسرائيلية لمكاتب سبع منظمات مجتمع مدني فلسطينية بارزة وإغلاقها، بسبب تصنيف وزارة الدفاع الإسرائيلية لها بأنها “منظمات إرهابية”، بإدانة واسعة النطاق من مجتمع حقوق الإنسان. حسب بيان وقعته أكثر من 190 منظمة حقوقية محلية ودولية، فإن “التصعيد الأخير في الحملة الإسرائيلية، واسعة النطاق، تهدف إلى إسكات وتشويه سمعة أي فرد أو منظمة فلسطينية تتجرأ على السعي للمساءلة في انتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية”.
تأتي المداهمات في أعقاب تصنيف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، والذي وصف الجماعات الحقوقية بـ “منظمات إرهابية”، بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي لعام 2016. قبل ساعات من الغارات، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية رفضها للطعون التي أطلقتها المنظمات المستهدفة، في وقت سابق من هذا العام، والتي سعت من خلالها إلى إلغاء التصنيفات. وصف خبراء من الأمم المتحدة هذه التصنيفات بأنها “غير مشروعة وغير مبررة”، مؤكدين أنه “لم يتم تقديم أي دليل ملموس وموثوق يدعم مزاعم إسرائيل”، ودعوا المجتمع الدولي إلى استخدام نفوذه، على وجه السرعة، لوقف الهجمات على الفضاء المدني الفلسطيني.
[ترجمة: الغارات الإسرائيلية على المنظمات الحقوقية الفلسطينية، هذا الأسبوع، تبين أن احتلال الأراضي الفلسطينية يتعلق بأكثر من القصف، والعنف، والموت؛ أنه يجعل من توثيق المظالم اليومية التي يواجهها الفلسطينيون تحديًا، حسب AymanM. ]
“عملي ليس وظيفة، إنه معتقد، إنه القانون الدولي وحقوق الإنسان، علينا أن نتمسك بالتزاماتنا”، قال مدير مؤسسة الحق، شعوان جبارين، خلال مؤتمر صحفي في مكتب المنظمة، حيث تجمع صحفيون، ونشطاء، ورؤساء الجماعات، تضامنا بعد ساعات من المداهمة.
على الرغم من رفض الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لتصنيفات إسرائيل، إلا أن للوسم تأثير في العالم الحقيقي؛ ليس في قطع الوصول إلى التمويل الدولي فحسب، بل في تعريض المنظمات لحظر السفر، وأحكام بالسجن، ومصادرة تمويلها؛ فقد تعرض مديرو منظمتين مستهدفتين إلى المنع من السفر بشكل فعلي.
الصحفيون السودانيون يؤسسون نقابة للدفاع عن الحريات
في خطوة تاريخية، شكل الصحفيون السودانيون أول نقابة مستقلة في البلاد منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث انتُخِب عبد المنعم أبو إدريس، مراسل الخرطوم لوكالة الأنباء الفرنسية، كأول رئيس لها. جددت النقابة الجديدة الأمل بتحسين وضع الصحفيين ووسائل الإعلام في البلاد، وخاصة في وجه تعرضهم لهجمات متزايدة منذ الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
قال الصحفي محمد الأقرع لصحيفة الغارديان: “إن غياب نقابة للصحفيين أثر سلبًا على الصحافة،” وأكمل: “لم يكن للصحفيين أي حماية لحقوقهم في الوصول إلى المعلومات أو حرية التعبير، لقد عاشوا في مواقف صعبة للغاية، مما دفع المئات منهم إلى ترك المهنة”.
[ترجمة: تم اليوم الإعلان عن نتائج انتخابات نقابة الصحفيين في السودان من خلال هذا التصويت الحر، أعاد الصحفيون تأسيس نقابتهم بعد غياب لأكثر من 30 عامًا، ترحب مراسلون بلا حدود بهذه الخطوة التي تكرس حماية الحق في الحصول على المعلومات.]
تعتبر حماية الصحفيين السودانيين من أعظم الشواغل، نظرا إلى أن الاحتجاجات المستمرة ضد الانقلاب في البلاد لا تزال تُقابَل بقمع فتاك من قبل قوات الأمن؛ فقد أودت الاحتجاجات في آب/ أغسطس حياة متظاهر آخر، ليرتفع عدد القتلى إلى 117، منذ بدء الاحتجاجات الأسبوعية بعد انقلاب تشرين الأول/ أكتوبر2021 بقيادة قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان. واجه عشرات الصحفيين، الذين وقعوا في النزاع، اعتداءات واعتقالات، وتعرضت الصحفيات، على وجه الخصوص، للتهديدات الجسدية والعنف الجنسي.
يقول النشطاء أن إطلاق فرقة شرطة جديدة، مكلفة بإنفاذ قوانين النظام العام الملغاة هي عودة إلى “مراقبة الأخلاق” -هذه الخطوة لن تفعل الكثير لتحسين المناخ الذي تواجهه الصحفيات، والناشطات، والمتظاهرات في الشوارع وفي منازلهن.
باختصار
فلسطين: حصل عضو آيفكس، المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) على المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC). قالت المنظمة إن الاعتماد الجديد سيسمح لها بلفت انتباه العالم إلى الحقوق الرقمية الفلسطينية، وانتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي يتعرضون لها عبر الإنترنت، بما فيها المراقبة، والرقابة على الإنترنت، وخطاب الكراهية؛ كما قال نديم ناشف مدير حملة “هذا انتصار حاسم للمجتمع المدني الفلسطيني، ويظهر التزام الأمم المتحدة بضمان سماع الأصوات الفلسطينية”.
المغرب: في تقرير جديد “فيك فيك‘ (’سينالون منك مهما كان‘) – دليل أدوات قمع المعارضة في المغرب“، توثق هيومن رايتس ووتش مجموعة الأساليب التي استخدمتها السلطات لتشكيل “نظام بيئي للقمع” يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة، وتخويف النقاد المحتملين؛ من المحاكمات الجائرة، وأحكام السجن المطولة، إلى حملات التشهير، والمراقبة، والترهيب الجسدي، واستهداف أقارب المنتقدين – يفحص التقرير العديد من القضايا التي تكشف انتهاكات المغرب لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الخصوصية، وحرية التعبير، وحرية الجمعيات.