حذرت منظمات حقوق الإنسان من أن التحديث الأخير قد يقيد حرية التعبير من خلال مساواة غير دقيقة بين انتقاد الصهيونية ومعاداة السامية.
نشر أولًا على حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي.
يعبّر مركز حملة، ومنظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، وشركاؤنا الموقعون أدناه عن استيائهم بسبب التحديث الأخير لسياسة ميتا، الذي تم الإعلان عنه في 9 تمّوز 2024، لأنّ هذا التحديث سوف يؤدي على نحوٍ مؤكد إلى مزيد من الخلط بين “الصهيونية” مع الديانة اليهودية أو الهوية الإسرائيلية، بموجب سياسة خطاب الكراهية لدى ميتا. على شركة ميتا توفير مساحات آمنة لجميع المستخدمين/ات لمنصاتها الرقمية، بما في ذلك إزالة المحتوى العنيف والضار الذي يجرّد المجتمعات من إنسانيتها. لكن وللأسف، لم توفر شركة ميتا ومنصة فيسبوك الحماية الكافية للفلسطينيين من خطاب الكراهية والعنف، والذي أدّى إلى انتشار ملايين المضامين التي تحرض على العنف وخطاب الإبادة الجماعية خلال الأشهر التسعة الأخيرة من الحرب الإسرائيلية على غزة.
ينطوي تحديث السياسة على مخاطر تقييد مفرط لحرية التعبير وخنق النقد السياسي المشروع للصهاينة والصهيونية من خلال خلط غير دقيق بمعاداة السامية. ويأتي ذلك في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني في غزة من عدوان مستمر منذ تسعة أشهر أودى بحياة ما لا يقل عن 38 ألف فلسطيني، وتدمير أكثر من 70 ألف منزل، وأدى إلى تهجير أكثر من 1.9 مليون شخص قسرًا. ففي 9 تمّوز، وهو نفس اليوم الذي قامت فيه منظمة ميتا بتحديث سياستها التي تقيّد انتقاد الصهيونية، أعلن خبراء في الأمم المتحدة أن المجاعة قد انتشرت في جميع أنحاء قطاع غزة بأكمله.
يُعد تحديث سياسة ميتا حول الصهيونية أحدث مثال على استسلام المديرين التنفيذيين لشركة ميتا للضغوط الخارجية من لوبيات داعمة لإسرائيل، والتي تدفع إلى اعتماد تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة” IHRA سيء السمعة لمعاداة السامية. لقد عملت هذه اللوبيات بشكلٍ منهجي على توظيف جهود مكافحة معاداة السامية كسلاح، من خلال التعريف المثير للجدل، لإسكات الرواية الفلسطينية، ومؤخرًا، لمنع أي دعوات لوقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
وفي فبراير/شباط 2024، حذّر تحالف يضم 73 منظمة مجتمع مدني دولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، من أن هذه السياسة يمكن أن تسيء توصيف المناقشات حول الصهيونية، وتمنع الفلسطينيين من مشاركة تجاربهم ومعاناتهم، وتعرقل الجهود المبذولة لمكافحة معاداة السامية الحقيقية. علاوةً على ذلك، سلّطت عريضة وقعها أكثر من 52 ألف شخص بعنوان “ميتا: نحن بحاجة للحديث عن الإبادة الجماعية” الضوء على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها “شريان الحياة [للفلسطينيين] خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنها الحكومة الإسرائيلية على غزة”، وأن الفلسطينيين يجب أن يكونوا قادرين على تسمية الأيديولوجية السياسية التي تهدّد بقائهم دون خوف من الانتقام.
على الرغم من أن تحديث السياسة هذا لا يمثل خلطًا كاملًا بين الصهيونية واليهودية، إلا أننا نشعر أن التماثل الكامل اقترب بشكلٍ خطير، وسيكون له آثار سلبية للغاية على الحقوق الرقمية في المستقبل. إذ يوجد تمييز واضح بين الشعب اليهودي والصهيونية كأيديولوجيا سياسية، ففي حين يناهض العديد من اليهود الإيديولوجيا الصهيونية، يناصرها كثير من الأشخاص من غير اليهود. تعدّ الصهيونية إيديولوجيا وحركة سياسية عنصرية قابلة للنقد، بل ويتوجب انتقادها، في حين يدفع التحديث الأخير في سياسة ميتا إلى منحدر يفتح الأبواب على مزيد من الرقابة والتقييد على حرّية التعبير الرقمية للفلسطينيين والمناصرين للقضية الفلسطينية.
منذ بدء الحرب على غزة، وصل خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين عبر الإنترنت إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، مع الامتناع عن إزالة ملايين المضامين التي تحرّض على العنف بسبب عدم وجود مصنّفات فعالة لمعالجة الخطاب العنيف باللغة العبرية. وفي الوقت الذي أكدت فيه محكمة العدل الدولية، ولجنة التحقيق المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، وخبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، والعديد من الدول، معقولية الإبادة الجماعية في غزة، يجب على ميتا أن تعترف بدورها الحاسم ومسؤوليتها في الالتزام بمبادئ الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وقوانين حقوق الإنسان، وحماية حرية التعبير.
يجب حظر وإزالة المحتوى الضار والعنصري والتحريضي ضد الفلسطينيين واليهود وأي شعوب أخرى على أسسٍ متساوية وبطريقة شفافة، إذ تستحق جميع الشعوب والمجموعات مساحة آمنة على منصة التواصل الاجتماعي. إنّ سياسة ميتا التمييزية والمنحازة ضد الفلسطينيين، كما ثبت في تقرير العناية الواجبة لحقوق الإنسان الصادر عن شبكة أعمال من أجل مسؤولية مجتمعية، يجب أن تتوقف فورًا.