يونيو/حزيران ٢٠٢٤ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ملخص لحرية التعبير من إعداد نسيم طراونة، المحرر الإقليمي لآيفكس، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة.
تستهدف إسرائيل الصحفيين في غزة بطائرات بدون طيار، في نفس الوقت الذي يتعرض فيه سجناء الرأي الفلسطينيين للتعذيب في السجون الإسرائيلية؛ تواجه وسائل الإعلام السورية والسودانية قمعًا متصاعدًا، في حين يطبق الأردن قانونًا إلكترونيًا سيئ السمعة لتشديد قبضته على حرية الصحافة.
فلسطين: عمليات القتل بطائرات بدون طيار، والأسرى المعذبون، ولمحات من الشجاعة
كشف تحقيق أجرته الأمم المتحدة عن القصف الإسرائيلي على غزة عن “انتهاكات مستمرة” لقوانين الحرب الدولية، مشيرًا إلى استخدام إسرائيل لقنابل قوية بشكل استثنائي وعدم التمييز الكافي بين المقاتلين والمدنيين. مع ارتفاع عدد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن الخسائر الاسبوعية في صفوف قادة المجتمع المدني الفلسطيني، والأكاديميين، والصحفيين أسبوعيًا داخل القطاع المحاصر مذهلة.
في نفس الوقت الذي دمرت فيه القنابل التي يبلغ وزنها ٢٠٠٠ رطل أحياء بأكملها، فإن على الصحفيين في الميدان أن يتعاملوا مع طائرات بدون طيار قاتلة. وفقًا لتحقيق كاشف، أجراه اتحاد من صحفيي منظمة “قصص محظورة”، أصيب أو قُتل ما لا يقل عن ١٨ صحفيًا في غزة بسبب غارات إسرائيلية بطائرات بدون طيار، منذ ٧ أكتوبر/تشرين الأول. استهدِف صحفيون مثل سامر أبو دقة أثناء أداء واجبهم على الرغم من ارتدائهم السترات الصحفية وإمكانية التعرف عليهم بوضوح. أثيرت مخاوف بشأن الاستخدام غير المتناسب للقوة، وإساءة استخدام أنظمة الاستهداف القائمة على الذكاء الاصطناعي، حيث تشير الأدلة إلى أن هذه الضربات الدقيقة تنتهك القانون الإنساني الدولي.
يتجلى عدم جدوى السترات الصحفية أيضًا في تحقيق آخر أكد على مقتل ١١ صحفيًا من بين ٨٠ صحفيًا تلقوا معدات الحماية من بيت الصحافة، وهو مكتب مشترك ومساحة مجتمعية في غزة؛ قتلت القوات الإسرائيلية رئيس بيت الصحافة، بلال جاد الله، في نوفمبر/تشرين الثاني، ودُمر المبنى نفسه في هجوم إسرائيلي في فبراير/شباط. قال العديد من الصحفيين لمنظمة القصص المحظورة إنهم كانوا يخشون ارتداء ستراتهم، وغالبًا ما كانوا يبقونها مخفية في حقائبهم ولا يرتدونها إلا أثناء التغطية الحية.
[ترجمة: كيف تقتل الطائرات الإسرائيلية بدون طيار الصحفيين في غزة؟ بالنسبة لمشروع #GazaProject، قام ٥٠ صحفيًا من ١٣ غرفة أخبار دولية بتنسيق من @FbdnStories بالتحقيق في استهداف أولئك الذين كانوا يغطون الحرب.]
اعتدى متظاهرون إسرائيليون من اليمين المتطرف على الصحفي الفلسطيني، سيف القواسمي، والصحفي الإسرائيلي، نير حسون، خلال “مسيرة العلم” في القدس، بمناسبة إحياء ذكرى الاستيلاء على القدس الشرقية واحتلالها عام ١٩٦٧. عادة ما تجتذب هذه الفعالية آلاف المتظاهرين الذين يروعون السكان الفلسطينيين في المدينة بهتافات عنصرية.
يعاني الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من اكتظاظ الزنازين، وعدم كفاية الرعاية الطبية، بالإضافة إلى انتهاكات منهجية. تورد التقارير الصادرة عن جمعية نادي الأسير الفلسطيني تفاصيل عن آلاف المعتقلين منذ ٧ أكتوبر/تشرين الأول، بمن فيهم نساء وأطفال، مع إفادات واسعة النطاق بارتكاب انتهاكات مروعة.
في الضفة الغربية المحتلة، أفرج عن الناشط البارز، باسم التميمي، من المعتقلات الإسرائيلية بعد ثمانية أشهر من الاعتقال دون محاكمة أو توجيه أي اتهامات إلى جانب عزيز الدويك، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. أثارت صور قادة المجتمع المدني المفرج عنهم قلقا بشأن صحتهم وحالة المعتقلين الآخرين. اعتقل الدويك مرة أخرى بعد أقل من أسبوع من إطلاق سراحه.
[ترجمة: تم إطلاق سراح صديقي باسم التميمي الآن من السجون الإسرائيلية.]
لا تزال المدافعة الفلسطينية عن حقوق الإنسان والمحامية، ديالا عايش، مسجونة في السجون الإسرائيلية دون تهمة أو محاكمة، بعد أكثر من أربعة أشهر من اعتقالها، وقد جددت السلطات الإسرائيلية، مؤخرا، أمر اعتقالها الإداري لمدة أربعة أشهر. تواجه عايش الاعتقالات، والتهديدات، والمضايقات من كل من قوات الاحتلال الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، بصفتها مدافعًة ملتزمة عن حقوق السجناء السياسيين الفلسطينيين في نظام السجون العسكرية الإسرائيلية.
أفادت التقارير أنها تعرضت للحبس الانفرادي عدة مرات، أثناء احتجازها، كعقاب لها على إبداء مخاوفها بشأن الظروف التعسفية التي يواجهها المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية منذ ٧ أكتوبر/تشرين الأول.
في غضون ذلك، حصلت الصحفية، مها الحسيني، على جائزة الشجاعة في الصحافة من المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF) الشهر الماضي، لكن المؤسسة ألغت الجائزة استجابة لمطالب حملة تشهير عبر الإنترنت استهدفت الصحفية بسبب تعليقاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. يشبه هذا الموقف ما حدث في عام ٢٠٢٠ ،عندما واجهت الصحفية حملة تشهير أخرى، بعد فوزها بجائزة مارتن ألدر، من قبل مؤسسة روري بيك تراست، والتي ثبتت على موقفها ولم ترضخ للضغوط.
ما يميز هذه المرة هو أن الحسيني واصلت تقديم التقارير، على مدى الأشهر الثمانية الماضية، على الرغم من فقدانها منزلها بسبب القصف الإسرائيلي، وتحملها عدة عمليات نزوح، ومواجهة أشهر من المجاعة وانقطاع الاتصالات، ما جعلها ترسل تقاريرها عبر الرسائل النصية.
[ترجمة: “إذا كان الفوز بجائزة يعني تحمل كل جرائم الحرب هذه ومشاهدتها مع التزام الصمت، فلا يشرفني الحصول على أي جوائز.” مها الحسيني، صحفية فلسطينية، حصلت على جائزة الشجاعة في الصحافة من قبل IWMF لتقاريرها من غزة التي مزقتها الحرب. مع ذلك، وبعد ضغوط من مجموعة محافظة في الولايات المتحدة، قالت IWMF إنها ألغت الجائزة.]
يواجه المجتمع المدني في سوريا تهديدات من الداخل والخارج
لا تزال حالة المجتمع المدني السوري محفوفة بالمخاطر؛ على الرغم من لحظات الانفراج النادرة، تستمر التهديدات داخل البلاد وخارجها على حد سواء. في السويداء، احتفل الأهالي، مؤخرًا، بإطلاق سراح الناشطة الحقوقية، ريتا العقباني من أحد سجون النظام الأمنية. كانت العقباني، التي كانت تعمل في هيئة مار أفرام السرياني البطريركية للتنمية، قد اعتقلت في ١٠ يونيو/حزيران دون أمر قانوني، حيث احتجزت في مكان مجهول.
يواجه الصحفيون السوريون في المنفى أوضاعًا محفوفة بالمخاطر في البلدان المجاورة، ومع تحسن العلاقات الدبلوماسية بين نظام بشار الأسد وزعماء المنطقة، يواجه المراسلون السوريون الذين يعيشون في لبنان، والأردن، والعراق، وتركيا خطر الترحيل الوشيك إلى وطنهم الأم ــ الذي يعتبر واحدًا من أخطر الأماكن بالنسبة للعاملين في مجال الإعلام. دعا المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومراسلون بلا حدود إلى حمايتهم بشكل عاجل، مسلطين الضوء على المخاطر الجسيمة التي يواجهونها في حالة إعادتهم قسرًا، بما في ذلك الاعتقال، والاختطاف، والموت المحتمل.
تجسد حالة اللاجئ السوري، وطالب الصحافة، عطية محمد أبو سالم هذا الوضع المحفوف بالمخاطر. أطلق سراح أبو سالم في وقت سابق من هذا الشهر، بعد اعتقاله في الأردن لمدة ٥٠ يوما، لمحاولته تصوير مظاهرة مؤيدة لغزة بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان؛ كما ألغت السلطات أيضًا أمر ترحيله إلى سوريا، وهو ما اعتبرته منظمة العفو الدولية غير قانوني لعدم وجود تهم أو إحالات قضائية.
في كردستان العراق، اعتقلت السلطات الكردية العراقية الصحفي السوري، سليمان أحمد، وهو رئيس تحرير وكالة روج نيوز، لمدة ثمانية أشهر بتهمة التجسس. كان أحمد قد اعتقل في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي أثناء دخوله إقليم كردستان، حيث وجهت له تهمة القيام بعمل “سري وغير قانوني” لصالح حزب العمال الكردستاني، كما حُرم من التمثيل القانوني المناسب قبل مايو/أيار.
أما على جبهة العدالة، فقد أحرزت جهود المساءلة تقدمًا الشهر الماضي، حيث صادقت محكمة الاستئناف الفرنسية على مذكرة اعتقال تاريخية بحق الرئيس بشار الأسد، فضلًا عن أوامر اعتقال بحق شقيقه، ماهر الأسد، واثنين من كبار المسؤولين العسكريين السوريين، لدورهم المزعوم في الاعتداءات الكيميائية على الغوطة ودوما في آب/أغسطس ٢٠١٣. أشاد المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بقرار المحكمة، مؤكدًا أن المساءلة عن الجرائم الدولية تتجاوز ادعاءات الحصانة، حتى بالنسبة لرؤساء الدول الحاليين.
“هذا القرار التاريخي يمثل خطوة حاسمة نحو العدالة لضحايا الهجمات الكيميائية. إنه يبعث برسالة واضحة أن الإفلات من العقاب على الجرائم الجسيمة لن يتم التهاون فيه، وأن عصر الحصانة كدرع للإفلات من العقاب قد ولى.”
مازن درويش، مؤسس ومدير عام المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
استمرار حملة القمع الأردنية كرد على غزة
لفت الحكم الأخير على الصحفية الاستقصائية الأردنية، هبة أبو طه، بالسجن لمدة عام، بموجب قانون الجرائم الإلكترونية الأردني الانتباه إلى القيود المتزايدة التي تفرضها البلاد على حرية التعبير وحرية الصحافة.
اعتُقِلت أبو طه في شهر مايو/أيار إثر شكوى تقدمت بها هيئة الإعلام، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن تطبيق قوانين الصحافة، بشأن مقالتها التي كشفت عن الروابط التجارية المزعومة بين الشركات الأردنية والإسرائيلية في خضم الحرب الأخيرة في غزة. دعت جماعات حقوقية مثل لجنة حماية الصحفيين، ومراسلون بلا حدود إلى إطلاق سراحها الفوري، كما أدانت القانون سيئ السمعة الذي سهّل زيادة المضايقات، والاعتقالات، والرقابة على الصحفيين.
[ترجمة: لا ينبغي أبدًا تجريم التعبير السلمي. لا ينبغي أن يتلقى الصحفيون أحكامًا بالسجن بسبب المقالات التي يكتبونها، بغض النظر عما إذا كانت المعلومات الواردة فيها محل نزاع أم لا. يجب إطلاق سراح هبة. محمد شمة @كرمل_شما إن قرار المحكمة بحبس هبة أبو طه لمدة عام هو انتهاك خطير وواضح لحقها، وحرية التعبير في الأردن، حتى لو كان القرار قابلا للاستئناف.]
استهدفت السلطات بشكل خاص المراسلين الذين يغطون المظاهرات المؤيدة لغزة أو العلاقات الأردنية الإسرائيلية، مستخدمة قانون الجرائم الإلكترونية الجديد لقمع حرية التعبير، وإجراء اعتقالات واسعة النطاق للناشطين السياسيين.
أفاد محمود (اسم مستعار)، وهو ناشط سياسي يواجه اتهامات بـ “إثارة النعرات” بموجب مواد قانون الجرائم الإلكترونية بسبب تعبيره على الإنترنت، لمنظمة تبادل وسائل التواصل الاجتماعي (سمكس) أن إحدى التغريدات المعنية تضمنت قصيدة.
صرح لسمكس: ” “يُقلقني أن يُستخدم القانون في الأردن لقمع أي حراك سياسي حر، من خلال إرسال السلطة رسائل رادعة للناشطين عبر استهدافهم واعتقالهم”.”، مضيفًا أن جيش من الذباب الإلكتروني غالبًا ما تشوه سمعة الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
أدانت جماعات حقوق الإنسان حملة الاعتقالات التي طالت ما لا يقل عن ١٠٠٠ شخص خلال الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بين أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠٢٣ وحدهما. كان من بين المعتقلين نشطاء، وصحفيون، وأقاربهم، الذين استخدموا كوسيلة ضغط لإجبارهم على الامتثال كما ورد في التقارير.
باختصار
لا يزال السودان يشهد تهديدات خطيرة لحرية الصحافة وسلامة الصحفيين مع استمرار الحرب الأهلية؛ فقد اعتقلت قوات الدعم السريع في السودان، رئيس تحرير صحيفة الأهرام اليوم، طارق عبد الله، دون الإفصاح عن مكان وجوده، كما قُتل الصحفي الاستقصائي معاوية عبد الرازق وثلاثة من أفراد أسرته بالرصاص خلال مداهمة قوات الدعم السريع لمنزله، وهو ما وصفته نقابة الصحفيين السودانيين بأنه اغتيال. في نفس الأسبوع، قُتل أيضًا المراسل، مكاوي محمد أحمد، وشقيقه شمس الدين، في هجوم لقوات الدعم السريع على قرية ود النورة. تسلط هذه الحوادث الضوء على المخاطر الجسيمة التي يواجهها الصحفيون السودانيون، مما دفع لجنة حماية الصحفيين إلى المطالبة بإجراء تحقيقات ومساءلة.
يواجه الصحفيون والمنتقدون في إيران قمعًا متصاعدًا وتهديدات متزايدة لحرية الصحافة وسلامتها قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ٢٨ يونيو/حزيران. اعتقل المدون والمحرر، حسن شامبيزاده بتهم التجسس بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد فيه المرشد الأعلى في إيران، كما سُجن الصحفيان، يشار سلطاني، وصبا أزاربيك بسبب تقاريرهما الانتقادية؛ في حين واجه ماهتا صدري الاعتقال بسبب تغطيته حادث تحطم مروحية مميت تورط فيه مسؤولون رفيعو المستوى. في ذات الوقت، حُكم على نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل، والمدافعة عن حقوق الإنسان، بالسجن لمدة عام آخر بتهمة نشر الدعاية، مما أثار إدانة دولية.
أخيرًا، كشفت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة مهارات، رصدت فيها التغطية الإعلامية لقضايا التغير المناخي والبيئة في لبنان خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير ٢٠٢٤، عن محدودية الاهتمام بهذه القضايا. شهدت ٨٥ وسيلة إعلامية تمت مراقبتها أن التغطية التلفزيونية تمثل ٥٣%، والصحف ٣٨%، والإنترنت ٩%.