حسب منظمات الحقوق المدنية إن العمل المناخي الفعال غير ممكن بدون فضاء مدني مفتوح.
تم نشر هذا التقرير أولًا على موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
بصفتنا منظمات وجماعات وأفراد مهتمين ومتابعين لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ «COP27»، والمقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ المصرية، في الفترة بين 7 إلى 18 نوفمبر 2022، نراقب بقلق بالغ حالة حقوق الإنسان في مصر؛ وخاصة القيود التي تفرضها الحكومة المصرية على الحقوق والحريات، مثل؛ حرية التعبير، والتجمع السلمي، والقيود على المجتمع المدني والمعارضة السياسية في البلاد.
على مدار سنوات، استخدمت السلطات المصرية قوانين شديدة القسوة والصرامة، من بينها قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة الإلكترونية وقوانين تنظيم العمل الأهلي؛ لأجل إخضاع المواطنين المدنيين، وخنق جميع أشكال المعارضة ومنع التجمع السلمي. وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، واجه عشرات الآلاف أحكامًا تعسفية بالسجن لفترات طويلة، وخضعوا للمحاكمة والحبس الاحتياطي المطول بسبب نشاطهم السلمي، بما في ذلك ممارسات بسيطة، مثل مجرد نشر منشور على منصات التواصل الاجتماعي كمنصة فيسبوك.
في الوقت نفسه، أضحت مصر من بين أسوأ ثلاث دول في العالم فيما يتعلق بأعداد الصحفيين المسجونين، واستخدمت قوات الأمن أساليب عنيفة وغير قانونية، من بينها الإخفاء القسري والتعذيب الممنهج، فضلًا عن عمليات القتل خارج نطاق القانون، في ظل إفلات شبه كامل من العقاب، الأمر الذي أدى لوفاة المئات في سجون والمعتقلات في ظروف اعتقال مروعة.
وفي السياق ذاته، يتجاهل القضاء والنيابة العامة، بشكل روتيني، شهادات المعتقلين بشأن التعذيب وسوء المعاملة. بينما تُبقي المحاكم المعارضين في الحبس الاحتياطي لأجل غير مسمي، وتُصدر أحكامًا جائرة بحقهم، من بينها أحكامًا بالإعدام، عقب محاكمات غير عادلة. وعلى مدار السنوات الأخيرة، نفذت السلطات عددًا غير مسبوق من أحكام الإعدام، الأمر الذي وضع مصر في المراكز الثلاثة الأولى على مستوى العالم من حيث عدد الإعدامات المسجلة في عام 2021. كما أصدرت المحاكم أحكامًا بحق العديد من النساء بتهم تتعلق بالأخلاق؛ بسبب تصوير مقاطع فيديو على موقع «التيك توك»، بالإضافة إلى توجيه اتهامات للأقليات الدينية بازدراء الأديان.
إن النهوض بالعدالة المناخية يتطلب نهجًا شاملًا ومتكاملًا للسياسات البيئية؛ يتضمن حقوق الإنسان ومعالجة المشاكل الهيكلية، بما في ذلك الظلم الاجتماعي المتجذر تاريخيًا، والتدمير البيئي، والانتهاكات الجسيمة من جانب الأنشطة التجارية، والفساد، والإفلات من العقاب، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية. ولطالما كان المجتمع المدني أعلى الأصوات المناهضة لهذه المشاكل الهيكلية في جميع أنحاء العالم، مطالبًا بإجراءات مناخية أكثر طموحًا وفعالية.
في هذا السياق، فإننا نؤكد على دعمنا للدعوة التي وجهها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ من أجل الاعتراف بعمل المجتمع المدني، علنًا وعلى أعلى المستويات، باعتباره ضروريًا للنهوض بالعمل المناخي والانتقال العادل. كما نشدد على أهمية الحق في حرية التعبير لتعزيز الجهود الهادفة لمعالجة أزمة المناخ.
في الوقت نفسه، وبينما نؤكد على أن العمل المناخي الفعال لن يكون ممكنًا في غياب فضاء مدني حر؛ فإننا نلفت النظر لأن مصر، بصفتها الدولة المضيفة لـ«COP27»، تخاطر بنجاح القمة، إذا لم توقف –بشكل عاجل– انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، والقيود المفروضة على المجتمع المدني.
إننا ندعو مصر لضمان مشاركة منظمات المجتمع المدني والنشطاء والمجتمعات بشكل هادف في جميع المناقشات والأنشطة المتعلقة بالمناخ، والمشاركة في تطوير وتنفيذ سياسة الانتقال العادل علي جميع مستويات صنع القرار دون الخوف من الانتقام.
كما ينبغي على السلطات المصرية اتخاذ خطوات عملية وشفافة لضمان حصول الجميع؛ بما في ذلك النساء والسكان الأصليين والمجتمعات المحلية والعاملين والشباب والأطفال والأشخاص ذوي القدرات الخاصة والفئات الأخرى التي تواجه التهميش أو التمييز، على فرص متساوية للمشاركة بفعالية في عملية صنع القرار المناخي. وفي سبيل تحقيق هذا؛ فإننا ندعو الدولة المصرية لرفع الحظر الفوري والحجب عن المواقع الإلكترونية لأكثر من 700 منظمة إعلامية وحقوقية مستقلة، والإفراج عن جميع الصحفيين المعتقلين بسبب عملهم، وإنهاء سياستها المتمثلة في فرض قيود على الإعلام والمجالات الرقمية؛ إذ أن الوصول إلى المعلومات يعد أمرًا أساسيًا للمشاركة الفعالة.
ورغم إفراج السلطات المصرية المشروط عن عدد محدود من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الأفراد المحتجزين بشكل تعسفي في الأشهر الأخيرة؛ فإننا نحث مصر على الإفراج الفوري، وغير المشروط، عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، وتطبيق معايير المنظمات غير الحكومية المحلية لعمليات الإفراج هذه، وتشمل «العدالة، والشفافية، والشمولية، والضرورة الملحة».
كما ندعو مصر إلى وقف ملاحقة نشطاء ومنظمات المجتمع المدني، وضمان مساحة للمجتمع المدني؛ بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان، للعمل دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل آخر من أشكال الانتقام، بما في ذلك؛ رفع حظر السفر وتجميد الأصول، وإغلاق جميع القضايا المرفوعة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان.