تقول الجماعات الحقوقية إن العمل الحاسم بشأن تغير المناخ، في نهاية المطاف، لا يمكن أن ينجح إلا بالمشاركة الحرة للمجتمع المدني.
نشر الخطاب أولًا على موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
الرئيس چوزيف بايدن،
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
تحية طيبة وبعد..
في ضوء تواتر الأخبار بشأن مشاركتكم المحتملة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27)، نهيب بإدارتكم – نحن المنظمات الموقعة أدناه – ضمان إحراز تقدم حقيقي في ملف حقوق الإنسان قبل أي اجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فنحن إذ نقدر ضرورة انخراط القيادة الأمريكية بقوة في مكافحة تغير المناخ، ونثني التزامها بمعالجة هذه الأزمة العالمية، ونقر بتأثر القارة الأفريقية (ما في ذلك مصر) بتغير المناخ بشكل غير عادل، نشيد بإقراركم أن المجتمعات المهمشة يجب أن تحظى بموقع مركزي في قلب قضية العدالة المناخية وسبل التعامل مع أزمة تغير المناخ. ونؤكد أننا لا نرى في نهاية المطاف سبيل لإحراز أي تقدم حاسم بشأن تغير المناخ دون مشاركة حرة للمجتمع المدني.
فمن المؤسف، أن حكومة الرئيس السيسي لم تُبدي اهتمامًا يُذكر بمساعي ترسيخ آليات الحكم الرشيد، وضمان مشاركة الرأي العام، أو إقرار سياسات شاملة وضرورية – بمشاركة مجتمعية – لمواجهة التغير المناخي. هذا بالإضافة إلى اعتقال مجموعة من النوبيين ومناصريهم لمجرد المطالبة السلمية بحقوقهم في الأراضي، والتهجير القسري وطرد المواطنين من منازلهم في الوراق، وتدمير العديد من المساحات الخضراء، بحجة انخراط الحكومة في تنفيذ مشاريع “التنمية” غير المستدامة في أنحاء البلاد.
كما يقبع حاليًا في السجون، دون تهمة؛ بعض المهندسين المعنيين بقضايا البيئة، مثل المهندس سيف فطين، الذي تلقى تعليمه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ونشطاء مهتمين بالبيئة؛ مثل الناشط أحمد عبد الستار عماشة الذي تعرض للتعذيب في محبسه. وبعض النشطاء المعنيين بملف حقوق السكن (خاصة في سيناء) والذين تم اعتقالهم تعسفيًا بسبب عملهم، إضافة إلى اعتقال رجال أعمال ناجحين يعملون على تطوير مشاريع معنية بالاستدامة مثل سيف وصفوان ثابت.
كما حرصت الحكومة المصرية على منع منظمات المجتمع المدني من المشاركة في النقاش حول السياسات البيئية وتغير المناخ (بما في ذلك COP27) وذلك من خلال الملاحقات والمضايقات والترهيب، فضلاً عن القيود المفروضة على تسجيل الجمعيات والعمل البحثي وفرص التمويل.
إن قمع حرية الرأي والتعبير والعمل في مجال قضايا البيئية هو نموذج لحملة أوسع في البلاد ضد حقوق الإنسان ككل، إذ لا يزال عشرات الآلاف في السجون بتهم سياسية، فضلاً عن تجريم الحق في التظاهر والاحتجاج؛ وقمع وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، وتعرض العاملين فيهم للتهديد بشكل دائم ومتصاعد.
في هذا السياق، تأتي رحلتكم المحتملة لمصر، للمشاركة في مؤتمر المناخ المنعقد في شرم الشيخ، أول رحلة لرئيس أمريكي لمصر منذ عام 2009.
أن زيارة مصر دون الدفع بحل جذري لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد، يعزز جهود الحكومة المصرية في تحسين صورتها وسمعتها على المستوى الدولي، ويشجع حملتها القمعية، ويقوض، على نطاق أوسع، جهود إدارتكم لمكافحة تغير المناخ وتعزيز حقوق الإنسان، كركائز أساسية للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية.
عادة تبدي الحكومة المصرية استجابة شكلية مؤقتة لقلق الحكومة الأمريكية حيال ملف حقوق الإنسان، لا سيما عندما يرتبط الأمر بالتلويح بإجراءات ملموسة مثل إعادة تخصيص المساعدات العسكرية الأمريكية، كما سبق وفعلت الإدارة الأمريكية لمدة عامين متتاليين. وعليه؛ فإننا نكرر التأكيد على مطالب المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بشأن ملف حقوق الإنسان، ونهيب بسيادتكم الإصرار على هذه المطالب كشروط مسبقة للمشاركة في أي اجتماعات ثنائية محتملة مع الرئيس السيسي. وهذه المطالب هي؛
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين وإلغاء كافة القرارات التعسفية بـحظر السفر وتجميد الأصول بحق نشطاء المجتمع المدني الواردة أسماؤهم في تقرير الحكومة الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في مصر 2021.
- وضع حد فوري ونهائي لملاحقة وترهيب ومقاضاة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك الإغلاق النهائي والكامل للقضية 173.
- رفع الحجب غير القانوني عن المواقع الإخبارية والإلكترونية في مصر.
- ضمان المشاركة الفعالة والمؤثرة للمواطنين المصريين والأجانب في فعاليات مؤتمر المناخ، بما في ذلك لأغراض الاحتجاج أو المعارضة.
- احترام وحماية حق السجناء في عدم التعرض للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة.
- ضمان امتناع الحكومة المصرية عن التراجع عن التزاماتها الحقوقية بعد انتهاء المؤتمر، وإعادة اعتقال النشطاء السياسيين الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرًا.
لكم وافر التقدير والاحترام،