جماعات حقوقية تدين قرار الحكومة المصرية استبعاد سكان سيناء من المشاركة في قمة المناخ المقبلة للأمم المتحدة.
تم نشر هذا التقرير أولًا على موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
تطالب المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان جميع الحضور في مؤتمر المناخ COP27 من نشطاء وحقوقيين ومنظمات في مجال حماية البيئة وحقوق الإنسان؛ الأخذ بعين الاعتبار معاناة سكان الأرض المضيفة للمؤتمر (شبه جزيرة سيناء)، وحقهم في الحماية الإنسانية والبيئية، ليس فقط من التغيرات المناخية المرتقبة، ولكن من انتهاكات ممنهجة لحقوقهم من قبل السلطات المصرية.
فهذا المؤتمر، المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء في نوفمبر المقبل، يبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مناطق – خاصة في شمال سيناء – شهدت تهميشًا رسميًا متعمدًا لعقود، وانتهاكات جسيمة لحقوق سكانها. وعلى مدى عقد كامل اشتعلت على أراضيها “الحرب ضد الإرهاب”، ونالت ويلاتها من البيئة وحقوق السكان الأصليين والبنية الأساسية وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة. ورغم تكرار التصريحات الرسمية مؤخرًا وتصاعد المؤشرات الميدانية بقرب انتهاء العمليات العسكرية في شمال سيناء، تبقى هذه الانتهاكات الجسيمة بلا محاسبة أو علاج. الأمر الذي يفرض على الدول المشاركة في مؤتمر المناخ مسئولية التطرق لمعاناة سكان الأرض التي تستضيفهم، كجزء من دفاعهم المشروع عن حياة وسلامة كل سكان الأرض وتأمينهم من تغيرات مستقبلية خطيرة.
وتعتبر المنظمات أن المطالبة بإعادة وتعويض المهّجرين قسرًا من سيناء، والتوقف عن نزع ملكيتهم للأراضي والمنازل والموارد والإقرار بحقوقهم في ملكيتها، وضمان حقهم في حرية الحركة والتعبير والتنظيم والتجمع السلمي، ومكافحة سياسات التهميش والتمييز ضد المجتمع المحلي، والاعتراف بمظالم سكان سيناء، والاعتذار عن الانتهاكات البشعة التي ارتكبتها قوات الجيش والحكومة بحقهم، ومحاولة جبرها عبر برنامج عدالة انتقالية متكامل، فضلًا عن السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان بزيارة سيناء ودراسة تأثيرات الحرب على سكانها المحليين؛ تعد مطالب أساسية وأولية لا يمكن التغافل عنها أو تجنب التطرق لها في محفل دولي رفيع المستوى تستضيفه منطقة شبه جزيرة سيناء.
وفي هذا السياق أيضًا، تدين المنظمات الموقعة استبعاد الحكومة المصرية لجماعات أو ممثلين عن سكان وقبائل سيناء للمشاركة في مؤتمر المناخ أو في اجتماعات على هامش فعالياته، وكذا أي منظمة مصرية تتخذ من سيناء مقرًا لها، أو مجال رئيسي لنشاطها.
بحسب تقرير لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، منذ عام 2013 احتدمت المواجهات المسلحة في شمال سيناء بين قوات الحكومة المصرية وجماعة “ولاية سيناء” التابعة لداعش. وتحت ذريعة القضاء على هذا التنظيم الإرهابي هجّرت السلطات المصرية عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء، وجرّفت الأراضي الزراعية، وفرضت قيودًا على حركة البشر والبضائع أدت لشلل اقتصادي كامل. كما اعتقلت الآلاف من سكان شمال سيناء وأخفتهم قسرًا، وتعرض الأهالي للخطف، والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون. ومنذ ذلك الحين تحولت شمال سيناء إلى منطقة عسكرية مغلقة تحت حصار إعلامي محكم لمنع تدفق المعلومات أو وصول الصحفيين والمراقبين المستقلين.
ويعد غياب المجتمع السيناوي عن مؤتمر المناخ وفعاليته هو نتيجة منطقية لسياسات الحكومة المصرية التي عملت على خنق كافة الأشكال التقليدية للتعبير والتجمع في مجتمع سيناء، بما في ذلك الدواوين والمجالس الشعبية، فضلًا عن اعتقال العديد من النشطاء السيناويين السلميين الذين حاولوا تنظيم المجموعات المستقلة. الأمر الذي أدى إلى تراجع العمل السلمي وإتاحة المجال أكثر للجماعات المتطرفة. كما تسبب في تقويض قدرة منظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة المستقلة على الوصول لشمال سيناء، وعرقل إرسال البعثات أو المراقبين المستقلين، وكذلك الصحفيين والباحثين. هذا بالإضافة إلى المشاكل البيئية في سيناء، ومنها؛ تراجع ثروة النخيل، ونحر الشواطئ، وانخفاض مخزون المياه الجوفية، وارتفاع درجات الحرارة، وتهديد البيئة البحرية والشعاب المرجانية، والتي تعجز مجموعات حماية البيئة في سيناء عن التطرق لها بسبب القيود المفروضة على البحث والتوثيق والتعبير والنقد، والخوف من الانتقام والملاحقة.