أحكام بحبس أحمد الطنطاوي ومناصريه بهدف ردع المعارضة السلمية.
نشر أولًا على هيومن رايتس ووتش.
إن محكمة مصرية أصدرت حكما في 6 فبراير/شباط 2024 بالحبس سنة بحق السياسي البارز أحمد الطنطاوي، ومستشار حملته، و21 من أنصاره المعتقلين لمخالفات مزعومة مرتبطة بتحديه الرئيس عبد الفتاح السيسي. كما منعت المحكمة الطنطاوي من الترشح للانتخابات النيابية لخمس سنوات. أطلقت المحكمة سراحه هو ومساعده محمد أبو الديار بكفالة بانتظار الاستئناف.
استند الحكم الذي أصدرته محكمة جنح في القاهرة بالكامل إلى نشاط الطنطاوي السياسي السلمي وجهود حملته لجمع توكيلات قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2023، التي فاز فيها السيسي بولاية ثالثة لست سنوات بـ 89.6% من الأصوات. وثّقت هيومن رايتس ووتش سلسلة الاعتقالات غير القانونية، والترهيب، والملاحقات القضائية طيلة أشهر بحق المرشحين المحتملين ومؤيديهم قبل الانتخابات، وكلها حالت فعليا دون أي منافسة جدية.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “ينبغي للسلطات المصرية أن تُسقط فورا التهم التعسفية الموجهة إلى الطنطاوي ومؤيديه، وهي مجرد انتقام من حملته السلمية لأنها تحدّت الرئيس السيسي. لا يقتصر الأمر على معاقبة المعارضة السلمية من قبل السلطات. بمنعها الطنطاوي من الترشح في الانتخابات المستقبلية، تبعث السلطات رسالة واضحة بأنه لن يتم التسامح مع أي تحدٍ جدّي للسيسي”.
يمكن للطنطاوي وأنصاره استئناف الأحكام الصادرة بحقهم في قضية أمن الدولة العليا رقم 2255 لسنة 2023. أمرت المحكمة الطنطاوي وأبو الديار بدفع 20 ألف جنيه مصري لكل منهما (648 دولار أمريكي) لتفادي الحبس في انتظار الاستئناف. كان الطنطاوي أبرز منافسي السيسي. أنهى حملته في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد أن حالت الأساليب القمعية التي اتبعتها السلطات، بما فيها الاعتقالات الانتقامية بحق أفراد عائلته ومؤيديه، دون جمع حملته التوكيلات المطلوبة من 25 ألف ناخب لتقديم ترشيحه رسميا.
استطاعت حملة الطنطاوي حشد زخم معقول في الفضاء السياسي المصري الشديد القيود. عندما بدأت حملته في جمع توكيلات غير رسمية لتسليط الضوء على حجم دعمه، اعتقلت السلطات أنصاره بزعم انتهاكهم قوانين الانتخابات لأنهم طبعوا التوكيلات بدون ترخيص.
ينص “القانون رقم 45 لسنة 2014 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية” على السَّجن لمدة لا تقل عن سنة و/أو غرامة بين ألف و5 آلاف جنيه (حوالي 32 إلى 162 دولار) لكل من “طبع أو تداول بأي وسيلة بطاقة إبداء الرأي أو الأوراق المستخدمة في العملية الانتخابية دون إذن من السلطة المختصة”. قالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام هذه المادة لتقييد قدرة النشطاء على جمع التوكيلات الشعبية أو حشد التأييد في سياق حملة سياسية لا يتوافق مع الحق في كل من حرية التعبير وتكوين الجمعيات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
أطلعت حملة الطنطاوي هيومن رايتس ووتش على قائمة بعشرات المؤيدين الذين قالت إن السلطات اعتقلتهم في الأشهر الأخيرة في تسع قضايا لنيابة أمن الدولة العليا. قالت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” إن قرابة 127 شخصا ما زالوا محتجزين بتهم مماثلة لتلك التي وردت في قضية الطنطاوي ومتصلة بحملته الانتخابية.
نيابة أمن الدولة العليا هي فرع من النيابة العامة وكانت في السنوات الأخيرة إحدى أدوات القمع الرئيسية التي تستخدمها الحكومة، وكثيرا ما أبقت عشرات آلاف المعارضين رهن الحبس الاحتياطي المطول والتعسفي، بدون أي فرصة لإطلاق سراحهم بكفالة، ونتيجة نشاطهم السلمي فقط. تتقاعس نيابة أمن الدولة العليا بشكل معتاد عن التحقيق في حالات التعذيب والانتهاكات أثناء الاحتجاز، بينما تستخدم الاعترافات التي يشوبها التعذيب ضد المعارضين السياسيين والمنتقدين.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي إطلاق سراح جميع أولئك الذين اعتقلوا بدون أدلة موثوقة على جريمة معترف بها فورا ودون قيد أو شرط.
قال مجدي: “باستمرار اضطهاد الطنطاوي لتحديه السيسي، عرّت السلطات المصرية العملية الانتخابية الهزلية التي تضمن حكم رجل واحد وتلغي حق المصريين في المشاركة السياسية الحقيقية”.