تعمل إصلاحات قانون العقوبات المصري المقترحة على تقنين القمع وحماية السلطات من المساءلة، تحت ستار الشرعية.
نشر أولًا في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
على مدى السنوات العشر الماضية، دعت العديد من منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية ومختلف الجهات الفاعلة الدولية، السلطات المصرية إلى وضع حد لأسوأ أزمة حقوق إنسان في تاريخ مصر الحديث. وفي المقابل، تواصل السلطات المصرية إنكار الأزمة، والإعلان عن مبادرات زائفة تهدف فقط إلى احتواء الانتقادات الدولية، مع الإبقاء على المنظومة القمعية التي تشكل ركيزة الحكم الأساسية.
ولعل المسودة المقدمة مؤخرًا من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، بمقترح تعديل قانون الإجراءات الجنائية تعد مثال واضح على مقاومة السلطات المصرية للإصلاح، بل وتعكس سعيها المستمر من أجل تقنين تدابير “استثنائية” تضمن إحكام قبضتها وتشرعن لإهدار الكثير من حقوق مواطنيها. وذلك من خلال تحويل الانتهاكات والخروقات الممتدة على مدى العقد الماضي إلى إجراءات “قانونية” مشروعة، لا تستوجب المساءلة.
في هذا التعليق القانوني، الصادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، نستعرض أبرز مشاكل القانون المقترح، ومواطن تعارضه مع الدستور المصري والمواثيق الدولية الملزمة لمصر. وكيف يعكس في مجمله مدى تشبث السلطات المصرية بالقمع كمنهج للحكم، ويؤكد أنه لا تراجع عن المسار السلطوي لعهد ما بعد يوليو 2013.
تمثل المسودة المقترحة لقانون الإجراءات الجنائية المصري ترسيخًا مقلقًا لتدابير استثنائية عصفت بسيادة القانون على مدى العقد الماضي، فضلاً عن إخلاله الجسيم بكافة ضمانات المحاكمة العادلة، ومنحه حصانة خاصة لقوات الأمن من المساءلة، وعدم تقديمه لضمانات تمنع الحبس الاحتياطي لأجل غير مسمى. هذه ليست إصلاحات ولا تعديلات، وإنما مخطط مرعب لتقنين القمع ومنحه صبغة شرعية.
آمنة القلالي – مديرة البحوث في مركز القاهرة