يعكس الحكم الصادر على ثلاث شخصيات معارضة بارزة استمرار سياسة الدولة المصرية في سجن المعارضين السلميين بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتاريخ 30 أيار 2022.
تستنكر المنظمات الحقوقية الموقعة ادناه الحكم المشين الذي أصدرته أمس 29 مايو محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ، والمقيدة برقم 440 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا، بحق السياسيين عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية بالسجن 15 عاماً، ونائبه محمد القصاص ومعاذ الشرقاوي نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا سابقًا بالسجن 10 أعوام. كما تستنكر الحكم الذي أصدرته محكمة جنح امن الدولة طوارئ في 23 مايو بحق المهندس يحيى حسين عبد الهادي أحد مؤسسي الحركة المدنية الديمقراطية بحبسه 4 سنوات في تهمة نشر أخبار كاذبة. وتطالب رئيس الجمهورية بعدم التصديق على هذه الأحكام والعفو الرئاسي عنهم.
وتؤكد المنظمات أن هذه الأحكام الصادرة عن محاكم استثنائية لا تراعي الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة ولا يمكن الطعن على أحكامها؛ هو انعكاس لاستمرار نهج الدولة المصرية في التنكيل والانتقام من السياسيين، وكذب مزاعمها بشأن الحوار الوطني مع كافة الأحزاب السياسية وممثليها، وعدم جدوى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أصدرتها الحكومة المصرية في سبتمبر الماضي، والإعلان عن رفع حالة الطوارئ التي ما زالت مستمرة بقوانين قمعية أخرى، تضمن إهدار حياة الأبرياء في السجون.
يأتي هذا الحكم ضمن مجموعة من الانتهاكات الخطيرة والمتصاعدة بحق أبو الفتوح والقصاص، المحتجزين منذ فبراير 2018، إبان الحملة الأمنية التي شنتها السلطات المصرية قبيل الانتخابات الرئاسية ونالت من معظم المعارضين. إذ تم اعتقال أبو الفتوح بعد أيام من إعلانه أراء ناقدة للنظام الحالي في عدد من القنوات التليفزيونية منها BBC والجزيرة والعربي، بينما تم تدوير محمد القصاص على ذمة أكثر من قضية استنادًا لتحريات أمنية وهمية، واتهامه بتنظيم اجتماعات داخل محبسه (الانفرادي). هذا بالإضافة إلى تخطي كلاهما المدة القانونية للحبس الاحتياطي، وتأييد محكمة النقض إدراجهما على قوائم الإرهاب مطلع العام الجاري.
كان رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح قد تعرض في الآونة الأخيرة لأزمات قلبية عنيفة تستوجب الرعاية الصحية الطارئة، آخرها -بحسب أسرته- في 23 مارس الماضي عقب اعتداء ضباط السجن عليه لمجرد طلبه تحرير محضر رسمي بإمتناعه عن الزيارات بسبب القيود المفروضة بحقه من إدارة سجن مزرعة طره. كما يعاني أبو الفتوح من أمراض تستوجب الرعاية الصحية منها؛ تضخم البروستاتا، وارتفاع السكر في الدم وآلام الأعصاب والانزلاق الغضروفي الذي أصابه نتيجة سقوطه داخل سيارة الترحيلات أثناء نقله للتحقيقات.
وبجانب الإهمال الطبي المتعمد بحق أبو الفتوح، تعمدت إدارة السجن حبس أبو الفتوح والقصاص انفراديًا في عزلة تامة، في زنزانة سيئة التهوية رغم ارتفاع درجات الحرارة وتقليص أوقات التريض، فضلًا عن منع دخول الكتب أو الصحف أو الراديو، وحرمانهما من الزيارة الطبيعية إلا من خلال العازل الزجاجي عبر التليفون.
أن هذه المحاكم الإستثنائية سبق وأصدرت أحكامًا مشينة باتهامات زائفة عقابًا على مجرد إبداء الرأي منها؛ الحكم الصادر بحق المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي بالسجن 5 سنوات، والحكم على الصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس بالسجن 4 سنوات. والحكم على الناشط السياسي علاء عبدالفتاح بالسجن 5 أعوام والحقوقي محمد الباقر ومحمد رضوان (أكسجين) بالسجن 4 سنوات. وقبل أيام أصدرت هذه المحاكم الاستثنائية حكمها بحق المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية يحيى حسين عبدالهادي بالسجن 4 سنوات، بينما ينتظر سياسيون وحقوقيون آخرون أحكامًا من المحاكم نفسها، منهم الباحث باتريك جورج زكي، وأعضاء من التنسيقية المصرية للحقوق والحريات.
المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه تجدد استنكارها ورفضها لهذه الأحكام الصادرة عن محاكم استثنائية. وتطالب بالإفراج الفوري عن المحتجزين بموجب أحكامها، وتُحمل السلطات المصرية المسئولية عن حياتهم وصحتهم النفسية والجسدية.
أن فعالية أي حوار وطني مرهونة بكفالة الحق في التعبير الحر عن الرأي الناقد والمعارض، ووقف أعمال الانتقام والتنكيل بأصحابه، ووضع حد للسنوات المهدرة في السجون على خلفية اتهامات مختلقة للانتقام من السياسيين والمعارضين والحقوقيين لمجرد معارضتهم سياسات النظام الحالي، والتوقف عن الزج بالمزيد منهم في السجون.