نظمت ثلاث صحفيات اعتصامًا وسط قمة المناخ العالمية للتوعية بآلاف السجناء السياسيين في مصر.
تم نشر هذا البيان في الأصل على موقع Global Voices Advox.
ثلاث نساء يتحدين الصور النمطية للصحفيات المصريات بدفاعهن عن الحرية
في صبيحة 7 نوفمبر 2022، قامت رشا العزب، ومنى سليم، وإيمان عوف، ثلاث صحفيات مصريات بزيارة عادية لنقابة الصحفيين في مصر، الجهة المسؤولة عن الحريات الصحفية والاعلامية في البلاد؛ أصيب موظفو النقابة بالصدمة والارتباك عندما أعلنت الصحفيات عن اعتصامهن وإضرابهن عن الطعام فور دخولهن المبنى، بهدف التوعية حول المعتقلين السياسيين في مصر. لم تغادر الصحفيات المبنى حتى انتهاء اعتصامهن بعد سبعة أيام.
وقع اعتصامهن على خلفية تأهب كامل للدولة وجميع مؤسساتها، لزوبعة مؤتمر قمة المناخ، الذي استضافته مصر في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر، والذي سيطر عليه سجل مصر الحقوقي المتدهور، أبرزه وضع 60 ألف معتقل سياسي، بالإضافة إلى حملة تعبئة لإنقاذ حياة علاء عبد الفتاح، المعتقل السياسي الأكثر شهرة في مصر، والذي كان يمر بلحظة حرجة في نضاله للحصول على الحرية.
في حوار مع الأصوات العالمية عبر سيغنال وتويتر، تناولت الصحفية والروائية، رشا عزب، كاتبة سيناريو فيلم “حمام سخن” على نتفلكس، أحداث تلك الأيام السبعة التي خرجت فيها هي وزميلاتها عن النص المقبول والمتوقع من الصحفيات المصريات، قائلة:
“احنا جمعنا الهم العام الفترة اللي فاتت، كنا بنتكلم في مجموعات صحفيات مصريات. كنا محتاجين نبقى عاملين كونترول على الفكرة عشان ما يتسربش الخبر للنقابة.
كنا محتاجين المسألة تحصل زي ما حصلت بالزبط، احنا الثلاثة بنروح لنقابتنا زي ما بنروح عادي، ونعلن الاعتصام…
تكسير طوبه واحده في جدار عالي
تتقاسم الصحفيات الثلاثة تاريخا نضاليا مشتركا؛ إذ أنهن التقين في مظاهرات دعم ثورة يناير 2011 في مصر، قالت رشا:
” كنا نتقابل طول الوقت في نقابة الصحفيين. في بينا تاريخ نضالي مشترك احنا الثلاثة. بعد التجربة دي، بقى عندنا إحساس أكبر في تقييمنا في علاقتنا مع بعضنا، لأن دي كانت تجربة تقيلة، وكانت محتاجة ناس عندها ثقة كبيرة في بعض.”
قررت الصحفيات تحدي الوضع الراهن في مصر لأنهن أيقنّ من خلال عملهن في الصحافة المستقلة أنه من المستحيل إنشاء صحافة فاعلة في البلاد بلا حريات؛ وقد تبين لهن أن نقابة الصحفيين، قد سقطت في سبات عميق، وهي بحاجة إلى وكزة لتذكيرها بدورها في المجال العام، لا سيما على صعيد الخطاب السياسي وحرية التعبير في مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. أوضحت رشا بأن رسالتهن كانت بسيطة:
الرسالة الأساسية هو انه احنا نقدر نقول للناس عودوا لمواقعكم، ناضلوا فيها، خذوا فيها المكاسب المهنية، والاجتماعية، والسياسية المفروض تاخدوها.
لم يكن الاعتصام وليد اللحظة؛ دفعتهن عدة قضايا ملحّة للاعتصام بذلك الوقت؛ أهمها موقف النقابة السلبي من أوضاع الحريات الصحفية والإعلامية بالرغم من دورها المهم في الحوار الوطني، شرحت رشا:
توقيت الاعتصام مرتبط بعدة أشياء، أول حاجة انه احنا بقى لنا أكثر من 3 شهور في إجراءات عفو عن السجناء، كانوا قايلين انهم هيطلعوا أكثر من 1200 شخص كدفعة أولى؛ في نفس الوقت في عشرات الناس بيخشوا على خلفيات قضايا مماثلة. في حقيقة الأمر، ما فيش تغيير جوهري في السياسة الأمنية في مصر.
احنا موقفنا كان بيتضمن الإضراب التضامني مع إضراب علاء عبد الفتاح اللي كان متجاوز وقتها 220 يوم، وكان امتنع عن الماء من يوم 6 نوفمبر، ثم اختفت الأخبار تماما عنه. علاء اتعمل له فعاليات تضامن حول الكوكب بينما مصر مافيش ولا فعالية تضامن واحدة. بالنسبه لي كصديقة لعلاء كنت شايفه ان دي كانت حاجه هو ميستاهلهاش، ولا احنا كمان نستاهل الصمت.
الشق التالت كان متعلق بإطلاق حرية نقابة الصحفيين، ومتابعتها للمعتقلين الصحفيين. احنا كنا داخلين الاعتصام وفي ٣٠ صحفي معتقل، وأثناء الاعتصام زادوا واحد كمان اسمه أحمد فايز. مش عارفة بالصدفة ولا هي سخرية الأقدار أنه أحمد فايز اتقبض عليه لأنه كتب بوست عن علاء عبد الفتاح. عزل النقابة عن القضايا من النوع دا هي محاولات حكومية صرف.
منحهن كوب27 الفرصة المثالية لإيصال رسالتهن:
احنا عندنا ٤٠ الف إنسان جاي مصر في قمة المناخ، ومصر جزء من العالم الكبير، واحنا محتاجين نوصل جزء من صوت مصر في اللحظة دي. فكنا حاسين انه ما فيش لحظة مناسبة اكثر من اللحظة دي على مستوى الدافع الشخصي، والموضوعي، والزمني كمان.
تخبط، ودربكه، وتهويش
ارتبطت نقابة الصحفيين وأدراجها في الذاكرة الحديثة بثورة يناير وما سبقها، وهي رمز مهم من رموز النضال للحريات في مصر.
لكن منذ وصول ضياء رشوان لمقعد نقيب الصحفيين بشكل متوازي مع وصول السيسي لسدة الحكم في 2013، ركز على تلميع صورة النظام، وعمل على إفراغ الحوار من مضمونه السياسي بأوامر أمنية، مما أثر سلبا ليس على المهتمين بالحريات والصحفيين فحسب، بل أيضا بالتبعية على أداء النظام الأمني واعتياده على الخضوع والصمت. نسبة إلى رشا:
“ضياء رشوان جفف النقابة، مخلهاش حتى نادي اجتماعي بتروح عليه الناس، وبتقعد فيه وتتكلم، هو خلاها أشبه بجمعية أهلية محدودة الأثر.
النقيب مكلمناش طول الاعتصام، بس طول الوقت كان متابع بنفسه. كان ِمدّي تعليمات انه أي حد بخشلنا، بطاقته الشخصية تروح له مباشرة. كنا عارفين انه ده هيحصل، وبقينا نتعامل معه على أساس انه جزء من نظام الأمن اللي بيطبقوه للاعتصام.”
بالرغم من أن النقابة فشلت بالاستفادة من الاعتصام لخلق حوار حقيقي إلا أن “الحوار” كان ناجحًا لأنه كشف عن الأجندات الحقيقية للتيارات السياسية المختلفة في النقابة كما وضحت رشا:
“دا يمكن اكتر حوار كان شفاف لأنه كان في وسطاء بين شيوخ المهنة وبين الصحفيين. كانوا بيحاولوا يثنونا عن الاعتصام.
حصل اضطراب بتيار استقلال النقابة، اللي لقى انها خطوة فردية من 3 ستات بينتموا للتيار، لكن مخدوش رأي حد من الكبار، وان دي قفزة سريعة مفاجئة والمفروض نحضر لها بشكل مختلف.
كنا داخلين الاعتصام واحنا متخيلين اننا بنقف قدام السلطات، وقدام “الصمت العام في مصر”، وقدام “الجفاف” اللي عمله ضياء رشوان، لكن اكتشفنا ان احنا في مراجعة كبيرة مع التيار اللي بننتمي له بشكل اساسي