في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، تدعو الجماعات الحقوقية المؤسسات الدولية ومتعددة الأطراف إلى وضع حد للإفلات من العقاب، وضمان المساءلة عن التوجه المستمر للاختفاء القسري في المنطقة.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير بتاريخ 30 آب 2021
بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري ، نجتمع اليوم نحن الموقعون أدناه من المنظمات والجمعيات والشبكات المحلية والإقليمية والدولية لتسليط الضوء على الطابع المأساوي المستمر لحالات الاختفاء القسري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وما يصاحبه من إفلات من العقاب يتمتع به مرتكبو هذه الجرائم في جميع أنحاء المنطقة.
تواصل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية ارتكاب جريمة الاختفاء القسري في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، بما في ذلك ضد النساء والأطفال والفئات الضعيفة. في كثير من الأحيان ، تحصل حالات الاختفاء القسري جنبًا إلى جنب مع انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة الأخرى ، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والإعدام خارج نطاق القضاء. تترك حالات الاختفاء القسري آثارًا نفسية واقتصادية واجتماعية مدمرة على الناجين وأفراد العائلة ، وكذلك على المجتمع ككل.
لا يزال إفلات مرتكبي الاختفاء القسري من العقاب هو العرف السائد. تخفق سلطات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بانتظام في التعاون أو الرد على الاستفسارات المحلية المتعلقة بالأشخاص المختفين. حيث أنه في بعض الأحيان ، يعرقلون جهود الكشف عن مصيرهم. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الغالبية العظمى من هذه الدول ليست أطرافاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. من بين 22 دولة التي تشكل جامعة الدول العربية ، هناك ست دول فقط ملتزمة بها وهي: العراق ، موريتانيا ، المغرب ، عمان ، السودان ، وتونس.
وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، يوجد بالعراق أحد أعلى أعداد الأشخاص المفقودين في العالم ، وتقدر اللجنة الدولية لشؤون المفقودين هذا العدد بما يتراوح بين مئتان وخمسون الف ومليون عراقي منذ عام 2003. في حين أن البلاد لديها تاريخ من الاختفاء القسري ، لا تزال الجريمة تُرتكب حتى اليوم. ومع ارتفاع عدد الحالات في السنوات الأخيرة ، بما في ذلك بعد الاحتجاجات السلمية في البلاد لعام 2019. تم اتهام الجهات الفاعلة بصورة شاملة ، من المسؤولين الأمنيين التابعين للدولة العراقية إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل القاعدة وداعش والجماعات المسلحة الأخرى ، بالمسؤولية عن ممارسات ترتقي إلى الاختفاء القسري في السنوات الأخيرة. تلقت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري مزاعم حول 420 مكانًا للاحتجاز السري ، والتي غالبًا ما تستخدم كأماكن للاختفاء القسري. على الرغم من أن السلطات العراقية أبدت استعدادها للتحقيق في حالات الاختفاء ، لم يتم إجراء تحقيقات فعّالة بقيادة الدولة.
في سوريا ، تم إخفاء ما لا يقل عن 101.678 شخصًا قسريًا بين مارس 2011 ومارس 2021 ، 85٪ منهم اختفى على يد النظام و 15٪ اختفى من قبل أطراف أخرى في النزاع ، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية والجيش الوطني السوري وداعش وهيئة تحرير الشام. وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ، بين مطلع العام 2018 وآب 2020 ، 991 حالة لمختفين قسريًا كشف النظام السوري عن مصيرهم، وجميعهم ماتوا رهن الاحتجاز في ظروف لم تُحدّد بعد. تتواصل حالات الاختفاء القسري ؛ حيث أنّه في مايو 2021 دعت خمس جمعيات رائدة للضحايا والناجين والعوائل إلى إنشاء آلية إنسانية لمعالجة محنة الاعتقالات السرية والاختفاء القسري.
أصبح من الشائع بشكل متزايد في مصر أن يختفي المعتقلون قسريًا لأيام بعد القبض عليهم. عندما يستفسر أفراد العائلة والمحامون عن مكان أحبائهم وموكليهم المفقودين ، غالبًا ما تنكر السلطات وجودهم في الحجز أو تخفق في الرد على الاستفسارات المتعلقة بمكان وجودهم. كما أن فشل مصر في حظر جريمة الاختفاء القسري في التشريعات المحلية يشجع ذلك. لا تنتهي حالات الإخفاء القسري إلا عندما يمثل المعتقلون أمام نيابة أمن الدولة العليا، حيث تزيّف السلطات بانتظام تواريخ الاعتقال في مذكرات التوقيف للتستر على الاختفاء. على الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة بسبب طبيعة الجريمة ، في سبتمبر 2020 أفادت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن ما لا يقل عن 2723 شخصًا قد اختفوا قسريًا على يد قوات الأمن المصرية منذ أن بدأت المنظمة في متابعة القضايا في عام 2015. .
في ليبيا ، تقوم الميليشيات والدولة على حد سواء بإخفاء الأفراد قسراً ، بما في ذلك بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان ، وآرائهم السياسية الحقيقية أو المفترضة ، وهويتهم أو لون بشرتهم ، كما أفادت منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا. في بعض الأحيان ، يتعرض المختفون للإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة. لا يتم الإبلاغ عن حالات الاختفاء القسري في جميع أنحاء البلاد على نطاق واسع بسبب المخاطر الأمنية التي يواجهها أولئك الذين يدينون هذه الأعمال ، بما في ذلك التخويف والانتقام من قبل الدولة والميليشيات.
في المملكة العربية السعودية ، يقوم جهاز أمن الدولة بعمليات إخفاء قسري لصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد يمارسون حقهم في حرية التعبير. في عام 2020 ، أرسل فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي إلى السلطات السعودية رسالة ادعاء عامة بعد تلقي معلومات حول “العقبات التي تعترض تنفيذ إعلان عام 1992 بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري” التي وُصفت بأنها ” واسعة الانتشار ومدروسة” و” جزء لا يتجزأ من الإطار القانوني والمؤسسي والسياسي للمملكة العربية السعودية “. لا تعتبر حالات الاختفاء القسري جرائم جنائية بموجب قانون العقوبات في البلاد.
ولا يزال يتعين التحقيق في الحالات التاريخية للاختفاء القسري، حيث أنّه بعد عقدين من انتهاء الصراع الداخلي في الجزائر (الذي اندلع بين عامي 1992 و 2002) ، تواصل الدولة إنكار وجود سياسة متعمدة للاختفاء القسري. يرفض ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لعام 2006 “جميع الادعاءات التي تنسب إلى الدولة المسؤولية عن ظاهرة الاختفاء المتعمد” ، ويفرض قيودًا صارمة ، بما في ذلك العقوبات ، على قدرة أفراد العائلة على رفع دعوى قضائية لهذه الجريمة والتي تشكل بحكم الواقع بمثابة قانون حصانة. تقدر المنظمات غير الحكومية أن ما بين 10.000 و 20.000 شخص اختفوا على يد الدولة الجزائرية خلال الصراع الداخلي.
في لبنان ، أصدر المشرعون قانونًا لعام 2018 بشأن المفقودين والمختفين قسريًا ، أنشأ هيئة للتحقيق في حالات الاختفاء ، بما في ذلك الآلاف الذين اختفوا خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و 1990 من قبل فصائل لبنانية وغير لبنانية. على الرغم من التطور الإيجابي ، يجب اتخاذ خطوات إضافية لكشف مصير أولئك الذين لا تزال عائلاتهم تنتظر العدالة.
في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري ، نحن الموقعون أدناه ، ندعو الدول والمؤسسات المتعددة الأطراف والدولية إلى اتخاذ إجراءات لوضع حد للإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن جريمة الاختفاء القسري ، وإنصاف الضحايا والناجين ، و أفراد الأسرة المتضررين من الجريمة.
وبشكل أكثر تحديدًا ، ندعو دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى إجراء تحقيقات شاملة وشفافة وفي الوقت المناسب في تقارير الاختفاء القسري ؛ واتخاذ التدابير اللازمة للبحث عن الأشخاص المختفين أو رفاتهم وتحديد أماكنهم. ندعو هذه الدول إلى الرد على رسائل الادعاءات المتعلقة بالحالات الفردية والشكاوى العامة المتعلقة بحالات الاختفاء القسري التي يرسلها فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي ، ودعوة الفريق العامل لإجراء زيارات قطرية ، ومنحهم إمكانية الوصول الكامل لتنفيذ مهمتهم. أخيرًا ، ندعو جميع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن تصبح على وجه السرعة أطرافًا في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتنفيذ الكامل لها في قوانينها الوطنية ؛ وإصدار تشريعات محلية تعترف بالاختفاء القسري وتجرمه ، وتجعل القانون المحلي يتماشى مع الاتفاقية وغيرها من التزامات القانون الدولي لحقوق الإنسان ذات الصلة.
ندعو جميع الدول إلى ضمان مقاضاة حالات الاختفاء القسري والفصل فيها على النحو المناسب ؛ للمشاركة المباشرة مع الناجين وأفراد العوائل الأشخاص المختفين في صياغة سياسات ؛ وتقديم المساعدة لعمل المجتمع المدني بشأن التعويضات وإعادة التأهيل ودعم العوائل والمساءلة. بالإضافة إلى ذلك ، ندعو الدول التي لديها تشريعات تعترف بالولاية القضائية خارج الإقليم وتسمح بمقاضاة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الخارج لأخذ زمام المبادرة في التحقيق في القضايا المتعلقة بالاختفاء القسري ومقاضاة مرتكبيها أمام أنظمة محاكمهم الوطنية. ندعو الدول ، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إلى النظر في عقوبات حقوق الإنسان المستهدفة وتنفيذها ضد مرتكبي الاختفاء القسري.
ندعو المؤسسات المتعددة الأطراف والدولية إلى التركيز على قضية الاختفاء القسري في أنشطتها وتخصيص موارد كافية لضمان التوثيق الفعال والإبلاغ والمساءلة ، مع محاسبة الدول الأعضاء علنًا.